المكلا (المندب نيوز) العرب بالتزامن مع اقتراب الهدنة اليمنية من نهاية مدة الشهرين التي أعلنتها الأمم المتحدة يواصل المجتمع الدولي والأمم المتحدة الدفع باتجاه الحيلولة دون انهيار هذه الهدنة التي تقضي بوقف إطلاق النار بين الحكومة اليمنية والميليشيات الحوثية والتي دخلت حيز التنفيذ مطلع أبريل الماضي لمدة شهرين قابلة للتمديد، في الوقت الذي تشير فيه التقارير إلى تصاعد حالات خرق الهدنة واستمرار الطرفين في حشد قواتهما والاستعداد لجولة قادمة مفترضة من الحرب. ويتراجع مستوى الطموحات لدى الخبراء السياسيين في إمكانية تحول الهدنة الأممية إلى وقف دائم لإطلاق النار وبداية لإحياء مسار التفاوض بين الفرقاء اليمنيين، بالنظر إلى غياب الثقة بين الحكومة المعترف بها دوليا والميليشيات المدعومة من إيران التي تسعى لاقتناص المزيد من المكاسب السياسية والاقتصادية دون الالتزام بأيّ بند من بنود المبادرة الأممية التي تضمنت حزمة من إجراءات بناء الثقة. ويؤكد محللون أن الجماعة الحوثية نجحت في توظيف الهدنة الأممية لإعادة نشر قواتها خصوصا في محافظة مأرب والحصول على مكاسب مالية واقتصادية من خلال السماح بدخول سفن المشتقات النفطية عبر موانئ الحديدة، إلى جانب نجاحها في انتزاع موافقة لتشغيل مطار صنعاء باتجاه وجهتين عربيتين عبر استخدام وثائق سفر صادرة عن الجماعة، في الوقت الذي فشلت فيه كل جهود رفع الحصار الحوثي عن مدينة تعز أو إتمام عملية تبادل الأسرى. ويتوقع مراقبون أن تشهد الهدنة الهشة تمديدا إضافيا بالنظر إلى حجم الضغوط التي يمارسها المبعوثان الأممي والأميركي إلى اليمن والتي تتوازى مع رغبة التحالف العربي لدعم الشرعية في خفض مستوى التوتر في الملف اليمني، غير أنه من المستبعد بحسب خبراء أن تقود الهدنة إلى انفراجة بقدر تحولها إلى نسخة مكبرة من اتفاق السويد الخاص بالحديدة والذي يشهد خروقا متواصلة لوقف إطلاق النار من قبل الحوثيين. ويتوقع الباحث السياسي الجنوبي ياسر اليافعي تجديد الهدنة ربما لأشهر دون التوصل إلى اتفاق سلام شامل على الأقل خلال العام الجاري. ويشير اليافعي في تصريح لـ”العرب” إلى أن جهود الأمم المتحدة والمجتمع الدولي خلال الفترة الأخيرة ركزت على تثبيت الهدنة وتمديدها وليس على الوصول إلى سلام شامل، في الوقت الذي تستعد فيه كل الأطراف عسكريًّا واجتماعيّا لخوض جولة جديدة من الصراع في حال لم يتم تثبيت الهدنة. وتابع “الحقيقة أن فرص التسوية السياسية الشاملة مازالت بعيدة بينما شبح الحرب يلوح في الأفق، حيث مازالت ميليشيا الحوثي تدفع بتعزيزات إلى الجبهات وتقيم المخيمات الصيفية بهدف الدفع بدماء جديدة إلى الجبهات، كما أنها تستفيد من الهدنة لنقل آلياتها الثقيلة من جبهة إلى أخرى، وتستفيد من مبيعات المشتقات النفطية”. ويرى منصور صالح، نائب رئيس الدائرة الإعلامية للمجلس الانتقالي الجنوبي، أن اليمنيين أمام خيارين سيئين وفق توصيفه؛ فـ”إما تسوية سياسية من المرجح ألّا تلتزم فيها الميليشيات الحوثية باشتراطات السلام وتحتفظ بكامل قواتها وسيطرتها الفعلية على المؤسسات وتنال الاعتراف بها، أو خيار الحسم العسكري، وهو خيار يتطلب جدية وقيادة صادقة في خوض المعركة ومغادرة مربع المناورة الذي ظلت تراوح فيه المنظومة السابقة”. ويضيف صالح، في تصريح لـ”العرب”، “نتوقع أن يكون هناك تحرك عسكري مختلف، لكن هذا يتطلب تغييرات فعلية في منظومة المؤسسة العسكرية، وإذا كانت هناك إرادة سياسية وقوة عسكرية فذلك إن لم يحقق الحسم فعلى الأقل سيسهم في تحقيق سلام مشرّف”. وكان المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ قد جدد خلال زيارته إلى العاصمة عدن الأربعاء دعوة الأطراف اليمنية إلى المضي قدماً في تنفيذ جميع عناصر الهدنة للتخفيف من المعاناة الإنسانية، مشيرا إلى أنه سيستمر في تقديم الدعم للاستفادة من الهدنة في المضي قدماً نحو التوصل إلى حل سياسي. وجاءت زيارة غروندبرغ وفقا لمصادر بهدف حلحلة التعثر في تشغيل مطار صنعاء الدولي على خلفية رفض الحكومة الشرعية السماح باستخدام وثائق سفر صادرة عن الحوثيين، في الوقت الذي صعّد فيه الحوثيون خطابهم السياسي المناهض للدور الأممي واتهام المبعوث بلعب دور غير متوازن، في محاولة للضغط عليه بهدف انتزاع المزيد من المكاسب. ويشير الباحث السياسي اليمني محمود الطاهر في تصريح لـ”العرب” إلى أن جوهر الفشل الذي قد يلحق بالجهود الأممية في اليمن يتمحور في المقام الأول حول عدم التزام الحوثيين بالهدنة الأممية خلال الشهر الماضي، فيما يخص رفع الحصار عن محافظة تعز وتسليم رواتب الموظفين، ووقف حربهم على الشعب اليمني، وتابع قائلا “كانت هناك هدنة من طرف التحالف العربي والقوات اليمنية، رغم المحاولات الحوثية لتحقيق مكاسب ميدانية في مأرب وتعز وصعدة وحجة”. ولفت الطاهر إلى أنه خلال فترة الشهر الأول من الهدنة حاول الحوثيون تحويل قضية مطار صنعاء الدولي إلى نصرٍ سياسيٍ، من خلال محاولة تمرير وثائق السفر المزورة، لكن الحكومة اليمنية تنبهت إلى ذلك، وهو ما جعل الحوثيين يتذرعون بذلك الأمر ويجعلونه حجة لاستمرار محاصرة الشعب اليمني وقَصر السفر على قياداتهم والخبراء الإيرانيين عبر طيران عماني وأممي.