تحقيق: “الإنفصال” العصاء السحرية لحل أزمة اليمن ..!

1061

 

المكلا (المندب نيوز) خاص – تحقيق: أسامه بن فائض

 

 

منذ ان قرعت طبول الحرب في اليمن قبل عامين وفي ظل انتشار الجماعات الإرهابية بتفرعاتها وانتماءاتها في ظل انهيار البنية التحتية لمعظم المحافظات التي شهدت فيها الحرب، تفاقمت الأزمات وتسلسلت المشكلات لتزج بالمواطنين في معاناة بين ارتفاع الأسعار والمجاعة والأمراض القاتلة وغيرها، كان من مفرزات حرب الجماعات التي تزعزع الأمن وتثير الرعب في المدائن.

 

النزاع  .. ونهوض الحراك:

 

حينما أٌعلِنت الوحدة رسمياً قبل أعوام، بين دولتي في اليمن الشمالي واليمن الجنوبي واندماجهما تحت مسمى الجمهورية اليمنية عام 22 مايو 1990م، وخلال عقد اتفاقية الوحدة اليمنية تنازلت الدولة الجنوبية عن عملتها وعلمها وعاصمتها للشمال من أجل الوحدة اليمنية، حيث تم إعلان صنعاء كعاصمة والعملة الرسمية هي الريال، والاتفاق على شكل العلم اليمني، ومن تلك اللحظة بدأت المأساة التي توقع البعض أنها ستكون نقطة تحول لكلتي الدولتين، وبدأ النظام القبلي لليمن الشمالي يمارس سياسة الاستحواذ ومحاولة السيطرة على الجنوب باسم الوحدة اليمنية، فسطى على كافة المؤسسات والقطاعات والثروات.

 

كانت معظم الدول العربية والأجنبية غير مرتاحة من طريقة إتمام الوحدة ولكن ضغوطات داخلية عجلت في قيامها،  وفي وقتها طالب رئيس الحزب الإشتراكي لليمن الجنوبي، علي سالم البيض وضع تمثيل متساوٍ في المناصب للجنوبيين والشماليين، وكان من نصيب اليمن الشمالي معظم المناصب والسلطات في المرافق الحكومية ومنها بدأت الخلافات تظهر بين الدولتين، وخلال تلك الفترة تم اكتشاف حقول نفط بمحافظة حضرموت عام 1993م، مسقط الرئيس علي سالم البيض، مما زاد من حدة الخلاف وأصر البيض في موقفة على عدم قبول أقل من النص في المناصب بين الدولتين.

 

في أبريل عام 1994م، تم تبادل إطلاق نار في معسكر تابع لليمن الجنوبي قرب صنعاء سرعان ما تطورت إلى حرب كاملة في 20 مايو 1994م، وقامت حرب أهلية بين قوات الرئيس، علي عبدالله صالح، وقوات الحزب الإشتراكي، بقيادة الرئيس علي سالم البيض، وأعلن البيض نفسه رئيساً على دولة جديدة سماها جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية عاصمتها عدن، ومن تلك الأوقات نهضت فصيلة معارضة عن الوحدة اليمنية ومطالبة بإنفصال جنوب اليمن عن شمالة تحت اسم “الحراك الجنوبي”، والذي انطلقت أولى مسيراته من عدن العاصمة الجنوبية، ونهضت بعدها مسيرات مناهضة في عدة محافظات جنوبية.

 

وخلال التجاهلات الدولية المتعمدة لإقامة دولة جنوبية استمرت الوحدة بعد دمار في 94م، ومجاعة شعبية عاود الحراك الجنوبي نشاطه في 2007م، من عدن بدأتها بإعداد قليلة حتى اكتملت مسيرة الحراك في كل المحافظات الجنوبية لتصبح بالملايين المطالبين بانفصال جنوب اليمن عن شمالة الحراك… مطالب واضحة: نهض الحراك السلمي الجنوبي جراء الظلم الذي عاشته المحافظات الجنوبية قسراً والاحتلال الذي اجتاح كافة القطاعات والثروات من قبل القوات اليمنية الشمالية التابعة للمخلوع صالح وانطلق بمسيرات مطالبة بانفصال جنوب اليمن عن شماله وشكّل حشد شعبي يشمل كل المحافظات الجنوبية.

 

 

الحراك الجنوبي في مسيراته السلمية شهد قمع عسكري وانتهاكات توجّت باستشهاد الالاف من الجنوبيين في فترة المسيرات السلمية من قبل الجيش اليمني الذي طالت يداه منازل المواطنين لتخلف ضحايا أسرية بين شهيد وجريح من النساء والأطفال وكبار السن.

 

في فعالية شعبية للحراك الجنوبي في العاصمة عدن قال ناشطون لـ “المندب نيوز” أن مطالبنا استعادة الدولة الجنوبية كاملة السيادة من المهرة إلى باب المندب والانفصال عن اليمن الشمالي الذي تسبب في هدم أغلبية البنية التحتية للمحافظات الجنوبية.

 

 

حلول فاشلة:

 

في إطار سلسلة الحلول التي تحاول وقف النزاع والحرب في اليمن قُدِمت حلول سابقة من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عبر ممثلها إسماعيل ولد الشيخ احمد، والتي تتضمن وقف إطلاق النار والهدنة وجمع الأطراف المتنازعة للوصول إلى اتفاقات معينة والتي لم تتوج إلا بالفشل.

 

منافقة الحوثي… دوامة النزاع:

 

منذ اشتعال النزق الطائفي للحوثي في اليمن من صنعاء، قبل ثلاثة أعوام، بحملة شعبية ضد أزمة “الجرعة”، وهي أزمة ارتفاع أسعار البنزين في المحافظات اليمنية عام 2014م، خرجت تلك الطائفة الشمالية من الكهوف متحججة بأزمة البنزين وواصلت مسيرتها لتظهر بصورة أخرى وهي استعادة حق المظلومين ومناصرتهم، لتتحول بعد أشهر من انطلاقة إلى جماعة إرهابية تجتاح المحافظات لتخلف قتلى وجرحى ومجازر في حق المدنيين، تنطلق من صنعاء وتصل حتى المحافظات الجنوبية ومنها صوباً إلى حدود السعودية.

 

هكذا طغى الحوثيين باجتياح المحافظات الجنوبية، وتدمير غالبية البناء التحتية لكل محافظة تصلها وترتكب مجازر بحق المدنيين، حتى وقفت المقاومة الجنوبية لترد على تلك الجماعة بهجماتٍ عنيفة مدعومة من التحالف العربي، ما أدى إلى اضعاف الانقلابيين وانسحابهم تدريجياً.

 

اليمن.. والانفصال لحل الأزمة:

 

بعد أن اشتدت الصراعات في اليمن لم يعد هناك امل في عودة الماضي أو أسم الوحدة اليمنية، فمن المؤكد أن الحل الأجدر بالنظر إلى القضية الجنوبية، كحل أولى لحل الأزمة اليمنية.

 

المحلل السياسي الإماراتي الدكتور خالد القاسمي يتحدث لـ “المندب نيوز” قائلاً انه بلا شك ان نظام الأقاليم اليمنية يعتبر من الحلول الذي يتفق عليه اليمنيون جميعا عبر الحوار الوطني والذي يعد من الأنظمة المتقدمة , وهو الذي يأخذ اليمن الى بر الأمان –حسب قوله- بنفس الوقت لاشك أنه يحمي اليمن من الانزلاق الى الهاوية وتوصيلها لحرب .

 

وأشار المحلل القاسمي ” ان الجماعات المتصارعة في اليمن تحاول بعد هذا النظام الدكتوري الذي حكم اليمن 35 والذي أدى الى انفجارات كبيرة في اليمن تضرر منها المواطن اليمني , وجعل كل إمكانيات اليمن تتبع مصالحهم وأيضا أتى بالإرهاب ليكون بديلاً عنه في الحكم شمالاً وجنوباً،  بلا شك بعد انتفاضه الشباب وثورتهم في 2011 كانت النهاية لهذا الحكم الجائر وبالتي بات لليمن مخرجا هو الأقاليم .

 

واردف الدكتور خالد ” ان الحرب أتت بتغيرات جوهرية منها عاصفة الحزم بعدن والجنوب وخاصةً عدن وحضرموت , هذا بعد تحرير عدن ومحيطها , منوهً ان هناك خدمات تقدم على مستوى محاولة تجديد الخدمات الأساسية والمرفقات الحكومية والمساعدات ومحاولة إعادة البنية التحتية، بالإضافة الى الاهتمام بحضرموت وضرب الإرهاب حيث أصبحت هناك اعراض شبة استحاله بأن إذا لم يتحرر الشمال وفي وضع كهذا فأن يعود الجنوب الى الشمال او يستطيع من يحكم الشمال ان يضعوا أيديهم على الجنوب وهذا من المستحيلات ان تكون في الوقت الراهن.

 

وأكد القاسمي ” انه لا يمكن من العصابات في الشمال أن يمتد نفوذها إلى الجنوب وأوضح “ان الوضع حقيقة في الشمال مزري، وبالتالي كما نرى أن هذه المليشيات المسلحة التابعة للحوثيين والمخلوع تحاول أن تركع هذا الشعب وتقوم كما نرى ونشاهد أمور من اجل مصالحها الخاص عبر الضغط على المواطنين واخذ الرشاوي وتسويق المواطنين الى السجون بأتفه الأسباب ومحاولة الضغط على التجار واخذ ما يريدون منهم وهناك محاولات عديدة تحاك في الشمال والخوف من هذه العصابات البلطجية الإرهابية.

وتابع القاسمي، أن الانفجار سيتولد في الشمال وستتولد ثورة بعد هذه الضغوطات بعد حالة اخذ الحقوق والضغط من الفئات المعنية، ولأن الأمور لم تعد تعود إلى الوراء كسابقها في الشمال والجنوب معاً.

 

وأعرب القاسمي في سياق حديثة “أن الحلول لا يمكن ان تعطى لهذه المليشيات لأنه لا تقبل المفاوضات وهي قوة تحتل شرعاً وبالقوة، وتحاول الاجتياح بشكل استعماري، ومن المستحيلات أن تقبل أن تدخل تلك المليشيات في التكوين السياسي أو تكوين جزء من الحكومة في الوقت الذي قامت بالانقلاب على اليمن لا يمكن مجازاتها و أعطاؤها تمديدات في اليمن، وبالتالي دول الخليج لا أعتقد انها ستترك اليمن بهذه الأحوال وبهذه الصراعات الداخلية التي يمكن ان تنفجر بأي وقت.

 

المحلل القاسمي أكمل حديثه قائلاً انه بلا شك قضية الانفصال من حق شعب الجنوب، وهو من حق تحقيق مصيره، ويقرره امام كل ما يحدث وأمام حالة عدل والتخبط وحالة عدم وجود أي انفراج سياسي، وهذا حق شعب الجنوب وهو لا يطالب به أول مره بل طالب في 94 وقام الحراك 2007 بمطالب لان ثروات بلاده نهبت، وتمت مصادرة كل المؤسسات والدوائر الحكومية، فهذا الشعب تسلط عليه نظام متخلف دكتاتوري حاول أن يستنزف خيرات الجنوب ولا يعطي الجنوبيين شيء، ويستبدلهم بالشماليين، وتلك التراكمات بالماضي ويحق للشعب أن يثور عليها، وان يطالب بدولته في حالة عدم وجود أي مخارج أخرى.

 

وفي نظر “القاسمي” قال نحن ما نراه الان من مطالب في الجنوب كلها أمور تشير حقيقة إلى أنه هناك خطين متوازيين في الجنوب والشمال، فالشمال يعيش تحت ميلشيات مسلحة، وإذا قامت ثورة أخرى وانتفاضة يمكن أن يكون لها وضع خاص، والمناطق المحررة في الشمال كمأرب والجوف ستكون لها أوضاع أخرى كالأقاليم أو لها وضع شبة دولة مستقلة وهكذا.

 

 القاسمي أردف: أن اليمن يمر بمرحله تكوين مختلفة حقيقة عن المرحلة السابقة التي مرت بها ولا يمكن ان تعود الأمور الى الوراء قبل 2015 قبل انطلاق عاصفة الحزم ولا أحد يسمح أن تعود الأمور إلى الوراء كما يريد المخلوع والمليشيات المسلحة، كما تعتقد أن وضع جديداً سيكون لليمن تحت تسلطها وبالحقيقة تتوهم.

 

في ختام حديثه قال بإذن الله يكون الوضع لصالح اليمن جنوباً وشمالاً، ولصالح الإخوان في الخليج والجزيرة العربية، ويكون سبباً تدريجياً بدخولهم إلى مجلس التعاون، وحقيقة هذا مطلبنا لأنه وجود اليمن كدولتين أو كدولة إذا أصبح دخولها بالتدريج إلى مجلس التعاون سيكون سند حقيقي للخليج والجزيرة العربية لأنها تعتبر عمق التاريخي والجغرافي والاستراتيجي.

 

المحلل السياسي الكويتي أنور الرشيد: قل أنه بعد فشل كل الحلول التي تم طرحها وستفشل أيضاً أي حلول سيتم طرحها بشأن الأزمة اليمنية، فاليمن اليوم بمر بمرحلة غاية بالصعوبة ولا شك بأن الوضع في الشمال يستحيل أن يستمر إلى ما لانهاية له وسينفجر اليمنيون من الداخل نتيجة للوضع البائس والذي يسير نحو المزيد من التدهور على جميع الصُعد.

 

 لذلك دعيت ولا زلت ادعو لاغتنام هذه الفرصة التاريخية التي لازالت بيد الجنوبيين لانتزاع حقهم بعودة بلدهم، فغير معقول أن يستمر الوضع الجنوبي على ما هو عليه لا هو قادر على الإعلان عن نفسه بعودة دولته ولا هو قادر على انتزاع حقه.

 

ووجه الرشيد حديثه إلى الجنوبيين قائلاً ان الجمود الجنوبي ليس بصالحهم لا في المستقبل القريب ولا البعيد، والسكوت وعدم التحرك لعودة دولة الجنوب رغم أنف كل المخططات والدويلات التي تقف حائلاً أمام استرجاع دولة الجنوب.  قلتها مراراً وتكراراً وسياسي الجنوب المخضرمين يعرفون ذلك جيداً.

 

وقال الرشيد ان غالبية الدول تبحث عن مصالحها الخاص فعلى الجنوبيين الحفاظ على ميناء عدن للحفاظ على وضعهم الطبيعي , وأضاف: سبق وقلت للجنوبين أن لديكم موقع استراتيجي يمنحكم صك التصدر الدولي على مستوى العالم ولكن اعدائكم وأعداء الجنوب النائمين بينكم يحولون دون تحقيق حلمكم لا بعودة دولتكم ولا بتصدركم دول العالم نتيجة لموقعكم الاستراتيجي.

 

وختم الرشيد حديثه قائلاً: ان فك الارتباط سيحل الأزمة، ولكن ليس بالانتظار فهذا يتطلب انتزاع حقكم بيدكم والاعلان عن قيادة سياسية تقود المرحلة وتعلن عود الجنوب غير ذلك ستتكرر مآسيكم إلى ما لانهاية له .

 

إسكندر الطفي قيادي في الحراك الجنوبي السلمي بمحافظة حضرموت قال بشأن حل الأزمة في اليمن انه طبعاً ستحل المشاكل بين الشمال والجنوب عندما تفقد مصالح المتنفذين من الشمال على ثروة الجنوب وأيضاً سينتهي الصراع في اليمن ففي الشمال جماعات إرهابية تتصارع لأجل مصالحهم الشخصية وسيعيش أبناء الجمهورية العربية اليمنية في اقتناع على مواردهم المحدودة.

 

وأردف الطفي: انه بالطبع إن الانفصال أو قيام دولة الجنوب أمر واقع على الأرض والدليل على ذلك لم تنجح قوات التحالف في المحافظات الجنوبية إلا بالمقاومة الجنوبية وفرض تحرير المحافظات الجنوبية، موضحاً ان التحرير والاستقلال للجنوب بات يعتبر فرض أمر واقعي.

 

الطفي استرسل قائلاً” انه لن يكون هناك من يقف ضد رغبة أبناء الجنوب في استعادة دولتهم وعندما يتم تشكيل كيان سياسي جنوبي واحد ممثل باسم أبناء الجنوب سيرضخ المجتمع الدولي لرغبة شعب الجنوب، عند تشكيل المؤسسات، وتأهيل بناء الدولة والمنشآت، وكل القطاعات في جنوب في اليمن. وختم الطفي قائلاً “انه لن تنجح بعض قوى الاحتلال اليمني من محاولة نقل المعلومات المغلوطة للمجتمع الدولي والتحالف العربي لأنهم باتوا يدركون أن الجنوب قادم لا محاله، وسيظل شعب الجنوب ثابت حتى يستعيد دولته… أما القيادة الجنوبية ستتوحد وإن شاء الله قريب سنسمع عن توحد القيادات وستنفرج الأزمة اليمنية التي وصلتنا إلى هذا المطاف.

 

الدولة مستقبلاً:

 

يأمل اليمن شمالاً وجنوباً وضع حل طارئ في حل الأزمة اليمنية وانتشال هذه الجماعات الإرهابية ليعيش المواطنين في أمن وسلام، فالوضع لا يمكن ان يكون كالماضي، فالمرحلة القادمة أكبر ومقبلة على بناء دويلات أو أقاليم.

LEAVE A REPLY