تقرير تحليلي:القضاء في عدن بعد الوحدة اليمنية ..؟!

708

 

 عدن(المندب نيوز)خاص: المحامية نبيهة صالح

 

 

إن من أهم الأمور التي يقدمها القضاء للمجتمع هي:

العدل  والمساواة  في الحقوق , وحفظها , والأنصاف . ولا يقوم   استقرار الدول  إلا على وجود قضاء عادل ونزيه , وسلطة تشريعية  فاعلة  , وسلطة تنفيذية حازمة  , ونظام تعليمي فاعل .. والقضاء يشكل   ركن   أساسي من أركان الدولة الناجحة , والحفاظ على إرساء قواعد سلطة قضائية مستقلة , نزيهة تستمد قوتها من قانون السلطة القضائية , يضمن الحفاظ  على العلاقات بين الأفراد في المجتمع .

 

القضاء في عدن قبل الوحدة مع اليمن :

شهدت دولة الجنوب تأسيس نظاماً قضائياً متكاملاً , له هيبته وقوته ، مع محكمة عليا؛ وكان الحرص على المال العام يأتي ضمن  أولويات السلطة الحاكمة ،وكانت الأحكام القضائية تتميز بالشدة , فيما يخص اختلاس المال العام  ، حيث قرنت الأحكام القضائية بين تخريب الاقتصاد والاختلاس (السرقة )، وذلك طبقاً للتفسير الصادر عن مجلس الشعب الأعلى ، باعتبار اختلاس المال عملاً من أعمال التخريب يحكم على مرتكبيه  بالإعدام  ومصادرة  أمواله ..

وستمد القضاء قوته واستقلاله من القوانين الخاصة  به التي ينظمها المجلس التشريعي (البرلمان العدني )، حيث شهد القضاء في عدن تطور سبق كل دول الخليج حيث كانت أول امرأة  تصل السلطة القضائية على مستوى شبة الجزيرة هيا القاضي العدنية حميدة زكريا , كما كان يتميز القضاء العدني بأغنى  إرشيف  وثائقي في العالم العربي , يعود إنشاؤه إلى  العام 1872 م,  تم توثيق أول عقود زواج ورهن عقار في القضاء العدني  على مستوى شبة الجزيرة العربية , كما كان أول قضاء استحدث نظام التسجيل الآلي من خلال استخدام الآلات الكتابية في إبرام كافة التصرفات القانونية .

 

 

القوانين التي نظمت السلطة القضائية في عدن منذ أنشاء أول محكمة عليا ( 1872م إلى  1994م) :

  • طبقت محاكم عدن قواعد القانون العرفي الإنجليزي وقانون الأنصاف (قواعد القانون الطبيعي ) , والسوابق القضائية  المتعارف عليها في النظام الأجلو سكسوني (نظام  القانون الانجليزي ) , بالإضافة إلى اعتماد بعض اللوائح والقوانين التي يصدرها المجلس التشريعي العدني .

2 –   القوانين التي نظمت القضاء العدني بعد الاستقلال عن بريطانيا ،  نص المادة (82), من الدستور الصادر في 1978م ؛ على أن  ينتخب مجلس الشعب الأعلى في أول دورة له المحكمة العليا . وهي أعلى جهاز قضائي , وتمارس الرقابة على جميع المحاكم , ويحدد القانون مهام صلاحيات ونظام عمل المحكمة العليا .كما نصت المادة (83) , من نفس الدستور ,على أن يعين  مجلس الشعب الأعلى المدعي العام , ويمارس المدعي العام الرقابة العليا على تنفيذ القوانين من قبل الوزارات والدوائر المركزية الأخرى والمؤسسات والهيئات والمنشئات والمكاتب التنفيذية لمجالس الشعب المحلية والمنظمات الاجتماعية والتعاونية وكافة المسؤولين الإداريين والمواطنين ..

ونص المادة (122), على أن ينتخب قضاة المحكمة العليا للجمهورية وقضاة محاكم المحافظات والمحاكم الجزئية من قبل مجالس الشعب المعينة وفقاً للدستور والقوانين .ويعين قضاة المحاكم العسكرية من قبل هيئة رئاسة مجلس الشعب الأعلي .

ويجوز سحب الثقة من القضاة من قبل المجالس التي انتخبتهم إذا تبين أنهم قد اخلوا بالثقة التي أوليت لهم .كما نصت المادة (121), يهدف نشاط المحاكم إلى تربية المواطنين  بروح احترام الدستور والقانون , ولا يسمح بتشكيل بمحاكم استثنائية ..والمادة (131),  تنص على أن المدعي العام مسؤول وعرضه للمحاسبة عن أعماله أمام مجلس الشعب ..

 

القضاء في عدن بعد الوحدة مع اليمن :

22بعد غزو صيف 1994م ، أقدمت جماعة الإصلاح على السيطرة على  سجلات عدن المدنية والعقارية من أجل تزوير  ملكية الأراضي التي تم السطو عليها ونهبها بعد احتلالهم  لعدن ، وتمكنوا للأسف من تزوير العديد من الملكيات العامة والخاصة وكان أشهر هذة الأراضي التي تم تزوير ملكيتها هي أراضي خور مكسر و منطقة  كالتكس التي كانت ملك الدولة الجنوبية ، وكان ذلك عن طريق شركة المنقذ للاستثمار العقاري المشهورة والمعروفه وهيا شركة وهمية يملكها مجموعة المتنفذين ويرأسها الزنداني ، يتم استخراج صكوك وهمية مزورة عن طريقها لأعطاء الصفة القانونية على الأراضي  التي تم نهبها  ، وغيرها  المصانع الاقتصادية التي كانت ملك الدولة تم تحويل ملكيتها لهم . و الكثير من الانتهاكات  التي طالت كل القضاه النزيهين في اقصائهم من السلك القضائي العدني واستبدالهم  بجماعتهم من أجل تسهيل تمرير التزوير ،  وعلى الرغم من كفاح بعض الشرفاء من قضاة الجنوب في الدفاع والحفاظ على أرشيف قضاء عدن إلا أنه تم نهب الكثير إلى صنعاء . ولم تتوقف الانتهاكات في تزوير وسرقت سجلات القضاء وإقصاء الشرفاء بل حدثت جرائم في حرم المحكمة ولم يحصل ذلك في أي قضاء أن يتم الاعتداء على القاضي لكونه استخدم سلطته في ضبط القاعة ، من قبل أفراد الأمن المركزي التابعين لسلطات الاحتلال . وبعد الحرب الاخيرة تم القضاء على مباني المحاكم وسرقة العديد من  الوثائق والسجلات.

 

 الأدلة :

333تزوير أراضي كاتكس التي  تم صنعها  إبان  حكم الانجليز من العدم بردمها من البحر للاستفادة المستقبلية منها لصالح مدينة عدن وابنائها للبناء واقامة المنشات عليها . فجاء من يستفيد منها بالنفوذ والنصب والتزوير لملكيتها (شركة المنقذ للاستثمار العقاري ),  ولها  عدة مسميات أخرى مثل  شركة الهمداني , وشركة المدينة الخضراء وغيرها .

أراضي خور مكسر التي تحولت بعد الحرب ملك للمتنفذين يقومون بالاستثمار فيها عن طريق البيع  والتأجير على أصحاب الأرض !!؟

مصانع الدولة التي كانت ملك لعدن تحولت فجأة ملك المتنفذين عن طريق ضمها  بالخصخصة  بطريقة غير قانونية !! أقتطاع أراضي واسعة وتم احتسابها للمستثمرين المتنفذين في المنطقة الحرة بدون وثائق قانونية , وتم إلغاء العديد من العقود الخاصة بالمنطقة الحرة من أجل تسهيل مهمت المتنفذين .  وتم إصدار أحكام مزورة بملكية بعض أراضي الدولة للمتنفذين مثل مشروع المدينة الخضراء !! كما تم استخراج تصريحات تسمح للبناء  وهي في الحقيقة صكوك مزورة تم التحايل على القضاء كل ذلك عن طريق سماسرة المتنفذين الذين يبيعون صكوك وملكيات غير قانونية .  وكل هذة الأدلة جزء من كم هائل من التزوير الصارخ لأملاك عدن وكل أبناء الجنوب  يعرفون  ذلك خاصة أبناء عدن ..

 

خلاصة :

444إن النظام القضائي الفاعل هو النظام الذي يتمشى مع مجريات العصر من تطور وتفاعل ؛ وهوا النظام الذي لا تأخذة في الحق لومة لائم ، فلا تهاون ولا مغالاة. وهو النظام  الذي تجري به الفعاليات القضائية بالسرعة بدون تباطؤ ولا تمادي . 

قال رئيس وزراء بريطانيا : (حين علمت بأن قضاء الدولة البريطانية بخير ، أدركت أن بريطانيا باتت بالف خير ) ،  وهوا يقصد ماتعنية أهمية وجود سلطة قضائية عادلة محايدة نزيهه في كل دولة ناجحة .

 

 

 

 *ملحوظة  للمصداقية  ورداً على من يقول نتباكى على أطلال الاستعمار البريطاني :   

 

إن القضاء لم يكن كمالي ولن يكون حتى بعد استقلال الجنوب قريباً بإذن لله ؛ أولاً لأن الكمال لله تعالى ، ثانياً إن أول  دول العالم  تشرع وتسن قوانين  و أكثر الدول تقدماً واحتراماً للقضاء وتطبيق القوانين كفرنسا ومصر والأردن والعراق لم تصل إلى درجة الكمالية ؛ لكن لا يعني ذلك أن   نخرص ولا نتحدث عن الانتهاكات الصارخة التي تعرضت لها عدن الحرة  بعد الوحدة مع اليمن في شتى المجالات ومن ضمنها الانتهاكات التي طالت السلطة القضائية , كما أنه من حق أي فرد أن يطلب الأفضل أو على الأقل البقاء والحفاظ على ما كان لديه إذا لم نستطع  تطويره إلى الأفضل وليس تدميره  إلى  الأسوى خاصة وأن سلطة  احتلال عدن الحرة  أدعت أنها أخرجت عدن من الظلمات إلى نور الهدى !! إذاً ما الذي حل بالسلطة القضائية بعدن الحرة بعد الوحدة مع اليمن السعيد ؟! كما أن الفرق الذي حصل  لا يمكن لأي قانوني أن ينكر حقيقة  التدمير الممنهج الذي حل بالسلطة القضائية في عدن بعد الوحدة مع اليمن !

 

 

 

LEAVE A REPLY