المكلا(المندب نيوز)العرب تُرفق تركيا مساعدات تقدّمها لشرائح من اليمنيين بكميات محدودة وقليلة الأثر في الوضع الإنساني الصعب في اليمن بقدر كبير من الدعاية والضجيج الإعلامي والسياسي، ما يجعل عدّة جهات يمنية تشكّك في دوافع أنقرة من وراء نشاطها “الإنساني والخيري” في البلد الممزق بالحرب، معتبرة أن ذلك النشاط جزء من عملية اختراق للمجتمع اليمني منسّقة مع جماعة الإخوان المسلمين التي يقيم عدد كبير من قادة فرعها اليمني على الأراضي التركية. ويلفت الانتباه تكثّف تلك الدعاية التركية بشكل استثنائي خلال المناسبات ذات المكانة في وجدان المجتمع اليمني المحافظ مثل الأعياد الدينية، حيث تبرز من جهة حالة الحرمان التي يعانيها عدد كبير من اليمنيين بسبب حالة الحرب وعدم الاستقرار التي يشهدها بلدهم منذ سنوات طويلة، وتتاح من جهة مقابلة فرصة إبراز الوجه “الإنساني” للحكومة التركية ومدى “التزامها” بمبادئ الدين وأخلاقياته. ولم تفوّت أنقرة فرصة عيد الأضحى الذي عاد هذا العام واليمنيون يواجهون ظروفا اقتصادية واجتماعية بالغة السوء أبرزت أكثر من أي وقت مضى حاجتهم للمساعدة، حيث قامت هيئة الإغاثة الإنسانية التركية بتمويل حملة لتوزيع لحوم الأضاحي على الفقراء في عدد من المحافظات اليمنية. ونقلت وكالة الأناضول التركية عن يحيى الدباء رئيس منظمة الوصول الإنساني اليمنية التي نظمت الحملة قوله إنّ عملية توزيع لحوم الأضاحي تشمل محافظات عمران وإب والبيضاء ورداع ولحج وريمة وذمار والحديدة إضافة إلى العاصمة صنعاء. كما تقدم الدباء بـ”الشكر والتقدير لهيئة الإغاثة الإنسانية التركية على دعمها المستمر لمختلف المشاريع والخدمات للأسر الفقيرة والنازحة والمتضررة في اليمن”. وجاء ذلك بينما يرصد متابعون للشأن اليمني ارتفاعا ملحوظا بمستوى تدخل تركيا في اليمن بالتنسيق المباشر مع عناصر جماعة الإخوان المسلمين وقياداتها المتواجدين في إسطنبول وباستخدام الأذرع الأمنية والاستخبارية التركية العاملة تحت لافتة مؤسسات العمل الإنساني مثل هيئة الإغاثة الإنسانية التركية. وتقول مصادر سياسية يمنية إنّ النظام التركي ما زال يتلمس طريقه نحو الملف اليمني ويعزز تواجده السياسي والإعلامي والاستخباري في الساحة اليمنية انتظارا للتحولات التي قد يشهدها اليمن مع تلويح قيادات إخوانية مرتبطة بأنقرة بفتح باب التدخل التركي على مصراعيه نكاية بخصوم الجماعة ومعارضي تمدّدها في البلد والسيطرة على مناطقه ومقدّراته. لكن البعض ينبّه إلى أن الحضور التركي في اليمن قطع خطوات أكثر عملية من خلال التواصل مع حزب الإصلاح هناك ومساعدته على حسم معركة النفوذ التي يخوضها في جنوب اليمن ضدّ المجلس الانتقالي الجنوبي حيث تحوّلت محافظة شبوة إلى أحد أبرز معاقل الإخوان السياسية والاقتصادية وتحوّل ساحلها إلى منفذ بحري يسيطر عليه الإخوان وأنشأوا فيه ميناء صغيرا ليشكّل بوابة للتواصل مع تركيا التي تتواجد قواعدها العسكرية في سواحل الصومال غير بعيد عن موقع الميناء الجديد، ولتلقي مساعداتها المتنوّعة. كذلك يحذّر خبراء أمنيون يمنيون من خطورة التحرّكات التركية في محافظة تعز بجوار مضيق باب المندب الاستراتيجي حيث أسس الإخوان معسكرات لتجميع وتدريب مقاتليهم مستفيدين من التمويل القطري والخبرات العسكرية التركية. وما يكشف طبيعة المطامع التركية في اليمن عودة الحديث في وسائل الإعلام التركية عن الدور التاريخي لتركيا في البحر الأحمر واليمن على وجه التحديد، في إشارة إلى رغبة تركيا في إعادة بسط نفوذها القديم في اليمن لتحقيق مكاسب استراتيجية على طريقة الأجندة التركية في سوريا وليبيا التي استفادت من الأجندات المحلية لجماعة الإخوان. ويتواجد في تركيا عدد كبير من المسؤولين السياسيين والإعلاميين اليمنيين من بينهم وكلاء وزارات ومستشارون وقادة أحزاب استفادوا من التسهيلات التي تقدمها لهم الحكومة التركية. وتشير مصادر سياسية يمنية إلى لعب هؤلاء المسؤولين دورا في تعزيز النفوذ التركي في اليمن من خلال الصفات الرسمية التي تمنحهم مساحة كافية للاقتراب من دوائر صنع القرار في الحكومة اليمنية والتأثير عليها لصالح الأجندة التركية في الكثير من الأحيان. وتعد مدينة إسطنبول التركية الوجهة المفضلة للكثير من القيادات السياسية والإعلامية اليمنية التي تسعى للكشف عن مواقفها المناهضة للتحالف العربي بقيادة السعودية.