تقرير خاص:”خور المكلا” معلم سياحي إلى اين؟!!

1588

 

المكلا (المندب نيوز) خاص

 

 عندما بدأت أسنان الجرافات الحديدية وأذرعتها الفولاذية تضرب في أعماق أرض “العيقة” لحفر قناة الخور، تطايرت التساؤلات يمنه ويسره، بدأ البعض يرسم في ذهنه صورة خيالية للمشروع السياحي القادم، وهناك من شكك في إمكانية ظهوره بمظهر جذاب ولافت، يضيف للمدينة مسحة جمالية سحرية، تخطف الألباب قبل الأبصار وتشغل العقول والأفئدة، انجز المشروع في وقت قياسي، وتحول الحلم إلى حقيقة، لكن الرهان بدأ يتشكل حول إمكانية حفاظ الخور على رونقة المميزة وخدماته وسلامة بنيته التحتية، مع مرور الوقت بدأ كل شيء جميل في الخور يتأكل، دارت عجلة السنين، وًأصبح المشروع الذي صرفت عليه الدولة مليارات الدولارات عبارة عن قناة لتصريف المجاري للبحر، تحول الحوض الذي كان عامرا بالأسماك والكائنات البحرية الحية التي تتراقص في المياه الزرقاء الصافية، إلى مستنقع اسن تنبعث منه الروائح الكريهة، وتنطلق من بؤرة العفنة أسراب البعوض لشن غارات عشوائية على بيوتات المكلا وساكنيها.

أثناء تجول عدسة “المندب نيوز” في مدينة المكلا عاشقة البحر وحاضنة الجبل، وضعنا أيدينا على القلب المثخن بالإهمال، وجدناه مازال ينبض بالحياة فعلاً، ولكن ليس بالإيقاع الذي عهدناه أو خبرناه ماضياً، وعندما وطأت أقدام عصابات الإرهاب عاصمة حضرموت، تعرض الخور لحملة تخريب ممنهج، وتدمير ما تبقى من معالمه، وتحويله من صرخ سياحي، إلى “مكب للقمامة”، والتخطيط لربما بالعودة به إلى سابق عهده قبل العام 2000 ميلادية.

img_0402خلال جولتنا الاستطلاعية الصباحية على ضفتي الخور، التقطت مسامعنا قبل أعيينا صوت خرير المجاري وهي تتدفق في خياض الخور، وثقت كاميراتنا مشهد تلويث الخور مع سبق الإصرار الترصد، امتدنا أناملنا بلا أحساس أو شعور لتتلمس قشر الصدأ المنتشرة على كل قطعة حديد تحيط بالخور أو تشغل سياجه المهترئ، وقفنا لدقائق مصدومين أمام بقايا متاكي “المراكي” ومخلفات القات، أدركنا حينها إن الخور أصبح مكب للقمامة، وحوض للمجاري، وزريبة  مفتوحة لمتعاطي القات، وما خفي كان أعظم!

 

 

كان حريا بنا خلال جولتنا الصحافية، إجراء لقاءات مع مواطنين مروا من هنا، حتى لا نتهم بأننا تحاملنا على المنجز السياحي، واجبنا أن نتركهم يعبروا عن استيائهم لما آل إليه وضع الخور، علهم يحددوا مكامن الخلل ويقترحوا الحلول لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

 

نشر شرطة مدنية

 

“سعيد العمودي” تحدث لـ”المندب نيوز” قائلاً: أعتقد أنه بالإمكان النهوض بهذا المعلم من خلال نشر شرطة مدنية أو عبر التعاقد مع شركات حراسة محلية مثل ما كان في السابق وفرض غرامات على المخالفين، أو من تتطاول أيديهم على العبث بمنشأته.

 

ضبط المخالفين

 

أم رشيد قالت: لابد أن نحافظ هذا المعلم، فهو واجه للمدينة وكل من يرتاده، كما أتمنى أن تحظى الأسر التي تتنزه فيه بأريحية من خلال نشر حراسات على جانبي الخور، تضبط المخالفين وتردعهم، ولدي مقترح أقدمه من خلال منبركم “المندب نيوز” إلى الجهات المعنية في المحافظة بأن تفرض على الفنادق والمؤسسات التجارية بالذات المتواجدة على جانبي الخور دفع مبالغ معقولة من أجل الحفاظ على الخور كمنتزه.

 

img_0410 

“قمامة تسبح في الخور”

حسين المحمدي، لابد من وضع حل لإعادة الخور لسابقه عهد، أولاً من خلال نشر صناديق القمامة على جانبي الخور، فلا يمكن أن يكون متنزهاً راقياً ومعلما سياحيا للمحافظة، وعلى جانبيه تسبح القمامة، عوضا عن الأزهار والورود.

 

لا وجود للهواء النقي

 

 على جانبي تلاحظ الفضلات وتشم الروائح الكريهة المنبعثة من هذه الصناديق المكومة فيها القمامة، فأغلب البراميل عفى عليها الزمن أو مهملة، وعند أخذ هذه القمامة بواسطة “الشيول” يدمر الرصيف الجانبي لتزداد المعاناة أكثر فأكثر.

 

المواطن عوض علي عبّر عن هذه الوضعية قائلاً: كنّا نأتي إلى الخور للراحة  حيث الهواء النقي ولكن في ظل هذه الروائح، أصبح من الصعب علينا حتى الوقوف دقيقة في ممراته أو جزره، وليس المكوث للراحة.

 img_0411img_0414img_0416

هياكل كراسي

 

 

img_0268الكراسي متناثرة على جانبي الخور، لكنك لا تستطيع الجلوس عليها، بسبب ماحل بها من خراب متعمد من بعض الأيادي حسب وصف محسن سعيد الذي قال: لازال هناك أناسٌ لا يقدرون قيمة هذا المكان، ولا يقدرون رمزيته بالنسبة للأسر التي تعتبره متنفس لها، بحكم بعد المنتزهات عن وسط المدينة، وأضاف: هذا المكان جمع بين الزراعة والبحر مما يشعرك بارتياح، هذا طبعاً كان في الماضي أم اليوم فحدث بلاحرج، وأنا أطالب الجهات المسؤولة بأن تضع حداً للاستهتار بالخور، الذي أدى إلى العبث بممتلكاته وتدمير بنيته التحيتة.

 

آثار شابلا

 

 

كيف يحلو لي أن أجلس في منتزه بهذا الشكل، بالله عليكم، انقلوا صوتي للجهات المعنية، هكذا بدأ حديثه معنا المواطن سعيد خالد  قائلاً:  منتزه في وسط المدينة يصل به الإهمال إلى هذه الدرجة، شيء يحزُّ في النفس، فأنا اعتبره إهمال متعمد ومقصود، لماذا المسؤولين لا يرون هذا الخراب؟! أم يغضون أطراف أعينهم عنه ؟! ما الذي حلّ بالمكان سوى من آثار تشابلا وما قبله وما بعده، مع ذلك صراحة أنا عن نفسي اعتبره المتنزّه الأول للأسر الحضرمية والزائرة للمكلا  في المواسم والمناسبات العامة المتعارف عليها.

 

 

img_0335      img_0334            img_0338

“التمديدات الكهربائية… خطر قائم”

 

 

عن خطر التمديدات الكهربائية، قال أحمد علي، يتميز الخور عن غيره من المتنزهات، إنه في متناول الجميع من الأسر التي لا تملك أجرة المواصلات للتنقل بأطفالها في فترة الأعياد للأماكن البعيدة  خارج المدينة، ولكن الذي يخوّف الزائر للخور ظهور الأسلاك الكهربائية في بعض الأماكن، فكما تعلمون أن المكان في وقت المناسبات يعجّ بالأطفال الذين لا يميزون بين المظهر الجمالي والمكان المحظور لمسه والاقتراب منه، خرج مع أسرته ليفرح ويعبّر عن غريزيته بطريقته المعتادة وببراءة عفوية، فتلتقطه تلك الأسلاك وتنهي حياته، وتحول حالة السعادة بالنزهة إلى لعنات تطارد كل متسبب في هذا الحادث الأليم، حتى المحولات الكهربائية الموجودة كما ترون أن الحماية التي تكسوها تالفة ومفتوحة الأبواب أمام الجميع، لاشك أن الاهتمام بهذا المكان سيعود بالنفع على الجميع.

 

      img_0302  img_0356  img_0397

“حفر أرضية وتهدّم الجدران”

 

يؤكد وليد سالم، إن الأماكن أو الحفريات الموجودة على ضفتي الخور، والجدران المكسرة بأيدي العابثين أو بفعل تمرير التمديدات الكهربائية المستحدثة، كثيرة ولا تعد ولا تحصى، ويرى أنها تضاعف في ظل عدم الاهتمام بالصيانة من الجهة المشرفة المسؤولة على عملية الحفر أو التحديث، ويتساءل، هل أنتم راضون بهذا في موقع يعتبر واجهة سياحية وسط المدينة ويعبّر عن جمالية المكان وروعة سكان المدينة؟!

 

شجرة خارجية تغزو مواقعنا السياحية:

 

 

  في فترة سابقة كانت تدور شرطة مدنية “حراسات” لا تسمح لمتعاطي القات وأصحاب الشيشة بالتواجد في هذا المنتزه يؤكد محمد برك أن هذا القرار لاقى استحسان الأسر التي تزور المكان، وتقضي أوقات فراغها فيه، ولكن في الفترات الأخيرة عادت” المتاكي” والشيشة للانتشار في الخور، بل إن بعض الأماكن الخدمية على جنبات المنتزه توفر هذه الاحتياجات لمرتاديها مما يعكّر صفو البقية.

 

في الختام، تلك كانت مشاهدات حية من الخور نقلناها على لسان مرتاديه للسلطات المعنية، ونذكرهم بأنه لو كان للخور لسان لصرخ في مسامعهم بأعلى صوت: أني اختنق بالمجاري وأغرق بالقمامة وأكتسي بالصداء.

 

LEAVE A REPLY