حضرموت ومجابهة كورونا: رسالة عاجلة مقال ل: أ.د . رزق سعد الله الجابري

918

جائحة كورونا العابرة للحدود، تتحرك بسرعة البرق ولم يسلم منها أي مكان على وجه البسيطة، حتى تلك الدول التي تأتي في صدارة الاقتصاد العالمي ولديها نظام صحي متقدم فتكت بها، دق ناقوس الخطر في البلدان النامية والأقل نمواً، كما هو حال الجمهورية اليمنية التي لا تمتلك من الإدارة الناجحة، إلا الفساد المنظم، وإعلام زائف يبرر سلوك ناهبي الثروات، ومعطلي التنمية. الجمهورية اليمنية دولة تأتي في ذيل قائمة التنمية البشرية، ترتيبها 168 من قائمة 176 دولة. أما بالنسبة للنظام الصحي فيها فهو في غاية الهشاشة، فعدد أطبائها 6469 أما السكان لكل طبيب 3648 شخص، أما الأطباء الإخصائيون فلكل 1000 شخص 0,3 طبيب. وبالنسبة لوضع المستشفيات يبلغ عدد الأسرّة في عموم مستشفيات الجمهورية 16695 سريراً، وعدد السكان للسرير الواحد 1428 فرداً.

إذا انتقلنا إلى الوضع في حضرموت فلا يختلف عن وضع المركز، وما يمكن قوله أن حضرموت أمام وضع خطير ليس من باب التشاؤم ولكن هذا واقعنا وعلينا أن نعترف أننا أضعنا فرصاً للتنمية وأصبحت حضرموت أشبه ما تكون بريشة في مهب الريح. هناك من يقول أننا نملك إمكانات وخبرات تفوق بعض الدول، هذا ليس صحيح.  كل شيء في أدنى درجات سلم التنمية. وبالعودة إلى كتاب الإحصاء السنوي لعام 2011م، وهو الذي اعتمدت عليه في بيانات هذا المقال، يوجد في حضرموت ثلاث مستشفيات عامة إجمالي عدد الأسرة فيها 842 سرراً، إذا أضفنا إليها سرر المراكز الصحية يرتفع العدد إلى 2853 سريراً. أما الأطباء الإخصائيون فعددهم 154 طبيباً، وأطباء العموم 473 طبيباً، والعدد الإجمالي للأطباء 627 طبيباً. والمختبرات يوجد 28 مختبر، ولكنها مختبرات صغيرة وغير مؤهلة لمثل هذا الوباء. البيئة الصحية في حضرموت خصبة للأمراض، وهذا ما تظهره بيانات الترصد الوبائي في سجلها بأن 26643 شخص يعانون من أمراض، علماً أن هؤلاء من تم تسجيلهم، ومن لم يسجلوا ربما يكون مماثلاً أو قد يزيد قليلاً.

حضرموت أمام تحدٍّ كبير أما أن تخرج منه بسلام وأما أن تقع فريسة للوباء ويفتك بها، وتكون نسخة مطابقة لبعض الدول الأوربية، فإذا كانت ديموغرافية إيطاليا بؤرة الجائحة لارتفاع نسبة من تزيد أعمارهم عن 65 عاماً يشكلون نحو 25% من السكان لتدني مناعتهم. فإن ديموغرافية حضرموت تكاد تشابه إيطاليا ليس من حيث فئة كبار السن ولكن من حيث الفقر وسوء التغذية، فكلا السمتين تؤديان إلى نقص المناعة. إذا انتقلنا إلى الخدمات، فهناك عجز في إنتاج الطاقة الكهربائية الحكومية، وحتى الطاقة من القطاع الخاص لا تغطي حاجة الاستهلاك، وتمتد المشاكل الخدمية إلى المياه والصرف الصحي وصحة البيئة والتعامل مع القمامة.

 حضرموت واقعة في مشكلة، وضعت فيها بفعل فاعل، أدواته القائمون على تنميتها في المرحلة الماضية. الحقيقة المُرّة أن أجمالي المبالغ التي نهبت من عائدات نفط حضرموت باسم الأمن العسكري (237,355,484 دولاراً أمريكياً: المصدر الصناعات الاستخراجية في اليمن برلمانيون ضد الفساد) لو تمت السيطرة عليها وتوظيفها في التنمية ستكون لدينا أفضل المستشفيات، والمدارس، والجامعات، ومراكز البحوث، والمختبرات، والكهرباء، والبيئة النظيفة. وهي كفيلة بأن ترفع حضرموت إلى مناطق التنمية البشرية المرتفعة جداً.

لا نبكي على الماضي، فالندم لا يفيد، علينا أن ننظر إلى المستقبل بأمل وتحدٍّ ونرفع شعار لا كورونا في حضرموت لنجنبها هذه الجائحة. وهذا يتطلب إجراءات احترازية صارمة وسريعة الكل مسؤول. أول هذه الخطوات: إغلاق حضرموت وعدم الدخول والخروج منها أو إليها، فمن أراد أن يكسر هذا يجب محاسبته. ثانياً: الحجر الصحي المنزلي الجلوس في البيت مع فرض لحظر التجول والسماح بساعات محدودة لشراء ما يلزم من مواد غذائية. ثالثاً: اغلاق اسواق القات والاستراحات والفنادق وكل ما يؤدي الى تجمع اكثر من خمسة افراد . رابعاً: الاكتفاء برفع الاذان في المساجد والصلاة في البيوت . خامساً: خروج النخبة والأمن إلى الشارع أمر ضروري وإن تطلب فرض حكم عسكري. سادساً: تشكيل فرق طوارئ من الأطباء والمتطوعين من منظمات المجتمع المدني للقيام بتنظيف البيئة ورشها بالمطهرات والتوعية المجتمعية. سابعاً : توجيه نداء إلى رجال الأعمال الحضارم والشركات العاملة في حضرموت للإسهام في بناء مستشفى للحجر الصحي للمشتبه فيهم ومن كانت فحوصاتهم ايجابية لتقديم الرعاية الكاملة لهم. هل من استجابة سريعة قبل أن يقع الفأس في الراس. بقي رسائل مهمة:

الرسالة الأولى: إلى اللواء الركن فرج سالمين البحسني حفظه الله، بعد الله سبحانه وتعالى كل الأنظار تتجه إليك لا تخيب آمال مليون حضرمي على تراب حضرموت استخدم ما لديك من قوة لصد هذه الجائحة.

الرسالة الثانية: إلى التجار والشركات العاملة: حضرموت أعطتكم خيرها فهل تردون الجميل؟.

الرسالة الثالثة: إلى كل حضرمي ووافد ساكن في حضرموت الزموا بيوتكم فالعزل المنزلي هو السلاح الوحيد لصد الجائحة والخروج بأقل الخسائر.

حفظ الله حضرموت ومن فيها اللهم أرفع هذا الوباء عن كل البلدان آمين يارب العالمين

أ.د . رزق سعد الله بخيت الجابري

أستاذ جامعي باحث في قضايا السكان والتنمية

LEAVE A REPLY