ترانيم محارب ” طريق المطار ” مقال لـ عيظة بن ماضي

340
الكاتب : عيظه بن ماضي

 

 

مرت اللحظات مسرعة ولازلنا عاكفين على اصلاح هذا الجهاز الذي رأيت بأن وجودنا ومرورنا من هذا المنعطف مرتبط بإعادته الي الخدمة ، كنت حاظر مع رفاقي بجسمي فقط واما الباقي فهو  سارح بعيداً  نعم بعيداً يبحث عن تلك الاجابة ماذا حدث وكيف حدث واين  هم رفاقي .

قاطع شرودي ذاك الصوت الخافت المنطلق من ذاك الجهاز ، نعم فقد استبشر كل من حولي بتلك الذبذبات الخافتة رغم عدم وضوحها الا انها تبشر بتكلل ذاك الجهد المبذول ، وبينما نحن على ذاك الحال انقبض قلبي وتجمدت كل حواسي ولم تتحدث سواء عيني التي لم استطع ان اتحكم بها  فقد كان المنادي يتحدث عبر الجهاز بصوت يرج الارجاء  من صقر إلي شمسان واحد هل تسمعني  لم يعني لي ذاك النجاح شيء برغم انني انتظرته بل خارت قواي عند سماعي للمنادي وهو يتحدث إلى شمسان واحد ، نعم شمسان واحد هذا ما هز كياني فكيف لا وهو رمز رفيقي الذي واساني الجميع فيه ولا اعلم أراضيه .

كنت حينها استمع للنداء وعيني فقط تتحدث مذرفه دموعها بصمت ، نظر الي رفيقي الواقف امامي واخذ الجهاز من يدي ومازال المنادي يكرر ولم يلقاه مجيب ، نعم اسمعك كرر ما قلت  من صقر إلي شمسان واحد هل تسمعني  نعم اسمعك بموضوع المعذرة فالرفيق شمسان واحد قد فارق الحياة ، كانت تلك الكلمات المرسلة والمتلقات بين رفيقي والمتصل من القيادة .

استمر التحاور بيننا عبر ذاك الجهاز المتهالك والذي كان يمرر الكلمات بصعوبة بين طرفيه ، كان ملخص التواصل يتمحور حول نقطة تواجدنا بدقة وماهي العقبة التي تحول بيننا والتقدم الي هدفنا المنشود .

شارفة شمس ذاك اليوم على المغيب وقد اقتربت الساعة من السادسة مساء اتت الاوامر بالتحرك وبدء الركب بالتزحزح رويداً في خطئ متثاقلة نحو الامام وماهي الا لحظات حتى مرت المركبة التي تقلني بجوار احدى العربات المشطورة نصفين وحينها دونما شعور استوقفت السائق وترجلت على عجل اتحسس ذاك الركام الخاوي سواء من تناثر الحطام وشظايا الزجاج ، سرحت لبرهة بمخيلتي اتفكر ماذا جراء هنا وكيف تم كل ذألك ولم يوقفني شيء من نداء رفاقي لي ولا توسلاتهم بالصعود لنلحق بالركب ، وماهي الا برهة حتى قاطعني  رفيقي الذي ربت على كتفي وهمس في إذني بأن  لم يعد احد هنا سوانا ، لم التفت الية بل سحبت ارجلي المتثاقلة الي المركبة في صمتي الذي طغاء على سواد عتمت ذاك الليل .

مر على سيرنا قرابة الساعة في تلك الطريق الوعرة والتي كانت متعبة وشاقة رغم قصرها في الواقع ، توقف الموكب مرات كثيرة حتى وصلنا اخيراً الي طريق اسفلتي يكاد مهيئ للسير علية من كثرة ما لحق به من تدمير ، حينها توقف الموكب وصدرت الاوامر بالانتشار والتمركز على المداخل والمخارج لتلك الطرق الفرعية التي كانت ترتبط بالطريق العام الذي بلغناه .

اتت الاتصالات المتوالية عبر جهازنا المتهالك والتي تؤكد بلوغنا الطريق المحاذي للمطار هدف وجهتنا المقررة ، استقر كل فرد في مجموعته بحسب التوزيع للأفراد المشاركة في الحملة ، وعلى حين غفلة شن علينا هجوم قوي من عدة محاور استمر لحوالي نصف ساعة بمختلف انواع الاسلحة الخفيفة والمتوسطة وساد الهدوء بعدها ليهرع كل فرد مهرولا يتفقد رفاقه هنا وهناك ، كانت الساعة تشارف على الحادية عشر مساء وما ان هداء الموقف حتى عاد الهجوم من جديد ولكنة اقل حدة من ما سبق ولم يستمر سواء ربع ساعة تقريبا ليتوقف بعدها بشكل تام الا من بعض الطلقات هنا وهناك لا تكاد تؤثر على القوة .

اتت الاوامر بتمشيط المنطقة بشكل دقيق ليتم بعدها التجمع والتحرك نحو المطار الذي لم يكن يلوح في الافق سواء بعض الاضواء الخافتة التي تدل على وجودة ، تحرك  الركب بخطئي متثاقلة يشوبها الحذر والترقب خشيه  من تلك الغارات المفاجئة المستهدفة كل حين لتقدم القوة نحو الهدف .

اقتربت الساعة من الثالثة فجراً والموكب لايزال في خطئ مسترة رويدا رويدا حتى استوقفنا ذاك الانفجار المدوي الذي اهتزت له  الارض من شدته والتي تلاه هجوم ضاري متركز على المقدمة والذي استمر لقرابة الساعة ثم هداء بعد ذالك لتصدر الاوامر بالانتشار مرة اخرئ وايجاد مواقع للتمركز حتى تأتي الاوامر .

تتالت الهجمات علينا وكانت اكثر حدة في كل مرة رغم انها لم تكن تتجاوز الدقائق العشر في معظمها مما يوحي انا لعرقلة التقدم ليس الا ، اتاء ذاك الاتصال المتأخر لساعات الفجر الاولى ليعلن عن تغير جديد  للمرحلة التي كنا فيها وكان ذاك مع سماعنا لا صوات تلك الطائرات القادمة من بعيد وكأنها تمشط كبد السماء .

تسأل الجميع ما هذا ماذا يحدث هل هذه  الطائرات صديقة ام عدوة ، ان كانت صديقة فمن اين اتت وان كانت عدوة لما تهاجمنا  وماهي الا لحظات حتى ذاع الخبر المفرح للجميع مع بزوغ شمس ذاك اليوم ليعلن بان عاصفة الحزم قد بدأت وهذه  صقور العرب تجوب السماء معلنة عن مشاركتها لنا في ذاك الكفاح .

LEAVE A REPLY