عدن (المندب نيوز) خاص : نبيهة صالح

 

لا يغفل أحد من الناس أهمية دور المرأة في المجتمع ، فبدون أن تؤدي المرأة دورها لا يمكن أن تسير عجلة الحياة ، فالمرأة هي نصف المجتمع وشريكة الرجل ، ودور المرأة في المجتمع لا يبرز بشكل فعال إلا إذا أزيلت كافة القيود المصطنعة عن المرأة منطلقين من روح العصر،  وحق المرأة هو ما يمنح لها  من أشياء تخصها وتملكها ولها الحرية الكاملة في التصرف بها كيفما تشاء ،  وتعترف بها جميع الدول القانونية  المتحضرة التي تسعى للمساواة وعدم التميز في المجتمع الواحد .

 

وفي الجنوب لم تكن من فوارق تذكر في المجتمع الجنوبي ، ولا توجد هناك أي طبقات أو فوارق ، وتأكيد على أن  الفوارق التمييزية في النوع الاجتماعي لم يعرفها الجنوب بل أن المشاركة السياسية كانت واضحة المعالم في مجال انتخابات مجالس الشعب المحلية في الجنوب في أول دورة في 1987 م ، إذ بلغ عدد مقاعد النساء  ( 10 ) عضوات من إجمالي ( 101 ) عضواً بنسبة 10 %  من إجمالي الأعضاء  الذكور .

و لعب  صدور قانون الأسرة في 1 يناير 1974 م  باعتباره احد قوانين  الأحوال الشخصية في الوطن  إذ ساهم كثيراً في تعميق علاقات الاحترام والتكافؤ بين المرأة والرجل في تحمل أعباء الحياة الأسرية .

 

وتحقق للمرأة الجنوبية في ظل دولة الجنوب ما لم متشهدة نساء بقية دول  الخليج العربي ، حيث تحققت المساواة وتكافؤ الفرص في مواقع صنع واتخاذ القرار . وصارت المرأة الجنوبية في بداية 1970 م أول نائب وزير،  وأول عميد كلية اقتصاد،  وأول مذيعة تلفزيون،  وأول مذيعة إذاعة ، وأول جامعة على مستوى الجزيرة العربية تتقلد فيها امرأة  منصب عمادة كلية    و أول رئيس تحرير لصحيفة على مستوى الخليج ،  وأول امرأة تصبح قاضي  وأول مناضلة  حيث كانت  أول من  نالت شرف الاستشهاد الفدائي  الشهيدة خديجة الحوشبية والمناضلة دعرة ، وأول امرأة تصبح كابتن طائرة مدنية أول امرأة تقود السيارة في شبه الجزيرة العربية . كما كانت عدن أول مدينة عربية تحتضن أول تشكيل حركة نسائية في شبة الجزيرة العربية ، حيث كانت أول تظاهرة ضد العنف المنزلي للنساء  في  شبة الجزيرة العربية في عدن في العام 1951 . 

 

كما كانت دولة الجنوب  من أوائل الدول التي  وقعت  وصادقت على  الاتفاقية الدولة لإزالة كافة أشكال التمييز ضد المرأة ( سيداو ) في مايو 1984 م ،  كما تم منح الاتحاد العام لنساء الجنوب ميدالية  ( كروبسكايا )  من قبل منظمة اليونيسف لانجازاتها في القضاء على الأمية من بين أوساط النساء . 

 

وكانت المرأة  في الجنوب تحظى برعاية و حماية  لحقوقها السياسية والمدنية  من الدولة  ، حيث نص دستور دولة الجنوب على حقوق متساوية للمرأة مع الرجل ، حيث نص على الأتي : ” تضمن الدولة حقوقاً متساوية للرجال والنساء في جميع مجالات الحياة السياسية ، والاقتصادية ، والاجتماعية ، وتوفر الشروط اللازمة لتحقيق تلك المساواة .

 

وتعمل الدولة الجنوبية  على خلق الظروف التي تمكن المرأة من الجمع والمشاركة في العمل الإنتاجي والاجتماعي ودورها في نطاق الحياة العائلية  وتعطي المرأة العاملة رعاية خاصة للتأهيل  المهني .

كما تؤمن الدولة خاصة للنساء العاملات والأطفال وتقوم بإنشاء دور الحضانة  ورياض الأطفال وغير ذلك من وسائل الرعاية .

 

كما وروعيت هذه  الحقوق في القوانين النافذة ، وتحديداً    في ” قانون العمل ” وقانون الأسرة ” ، فمثلاً حدد قانون الأسرة رقم ( 1 ) ، الصادر  عام 1974 م في الجنوب قبل الوحدة مع اليمن ،  سن الزواج للرجل ب 18سنة ، والمرأة ب 16 سنة ,  كحد أدنى ، أي لا يسمح القانون بالزواج قبل هذا السن ، وهوا الأمر الذي يثير اليوم جدلاً عرف بزواج القاصرات  تحت دعاوى وفتاوى دينية  لا أساس  ديني ولا أخلاقي لها  .   كما  حدد المهر  وكان له شروط وضوابط يراعي الحالة الاجتماعية ، أما قانون الأسرة بعد الوحدة لم يأخذ بهذا وبدل أغلب أحكام قانون الأسرة الجنوبي خاصة الحقوق المتعلقة بالمرأة  حيث ،  وضع الأمر للمزايدة والمزاد العلني حسب رغبة مذهب حزب الإصلاح اليمني وشركائه من غزاة حرب غزو الجنوب في صيف 1994  م الذين  اعتبروا الجنوب ودولته غنيمة حرف وفيد غيروا  فيه كل قواعد وقوانين الدولة المدنية بما يتماشى مع سلطة احتلالهم واستبدلوها بقوانينهم التي قضت على كل حقوق الشعب الجنوبي  بما فيها انتهاك خصوصيات وحقوق المرأة  الجنوبية .

 

حقوق المرأة الجنوبية بعد الوحدة اليمنية :

 

لقد تعرضت المرأة الجنوبية  بعد حرب صيف 1994 م للظلم ، إذ تم استبعادها بوسائل شتى أحدثها استغلال الدين لمحاربتها حيث انتهك أغلب حقوقها بحجة الدين والعادات والتقاليد على خلاف ما كانت تتمتع به قبل الوحدة ، لأن قبل الوحدة كان القانون في الجنوب يحمي المرأة ويعطيها حرية التمتع بكافة حقوقها السياسية والاجتماعية والمدنية . أما بعد الوحدة فقد تم إقصاء الرجال والنساء على حد سواء من أغلب وظائفهم الحكومية ، وظهر عرف خليك في البيت ! ولكن كانت المرأة أكثر تضررا حيث ،تم إقصاء النخب النسائية في الجنوب وإحالتهن إلى التقاعد ، وتم إبعاد المرأة  من عدة مجالات حيث،  تم إغلاق المصانع التي كانت تشكل ثلثي قطاعها من الكوادر النسائية ، وتم تسريح المئات من العاملات ،  والكوادر الإدارية في المصانع ،  وغيرها من مؤسسات الدولة الجنوبية التي كانت توفر مساحة لعمل المرأة ،إلى جانب الرجل وتحمي خصوصيتها وفقاً لأنظمة قانون العمل الجنوبي .

 

ولم تتوقف الانتهاكات  لحقوق المرأة في الجنوب ،عند التسريح وإغلاق المصانع، والمؤسسات التي كانت تعمل بها ، بل ادخل انتهاك أخطر من ذلك حيث كبلت بعادات، وتقاليد جديدة ،قيدت حرية المرأة في الجنوب وخاصة في العاصمة عدن حيث ، أدخلت عادات وتقاليد تحت اسم قوانين عرفية قسرية ، حيث أصبحت المرأة العدنية التي كانت مثال في الأناقة بفضل الحرية التي تتمتع بها أصبحت اليوم تتحرك مقيدة بزي يشبه خيمة سوداء في أغلب مرافق الجنوب وبالرغم انه لم يسن قانون يفرضه إلا انه ادخل بطرق وبحجة الدين وعززه بفتاوى جمعيات  حزب الإصلاح حيث، تعرضت المرأة الجنوبية في بعض المناطق التهديد بحرق وجهها إذا لم ترتدي النقاب في الجامعة ،  حيث قام أعضاء حزب الإصلاح  اليمني في مديرية دار سعد بنشر دعاية تهديدية انه في حال تم مشاهدة أي امرأة في الجامعة أوفي أي  مكان بدون نقاب سوف يتم رش وجهها بمادة حارقة ؟!  وغيرها الكثير من المضايقات ، وهذا قيد لم يكن في ظل الدولة الجنوبية التي أعطت الحرية للمرأة في انخراطها في الحياة المدنية بدون قيود خارجه عن القانون والشرع .

 

لكن بعد الوحدة  أصبحت المرأة مكبلة  بالعادات، والتقاليد الدخيلة على مجتمعها، والتي فرضتها سلطات الاحتلال بأدوات جنوبية في كثير من الأحيان إلى جانب التهميش الممنهج  .فأصبحت  حياتها معقدة تدفع ضريبتها بشكل يومي . فقد صنفت دولة الوحدة اليمنية أسوا دولة فيما يتعلق بالمساواة بين الرجال والنساء في الحقوق من قبل المجتمع الدولي ، حيث اعتبر التقرير الدولي لللأمم المتحدة أن الجمهورية اليمنية  فشلت في توفير فرص تعليم للنساء فصنفت بين أسوأ الدول  فيما يتعلق بالمساواة وإعطاء حقوق المرأة ، ويحتل اليمن استنادا إلى تقرير صادر عن هيئة الأمم المتحدة المركز 154 على قائمة الدول 187 .

 

وبالرغم من كل الحرمان والمعاناة التي لحقت بالمرأة الجنوبية بعد الوحدة مع اليمن ، إلا أنها مازالت رافعة رأسها شامخة تصارع باستمرار ضد التشدد والقمع والحرمان وانتهاك حقوقها من قبل الدولة نفسها التي تدعي الوحدة والعدل ! مازالت المرأة الجنوبية تصارع القمع الاجتماعي الذي فرض عليها بعد الوحدة وألزمها بأعراف وتقاليد التي تقلل من قيمة حضورها اجتماعيا وسياسيا وهي  دخيلة عليها لم تعهدها من قبل الوحدة ، وبالرغم من تفاقم المعاناة بعد الحرب الأخيرة ، لم تثني المعاناة سعي المرأة الجنوبية في العاصمة عدن الحرة وبقية المحافظات الجنوبية لأثبات وجودها، وافتكاك مكانتها من مجتمع أصبح ذكوري يلغي دورها ويتفنن في انتهاك حقوقها مستغل غياب  الدولة القانونية ،  ويعمل جاهداً على إلغاء مكانتها ، وذلك من خلال انخراطها في العمل المتاح لها في ظل الإمكانيات الشحيحة المتوفرة لها من خلال الأعمال التطوعية ، والأنشطة الاجتماعية ،والتطوعية في المجتمع المدني  .

 فليس غريباً على المرأة الجنوبية أن تكون اليوم في طليعة القوى المجتمعية الفاعلة  في مواجهة  قوى الاحتلال من خلال حراكها السلمي المجتمعي برغم ضروفها التي آلت إليها بسبب نظام الإقصاء الذي تعرضت له بعد الوحدة ، كما أن ذلك ليس جديد عليها أن تناضل إلى جنب الرجل وتتحدا الصعاب فقد كان نضال المرأة النوفمبرية شاهدا على نضال المرأة الجنوبية في مقارعة الاحتلال الأول  حيث وضعت نساء جنوبيات كثر بصمات ملموسة في الدفاع عن الجنوب واستقلاله، وكرامة أبنائه ، وسيادته وستظل كذلك بإذن لله حتى نيل الوطن الجنوبي استقلاله الثاني  .

 

أن مبدأ المساواة بين الجنسين كفلته كل المواثيق الدولية وحقوق الإنسان  ، ويتمثل بالحق في الحياة ، والحق في العمل ، والحق في اختيار شريك الحياة ، والحق في التعليم ، .. إلخ ، وأن يكون هذا الحق مساوا تماماً لحق الرجل ، وإزالة كل أشكال التمييز ضد المرأة .

 

 

LEAVE A REPLY