صرخة صديقتي الحديدية مقال لـ ماريا مختار

241

كثيراً ما تتحدث الاخبار عن جرائم وانتهاكات العصابة الحوثية، وكثيراً ما نشاهد بعضا من تلك الانتهاكات عبر وسائل الاعلام، ولقد ذقنا نحن في عدن عذابات لا توصف على يد مليشيات الحوثي، لكن ما يجري على الارض في الحديدة ومناطق اخرى يبدو اكبر بكثير مما هو ظاهر لمن لا يعيش تحت حراب تلك العصابة الإرهابية.

دائما ما أتواصل مع صديقات وناشطات في الحديدة على وجه الخصوص، ولي منهن كثيرات كونت معهن صداقات مكنتني من متابعة ما يجري عن كثب، وكلما تواصلت مع إحداهن فاضت لي بألم ومعاناة تذكرني بتفاصيل مؤلمة لأحداث وجرائم وانتهاكات ذقنا مرارتها لأشهر طويلة هنا في عدن إبان الحرب الحوثية الإرهابية علينا في مدينتنا قبل ان تتحرر ونتحرر معها من قبضة أشد الجماعات الاجرامية ارهابا وإمعانا في الاٍرهاب.

تتحدث نساء الحديدة ورجالها وأطفالها بحرقة عن آلاف العائلات التي تقبع تحت حصار الحوثيين في شوارع وقرى وبلدات المحافظة الساحلية.

لكن من بين تلك الانتهاكات ما أود الحديث عنه هنا في هذا المقال وهو امر أردت ان ألفت اليه أنظار من له نظر وقلب رحيم في هذا البلد وفِي العالم الذي يدعي الحرص على حقوق الانسان، لعل وعسى.

هذا الانتهاك هو استخدام العائلات – أطفال ونساء – دروعا بشرية من قبل عناصر وقادة الجماعة الحوثية المارقة، وعن هذا الامر بالذات تحدثت معي عدة صديقات .

تحدثن بخوف شديد خوف من ان يعرف مشرف العصابة إنهن فتحن افواههن ليشكون بعضا من معاناتهن، وقد لمست في حديثهن مدى الخوف والرعب الذي زرعه الحوثي حتى في قلوب الأطفال هناك.

تقول صديقتي التي تسكن جنوب مدينة الحديدة بالقرب من المطار  انها وعائلتها  تحاول منذ أشهر مغادرة الحديدة والخروج من المدينة خلسة الا ان الخوف يمنع اَي اقدام على مثل هذه الخطوة إذ العقوبة كما تقول ستكون اختطاف والدها وإخوتها وربما إعدامهم، مضيفة ان عائلات مجاورة حاولت قبل ذلك فاعتقل اربابها ولَم يعرف احد أين هم والى أين اخذوا بل لم يجرؤ احد حتى على مجرد السؤال عن مصيرهم، فكل من يسال يكون مصيره الاعتقال والإخفاء.

لا اعرف بماذا وكيف تصنف القوانين الدولية والامم المتحدة ومنظمات حقوق الانسان جريمة اتخاذ الأطفال والنساء دروعا بشرية، لكن ما اعرفه ان صديقتي وعائلتها وجيرانها واقاربها ومعظم سكان الحديدة يقبعون في سجن كبير تحت حراب جماعة ارهابية لا تقيم وزنا لأي قوانين أو شرائع أو اخلاق أو حتى أعراف.

اعرف فقط ان مدينة ومحافظة بكاملها تحت حصار الاٍرهاب الحوثي، وان صديقاتي لا يستطعن حتى الخروج الى مدارسهن أو أعمالهن أو حتى الى البقالة المجاورة، لان العشرات من عناصر الحوثيين يسيطرون على مداخل واسقف العمارات والمنازل التي تسكن فيها عائلاتهن.

بيتنا وعمارتنا وحارتنا تحولت منذ أشهر الى ثكنة عسكرية مدججة بالمسلحين – تقول هالة صديقتي- مضيفة لقد اختنقنا يا ماريا لم أعد ادري هل نعيش في معتقل أم معسكر، كل ما احس به انني وعائلتي فقدنا حياتنا ونختنق كأننا في زنزانة يحيط بها الحوثيون من كل جانب، انهم في سلم العمارة وفِي البلكونات وفي الأسقف انهم في كل مكان، لم يعد لنا خصوصية حتى في غرف نومنا نخشى ان يدخلوها في اَي وقت، وقد فعلوها مرارا .

انتهي بِعض حديث هالة، وهو بالطبع اسم مستعار أطلقته عليها خوفا عليها.

تضيف هالة ان الحوثيين كلما سمعوا أصوات الطائرات أو احسوا باقتراب المقاومة نشروا عناصرهم وأسلحتهم في بيوتنا وعماراتنا وحاراتنا.

تلك صرخة في وجه كل مسلم بل وكل إنسان وكل غيور وكل من بقي له ذرة من إنسانية أو رحمة في هذا العالم الذي ترك تلك العائلات الضعيفة فريسة لوحش لا يرحم، فهل من ضمير حي .

يقول خالي الذي أطلعته على محادثة صديقتي بعد ان رآني ابكي ان هذا السلوك الحوثي غريب على هذه البلاد ولَم يسبق ان عرفته اليمن، وانه بعض مما تعلمه الحوثيون على يد الإيرانيين، مضيفا ان كل المليشيات والعصابات الإرهابية التي تتبع ايران تُمارس نفس الأسلوب في العراق وسوريا وحتى في ايران ذاتها إبان الحرب مع العراق.

قلت لخالي :  وأين العالم ؟ أين الامم المتحدة من اجرام ايران واذنابها؟ هل سيتركونها تفعل بصديقتي وعائلتها وأهل مدينتها ما تفعله عصاباتها في العراق وسوريا ؟ هل من رادع لكل ذلك الشر المسمى ايران ؟

سؤال يجب ان يكون حاضرا في كل مكان وفِي كل اجتماع أو محادثات أو مؤتمرات أو اَي يكن، المهم ان يعرف العالم ان الافا بل مئات الآلاف من الأطفال والنساء يذوقون كل انواع التعذيب على يد عصابة إرهابية تسمى ( الحوثية) وانهم ينتظرون الموت في كل لحظة، ويجب ان يفعل الجميع شيئا ما لإنقاذ أولئك اَي شيء.

LEAVE A REPLY