التكبّر وعدم سماع النصح .. صفات مذمومة مقال لـ علي بن شنظور

230

تأبى الكثير من الأنظمة والحكّام والساسة ، بل والقيادات المختلفة ، سماع النصيحة  والأخذ بما يطرحه الآخر، ونتيجة لذلك يحدث الخسران..

يعتقد الكثير منهم أن الأخذ بنصائح الآخر هو انتقاص من مكانتهم وهيبة أنظمتهم ، أو أنهم لا يحتاجون لسماع من ينصحهم من خارج دوائرهم السياسية المغلقة على حاشيتهم ؛ لأن لديهم ما يكفي من الخبراء والعلم والمعرفة.

والحقيقة أن تلك من صفات إبليس الرجيم وليست من صفات وخُلُق الأنبياء والمرسلين ،عليهم أفضل الصلاة والسلام .

فالشيطان يوسوس لهم حتى يخذلهم عن قبول النصيحة ، وكذلك بطانتهم تمنعهم عن قبول الحق ، فبطانة السوء لا تقل خطورة عن وسواس الشيطان ، بل تتفوق على إبليس الرجيم ؛ لأنها تشوش عليهم بوجودها الحاضر حسيًّا وفعليّا ولا تفارقهم من مواقعهم..

فهناك من الحكّام ومن صنّاع القرار من لا يتعلمون من أخطائهم ولا يقبلون بسماع من ينصحونهم ببلاش ، وهذا دليل عن تكبرهم وغرور بعضهم.. والمغرور لا يمكن أن يعوّل على خيريته.

الإفراط في الثقة الزائدة في الحكم  أو في العلم ,دون اكتراث بما يقوله الناصح الآخر وصاحب الرأي المخالف لهم الأقل مستوى في سلطته أو علمه أو فقهه هو دليل عن عدم إلمام أولئك مع التقدير لمن يستحق التقدير منهم بأولويات العمل المهني أو السياسي أو حتى الفقهي.

لقد أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية بنصيحة زوجته أم سلمه رضي الله عنها ، وحلق رأسه ونحر هديه وتحلل من لبس الإحرام رغم عدم طوافه في بيت الله الحرام ، وتبعه الصحابة بفعل ذلك بعد أن كانوا تجاهلوا أمره في بداية الأمر حينما أمرهم بأن يحلقوا رؤوسهم وينحروا هديهم بعد توقيع صلح الحديبية ، فدخل الرسول الكريم على خيمة زوجته أم سلمه فقالت له – وهو مهموم من عدم فعل الصحابة لما أمرهم به- :” أتحب ذلك يا رسول الله؟ ، أحلق رأسك وانحر هديك ولا تكلم أحدا منهم” ،  ففعل ذلك رسولنا الكريم وفعل الصحابة كما فعل الرسول، وعادوا من صلح الحديبية دون دخول بيت الله الحرام رغم عدم رضى البعض بذلك الموقف دون إدراكهم أن الخير فيما اختاره الله ثم نبيه الكريم ، فكان فتح مكة في العام الذي تلاه ،وانتصر الإسلام بفضل الله.

والشاهد من هذا أن رسول الله لم يتكبر عن الأخذ بالنصيحة ، ويقول أنا نبي فكيف التفت لنصيحة أم سلمة ، كما نصنع في هذا الزمن؟!

 فأين نحن من ذلك الزمن ورجاله؟! ،  والحاكم أو صانع القرار أو المسؤول في كثير من المواقع لا يرى إلّا ما في رأسه من قرار وتوجه وقناعات مسبقة ، وقد يكون رأسه فارغاً من معرفة وعلم الواقع ،وإن كان لديهم علم ولكنه على الورق.

فهل من يستمع لأصوات العقل ويأخذ بالنصيحة ؟!

LEAVE A REPLY