صنعاء ( المندب نيوز ) العرب تعيش العاصمة اليمنية صنعاء الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي الموالية لإيران منذ نهاية الأسبوع الماضي تحت إجراءات أمنية، تصفها مصادر محلية بـ”غير المسبوقة” لجهة الرقابة الصارمة والمشدّدة التي تفرضها الميليشيا الحوثية على الأهالي، في محاولة لمنع انتقال شرارة الاحتجاجات الجارية في كل من لبنان والعراق. وما يجمع بين موجة الاحتجاج في البلدين أنها تستهدف نظامي حكم على صلة وثيقة بإيران، إذ أن النظام القائم في العراق يعتبر مواليا بشكل كامل لطهران. أما في الحالة اللبنانية فإن حزب الله المشارك بفعالية في الحكم والذي يمتلك قوة عسكرية كبيرة، يسهر على تأمين المصالح الإيرانية في لبنان ويعمل على توجيه سياسة البلد، وخصوصا سياسته الخارجية، بما يخدم المصالح والتوجّهات الإيرانية. وبالنظر إلى هذه الاعتبارات فإن مناطق سيطرة الحوثيين في اليمن مرشّحة لتلقي شرارة الاحتجاجات العارمة التي بدت هذه المرة موجّهة بشكل أساسي ضدّ أتباع إيران في المنطقة وفق ما تظهره شعارات واضحة رفعها المحتجون في العراق ولبنان تنادي بإسقاط وكلاء إيران في البلدين، حيث هتف المحتجّون اللبنانيون ضدّ حسن نصرالله زعيم حزب الله ونبيه برّي زعيم حركة أمل الشيعية، فيما دوّت في مظاهرات بالعراق هتافات “بغداد حرّة حرّة..إيران على برّة”. وتشمل الإجراءات الأمنية الاستثنائية في صنعاء، بحسب شهود عيان، تكثيف نقاط التفتيش في مختلف طرق العاصمة ومداخل أحيائها، وإجراء توقيفات عشوائية خصوصا في صفوف الطلاب ومصادرة الهواتف المحمولة والاطّلاع على محتوياتها والتدقيق في الأشخاص الذين تمّ الاتصال بهم من خلالها، وإجراء مداهمات ليلية لمنازل من يُشكّ في معارضتهم للحوثيين أو يتوقّع أن تصدر عنهم دعوات للاحتجاج والتظاهر. وتقول مصادر من صنعاء إن حالة الاستنفار القصوى التي يطبّقها الحوثيون في المدينة دون الإعلان عنها بشكل رسمي غير مقامة على مجرّد توقّعات وقراءة للمشهد العراقي واللبناني بل على معلومات موثّقة، وعلى عملية رصد لحالة الاحتقان الشديدة في صفوف الأهالي جرّاء الأوضاع المعيشية بالغة السوء والتي زادتها تعقيدا أزمة الوقود والتهاب أسعاره في السوق السوداء، الأمر الذي كانت له أسوأ الآثار على مختلف الأنشطة الاقتصادية من نقل وتجارة وغيرهما. ويضع تهاوي قيمة الريال اليمن على مشارف المجاعة حيث فُقدت أغلب المواد الأساسية من الأسواق وقفزت أثمان المتوفّر منها إلى سقوف خيالية. ويواجه الحوثيون نقمة السكان في المناطق التي يحتلّونها كونهم المتسببين في الأزمة. ويذكر اليمنيون بسخرية أن الحوثيين غزوا صنعاء في خريف 2014 مستخدمين ذريعة مساندة احتجاجات شعبية تفجرت آنذاك بسبب زيارة في أسعار الوقود عرفت باسم “الجرعة”. ويقارن اليمنيون بين الأوضاع آنذاك وما آلت إليه اليوم من سوء. وما يضاعف من قلق الحوثيين، الذين يقيمون حكومة موازية بالشراكة مع عدد من أنصار الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح مؤسس وزعيم حزب المؤتمر الشعبي العام، حالة التوتّر في العلاقة مع هؤلاء “الشركاء” الذين أعلنوا فكّ ارتباطهم بالهيئات والهياكل الإدارية والسياسية للحوثيون بعد أن أقدم هؤلاء على إطلاق سراح خمسة متهمين بمحاولة اغتيال صالح سنة 2011 بتفجير جامع دار الرئاسة حيث كان يؤدي الصلاة إلى جانب عدد من أركان الدولة والحراس والمدنيين الذي سقط عدد منهم بين قتيل وجريح بينما أصيب الرئيس السابق إصابات غير قاتلة، ليقضي بعد ذلك بستّ سنوات، برصاص الحوثيين أنفسهم إثر تفاقم خلافاته معهم. ومايزال لصالح وحزبه أنصار كثيرون في صنعاء، وهم غير راضين على الشراكة مع الحوثي ويتحيّنون الفرصة لقلب الطاولة ضدّهم لولا سياسة القبضة الحديدية التي ينتهجها المتمرّدون الموالون لإيران. ورغم شراسة الحوثيين في قمع أي بوادر لحراك احتجاجي ضدّهم، فقد شهدت صنعاء في أوقات سابقة تحرّكات شعبية بدفع من سوء الأحوال المعيشية والسلوكات الطائفية ضدّ فئات من الأهالي. وفي أكتوبر من العام الماضي دعت فعاليات شبابية وطلابية إلى التظاهر والاعتصام في صنعاء ضد سلطة الحوثيين، لكن هؤلاء لجؤوا إلى استخدام القوة المفرطة لوأد ما بدا آنذاك أنه بوادر “ثورة جياع” في المدينة. وأسفر تدخّل عناصر من ميليشيا الحوثي لفض تجمّع احتجاجي لطلاب من جامعة صنعاء، إلى مقتل عامل بالجامعة متهم بالتواطؤ مع الطلبة المحتجين طعنا على يد أحد تلك العناصر، وذلك بعد أن استخدمت الميليشيا عناصرها النسائية المعروفة بـ”الزينبيات” في قمع تحرّك احتجاجي لطالبات الجامعة نفسها. ومارست النسوة المدربات على فنون القتال والمتأثرات ببرامج التعبئة الطائفية العنف الشديد ضد الطالبات باستخدام الهراوات والأسلحة البيضاء وصواعق الكهرباء.