المكلا (المندب نيوز) تقرير علي الجفري 

 

منذ وطأة قدماه على حضرموت أمطرها غيثاً بإنسانيته التي ليست لها حدود، اتى اليها وهو يحمل هماً على عاتقيه, فمنذ الوهلة الأولى لتحرير مدينة المكلا حاضرة محافظة حضرموت من قبضة مسلحي تنظيم القاعدة حتى سارعت دولة الإمارات العربية المتحدة وعبر ذراعها الإنساني الممُثل بالهلال الأحمر الإماراتي، إلى أرسال المُساعدات الإنسانية العاجلة لأبناء المُحافظة الذين عانوا الأمرين تحت قبضة مسلحي التنظيم المتطرف.

 منذ تلك الوهلة وحتى هذه اللحظة مرت نحو سبعة أشهر، لم تتوقف خلالها الجهود الإنسانية الإماراتية عن رسم ملامح الفرحة على وجوه البسطاء في كل مدن حضرموت، تلك الجهود التي كان راسمها السيد مطر الكتبي رئيس فريق الإمارات الإغاثي، والذي ما أن وطأة قداماه حضرموت حتى أستبشر أهالي المدينة الخير على يديه، فكان لهم الجار الكريم والصديق الوفي. حيث مثل “الكتبي” دوراً محورياً ورياديا في مجال العمل الإنساني في حضرموت، فكان مشروع (إغاثة أهالي حضرموت) الذي كان باكورة العمل الإنساني الذي تنفذه هيئة الهلال الأحمر الإماراتي في المُحافظة حتى قبل تحرير عاصمتها وبقية مدن ساحلها من قبضة مسلحي تنظيم القاعدة في 24 من أبريل الماضي.

و كانت المرحلة الأولى مُمثلة بنحو (80) ألف سلة غذائية، فيما كانت المرحلة الثانية عبر توفير الهيئة لاحتياجات أكثر من (40) ألف أسرة من المواد الغذائية الضرورية والأساسية، حيث أحتوت كل سلة غذائية على (20) كيلو جراماً من الأرز و(25) كيلو جراماً من السكر ومثلها من الدقيق وست عبوات من الزيت، بحيث تلبي السلة الغذائية الواحدة احتياجات الأسرة متوسطة العدد لمدة شهر، ثم تلتها بعد ذلك العديد من المراحل والحملات الاغاثية التي وصلت لكل بيت وكانت عنصراً اساسياً في سد الفجوة الغذائية، التي تشهدها المنطقة بسبب الأحداث وتلبية احتياجات السكان هناك من المواد الغذائية، نظرا لشحتها وعدم توفر السيولة المالية لشرائها لدى الأسر المتضررة، وتخفيف المعاناة التي تركت أثرا عميقا في حياة الناس وواقعا صعبا نتيجة انقطاع سبل كسب العيش بسبب تردي الخدمات الأساسية.

قيادة تُخطط وتشرف على التنفيذ:

ولا يُمكن بأي حال من الأحوال، لتقرير كهذا، أن يكون كافيا ليسرد ولو جزء بسيط من إنجازات السيد “مطر الكتبي” خلال فترة توليه رئاسة الهلال الأحمر الإماراتي بحضرموت، فبصمة الرجل الإنسانية هنا واضحة كوضوح الشمس في كبد سماء نهار ربيعي، لا يمكن تجاهلها.

 فمن اللحظة الأولى كانت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي قد أعدت لنفسها تحديداً كبيراً يتمثل في إيصال المساعدات لكل مُستحقيها في كل بقاع ومناطق خارطة محافظة حضرموت، خصوصا لتك المناطق النائية المُتخمة بالألم والوجع الإنساني، ولم تصلها أي منظمة دولية ولا حتى محلية من قبل كونها بعيدة عن الإعلام وعدسات الصحفيين. الانتصار على هذا التحدي وتحقيقه ليس بالهين، في ظل وجود العديد من المعوقات الصعبة، ومنها أتساع الرقعة الجغرافية الكبيرة للمحافظة وتباعد القرى وتناثرها في الجبال والهضاب، وعدم وجود شبكات طرق مُهيئة للتنقلات والوصول إليها، بالإضافة إلى الأوضاع الصعبة التي مرت بها والتأثيرات التي أفرزتها مرحلة حكم الجماعات الإرهابية على حياة الأهالي الذين تدهورت أوضاعهم المعيشية بشكل كبير. صحيحا أن تحقيق الانتصار على تلك التحديات صعباً، لكنه لم يكن مُستحيلاً مع وجود قيادة تُخطط وتنفذ، كما كان الحال مع السيد “الكتبي ” خلال فترة ترأسه للجهود الإنسانية للهلال الأحمر الإماراتي بحضرموت، والذي لم يكن ليسمح لتلك التعقيدات أن تكون عائقاً في إيصال المساعدات إلى محتاجيها في كل ربوع المحافظة الأكبر من حيث المساحة في اليمن. حيث رسم “الكتبي” خطة محكمة تسير عليها عمليات الإغاثة، كانت أبرز ملامحها تكوين الفرق الشبابية الميدانية التابعة لفريق الهلال الإماراتي، والتي كانت تتولى وبإشراف اللجنة العليا للإغاثة في حضرموت، مُهمة إيصال المُعونات لمُحتاجيها.

 مطر الإنسان:

 ورغم أهمية هذه الجهود بالنسبة للكثير ممن تقطعت بهم السبل، إلا أن السيد “مطر الكتبي ” أو كما بات يُلقبه البعض بحضرموت بـ “مطر الإنسان” كان قد حرص وخلال فترة ترأسه لفريق هيئة الهلال الإماراتي بحضرموت على أن لا تقتصر تلك الجهود على مشاريع توزيع المساعدات الغذائية فحسب، بل أيضاً إلى بقية الجوانب الإنسانية الأخرى المُتصلة بحياة الناس. ففي مجال التعليم دشنت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي توزيع المساعدات المدرسية المتنوعة و توزيع عدداً من اللوحات الفسفورية والكراسي والطاولات الدراسية في مختلف مدارس حضرموت الى جانب أشرافها على إنزال فريق هندسي ميداني إلى عددٍ من المدارس لتقيم وضعها ورفع احتياجاتها في جوانب صيانة وترميم المباني وتجهيزها بالأثاث المطلوب ضمن برنامج المساعدات المدرسية لمختلف مدارس حضرموت، ليتمكن الطلاب من مواصلة العملية التعليمة. وفي مجال الصحة والبيئة، الذي يُعد أحد أكثر الجوانب تدهوراً في البلاد عملت الهيئة على تقديم الدعم العلاجي للكثير من الحالات المرضية والإنسانية ، من خلال التكفل بإجراء عمليات جراحية للمحتاجين وتوزيع العديد من العلاجات المجانية، الى جانب ترميم وتأهيل (5) مراكز صحية وإعادة افتتاحها، وتنفيد العديد من حملات الرش الضبابي لمكافحة البعوض الناقل لحمى الضنك، وإطلاق مبادرة نحن نرعاكم الهادفة لتطوير القطاع الصحي، بالإضافة إلى تقديم العديد من المساعدات العينية والأجهزة الطبية لعدد من مستشفيات مدينة المكلا وبعض المديريات كمديرية حجر. جميع هذه الخدمات الطبية ورغم تنوعها و اختلاف أماكنها ومُستهدفيها، إلا أنها جميعاً كانت تصب في خانة الجهود الإنسانية والنبيلة التي تسعى هيئة الهلال الأحمر الإماراتي إلى تحقيقها في كل منطقة تصل إليها. مشاريع البنية التحتية، كانت أيضاً حاضرة في الخطة التي رسمها السيد “مطر” خلال فترة تواجده بحضرموت، حيث حرص على توقيع العديد من اتفاقيات التمويل كممثل للهلال الأحمر الإماراتي لتنفيذ حفر (5) أبار ارتوازية لمياه الشرب في منطقة “فلك” وأخر في منطقة “زمن” بفوة غرب المكلا وذلك لتأمين وصول احتياجات أهالي مدينة المكلا من المياه. كما وقع أيضاً سلسلة من الاتفاقيات لترميم وتنفيذ بعض الطرقات الحيوية الرابطة بين مدن ومديريات ساحل حضرموت، ومنها سفلتت طريق” الشيخ زايد” الرابط بين مديريتي المكلا والشحر، بالإضافة إلى إعادة افتتاح شارع ” الستين ” غرب المكلا بعد استكمال بناء كاسر الأمواج الذي كان قد تضرر بفعل تأثيرات الإعصارين (تشابلا و ميغ) اللذين ضربا السواحل الجنوبية والشرقية للبلاد العام الماضي. إلى جانب مشروع افتتاح مبنى إذاعة المكلا بعد استكمال أعادة تأهيل المبنى الجديد ورفدة بالأجهزة المختلفة والخاصة بالبث والتسجيل وتوفير كافة احتياجاتها من استديوهات وأثاث مكتبي وتجهيزات حديثة ومتطورة في مختلف الأجهزة الخاصة بها وكافة الاحتياجات اللازمة والضامنة لاستمرار الإذاعة في أداء رسالتها.

 درع المحافظة .. شكر وعرفان :

 لم يغفل حاكم حضرموت اللواء الركن أحمد سعيد بن بريك عن الدور الإنساني الذي تلعبه هيئة الهلال الأحمر الإماراتي التي أسهمت في تطبيع الحياة بشكل كبير في مجالات خدمية مرتبطة بحياة المواطنين، فقد أهدى درع المحافظة لرئيس فريق الإمارات الإغاثي السابق بحضرموت السيد مطر الكتبي، تقديراً وعرفاناً بالجهود التي بذلها في خدمة المحافظة، والذي اعرب خلالها المحافظ بن بريك عن سروره البالغ لمستوى التعاون والنشاط الإغاثي الإنساني وبالدعم السخي المقدم من دولة الإمارات في ظل الأزمة الراهنة التي تعصف بالبلد وتوفير احتياجات سكانها، وتلبية متطلبات إعادة الإعمار، وتطبيع الحياة فيها.

 

بصمة حاضرة:

 

 قد يرحل ” مطر الإنسان” عن حضرموت بعد أن أتم الأمانة خير أتمام، لكن بصمته الإنسانية ستبقى حاضرة في عقول وقلوب أبناء حضرموت، لتكون شاهدة على النخوة العربية والوفاء والرقي والتي أصبحت علامة بارزة في ساحات العطاء الإنساني لهيئة الهلال الأحمر الإماراتي وتجاوبها العاجل في تقديم المساعدات الإنسانية والمجتمعية والتعليمية والطبية، ليس فقط في حضرموت فحسب، بل وكافة محافظات بلادنا. 

عطاء إنساني لا يتوقف:

وتستمر هيئة الخير والعطاء بقيادتها الجديدة ممثلة في السيد عبدالله المسافري ممثل هيئة الهلال الأحمر الإماراتي بحضرموت، مشاريعها الانسانية في كافة الجوانب الإغاثية والصحية والبنية التحتية في مختلف المحافظات المحررة ومنها حضرموت التي تعمل به الهيئة حاليا عبر حزمة من المشاريع التنموية والخدمية التي ستشهدها المحافظة . 

LEAVE A REPLY