طقوس وعادات رمضانية مقال لـ : عبدالقادر سعيد بصعر

376

ونحن على مشارف العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك التي فيها عتق من النار، وليلة خير من ألف شهر وهي ليلة القدر، نستذكر عدد من الطقوس والعادات الرمضانية التي بدأت تتلاشى في هذه السنين ولم تكن في زخم الأعوام الخوالي منها عادة المسحراتي الذي يطوف بأحياء مدينة المكلا القديمة ويقرع الطبل مع مساعديه وخلفه عدد من الصبية، نتذكر الرائد في هذا المجال المعلم جمعان مسيعان وخلفه محمد جمعان بن وبر، كما أن الفرقة الخاصة بمسيعان تطلع بعادة (الشامية) التي تشتمل على العديد من الأهازيج الخاصة بالأطفال وبأهمية ومكانة هذا الشهر الفضيل، وتبدأ هذه العادة من يوم 27 رمضان بحي الشهيد واليوم الثاني بحي الصيادين واليوم الثالث بحي السلام وإذا تبتت لجنة الأهلة أن رمضان ثلاثين يوماً تواصل لليوم الرابع في حي السلام وتتم ممارسة هذه الطقوس الفرائحية من الصباح إلى قرب أذان المغرب وآخر مكان تصل إليه الشامية القصر السلطاني وهناك عدد من الصبية والشباب يتفرغون لجمع الفطرة وهي (زكاة البدن) من الأهالي وتجميعها من الأهالي في جواني من الأرز والقمح والذرة الشامية (الطعام) كما يقدم بعض الأهالي بعض المبالغ النقدية للختامي لبعض الأطفال الحديثي الولادة بالعديد من الأهازيج الفرائحية مع قرع الطبول وترديد الأطفال لها وهم بثيابهم الجديدة المزركشة ولايحسون في هذا الأمر بالتعب والإرهاق، وفي حي السلام عندما كنا أطفالاً أتذكر الرجل المسن حيمد القفيل وهو يتنقل بين البيوت لينادي الأهالي كلاً باسمه وقبيلته وكنيته لينبههم إلى موعد اقتراب السحور وظهر بعده بفترة واحد من الشباب اسمه سعيد بحضر يقوم بهذه المهمة، ويتحصلون من جراء هذا العمل بعض المبالغ النقدية.

ومن العادات والطقوس التي لازالت سائدة الختامي لمساجد مدينة المكلا القديمة واضيفت في السنوات الأخيرة عدد من المساجد التي شيدت حديثاً ومن وصلة القرابة والتزاور والدعوة وللأفطار لهم خاصة المجاوزين لهذه المساجد فيحرصون كل الحرص على دعوة أهلهم وأقاربهم الذين انتقلوا إلى مواقع سكنية أخرى.

ومن بين المساجد التي تتميز في هذا الأمر مسجد الروضة ويرتبط بناء هذا المسجد الجامع بأحدى الأولياء الصالحين الشهير (أبو علامة) حيث يحرص العديد من الناس حتى في المناطق البعيدة الحضور ليلة 13 رمضان من كل عام ليمتعون النظر بمشاهدة ما يطلق عليها (الزف) الذي ينطلق خارج المسجد ويتم استخدام الطبول والمراويس والدفوف وكذا الأعلام الخضراء والبيارق ورائحة البخور التي تنتشر في الأجواء والمشاركون يرددون الأناشيد والأهازيج الدينية ذات المنحي الصوفي ويمر الموكب في الشارع الرئيس ويقمن النسوة من شرفات البيوت بإطلاق الزغاريد والصلاة على سيد الأنام سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأزكي التسليم وهناك حشود كبيرة من المواطنين تحرص كل الحرص على المشاهدة لهذه الطقوس الفرائحية الجميلة ويردد البعض منهم بصوت عال (ياعواد) (ياعواد) فإذا كانت نقطة البداية لهذا الزف جامع الروضة فإن الختام يكون بدخول مقبرة الشيخ يعقوب يمكتون فيها برهة من الزمن للدعاء على أموات المسلمين ثم يغادرونها بعد أن ينفض السامر كما يقولون ويتفرق المشاركون في ليلة بهيجة وفي ليلة مبارك من شهر رمضان لاتحدث إلا مرة في العام مع ابتهالات ودعوات من يشاركون فيها أن يبلغهم الله سبحانه وتعالى العام الماضي وأن يمتعهم بالصحة والعمر المديد.

ومن بين الأشياء التي لازلت أتذكرها في رمضان في السنين الخوالي إننا مجموعة من الفتية والشباب بعد تناولنا للسحور في منازلنا نتحرك قبل أذان الفجر ساعة وتجمعنا جلسة بمحاداة مسجد عمر في الكراسي والامياز لمقهى العم خميس بازهير وهي بالمناسبة من المقاهي القديمة والعتيقة في مدينة المكلا تأسست عام 1924م وتحولت في الأعوام الأخيرة إلى بوتيك للحجابات النسائية، المهم أنه يجمعنا في هذا الموقع خلال شهر رمضان الحرص على أداء صلاة الفجر جماعة في جامع عمر الشهير الذي بناه السلطان عمر بن عوض القعيطي ثالث سلاطين الدولة القعيطية في العشرينات من القرن العشرين، حاولت شحذ الذاكرة، تذكرت مجموعة من هؤلاء الشباب عندما يقوم الشيخ صالح عمر بابعير مؤذن مسجد عمر الأشهر (توفاه الله إلى رحمته قبل عدة أعوام) عندما كان يمهد للآذان بآيات من القرآن الكريم سرعان ما يتقافز الشباب من مواقعهم ليرتشفون كميات من الماء من موقع مخصص في المقهى لأنهم يعلمون علم اليقين أنه بعد أن يستكمل هذه الآية سيشرع في الآذان مباشرة، وهي عادة غير محببة ربما أن كثيراً ممن يمارسها قد اقلع عنها لأن السنة تقتضي أن يتم الأمساك قبل الأذان بموعد ربع ساعة على الأقل وذلك احوط وأفضل للصائم، هذه بعض العادات والطقوس ارتأيت تدوينها في هذا الموضوع ونقول لمعشر الصائمين من المسلمين في ربوع المعمورة خواتيم مباركة.

LEAVE A REPLY