من معالم النقعة .. الصرحة مقال لـ احمد باحمادي

251
بقلم : أحمد باحمادي
بقلم : أحمد باحمادي

ساحة من الأحلام، مرت عليها إيقاعات حياتنا وتمر عليها الذكريات كل حين، أرواحنا إليها ترحل كل يوم كما غنت فيروز عن القدس.

من منا لا ينسى كيف كانت الصرحة في وقت العصر حينما كانت تعجّ بالصغار، بساط البائعين تفترش الأرض، يأتي الصغار  بعدّي العصر ليختار  الطفل ما يشاء، لم يكن الكر وفو ولا البوفك من خياراته المتاحة، كانت الباقية والبطاطس والمربب والبسباس والعلّس والمصو ابو كيس إضافة إلى البضائع المستوردة وأعني من خارج النقعة ولعلّي أذكر منها للصراحة ( لبان بو يعبة ).

حينما تمطر يخرج الكبار والصغار مبتسمين ورؤوسهم مرفوعة نحو السماء يرتشفون المطر و يطوفون أرجاء الصرحة فرحاً وصخباً.

في العيد تمر العدة وتقف النساء استقبالاً للرجال، وينتشي الصغار وتحيا سهرات الحناء، وبه تمر الجنائز في ساعات الحزن والنحيب.

ذكريات جميلة ومحزنة كم رفرفت في أرجاء الصرحة الرحيبة.

في رمضان تعبق روائح الصيد الرخيص في الصرحة، ويتحدث الكبار عن كل شيء سوى ارتفاع الأسعار وضنك العيش، تنزل الحدأة في أمان لتلتقط شيئاً من بقايا الأسماك، عشنا يومئذٍ وعاشت الطيور في قمم السماء.

العم سالم صبيح رحمه الله كل منا كان له إلى بسطته غدوة وروحة، الحلوى والبسكت والميليل والمتين وبعر التيس والقائمة تطول.

صيحات الجد محمد محفوظ رحمه الله والعبد الشعب أطال في عمره عند تقطيع اللحم في التفلة لا تفارق أجواء الصرحة، وها أنا أشم  رائحة اللحم  الميري وأحن إلى ذلك الماضي حنيناً.

لكل منا ذكريات تختلف عن الآخر في الصرحة ..

مضى الزمن وومضت من رحيله الذكريات، وبقيت الصرحة كما هي لكنها اليوم خالية تستدعي الماضي وصخب الصغار.

LEAVE A REPLY