الإمارات: الوقت حاسم والكرة بملعب الحوثيين

247

المكلا (المندب نيوز) الخليج

تحت رعاية سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي انطلقت أمس في العاصمة أبوظبي فعاليات «ملتقى أبوظبي الاستراتيجي الخامس» الذي ينظمه مركز الإمارات للسياسات بالتعاون مع وزارة الخارجية والتعاون الدولي، وبمشاركة نخبة كبيرة من صناع القرار وخبراء تحليل السياسات والباحثين المختصين من مختلف بقاع العالم.

وأكد الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية في كلمته الرئيسية في الجلسة الافتتاحية أن القيم التي صاغت شعبنا وصاغت علاقاتنا مع العالم هي قيم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، التي تتمثل بالاعتدال والتسامح والتعاون والتعاطف والتفاؤل، وهي القيم التي تجسدت في حيوية دولتنا وتحولها إلى مركز اقتصادي وإعلامي وتكنولوجي في الإقليم، ونحتفل في الإمارات في هذا العام بعام زايد الذي قاد الإمارات إلى العصر الحديث.

قال قرقاش إن المنطقة تمر باضطرابات وتحديات غير مسبوقة، والتي تحدث في سياق تحولات يشهدها النظام العالمي، وتهديدات جديدة مثل الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل، وأن الإمارات تنطلق في مجابهة هذه التحديات من مبادئ أساسية هي احترام السيادة والتعددية والتعاون ودعم الاستقرار.

وأضاف أننا في الإمارات نرى أن الاستقرار أمر ضروري لأمن المنطقة، وأن هناك مجموعة عناصر تقوي الاستقرار في المنطقة، أولها الحاجة إلى بناء مركز عربي حديث وتحالف عربي لمعالجة التحديات الأمنية القائمة، وهذا التحالف لا بد من أن يرتكز على السعودية ومصر لدورهما القيادي المنطقة، كما يعد مجلس التعاون الخليجي لاعباً رئيسياً في هذا التحالف. والعنصر الثاني لدعم الاستقرار هو احترام السيادة الوطنية وإنهاء التدخل في شؤون الآخرين، وهذا يتطلب مجابهة سلوك إيران الداعم للميليشيات والمزعزع لأمن الدول، مؤكداً أن دولة الإمارات تدعم سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه إيران، والتصدي لسلوكها العدائي والمزعزع لأمن الإقليم.

وقال: من عناصر الاستقرار في المنطقة مواجهة مهددات الأمن النابعة من الإرهابيين والمتطرفين، ولئن شهدنا في الفترة الأخيرة نجاحات مهمة في محاربة «داعش» في العراق وسوريا، والحوثيين في اليمن، إلا أن النجاح الكامل يقتضي أيضاً إحراز تقدم في مجابهة فكر التطرف، وشعوب المنطقة مثل الشعوب الأخرى في العالم التي تنشد الصحة والتعليم والوظائف والرخاء، واذا لم يحصل الشباب في المنطقة على هذه الوعود فإنهم سيتوجهون إلى التطرف، منبهاً إلى أن الإمارات داعم قوي للإصلاحات في المنطقة، وقدمت أيضاً مليارات الدولارات في سبيل تعزيز التنمية المستدامة في الإقليم برمته.

وشدد وزير الدولة للشؤون الخارجية على أنه لن يكون هناك أي سلام واستقرار في المنطقة بدون حل النزاعات والصراعات فيها، ومن هذا المنطلق لعبت الإمارات دوراً في حل الخلاف بين إثيوبيا وإريتريا، كما تدعم الإمارات الجهود الأممية والأمريكية لإنهاء الحرب في اليمن، وسيستمر الصراع ما دام الحوثيون يتحدون قرارات الأمم المتحدة.

ودعا قرقاش، في كلمته، الحوثيين إلى خفض التصعيد والبدء بمحادثات جديدة، كما دعا المجتمع الدولي إلى المساهمة في التوصل إلى حل سلمي للصراع من خلال دفع الحوثيين إلى المشاركة في مباحثات السلام، وقطع السلاح والتمويل الذي يصل إليهم من إيران، مؤكداً أن التحالف العربي سيبذل كل جهوده لتيسير العملية السياسية وإطلاق المفاوضات.

وعلى صعيد الأزمة الإنسانية المتفاعلة في اليمن، أشار قرقاش إلى أن الإمارات تقوم بجهد كبير لتجاوز هذه الأزمة، فقد قدمت الإمارات ما يقرب من مليار دولار في شهر مارس الماضي إلى الأمم المتحدة، كما أعلنت عن حزمة مساعدات بقيمة 70 مليون دولار لدفع رواتب المعلمين حتى في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.

وقال إن القوى اليمنية المدعومة من التحالف العربي لدعم الشرعية اليمنية حققت تقدما مطردا وحررت معظم الأراضي اليمنية والكثير من مناطق الساحل الغربي، وتحرز تقدما في تحرير الحديدة، واعتقد انه حان الوقت للحوثيين لخفض التصعيد والبدء بمحادثات جديدة، والكرة في ملعب الحوثيين في هذا الوقت الحاسم، وعلى المجتمع الدولي المساهمة في التوصل إلى حل سلمي للصراع من خلال دفع الحوثيين الى المشاركة في مباحثات السلام، وقطع السلاح والتمويل الذي يصل اليهم من إيران. واكد أن التحالف العربي يبذل كل جهوده لتيسير العملية السياسية وإطلاق المفاوضات وسنستضيف خلال الأسبوع المقبل المبعوث الأممي مارتن جريفيث في أبوظبي لهذا الغرض، مشيرا إلى انه لا يمكن ترك اليمن يستغل من المتطرفين والحوثيين الذين تدعمهم وتسلحهم إيران.

وقال إن الإمارات تدعم اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب، وتدعم التوصل إلى اتفاق شامل يقوم على حل الدولتين على أساس حدود 1967 والقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية المنشودة، ولقد حان الوقت للدول العربية لقيادة مبادرات لحل مشاكلها بنفسها، وستظل الإمارات تعمل على تعزيز شراكاتها الإقليمية والدولية، وستظل وفية لقيم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان التي حددتنا كأمة.

القوة الناعمة

وقالت الدكتورة ابتسام الكتبي رئيسة مركز الإمارات للسياسات في كلمتها الافتتاحية إن الملتقى يهدف منذ تدشينه إلى مساعدة صانعي القرارات على العمل في بيئةٍ أقل غموضاً وتعقيداً، وذلك من خلال تطوير وتنويع منهجيات تحليل القضايا الاستراتيجية الكبرى؛ وتفكيك تفاعلاتها وتداخلاتها، وفهم حركيّتها وأسبابها، والتنبؤ بتأثيراتها ومآلاتها. وأضافت أن الملتقى في نسخة هذا العام يسعى إلى سبر أغوار التحولات الجيواستراتيجية والجيواقتصادية الدولية والإقليمية، وتفكيك الشيفرة الوراثية للسياسة الدولية وتداعياتها على المنطقة والإقليم، وتقديم تجربة الإمارات في بناء القوة الناعمة وتوظيف القوة الذكية كنموذج في بناء القوة؛ واستقراء تغير مفهوم القوة وتوزيعها دولياً وإقليمياً، إذ تبقى القوةُ «الجينَ» المهيمنَ على السياسة الدولية والمسؤولَ عن التحولات الجيواستراتيجية والجيواقتصادية.

الجلسة الثانية

ناقشت الجلسة الثانية التي أدارها الدكتور جاسم الخلوفي، سفير سابق، محور إغراء القوة في السياسات الأمريكية وفيما إذا كانت السياسات الأمريكية في عهد الرئيس ترامب تتسم «بالإحساس بالعظمة» و«الأحادية»، أم أن الواقعية والعقلانية السياسية هي أساس الاستراتيجية الأمريكية.

واشار روبرت مالي الرئيس والرئيس التنفيذي ل «مجموعة الأزمات الدولية» الى وجود حالة من عدم الرضى عن سياسة ترامب، وعلى امريكا ان تركز على شؤونها الخاصة، وهناك عسكرة للسياسة الخارجية الأمريكية، وهذا النموذج مناهض لحقوق الإنسان، وترامب تمادى في السياسة الخارجية.

من جانبه قال الدكتور مايكل روبن، الباحث المقيم في «معهد المشروع الأمريكي» إن تأرجُح السياسة الأمريكية سيزداد، مبينا أنه ليس هناك خلاف على أن الرئيس ترامب مثَّل اختلافاً جذرياً.

وقالت دانييل ماركي، نائب الرئيس الأول لشؤون دراسات السياسات الخارجية والدفاعية في «معهد المشروع الأمريكي» إن هناك انفصالا واضحا بين ما يقوم به ترامب وما تقوم به إدارته، الأمر الذي أربك المراقبين، فيما تبني أمريكا حساباتها على تكهنات غالباً ما تكون خاطئة، مضيفة ان السعودية والإمارات تواجهان توسُّع إيران وحلفائها في المنطقة.

وقال الدكتور أندرو باراسيليتي مدير مركز الأمن والمخاطر العالمية في «مؤسسة راند»، إن ما يميز أمريكا هو وجود مؤسسات إلى جانب الرئيس، ويحدون من قدرته على العمل مع بوتين ومسائل أخرى، ونتيجة الانتخابات النصفية لن تغير من سياسات ترامب.

الجلسة الثالثة

تناولت الجلسة الثالثة محور طموح القوة في السياسات الروسية.

وقالت عضو مجلس اللوردات البريطاني البارونة بولين نيفيل – جونز إن روسيا تستند في أفعالها على المستوى الدولي إلى ميزة استخدام القوة، بما في ذلك القوة العسكرية عند الضرورة، لتحقيق أهدافها، بينما قال أندريه كورتونوف مدير عام مجلس الشؤون الدولية الروسي إن التطورات الأخيرة في المنطقة تقتضي إدخال تعديلات مهمة على الاستراتيجية الروسية؛ وقال ان الصراع بين «إسرائيل» وإيران من جهة وبين إيران والولايات المتحدة عقد دور روسيا «كوسيط نزيه» في المنطقة.

اما أوكسانا جامان – جولوتفينا رئيسة قسم السياسات المقارنة في جامعة موسكو الحكومية للعلاقات الدولية قالت إن روسيا تسعى إلى تعزيز انخراطها في الشرق الأوسط دون مزاحمة أو إخراج الولايات المتحدة.

الجلسة الرابعة

تناولت الجلسة الرابعة محور حدود القوة الصينية، وأدارها الدكتور محمد بن هويدن رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الإمارات.

وقالت سونيا لي مسؤولية دبلوماسية مؤسسة التواصل بين الشعوب إنه من الطبيعي أن نتوقع انخراطا أكبر للصين في قضايا الشرق الأوسط ضمن مبادرة الحزام والطريق، لكن الصين لا تريد التورط في صراعات المنطقة مثل الولايات المتحدة.

وأوضح مدير معهد الاقتصاد والسياسة العالمية في الأكاديمية الصينية الدكتور زانج يويان بالنظر للناتج المحلي للصين فهي في المرتبة الثانية كقوة اقتصادية عالمية. وقالت سارة كيرجبيرغر من معهد سياسات الأمن في جامعة كيل الألماني إن الحزام والطريق الصينية تضمن للغرب وأوروبا بدائل استراتيجية لخطوط الإمداد والنقل في حال حدوث أية صراعات أو حالات طوارئ.

وقال روي كامبهاوسون المركز القومي للبحوث الآسيوية في واشنطن إن هناك تأثيرا كبيرا للجغرافيا على نهوض الصين بحيث تتشارك الصين حدودا مع 14 دولة ولها أطول شريط حدودي بعد روسيا.

الكتبي: الإمارات حالة فريدة في الاستقرار والتسامح

أكدت الدكتورة ابتسام الكتبي في الجلسة الأولى التي كانت بعنوان بناء القوة: الإمارات نموذجاً، أن دولة الإمارات شكلت حالة فريدة في العالم العربي، في التنمية والاستقرار والتسامح والتعايش، وتبنت استراتيجية ل«بناء القوة» تشكل نموذجاً للدول الساعية للتأثير الإيجابي في النظام الدولي، وتوفير القدرة والآليات اللازمة للتكيف مع التحولات الدولية والإقليمية. وقالت استمرت الدولة في بناء قوة عسكرية دفاعية استراتيجية، وطوّرت قوات خاصة عالية التدريب، وساهمت في حفظ الأمن والسلم الدوليَّين، وأن القوة الصلبة تهدف لحماية القوة الناعمة وأن قوة الإمارات هي قوة عسكرية دفاعية وأنها لا تتدخل عسكرياً دون غطاء أممي، وأن مشاركة الإمارات في محاربة تنظيم «داعش» الإرهابي كانت تهدف لحماية القوة الناعمة المتمثلة في الإسلام المعتدل. وانتقدت الدكتورة ابتسام الكتبي رهان بعض الأوساط الغربية سابقا على جماعة الإخوان المسلمين ووصفته بالرهان الخاسر.

عمرو موسى: دور إيران في المنطقة مزعج للعرب

أكد عمرو موسى الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، أن العقوبات التي تم فرضها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية على إيران، تعد طارئاً جديداً على العلاقات الدولية، وسيكون لها تأثيرها الكبير، وأن الدور الإيراني في المنطقة أصبح مزعجاً للعرب ودول العالم ودول المنطقة، خاصة بعد تصريحات إيران الخاصة بنفوذها الطاغي في بعض العواصم العربية.

وقال في تصريحات صحفية على هامش ملتقى السياسات الإقليمية: إيران مشكلة قائمة ومستمرة في المنطقة إلى جانب مشكلة «إسرائيل» فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، والتساؤل دائماً يكون حول ما هو ثمن ذلك التجاهل، لذلك يظل الحديث عن القضية الفلسطينية مهماً.

وأكد موسى أن حل القضية الفلسطينية مرتبط لدى العرب بوجود صفقة عاقلة ترضى الطرفين، أما صفقة تعطي 99% لجانب و1% لجانب آخر لن يكون هناك حل مُرضٍ، مشدداً على أن الحل الوحيد لهذه القضية حل سياسي، ولن يتغير، سواء اليوم أو بعد أعوام، ويتمثل في إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس على الأرض التي تم احتلالها عام 1967.

جلسة اليوم عن تفاصيل «صفقة القرن»

قال دنيس روس المنسق الأمريكي الخاص السابق للشرق الأوسط إن مركز الإمارات للسياسات نجح في ملء الفراغ كمركز تفكير في العالم العربي ونجح بناء القدرة على التفكير الناقد وإجراء التحليلات الجدية مؤكداً أهمية الملتقى. ويتحدث روس اليوم بالتفصيل إلى جانب عمرو موسى عن صفقة القرن، وسيتم خلال الجلسة الحديث عن تفكيك شيفرة «صفقة القرن» ومحاولة سبر أغوارها والوقوف على مضامينها وأهدافها وآليات تحقيقها وشروط نجاحها، بعيداً عن التهويل فيها والتقليل منها في محاولة لفهم إعادة صياغة الشرق الأوسط الجديد، والتحديات التي تواجه العالم العربي داخلياً وإقليماً مثل الحرب في سوريا والوضع في اليمن وليبيا، كما ستتطرق جلسات الملتقى لبحث سوق الطاقة المضطرب في ظل التحولات الجيواقتصادية الدولية، كما ستبحث جلسات الملتقى التقييم الحقيقي للقوة التركية المتخيلة، وخرافة القوة الإيرا نية ووهم القوة لدى قطر.

 

 

LEAVE A REPLY