حضرموت (المندب نيوز) تقرير ـ أبو بكر الشادلي

تحكي متاحف ومزارات محافظة حضرموت اليمنية الواقعة في الناحية الشرقية من البلاد، آصالة الماضي بالتراث والتحف العريقة التي تعود المختلف الحضارات التي أُقيمة على أرضها الطيبة المتميزة برقي أهلها الطيبيّن والمعروفين بأصالتهم في مختلف بقاع الوطن العربي؛ ولربما في مختلف بقاع الكرة الأرضية. 
المتاحف
يوجد في محافظة حضرموت عدة معالم أثرية والتاريخية تروي تاريخاً حافلاً بالحضارات التي مرت بها وشهدتها على مر العصور، ومن أشهر تلك المتاحف والمعالم الأثرية في حضرموت ما يلي: 
* المتحف الوطني: يقع هذا المتحف في مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت، وهو عبارة عن قصر سابق لأحد سلاطين السلطنة القعيطية، ويتكون من ثلاثة أدوار، ويحاط بسور كبير جداً، ويعكس بناؤه فن العمارة الهندية الذي كان سائداً في تلك الفترة آنذاك، وحالياً تم إستغلال القصر كمتحف يضم قطعاً أثرية إضافة إلى مخلفات سلاطين الدولة القعيطية.
ويوجد في متحف حضرموت الوطني قسم خاص بالآثار القديمة، يضم كثيراً من القطع الأثرية والنقوش والعملات القديمة التي يعود تأريخها إلى عصور ما قبل الإسلام، وهي التي عثر عليها من مواقع مختلفة من محافظة حضرموت؛ ومنها : 
قطع أثرية عثر عليها أثناء حفريات البعثة الأثرية اليمنية الفرنسية في مدينة شبوة القديمة. 
قطع أثرية عُثر عليها وجلبت من حفريات البعثة الأثرية اليمنية السوفيتية أثناء مسوحاتها الأثرية في مستوطنات وادي حضرموت القديمة والمهرة.  
كما يحتوي المتحف الوطني على حجر منقوش توجد على متنه كتابة غير معروفة، وعلى الأرجح أنها مكتوبة بلغة عربية قديمة، وتم العثور عليها في قرية الواسطة الواقعة في الضاحية الشرقية لمدينة لديس الشرقية بحضرموت.
يحتوي هذا القسم أيضاً على جناح السلطان القعيطي الذي كان يستقبل فيه الوفود، ويعقد فيه الاجتماعات الخاصة بمجلس إدارة الدولة، بالإضافة إلى قاعة العرش؛ وهي تحتوى على نماذج من التحف النادرة وأدوات كانت متعلقة بشخصية السلطان.
* متحف المكلا: يستعرض في هذا المتحف مجموعة من الآثار القديمة والقيمة، التي تعود ملكيتها لسلاطيّن ممالك حضرموت، وتم تأسيسه في الثالث عشر من شهر أكتوبر عام 1994م، ومقره الآن في قصر السلطان بعد أن كان في بناية صغيرة مقابل سور القصر نفسه. 
وتشمل أقسام المتحف معروضات الآثار القديمة لمملكة حضرموت، وممتلكات سلاطين حضرموت، وصالة لوثائق الثورة اليمنية.
* متحف سيئون: يقع هذا المتحف في وادي حضرموت بمدينة سيئون، وهو يضم مجموعة من القاعات يستعرض فيها آثار قديمة وموروثات شعبية خاصة بتراث حضرموت، وتم افتتاحه في عام 1983م، ومقره الآن في قصر السلطان الكثيري وسط سوق سيئون. 
وتحتوي قاعات المتحف على آثار قديمة جمعت من مواقع مختلفة من وادي حضرموت، وهي عبارة عننتائج تنقيبات موقع ريبون، إلى جانب الموروث الشعبي وقاعة الوثائق.
المزارات
* ضريح الشهداء السبعة: وهو عبارة عن أحد المعالم الأثرية لمدينة الشحر بمحافظة حضرموت الساحل، ويتكون الضريح من مبنى صغير بداخله قبر جماعي مستطيل الشكل عليه ستة شواهد، لستة شهداء هم أبطال المقاومة الشعبية ضد الغزو البرتغالي لمدينة الشحر سنة 929هـ عام 1522م.
وإستشهد هؤلاء السبعة في معارك “الايام الثلاثة” ، ودفن ستة منهم في قبر واحد بالشحر يعرف إلى اليوم بآسم “قبر السبعة”، أما الشهيد السابع فقد دفن في قبة والده الشيخ عبدالله بلحاج بافضل.
وكما جرت العاد ة قديماً أن يقام لهذا الضريح ما يدعى بمولد”الحضرة” تسمية أهل مدينة الشحر، اسبوعياًِ اي في يوم واحد من الاسبوع حيث ظلت هذه العاده مستمره آنذاك.
ولم تظل هذه عادة الزيارة مستمرة في كل أسبوع كما جرت العادة سابقاً، وتم تحديد يوم معين من كل سنة للزيارة؛ أسموها بــ”زيارة الشهداء السبعة”، وذلك لتخليد ذكراهم على مابذلوه في سبيل الدفاع عن مدينتهم ومقاومة الاحتلال البرتغالي آنذاك.
* مدينة تريم: وهي عبارة عن إحدى مدن محافظة حضرموت القديمة، والتي يرجع تاريخها إلى القرن الرابع قبل الميلاد، وقد كانت عاصمة حضرموت القديمة ومقر ملوك كندة قبل ظهور الاسلام. 
وتشتهر بكثرة مساجدها حيث يبلغ عدد المساجد فيها بنحو 360 مسجد، وهي على عدد أيام السنة، ومن أبرز مساجد تريم هو مسجد المحضار ويعزى بناؤه إلى الحبيب عمر المحضار بن عبد الرحمن السقاف. 
كما تشتهر مدينة تريم بدار المصطفى التي يتوافد عليها طلاب العلم لطلب العلم عند مشائخ الدار المشهورين، ولعل أبرزهم والحبيب عمر بن حفيظ، وأما أبرز خريجيها الحبيب علي الجفري.  
 
* قُبة يعقوب: تعود تسميتها لــ”يعقوب بن يوسف” هو أحد رموز الصوفية قدم من العراق إلى حضرموت تحديداً إلى مدينة المكلا، قبل مئات السنين ومات بها سنة 553هــ؛ 1158م، ودفن في ما يعرف اليوم “بحي الشهيد” قبل أن تتحول المساحات حول قبره إلى مقبرة لدفن الأموات سميت بمقبرة يعقوب تخليداً لأسمه، وهي تعد من المقابر بالمكلا، ويعود تاريخها لمئات السنين.
وتحتوي المقبرة على عدد من القبور القديمة أبرزها قبر السلطان صالح بن غالب القعيطي , والسلطان عوض بن صالح القعيطي , والسيد عبدالله محفوظ الحداد مفتي الديار الحضرمية , والسيد حسين بن حامد المحضار وزير الدولة القعيطية؛ في عهد السلطان عمر بن عوض القعيطي , والشيخ عبدالله عوض بكير رئيس مجلس القضاء الأعلى في الدولة القعيطية , وغيرهم. 
مستقبل لا يرحم
* شهدت متاحف محافظة حضرموت خلال الفترات السابقة أعمال نهب وسرقة في أغلب مقتنياتها الأثرية القيمة على أيدي عصابات لم تهتم لماضي ومستقبل حضرموت. 
ففي أواخر عام 2013م تعرض متحف المكلا للسرقة من قبل مجهولين استولوا على مقتنيات ثمينة من الجناح السلطاني، وتضمنت السرقات التي استهدفت قاعة العرش المقتنيات ما يلي:
1- مبخرة كبيرة من النحاس.
2- صقر مصنوع من النحاس.
3- رأس نمر مصنوع من الفضة الخالصة.
4- مسند ظهر خاص بعرش السلطان مغلف بالفضة.
5- أعمدة صولجانات سلطانية.
6- رماح بطول متر ونصف مغلفه بالفضة.
وأما ما تمت سرقته من قاعة الصور بالمتحف سرقت المقتنيات التالية: 
1- حذاء قبقاب مغلف بالفضة.
2- علم الدولة القعيطيه مع تاج و3 قلاع منحوتة كان موضوعا عليها.
ومن القاعات الأخرى تمثال نحاس صغير للرئيس الراحل جمال عبد الناصر، بالإضافة إلى قوقعه بحرية كان مكتوب عليها عبارة سلطان الدولة القعيطية الحضرمية. 
فيما سرق من القاعة الحمراء بالمتحف المقتنيات ما يلي: 
1- مدفع صغير من النحاس.
2- محبس هو عبارة عن تمثال لرجل صيني من النحاس.
3- مزهريات مصنوعة من النحاس.
4- صحون نحاسية.
وكانت آخر السرقات هي سرقة عرش سلطان الدولة القعيطية الأثري القديم المكسو بالفضة، وكذا سرقة الصولجانات الجميلة الخاصة به. 
ويذكر أن هيئة الآثار اليمنية قدمت للشرطة الدولية “الأنتربول” ملفاً بما تمت سرقته، أملاً منها في إستعادة ما تمت سرقته في حال ثبت خروجه من اليمن. 
* وأما بالنسبة إلى للقباب التي تعد من أهم وأبرز معالم حضرموت التي تعود بعضها لمئات السنيّن، تم الإعتداء عليها خلال فترة سيطرت التنظيم القاعدة على ساحل حضرموت. 
ولعل أشهر تلك القباب التي تم الإعتداء عليها محلياً قبة الـ”المحجوب” تعود تسميتها نسبة إلى كنية الرجل الصالح الذي تتحدث الروايات عن زهده وورعه وتفضيله الاحتجاب عن مخالطة الناس، حيثُ بنيت له قبه تضم قبره بعد وفاته مواجهة لمنزله الذي كان يسكن فيه وبقي فارغاً، وهو يتوسط أحد احياء المكلا القديمة. 
كما شن تنظيم القاعدة سلسلة من الإستهدافات لقباب واضرحة وقبور مدينة المكلا، الذي يعتبرها العديد من السكان المحليين من إحدى أهم المعالم التاريخية والأثرية في المدينة. 
فيما يذهب آخرون منهم إلى تأييد هدم هذه الشواهد والاضرحة والقبور والقباب، وذلك لمنع جماعات الصوفية التي تتخذ من تلك القبور والاضرحة أماكن لممارسة طقوس تصل إلى حد التقرب والتبرك بأصحابها مخالفه لنهج الاسلام وعقيدته. 
وفي الختام سأشير إلى أن ما يعتقد المؤايدون لهدم القباب هو مجرد إعتقاد خاطئ ولا أساس له من الصحة، إلى أن ما يعتقدونه يلجئ إليه بعضاً من الجاهليين الذين لايزالون على النهج القديم. 

LEAVE A REPLY