السلطة وحكاية القبطان الذي افتقد للمهارة

455

 

 

 كتب :علي بن شنظور.ابوخالد
كتب :علي بن شنظور.ابوخالد

في معظم الاوقات لا يحتاج القائد أو السياسي في السلطة، الى كثرة الشهادات الجامعية وتعدد اللغات الاجنبية التي يحملها ،اذا لم يمتلك فن القيادة ومهارة العمل الذي يقوم بادئه….وقبل ان احكي لكم قصة القبطان الذي استعان برجل من بين الركاب لتشغيل سفينته المتوقفة..

 أود تذكير القارئ العزيز بمشهد سقوط صنعاء وكيف استطاع عبدالملك الحوثي الاستفادة من القرار الخاطئ لحكومة اللقاء المشترك والمؤتمر الشعبي برئاسة الاستاذ محمد سالم باسندوه في يوليو 2014 بموافقة الرئيس عبدربه منصور هادي على رفع اسعار المشتقات النفطية، ليتبنئ تنظيم مهرجانات لحصار صنعاء ثم اسقاطها باسم اسقاط الجرعة وتغيير الحكومة. بطريقة الاستفادة من اخطاء الحكومة وافتقادها للمهارة. فمن المعروف ان الرئيس هادي صاحب تأهيل علمي ولديه شهادات عالية من بريطانيا وروسيا ومصر ويجيد اللغة الروسية واللغة الانجليزية ، وخبير عسكري في مجال عمله،

 وكذلك الحال كان ينطبق على العديد ممن كانوا في حكومة محمد باسندوه ،ومع هذا لم تشفع للحكومة شهاداتهم العلمية وسقطت صنعاء بيد الحوثي الذي لم يكن معروف ولا يملك شهادات عليا ، وعاد معه علي صالح الذي لا يملك هو الأخر اي شهادات عليا ليتصدر الواجهة كحليف للحوثي وبديل لسلطة الرئيس هادي وحكوماته المتعاقبة حكومة الاستاذ محمد باسندوة وحكومة المهندس خالد بحاح ومن بعده د/احمد عبيد بن دغر..

وكانت الاقاليم الستة كما صرح امين عام مؤتمر الحوار الوطني السفير احمد عوض بن مبارك في مقابلة صحفية سابقة قبل عدة اشهر ،هي الفخ الذي تم نصبه للرئيس هادي من اجل دفع ابناء اقليم ازال للثورة ضده واسقاط السلطة.. والسبب غياب المهارة في كيفية التعامل مع الاخر.. ونجح خصوم الشرعية في الاستفادة من الفرص التي اتيحت لهم ،وان كانت مبرراتهم لأسقاط الجرعة لم تكن سوأ مبرر للسيطرة على السلطة ، لكنها حققت لهم الهدف الذي خططوا له للوصول للسلطة ولو بالحيلة..

 بينما دخل الرئيس هادي والحكومة التابعة له في نفق البحث عن استعادة السلطة ولم يتمكنوا من الوصول اليها مرة ثانية رغم قوة عاصفة الحزم وقرارات مجلس الامن، والسبب افتقاد السلطة لاركان المهارة السياسية المطلوبة لمعرفة مكمن الخلل لدى الطرف الاخر الذي ادى لتوقف المحرك وتعطل السفينة منذ سنوات. وللحديث عن المهارة وكيفية الاستفادة منها.

 نستعرض لكم قصة مفيدة اوردها الخبير العالمي الفقيد الدكتور ابراهيم الفقي ،في كتابه المفاتيح العشرة للنجاح وهي قصة لقبطان بحري وقائد سفينة، توقفت باخرته عن الحركة في البحر ولم يستطع الجهاز الفني للباخرة اصلاح الخلل وتشغيل محرك الباخرة، فقام رجل من الركاب وتقدم الى كابينة القبطان، فقال للقبطان ، نعلم ان الباخرة متوقفة منذ عشرة ايام ومن باب الفضول فقد سألت واحداً من طاقم الباخرة ،فاخبرني ان المحرك توقف عن العمل ويحتاج اصلاح، فهل مازلتم بحاجة لم يقوم بإصلاح الخلل، فأجابه القبطان بدون تردد..

 نعم نحتاج مهندس ،فقال له الرجل انا سأقوم بذلك، وظهرت الدهشة على وجه القبطان حيث ان هذا الشخص لم تكن تبدو عليه علامات على انه خبير ومهندسي للبواخر واصطحابه القبطان الى مكان المحرك وظل يراقبه من بعيد فاخرج الرجل مطرقة صغيرة، وبدأ يطرق بها على المحرك بضربات متنوعة في اماكن مختلفة ويسمع ويقوم بلمس المحرك ،واخيراً طرق جزءاً معيناً في المحرك، وقام بربط مسمار كان غير محكم، وبدئت الدهشة على وجه القبطان عندما بدأ محرك الباخرة يشتغل مرة اخرى، وسعد الجميع سعادة كبيرة، وسأل القبطان الرجل.. كيف استطاعت عمل ذلك؟..فرد عليه الرجل بابتسامة وثقة، وقال: سأخبرك لا تستعجل.. ثم اخرج القبطان ورقة مكتوب عليها..

الف دولار وقال له خذ هذا ، الف دولار حق تعبك وبعمل عشر دقائق..فأرجوك اشرح لي كيف تم هذا؟…

فاخذ الرجل المبلغ ورد عليه. بكل سرور سوف اجيبك ياقبطان السفينة…فقال للقبطان خذ هذه ورقة مكتوب عليها دولار واحد. وهذا جوابي عليك ،فواحد دولار هو مقابل عمل المطرقة ،و999 دولار هي مقابل المهارة والخبرة..

لأنني عرفت بالتحديد المكان الذي يجب ان اقوم بالطرق عليه في المحرك!!..فطرقت عليه ليشتغل.. من هنا نرى ان المهارة والحكمة في اتقان اي عمل ، بما فيها حقل السياسة العامة للدولة، هي اكبر من الشهادات والمناصب والوظائف فالشهادات والمناصب العلياء ان لم تمتزج بالخبرة العملية وبالعقل فأنها تظل كشهادات تقديرية ومناصب شرفية لأغير.

 

والقيادة دائماً تتطلب امتلاك صاحبها لصفات القائد الذكي صاحب ملاكات متعددة، لا يسجن نفسه مع مجموعة معينة ليعزوله عن التواصل بالناس، ويسعى في البحث عن الخبرات الوطنية الكثيرة المجهولة في الوطن ولو كانت تلك الخبرات والمهارات من رجل مختفي عن انظار السلطة، وعلى من يمتلك المهارة ان لا يتردد في التواصل مع قبطان السفينة او من يعاونه لإيصال الرسالة كما صنع ذلك الرجل من ركاب السفينة حينما نهض بدافع ذاتي للعمل ولم يكن يتوقع انه سوف يحقق النجاح للجميع.

فالمسؤولية الوطنية تكاملية والوطن بحاجة لجهدالجميع.. كما ان القائد الذكي هو ذلك الذي يبحث عن الحلول ولايتكبر في الاستفادة ممن هم اقل منه تاهيل ومكانة ومنصب كما فعل قبطان السفينة حينما استعان برجل من عامة الركاب لإصلاح محرك الباخرة بدلا من الانتظار والتوقف في البحر بين الامواج المتلاطمة. فهل من يسمع النصائح ..؟ أومن يبحث عن المهارات ويدعم تطويرها عبر مراكز تدريبية متخصصة..؟

وكل عام وانتم بخير

 علي بن شنظور 10 سبتمبر 2017

 .

LEAVE A REPLY