تحقيق : من بينهم ليان ومحمد.. مرضى السرطان يواجهون خطر الموت في اليمن

532

المخا (المندب نيوز) نيوزيمن

عشرات الآلاف من اليمنيين (نحو 35 ألفاً) مرضى بالسرطان من بينهم ليان ومحمد طفلان (4، 3 أعوام) من صنعاء، وإب، وأيضاً صفية: وهي أم من حجة نزحت إلى حرض، ثلاثتهم وآلاف غيرهم (من بينهم أكثر من ألف طفل) يواجهون خطر الموت بسبب شحة الإمكانات، وندرة الموارد العلاجية، ونقص كبير في مراكز العلاج المتخصصة؛ فهناك مركز وحيد في صنعاء يواجه الأعداد الكبيرة من المحافظات، ويعمل بمساعدة الصحة العالمية التي بدورها تتلقى تمويلات من مانحين مساهمين.

يلتزم نيوزيمن بأوجاع الناس وآلام اليمنيين.. إبراز وإعادة بث وتداول القصص الإنسانية التي تلقي الضوء على زوايا مليئة بالوجع غير المرئي؛ هي جزء من رسالة نخدمها بالشراكة مع الخدمة الإعلامية لـ (who) المكتب الإقليمي.

– ليان.. “لا كلمات تصف الألم”

تشكو ليان -البالغة من العمر أربع سنوات- من الألم الذي تتسبب به إبرة المغذية الموصولة بيدها الصغيرة منذ أيام، وهي في نوبة بكاء متواصل.

تعاني ليان، بحسب تشخيص طبي خضعت له في مارس 2018، من ورم العقد الليمفاوية – وهو نوع من السرطان يؤثر على الجهاز اللمفاوي. 

“لم نجد أي أسِرّة فارغة عندما أسعفنا ليان إلى المستشفى، وكان علينا الانتظار لأيام حتى تمكنت أخيراً من تلقي العلاج” تقول والدة ليان.

“أشعر بالألم عندما أرى المعاناة التي تمر بها ابنتي الصغيرة، ولا توجد أي كلمات يمكن أن تصف مدى هذا الألم”.

– محمد.. “ارجع البيت”

يعاني محمد أحمد، البالغ من العمر ثلاثة أعوام ونصف، من سرطان الكلى، وبابتسامته التي تأسر القلوب، يرجو محمد الطبيب بالسماح له بالعودة للمنزل.

 تلقى محمد حتى الآن ست جرعات من العلاج الكيماوي على مدى ثمانية أشهر، إلى جانب جرعتين إضافيتين له في الأشهر المقبلة، تحاول عائلة محمد الانتقال من إب إلى صنعاء لتوفير تكاليف التنقل.

تقول والدة محمد: “يكلف السفر لكل جلسة علاج ما يقارب من 50.000 ريال يمني (أقل من 100 دولار أمريكي) لتغطية تكاليف المواصلات فقط. الجرعة الواحدة من العلاج تكلفنا الكثير؛ ونضطر لاقتراض المال لدفع تكاليف جرعات العلاج. يعمل زوجي كمدرس وقد توقفت الحكومة عن دفع رواتب موظفيها؛ ولم يعد لدينا أي شيء نملكه”.

– اليمن والسرطان.. أرقام

في اليمن، يعاني حوالى 35.000 مريض بالسرطان، من بينهم ليان ومحمد اللذان يعدان اثنين فقط من بين أكثر من 1.000 طفل يعانون من السرطان -أي ما يقارب 12 ٪ من 11.000 حالة جديدة يتم تشخيصها كل عام في البلاد.

لا ينبغي أن يعد السرطان بمثابة عقوبة إعدام لكنه في اليمن أصبح كذلك؛ الكثير من اليمنيين لا يستطيعون تحمل تكاليف العلاج ويضطرون للبقاء في منازلهم دون علاج في انتظار الموت الذي قد يوقف آلامهم.

– صفية من حجة.. معاناة فوق معاناة

مرت سنة ونصف منذ أن شُخصت صفية بوجود ورم في تجويف الفم، انتقلت صفية بعد نزوحها من حجة إلى حرض وهي منطقة تستضيف العديد من اليمنيين النازحين من المناطق المحيطة المتضررة من النزاع. 

أخذت صفية أكثر من عشر جرعات من العلاج الكيميائي وحوالى 33 جلسة علاج إشعاعي منذ أن تم تشخيصها. 

يقول عبدالله ابن صفية: “السفر من حرض إلى صنعاء من أجل العلاج يرهق والدتي كثيراً، كما أنه يكلفنا الكثير من المال”.

“لقد بعنا كل شيء نملكه لكي نوفر العلاج لأمي، تبلغ تكلفة السفر من حرض إلى صنعاء 120.000 ريال يمني (حوالى 250 دولارًا على الأقل)؛ لقد فقدت وظيفتي في بداية النزاع، ونعيش الآن على القروض والتبرعات من المنظمات الخيرية” يضيف عبدالله.

يتلقى معظم مرضى السرطان العلاج في المركز الوطني لعلاج الأورام في صنعاء الذي يستقبل أكثر من 600 مريض في الشهر.

 “نستقبل كل يوم على الأقل 25 حالة جديدة، يغادر الكثير من المرضى المركز دون أي أمل بالعودة لتلقي العلاج بسبب عدم قدرتهم على تحمل هذه التكاليف، وأشعر بالألم الكبير لعجزنا عن تقديم المساعدة لهم” يقول الدكتور عبدالله ضبعان، مدير العلاقات العامة في المركز.

“حتى أولئك المرضى الذين تمكنوا من الذهاب إلى المركز للعلاج أصبحوا الآن في خطر، لأننا نفتقر للتمويل بشكل كبير ولا نملك حتى المصاريف التشغيلية، الاحتياج كبير، ولدينا نقص حاد في أدوية علاج السرطان؛ ما سيؤدي إلى انخفاض عدد المرضى الذين يتلقون العلاج، واذا اضطررنا لإغلاق أبوابنا أمام المرضى فسيواجهون الموت الوشيك”.

استجابة منظمة الصحة العالمية

دعمت منظمة الصحة العالمية المركز الوطني لعلاج الأورام في صنعاء بمختلف الأدوية المضادة للسرطان والعلاجات الكيميائية الأساسية والمنقذة للحياة، هذه الأدوية كافية لتغطية النقص الحاد في الأدوية لـ 30.000 مريض بالسرطان لمدة عام واحد.

كما قدمت منظمة الصحة العالمية جهازين للتصوير الشعاعي بالأشعة السينية لمستشفى الجمهوري في صنعاء ومستشفى الصداقة في عدن؛ يُستخدم هذا الجهاز للكشف المبكر عن سرطان الثدي قبل ظهور علاماته  لدى النساء، ويتم استخدامه أيضا للكشف عن سرطان الثدي للنساء اللواتي يعانين من أعراض هذا المرض، ويساهم تصوير الثدي الشعاعي في تحقيق التشخيص المبكر لسرطان الثدي مما يساعد في تحقيق معدلات عالية من العلاج؛ وبالتالي تخفيض معدل الوفيات الناجمة عن هذا النوع من السرطان.

ويقول ممثل منظمة الصحة العالمية في اليمن ألطاف موساني: “تعد الأمراض المزمنة مسؤولة عن 57٪ من إجمالي الوفيات في اليمن، ويؤثر السرطان على جميع الفئات العمرية في البلاد بنسبة 60% ممن تبلغ أعمارهم مابين 30 إلى 60 عاماً، تعد الوقاية من السرطان أمراً أساسياً، وتعمل منظمة الصحة العالمية واليونيسف بالتعاون مع السلطات الصحية المحلية والشركاء على ضمان إعطاء الأولوية للوقاية، مما يتيح الاستجابة لهذه التكلفة الخفية للحرب”.

وتمكنت المنظمة من تقديم الأدوية المنقذة للحياة؛ بفضل الدعم السخي من البنك الدولي، ومكتب المساعدة الأمريكية الخارجية للكواراث (أوفدا)، ومركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، والمساعدات الإماراتية، وصندوق الأمم المتحدة المركزي لمواجهة الطوارئ، وكندا، وكوريا، واليابان وألمانيا، والكويت.

LEAVE A REPLY