إجراءات سعودية «رادعة» ضد الحوثيين، وبن سلمان يبحث مع الروس ازمة اليمن

881

المكلا ( المندب نيوز) الشرق الاوسط

حمّلت السعودية الحوثيين مسؤولية تأخير اتفاق وقف لإطلاق النار في اليمن، في الوقت الذي أكدت فيه الرياض وموسكو العمل والجهد المستمرين للتوصل إلى حلول وتسويات لأزمات وقضايا في عدد من الدول العربية، مثل سوريا واليمن وليبيا وفلسطين، وضمان استقرار أسواق الطاقة، في وقت تعير روسيا اهتماماً لتأمين الاستقرار بعيد المدى في منطقة الخليج، واستعدادها لتفعيل «حوار» لتأمين الأمن في هذه المنطقة.

جاءت التأكيدات بعد لقاء الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، في الرياض، أمس، وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي التقى لاحقاً مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان.

وشهد لقاء ولي العهد والوزير لافروف استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين، والتعاون المشترك وسبل دعمه وتطويره في مختلف المجالات. وتناول اللقاء بحث مستجدات الأوضاع الإقليمية والدولية وتنسيق الجهود المبذولة تجاهها بما يعزز الأمن والاستقرار فيها، بالإضافة إلى بحث عدد من المسائل ذات الاهتمام المشترك، ضمن جولة الوزير الروسي التي شملت دولاً خليجية، كما تأتي زيارة لافروف بعد شهر من اتصال هاتفي جرى بين الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، والرئيس الروسي.

كان مؤتمر صحافي قد جمع وزيرا خارجية البلدين، أمس (الأربعاء)، حيث قال وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، إن الجانبين عقدا اجتماعاً مثمراً بحثا خلاله جُملة من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها تعزيز التعاون والتنسيق والشراكة بين البلدين، وأبدى الوزيران الحرص على تحقيق مصالح البلدين المشتركة بما يعزز الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، مشيراً إلى أنه من أهم المجالات التعاون هذه، أن البلدين تحت مظلة «أوبك+» التي أسهمت في استقرار أسواق الطاقة خلال الفترة الماضية العصيبة في عام 2020، حيث أسهم التعاون في حماية الاقتصاد العالمي.

وتابع وزير الخارجية السعودي: «ناقشنا مستجدات القضايا الإقليمية والدولية، ونجدد التزامنا المشترك في مكافحة التطرف والإرهاب وحماية المدنيين والأعيان المدنية وفقاً للقانون الدولي والإنساني وقواعده العرفية».

مؤكداً أن المحاولات الفاشلة لاستهداف ميناء «رأس تنورة» ومرافق شركة «أرامكو» بالظهران، لا تستهدف أمن المملكة ومقدراتها الاقتصادية فقط، وإنما تستهدف عصب الاقتصاد العالمي وإمداداته البترولية وكذلك أمن الطاقة العالمية، مؤكداً أن بلاده ستتخذ الإجراءات اللازمة الرادعة لحماية مقدراتها ومكتسباتها الوطنية بما يحفظ أمن الطاقة العالمي ويوقف مثل هذه الاعتداءات الإرهابية لضمان استقرار إمدادات الطاقة وأمن الصادرات البترولية وضمان حركة الملاحة البحرية وحركة التجارة العالمية.

وجدد الأمير فيصل بن فرحان، دعم بلاده للوصول إلى حل سياسي للأزمة في اليمن، قائلاً إن تنفيذ اتفاق الرياض وتشكيل الحكومة اليمنية الجديدة يعد خطوة مهمة في فتح الطريق أمام حل سياسي متكامل للأزمة، مؤكداً الدعم السعودي لجهود المبعوث الأممي للوصول إلى وقف شامل لإطلاق النار والبدء بعملية سياسية شاملة.

وحول إيران، قال الأمير فيصل إن السعودية تؤيد الجهود الدولية الرامية لضمان عدم تطوير طهران لمنظومة الأسلحة النووية والصواريخ الباليستية، ولجعل منطقة الخليج خالية من جميع أسلحة الدمار الشامل واحترام استقلال وسيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، قائلاً إنهم يتطلعون لمتابعة الحوار والتشاور مع «الأصدقاء في روسيا» حيال الأمن في المنطقة، مضيفاً: «نثمّن تحالفنا الاستراتيجي مع روسيا الاتحادية الصديقة ونؤكد أن التنسيق والتشاور والتعاون قائم بأعلى مستوياته بين البلدين الصديقين».

من جهته، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إنه شدد ونظيره السعودي، على تطوير العلاقات بين البلدين في المجالات كافة، وهناك أهمية كبرى لتحقيق ما تم التوافق عليه على مستوى القمة، خصوصاً في إطار زيارة الرئيس الروسي في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2019، وغيرها من الاتصالات الثنائية، مضيفاً أن التبادل التجاري ارتفع في العام الماضي إلى 1.7 مليار دولار (6.3 مليار ريال).

وتابع لافروف: «أكدنا التعاون بين الصندوق الروسي للاستثمارات، وصندوق الاستثمارات العامة السعودي، حيث تم استثمار 2.5 مليار دولار، كما تتم مناقشة فرص أخرى في مجالات مختلفة»، مضيفاً أن لدى الجانبين اهتماماً مشتركاً حول جائحة «كوفيد – 19»، بما في ذلك إمكانية توطين إنتاج اللقاح الروسي في السعودية.

وأضاف الوزير لافروف أنه ونظيره السعودي، بحثا التطورات الإقليمية والدولية، حيث أوليا أهمية كبيرة لأفق تأمين الاستقرار بعيد المدى في منطقة الخليج عبر إطلاق الحوار المباشر بين دول المنطقة وإقامة آليات مشتركة للاستجابة للتهديدات والتحديات، مؤكداً أن الجانب الروسي مستعد لتفعيل هذا الحوار لتأمين الأمن الجمعي في هذه المنطقة ذات الأهمية الكبرى للعالم.

وتابع وزير الخارجية الروسي: «اتفقنا على ضرورة تفعيل الجهود الدولية تحت مظلة الأمم المتحدة بغية الإسراع في التسوية الليبية وتشكيل المؤسسات الحكومية العامة في ليبيا»، مضيفاً أنهم ناقشوا مع الأصدقاء السعوديين ضرورة تسوية الأزمة الفلسطينية الإسرائيلية، بناءً على مبادرة السلام العربية.

وفي الملف اليمني، أكد الأمير فيصل بن فرحان، أن بلاده والتحالف أوقفا العمليات في اليمن منذ ما يزيد على سنة، بمبادرة من التحالف، حيث توقف إطلاق النار من جانب واحد، وتقتصر العمليات القتالية الآن على العمليات الدفاعية، للدفاع عن الخطوط الأمامية والتصدي لمصادر التهديد من الصواريخ الباليستية والطائرات المفخخة من دون طيار، مؤكداً أن التأخير في جانب وقف إطلاق النار يقع بكامله على عاتق ميليشيا الحوثي التي تمتنع حتى الآن عن التوافق على وقف إطلاق النار.

في حين قال الوزير لافروف إنهم قلقون من تطورات الأوضاع في اليمن، مشدداً على أهمية الحوار والأخذ في الحسبان مصالح كل الأطراف السياسية في اليمن، مؤكداً دعم جهود المبعوث الأممي مارتن غريفيث، متحدثا عن إزالة الحوثيين من قائمة المنظمات الإرهابية الأميركية لكي تصبح جزءاً من العملية السياسية في اليمن.

وحول الهجوم على ميناء «رأس تنورة»، قال وزير الخارجية السعودي إنه كان هناك تنديد واسع وموقف قوي للمجتمع الدولي يوازي خطورة هذا الهجوم، مؤكداً أن مثل هذه الهجمات تتطلب وقفة من المجتمع الدولي في مواجهة المتسببين بها، ويجب أن تتضافر الجهود للوصول إلى حل لوقف إطلاق النار في اليمن، وأيضاً لوقف مصادر استمرار الصراع، وأهم مصدر لاستمرار هذا الصراع، هو استمرار تزويد إيران لميليشيا الحوثي بالأسلحة المتطورة بما فيها الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، وأضاف الوزير السعودي أن ذلك يؤكد ما سبق أن طُرح عن أهمية تمديد حظر السلاح على إيران.

فيما أكد الوزير الروسي من جانبه، موقفهم من مثل هذه التحركات، وشدد على أهمية التزام جميع الأطراف بمبادئ القانون الإنساني الدولي الذي يجب وفقاً لهذا القانون على كل الأطراف أن يمتنعوا عن استهداف البنية التحتية.

وعن الملف السوري، قال وزير الخارجية السعودي، إن بلاده «تؤكد أهمية استمرار دعم الجهود الرامية لحل الأزمة السورية، بما يكفل أمن الشعب السوري ويحميه من المنظمات الإرهابية والميليشيات الطائفية، والتي تعطل الوصول لحل حقيقي يخدم الشعب السوري»، في حين قال الوزير الروسي سيرغي لافروف إنه والوزير السعودي ناقشا الوضع في سوريا، وتابع: «ملتزمون بسيادة واستقلال ووحدة الأراضي السورية وحق السوريين في اختيار مصيرهم»

وأضاف الأمير فيصل بن فرحان أن التسوية السورية تتطلب أن يكون هناك حل سياسي «وهذا يرجع بالأساس إلى الأطراف في هذه القضية»، كما يتطلب أن يقوم النظام السوري والمعارضة بالتوافق على حل سياسي، متمنياً أن تظفر الجهود القائمة بحلول في هذا الاتجاه. كما أكد دعمهم لأي جهود تخدم هذا التوجه.

وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، قال الوزير السعودي، إن بلاده ومنذ بداية الأزمة «تدعو إلى إيجاد حل لهذه الأزمة»، وهناك حرص على التنسيق مع جميع الأطراف بما فيها روسيا، حول ما يتعلق بإيجاد سبيل لإيقاف النزيف الحاصل في بلد «شقيق»، مؤكداً أن بلاده تتفق مع روسيا، على إيجاد مسار سياسي يُضيف إلى تسوية واستقرار الوضع في سوريا، «لأنه لا يوجد حل للأزمة السورية إلا من خلال الحل السياسي».

وعن التعاون بين البلدين في أسواق الطاقة، أكد وزير الخارجية الروسي، أنهما شددا على الالتزام بمواصلة التعاون في أسواق النفط العالمية ولا يرون أحداثاً قد تضر اعتزام مواصلة هذا التعاون. وحول ما يخص تأثير تحركاتهما على الاستقرار بعيد المدى والارتفاع التدريجي لأسعار النفط العالمية والتأثير على قدرات المنتجين الآخرين، أكد أن ذلك هو اقتصاد السوق، وإذا ما استمر على هذا المنوال سيجدون فرصاً لتنسيق خطواتهم وعملهم لتحقيق توازن المصالح لأصحاب العرض والطلب، مؤكداً أنهم سيعملون لمنع الإضرار بالاقتصاد العالمي.

من جهته، قال وزير الخارجية السعودي إن المملكة وروسيا حريصتان على سعر عادل للبترول للمستهلكين والمنتجين، وهذا ما تقوم عليه آلية «أوبك+»، مضيفاً أن «هناك تنسيقاً جيداً في هذا الإطار، ومستمرون في عمل اللازم بما يكون فيه مصلحة الاقتصاد العالمي».

حضر لقاء ولي العهد والوزير سيرغي لافروف، الأمير عبد العزيز بن سلمان وزير الطاقة، والأمير عبد الله بن بندر وزير الحرس الوطني، والأمير خالد بن سلمان نائب وزير الدفاع، والأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية، والدكتور مساعد العيبان وزير الدولة عضو مجلس الوزراء.

ومن الجانب الروسي، مبعوث الرئيس للشرق الأوسط وشمال أفريقيا نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، والسفير لدى السعودية سيرغي كوزلوف.

 

LEAVE A REPLY