تحقيق خاص : عن فساد الدولة العميقة بالبنك المركزي والبريد في عدن

509

 

عدن (المندب نيوز) خاص : تحقيق / عبد السلام عارف

شكّل مستشار محافظ عدن ” صالح بن الشيخ أبوبكر” لجان دفاع مجتمعية من شباب متطوعين في العاصمة المؤقتة عدن, للحد من الفساد المتعاظم الذي  خلفه المخلوع صالح في المرافق الخدمية, وتشكيل فرق ميدانية للإشراف والمراقبة على عدد من المؤسسات المدنية منها مكاتب البريد.

وأكدَ المستشار أنَّ لجان الدفاع المجتمعي سوف تحدُّ من انتشار الفساد في المرافق الخدمية على شكل مراحل سوف تعم جميع مديريات عدن، حيث سيتم ترتيبهم في الضرائب والجمارك وعدد من المرافق الخدمية في الأيام القادمة.

ومن جانبهِ قال (محمد أنور) أحد شباب لجان الدفاع المجتمعي والمشرف على بريد كريتر، إنهم وجدوا أكثر الفساد منتشر في مكاتب البريد  ويبدأ الفساد من أصغر الدوائر في البريد , كحراسات البريد نفسها حيث تقوم هذه الحراسة  بأخذ دفاتر الموظفين مقابل عمولة تتعدى الخمسة ألف ريال من كل راتب.

ويتابع ” أنور ” قائلا : إننا أعددنا مقترحات لضبط العمل في بريد كريتر حيث يتم نشر مراقبين على المحاسبين الذين يستلمون 20 مليون ريال يمني كل ثلاثة أيام في الأسبوع لصرفها على المواطنين إلا أنهم يقومون بابتزازهم مقابل صرف لهم مرتباتهم.

ويؤكد أنور أنهم اضطروا لنشر عدد من المراقبين يكونون مشرفين على محاسبي البريد لمتابعة سير صرف الرواتب في المكتب دون ابتزاز المواطنين وأكدَ أنَّ العملية سارت على أتمِّ وجه ونجحت بصرف جميع المبالغ التي وصلت للبريد دون أي عملية غير قانونية. 

الدولة العميقة في البنك المركزي:

ذكرت مصادر خاصة لـــ (المندب نيوز) أنَّ البنك المركزي تتواجد فيه سيولة نقدية لمكاتب بريد عدن ولكن بعض المدراء في البنك يتعذرون بعدم توفرها ,وتبلغ السيولة شهريا 400 مليون ريال، توزع على مكاتب البريد في عدن، وأكدت المصادر أنَّ البنك يصرف شهرياً 800 مليون ريال وهي مرتبات التربية والتعليم في عدن، بينما مكاتب بريد عدن يتم صرف لها مبلغ 100 مليون ريال وتسبب لهم أزمة خانقة في البريد.

وتشير المصادر أنَّ البنك من المفترض أنْ يوفّر 400 مليون ريال لمكاتب بريد عدن على شكل دفع مثل المعتاد، وكل دفعة توزّع على مكاتب بريد عدن بالتساوي كان في السابق يستلم بريد كريتر 40 مليون خلال ثلاثة أيام متتالية دون انقطاع بموجبها يتم التخلص كلياً من الأزمة في اليوم الرابع.

ومن جانبهِ قال: موظفاً يعمل بالبنك المركزي تحفظ (المندب نيوز) على ذكر اسمه أنَّ العملية لا تسير مثل السابق ويتم صرف 100 مليون ريال فقط للعاصمة عدن كلها وهذا ما يسبب الأزمة الخانقة في استلام المواطنين لرواتبهم من مكاتب البريد ,لأن ما يتم صرفه لمكاتب البريد من البنك المركزي لا يغطّي السيولة المطلوب توفيرها.

ويؤكدُّ أنَّ الخلل في طريقة التوزيع للمرافق البريدية من قِبل البنك المركزي الذي يدّعي بأنَّ المحافظة والسلطة المحلية هي من تقوم بوضع خطة التوزيع النقدي وعليها مراجعة هذا الأمر وحلّه لكي ننجح في تأمين معاشات ورواتب المواطنين.

بريد عدن الوجه الآخر للفساد:

وأضافت مصادر خاصة لـــ (المندب نيوز) بأنَّ مكتب بريد خور مكسر الرئيسي قام بفتح شيكات داخلية دون تعزيز مالي وهذا ما تتسبب بضغط كبير نضراً لعدم توفر السيولة الكافية من قِبل البنك المركزي.

وقال المدير العام لبريد عدن سمير محمد ” أنَّ قيام بريد خور مكسر بفتح شيكات داخلية بدون تخصيص لها سيولة نقدية،ما هي إلا طرق  تمارسها عناصر تابعة للانقلابين  في الدولة العميقة ليحدث هناك إرباك وأزمة في العاصمة عدن لعدم توفر التعزيز الكافي .

وأوضح مدير البريد أن العناصر التابعة للانقلابين تستخدم سياسة قذرة تتحكم بها الجماعات الانقلابية في صنعاء, وبالتحديد أنهم يتلقون أوامر من البنك المركزي اليمني لإفشال السلطة المحلية في العاصمة عدن وخنقها بافتعال الأزمات ليتفاقم الوضع وهذا معروف ومتداول لدينا .

واستغرب المدير من تعامل البنك المركزي في عدن بنفس السياسة التي يدير بها الانقلابين البنك المركزي بصنعاء وهو بمقدوره التسهيل لأمور كثيرة ولكن يحتاج لفرض الرقابة عليه من قِبل السلطة المحلية في العاصمة عدن.

الجدير بالذكر أنَّ البنك المركزي في صنعاء يتعمّد  تأخير الرواتب لأيام ويظل (أبو محمد) وهو رجل عسكري متقاعد في العقد السادس من عمره بانتظار راتبه أمام مكتب البريد في ظل حرارة الشمس التي تصل بعض الأحيان إلى الأربعين درجة مئوية دون توفير أدنى المتطلبات للمنتظرين رواتبهم  ومع هذا يقوم موظفو البريد بتعسفات منها التأخر في فتح أبواب مكاتب البريد في موعدها المحدد .

مواطنين يطالبون تجفيف منابع الفساد:

ويقول (أبو محمد) أنه ظل طيلة أسبوع يتردد إلى مكتب البريد لاستلام راتبه ولكن دون جدوى، حيث استمر هذه الفساد عدة أشهر دون محاسبة من الجهات المختصة .

وأكدَ أبو محمد أنهم يطلبون عمولة 3 ألف ريال مقابل استلام راتبه الذي لا يتعدى 25 ألف ريال ويطالب المحافظ بضبط مكاتب بريد عدن والحد من انتشار الفساد والسرقة.

وقال: هاني عبد الكريم محاسب في مكتب بريد عدن ” قبل أنْ تأتي لجنة الدفاع المجتمعي لمكتب بريد كريتر، كان العمل شبه عشوائي ونتعرض لبعض المضايقات من قبل سماسرة البريد وكانوا يقومون بتهديدنا وإجبارنا بصرف رواتب بطريقة غير قانونية في كل مرة .

ويتابع قائلاً : بعد نزول اللجنة من قِبل المحافظة حيث تم ترتيب آلية سير العمل وصرف الرواتب بطريقة قانونية  ومنع السمسرة والحد منها، شاكراً كل الجهود التي تقوم بها السلطة المحلية والشباب المتطوع في هذه اللجان الذين يساعدون لعودة البريد إلى وضعه الطبيعي ومكانته السابقة ودحض الفساد المتراكم .

 

المحامي ” صالح ذيبان ” يثبت لـــ (المندب نيوز) علاقة الدولة العميقة التي ضربت جذورها في كافة المفاصل الحيوية والتي يجب أن تقوم عليها كل الاستراتيجيات التنموية للمؤسسات العامة الخدمية والحامية للحقوق والحريات العامة، وخير نموذج على سقوط الدولة اليمنية في ظلام هو سوء الإدارة وتبديد الموارد العامة والاثراء الغير مشروع في الهيئة العامة للبريد وهو الحال المتردي الذي كان قبل مارس 2015 مخفي وأصبح بعد ذلك التاريخ ظاهرا مجاهرا بالباطل مكشرًا عن أنيابه.

ويؤكد ذيبان أن الحال المتردي لمكاتب البريد جعل مدراء تلك المكاتب  ينهشون لحوم الموظفين والمتقاعدين من أبناء المحافظات الجنوبية ولا يكاد يخلو شهر دون سقوط ضحايا لذلك الفساد المالي المنظم والسكوت عنه بين صريع من اعياء الطوابير أو نساء تنتهك حقوقهن بين تحرش لفظي ومادي وجرائم ابتزاز وحالات وفاة ناتج عن انعدام القدرة للحصول على الدواء للأمراض المزمنة التي يعاني منها المتقاعدين وضف على ذلك حالات التشرد نتيجة عدم القدرة على دفع إيجارات المساكن ومشاكل اجتماعية واسرية ناتجة عن ضيق ذات اليد وانعدام المورد الاقتصادي وغيرها من المشكلات والانتهاكات الناجمة عن ذلك الفساد المنظم.

وتابع ذيبان إن للإصلاح المؤسسي أصوله وقواعده الواجبة الاتباع في الدول التي وقعت فيها أو تشهد حروب وصراع على السلطة، إذ يكون المعيار الأساسي للقيام بالإصلاحات المؤسسية هو ضمان عدم تكرار الانتهاكات والاعتماد على موقف وسيرة القائمين على تلك المرافق تجاه حقوق الإنسان ومدى علاقتهم بالفساد والاثراء الغير مشروع؛

ويتأسف ذيبان من حال  مؤسسة البريد في عدن ويصفها ببيئة ملوثة وملطخة ومنتجة ومفرخه للفاسدين من قساة القلوب الذين لا لهم غير التغذي من دماء اباءنا وامهاتنا المتقاعدين وهو ما يستوجب معه وضع ذلك المرفق تحت إشراف مباشر من إدارة المحافظة واستحداث منظومة رقابة ومحاسبة خاصة تضمن الحد من الانتهاكات والمحاسبة الإدارية والقانونية بل والقضائية للأعمال الغير قانونية يرتكبها موظفي بريد عدن وغيرها من المحافظات.

 

 

 

LEAVE A REPLY