المكلا (المندب نيوز) حاوره :فاروق عبد السلام

 

أشاد اللواء ركن أحمد سعيد بن بريك، محافظ محافظة حضرموت، شرقي اليمن، بالدور المحوري للإمارات في تحرير المحافظة من عناصر تنظيم «القاعدة» العام الماضي، مشيراً إلى أنه لا يمكن الحديث عن انتصار قوات النخبة الحضرمية ودحر تنظيم «القاعدة» من مدينة المكلا، وساحل حضرموت، في ال24 من أبريل/نيسان 2016، بمنأى عن الدور الذي لعبته قوات دول التحالف العربي، وخاصة دولة الإمارات وأولاد زايد الخير والعطاء.

 

أضاف بن بريك في حوار خاص مع «الخليج»: «كان لدولة الإمارات دور فعلي في تحقيق النصر، حيث قامت بواجبها الذي أملته عليها روح الأخوة والشهامة والدم العربي، فكان أبناؤها معنا منذ اليوم الأول للإعداد والتحضير والتجهيز للمعركة، من خلال فتح المعسكرات وتدريب القوات، وتموين وتسليح النخبة الحضرمية، وساهموا في رسم الخطط والإعداد للمعركة».

واعتبر أن الدور الإماراتي إلى جانب قوة الإرادة التي تحلى بها أفراد قوات النخبة الحضرمية، كانا من عوامل الحسم في المعركة الخاطفة ضد الإرهابيين، لافتاً إلى أن الإماراتيين كانوا يدفعون قوات النخبة الحضرمية باتجاه تحقيق النصر.

 

الشكر لأبناء زايد

 

إزاء ما قدّمته الإمارات في المعارك ضد الإرهابيين والانقلابيين، قال المحافظ أحمد بن بريك: «شكراً لدولة إمارات الخير. شكراً لأولاد زايد، الذين اختلطت دماؤهم بدماء أبناء حضرموت على ساحات معارك الشرف، وردع وإفشال ذلك المخطط الإيراني المشبوه، الذي يريد فرض سيطرته على جزء من خريطة الوطن العربي، ليجد منها المنفذ باتجاه ضرب الأشقاء في الخليج والجزيرة العربية».

ولفت إلى أن دعم الإمارات لم يقف عند حدود الانتصار على تنظيم القاعدة، ولكنه تجاوز إلى أبعاد إنسانية، حيث قدّمت هيئة الهلال الأحمر يد العون والمساعدة لحضرموت، عبر تنفيذ مشاريع تنموية وخدمية، وإسهامات كبيرة في مجالات التعليم والصحة والمياه والكهرباء والطرقات، وغيرها، من مختلف مجالات الحياة في حضرموت، وتوفير كل المتطلّبات، ناهيك عن الدعم الكبير في الجانبين العسكري والأمني، وما ترتب عليه من استقرار أمني؛ أي أن دعم إخواننا في إمارات الخير لحضرموت في مجال مكافحة الإرهاب كان يسير بالتوازي مع تقديم كل سبل دعم النهضة التنموية والخدمية، التي تنعم بها حضرموت اليوم.

 

معركة الإرهاب

 

وأكد بن بريك في معرض حديثه مع «الخليج» أن «الانتصارات المحقّقة على القاعدة شكلت تجربة ومدرسة جديدة في أساليب محاربة التنظيمات الإرهابية، وهو ما ينبغي أن يستفيد منه كل من أراد دحر الإرهاب من وطنه»، واستطرد قائلاً: «حقيقة للتاريخ. لم نكن وحدنا في الميدان، كان لصقور الجو من التحالف العربي والتدريب والتأهيل والتسليح والدعم اللوجستي، بشكل عام، دور كبير ينبغي أن نسجّله لأشقائنا في التحالف العربي، وفي مقدمتهم السعودية، والإمارات، اللتان وقفتا موقف الأبطال والشجعان لنصرة الحق ودفاعاً عن أشقائهم».

ووصف الضربة التي تلقاها تنظيم «القاعدة» في حضرموت بأنها موجعة، وأخلّت بتوازنه وهزت أركانه، مشيراً إلى أن «التنظيم كان بعد هزيمته في المكلا يقوم ببعض العمليات الانتحارية الإرهابية اليائسة. وبالمقابل نفّذت قوات النخبة الحضرمية عمليات مداهمة لأوكار وبقايا الخلايا الإرهابية النائمة، ونجحت في هذه المهمة».

وأوضح بن بريك أن حضرموت ليست حاضنة للتنظيمات الإرهابية، وأن لدى السلطات من الخطط والقوة ما يمكّنها من مواجهتها، كما لديها خطة أمنية محكمة لمحاربة ليس الإرهاب فقط، ولكن كل الظواهر المخلّة بالنظام والقانون، والتي تسيء لحضرموت ومن بينها قضايا تهريب المخدرات، التي انخفضت حالياً بنسبة كبيرة عن ما كانت عليه في المراحل السابقة، مشيراً إلى أن قوات المخلوع صالح كانت تحرس وتؤمن دخول المخدرات إلى البلاد، ومن ثم إعادة تصديرها إلى دول الجوار.

 

النخبة الحضرمية

 

وبيّن المحافظ بن بريك أن قوات النخبة الحضرمية حملت على عاتقها تحرير المكلا، وساحل حضرموت وهزيمة تنظيم «القاعدة»، وأنها قوات تابعة للدولة، وأفرادها تلقوا أفضل وأنجح التدريبات، تحت إشراف قوات التحالف العربي، وبشكل رئيسي دولة الإمارات، وتم اختيار النخبة لتنفيذ مهمة تحرير المكلا، وحفظ أمن واستقرار حضرموت، وقوات النخبة على استعداد للمشاركة في الدفاع عن أمن وسلامة الوطن، حيث مثّلت السياج المنيع، والسهم والسيف البتار، في مواجهة الإرهاب، وهي مستمرة اليوم وستستمر وسيظل الدور معقوداً عليها في حفظ أمن حضرموت، وأنه على الرغم من حداثتها وحداثة منتسبيها؛ إلا أنها بحق نفذت مهامها وواجباتها العسكرية والأمنية بكفاءة واقتدار، وأشار إلى أنهم حالياً بصدد وضع الخطط لإعادة تأهيل وتنظيم قوات النخبة لمواجهة أي طارئ.

وتعهد بن بريك بالعمل على إنجاز مشروع «مدينة الشهداء» الذي تم مؤخراً وضع حجر أساس له في المخطط المعد له، الذي من خلاله أقروا تكريم أسر الشهداء عبر منح أسرة كل شهيد شقة سكنية، وشدّد على أنه لن يكون ذلك أثمن من أرواحهم الطاهرة، التي فدوا بها حضرموت، والوطن، موضحاً أن التكريم سيشمل شهداء النخبة الحضرمية، وأبناء حضرموت من شهداء الحراك الجنوبي، والهبة الحضرمية، وحرب صيف 1994، والعمليات والتفجيرات الإرهابية، والاغتيالات السياسية، داخل حضرموت، وشهداء تحرير ساحل حضرموت.

 

الأمن والخدمات

 

وبشأن مستوى الأوضاع الأمنية والخدمية في حضرموت، يقول المحافظ بن بريك: «ما يهمّنا في المقام الأول هو حل مشكلات الكهرباء والمياه، وتوفير المواد الغذائية والسلعية، والمشتقات النفطية. وكل ذلك تحقق على الأرض، ولذا؛ فما تحقق في حضرموت لا يمكن أن ينكره إلا جاحد أو أعمى بصيرة».

 

وأضاف قائلاً: «في مرحلة سيطرة تنظيم «القاعدة» الإرهابي على المكلا، وساحل حضرموت، تأثرت الأوضاع الاقتصادية بصورة عامة، وانعدمت بعض الموارد، وأغلقت مؤسسات الدولة، ونُهبت وسُرقت الثروات والأموال، واختفت العملة، وظل المواطنون دون مرتبات، والمتقاعدون دون معاشات، لفترات متفاوتة، ولكن بعد التحرير وعودة السلطة اختلف الوضع تماماً. نستطيع القول إن حضرموت أصبحت أفضل حالاً من باقي المحافظات الأخرى، سواء المحررة أو التي تحت سيطرة عصابات الحرب والدمار والانقلابيين التابعين لجماعة الحوثي والمخلوع علي عبد الله صالح».

 

واستعرض بن بريك أبرز إنجازات حضرموت بعد طرد «القاعدة» من المحافظة، وقال إنها شملت استتباب الأمن، ومواصلة مهاجمة وملاحقة أوكار وعناصر التنظيم المتطرف، الذين يأتون من خارج المحافظة، والقبض على عدد منهم، وكذا إحباط المخططات الإرهابية، وذلك بجهود جنود النخبة الحضرمية وقوات الأمن والأجهزة الاستخباراتية في المحافظة، ومساندة التحالف العربي، فضلاً عن إنجازات مختلفة في مجالات التربية والتعليم، من خلال إنشاء صندوق دعم التعليم وتوفير المعلمين وافتتاح مدارس جديدة، وإنشاء فصول دراسية إضافية، وتوفير الأثاث المدرسي لمدارس حضرموت، بدون استثناء، ومعالجة مشاكل الكهرباء في الساحل والوادي.

 

ولفت إلى سعي المحافظة لتوفير المزيد من الطاقة الكهربائية لتصل ساعات التشغيل إلى 24 ساعة دون انقطاعات، إضافة إلى تقديم قرابة 7 مليارات ريال، لقطاع الكهرباء، استعداداً لمواجهة الصيف القادم، مشيراً إلى تمكّن المحافظة بتعاون الهلال الإماراتي من حفر 7 آبار في حقل فلك، وكذا تقديم الكثير في قطاع الصحة، الذي شهد افتتاح عدد من المشاريع، كان آخرها مستشفى البرج الاستشاري، وذلك من شأنه الإسهام في تخفيف معاناة كثير من المرضى، بدلاً من السفر إلى الخارج، وتحمل التكاليف الباهظة.

وأشار إلى مساهمة السلطة المحلية في تطوير عدد من المستشفيات في كل من الشحر، وغيل باوزير، والمكلا، وتقديم الدعم والمساندة للصحة في وادي حضرموت، لشراء الأدوية، ودعم المعهد الصحي، والتوجيه بإنشاء بنك الدم في وادي حضرموت، فيما تضمّنت إنجازات مجال الطرق والجسور إعادة تأهيل وصيانة وترميم شوارع مدينة المكلا، ومدينة بروم، والاستمرار في شق وصيانة عدد من الطرق في المحافظة.

 

تحدّيات اقتصادية

 

وحول الوضع الاقتصادي الذي أفرزته الحرب القائمة في البلاد، يشير المحافظ بن بريك، إلى أنه لم يكن أحسن حالاً، حيث توقفت المشاريع الاقتصادية، وعزف المستثمرون عن إقامة المشاريع، وانعدمت الحركة السياحية، إضافة إلى ضعف توفير الاحتياجات الضرورية لتطوير الزراعة والصيد السمكي.

واعتبر أن هناك تحديات عدة مرتبطة بالاقتصاد، من أبرزها إعادة ما دمّرته الحرب، حيث ستظل آثارها باقية لسنوات، حتى وإن وضعت أوزارها، وقال: «إعادة ثقة الإنسان الحضرمي في السلطة، ونعني السلطة المركزية (الحكومة) التي لم تفِ بالتزاماتها تجاه أبناء حضرموت ضرورية، علماً أن حضرموت تمثّل الرئة التي يتنفس منها كل الوطن، ونحن عندما نقول ذلك فإننا لا نمنّ على أحد من أبناء وطننا الحبيب، لكننا نطلب استحقاقاً تفرضه كل الشرائع والقوانين، لأبناء محافظتنا المنهوبة ثروتها طوال ال25 عاماً الماضية».

 

نهضة حضرموت

 

وبشأن نهضة حضرموت، أكد اللواء ركن أحمد بن بريك، أنه لا يمكن الحديث عن نهضة وتطور حضرموت في ظل عدم توفر الإمكانيات، كما أكد أن النهضة التي شهدتها حضرموت خلال 2016 – 2017 لم تعبر عن طموحات المحافظة، مقارنة مع ما تمتلكه من ثروة، حيث ينبغي أن تكون طموحاتها بحجم احتياجات مساحتها وثروتها وأدوارها. ودعا الرئيس عبد ربه منصور هادي، والحكومة إلى تمويل حصة حضرموت من ثرواتها لتتجه نحو إنجاز المشاريع، وحل مشكلة البطالة، التي يعانيها أبناء المحافظة أصحاب الحق في الثروة، وجدّد تأكيده بأن صوتهم سيظل مرتفعاً حتى تتحقق مطالبهم.

 

قرارات تصحيحية

 

وتطرق ابن بريك إلى القرارات التي اتخذتها قيادة حضرموت، بتأكيده أنهم يعملون في الضوء وليس لديهم ما يخفونه، وأن القرارات المتخذة لم تخرج عن إطار القانون والمصلحة العليا لحضرموت وأبنائها، وجميعها حرصت على تقييم وتصحيح وضع كان قائماً والسير به قدماً نحو المستقبل. وأوضح أن «أول القرارات كانت باتجاه تصحيح الوضع الإداري؛ أي أوضاع مؤسسات ومرافق ومكاتب الوزارات الحكومية. لقد درسنا الوضع القائم واتخذنا القرار المدروس النابع من مصلحة حضرموت، فنحن لا نريد لأبنائنا خريجي الجامعات أن يتجولوا في الشوارع دون عمل، ويكونوا عرضة للاستقطابات».

 

النفط والمنافذ البحرية والجوية

 

وشدد بن بريك على أن قيادة المحافظة عاقدة العزم على الارتقاء بالنشاط الاقتصادي والتطويري في حضرموت، عبر تنفيذ العديد من المشاريع التنموية، وبالذات الاستراتيجية منها، مشيراً إلى أنها على وشك توقيع اتفاقية بشأن توسعة وإعادة تأهيل ميناء المكلا، بكلفة إجمالية تقدّر بنحو 150 مليون دولار، ووضع الدراسات الخاصة بإنشاء ميناء بروم، وإدخال مشاريع كهربائية لتغطية كل مناطق حضرموت الساحل، والوادي، والصحراء، إضافة إلى مشروع لإنشاء مصفاة حضرموت وتوسعة خزانات المواد النفطية.

وعلى صعيد نشاط الشركات النفطية العاملة في مجال استخراج وتصدير النفط، قال محافظ حضرموت بن بريك: «كما تعلمون بأن جميع حقول النفط توقّف نشاطها تماماً عند دخول «القاعدة» إلى المكلا، والساحل؛ بل وتم السطو على كثير من ممتلكات الشركات النفطية، وتعطيل وتخريب ونهب الكثير من أجهزة ووسائل الإنتاج النفطية، وبعد التحرير عملنا بكل جهودنا على إعادة تشغيل آبار إنتاج النفط، وهو ما كلف الدولة كثيراً من الأموال، وحالياً بدأ التشغيل، لكن ليس بتلك الطاقة التي كانت ما قبل احتلال القاعدة. كما نسعى في الوقت الراهن إلى عودة عمل الحقول النفطية بكامل طاقتها الإنتاجية، خاصة إذا ما وفت الحكومة بالتزاماتها».

وحول أسباب إغلاق مطار الريان في المكلا، أشار بن بريك إلى أن الأسباب تعود إلى دواعي أمنية فقط، وأضاف: «نعمل حالياً بالتنسيق مع الإخوة الإماراتيين على اتخاذ الإجراءات الكفيلة بفتح المطار، واستئناف الرحلات الجوية منه إلى العالم الخارجي، وسيتم ذلك قريباً. أما أنشطة المنافذ الأخرى كمنفذ الوديعة البري، فإن نشاطه مستمر على الرغم من كل الصعوبات والعوائق».

وبالنسبة للمنافذ البحرية قال المحافظ: «إلى جانب سعينا لتوسعة وإعادة تأهيل ميناء المكلا، فإننا دشّنا ثلاثة خطوط ملاحية جديدة، بدأت باستخدام ميناء المكلا، خلال ثلاثة الأشهر الفائتة، ونحن واثقون من أن تطورات ستطرأ في المستقبل القريب على ميناء المكلا ستساهم في تحويله إلى ميناء منافس للموانئ اليمنية؛ بل والعربية بالنظر لموقعه الاستراتيجي على البحر العربي».

LEAVE A REPLY