السماسرة ومستشفيات هندية: شراكة النصب تفقد فتاة السمع كلياً

337

 

الهند(المندب نيوز)وليد التميمي

 

دفعت فتاة يمنية ثمن الأخطاء الطبية الفادحة، والإهمال الذي لطالما عانى منه المريض في مستشفيات الخارج، الفتاة التي لم تتجاوز الـ18 ربيعاً، باع والدها أغلى ما يملك في محافظة جنوبية، لكي يوفر ثمن تذكرة سفرها إلى الهند، وتكاليف العلاج من مضاعفات الفشل الكلوي.

 

 بين 8000 إلى 10000 دولار، حددت عائلة المريضة سقف ميزانية الرحلة، وتم اختيار مستشفى ابولو في مدينة بانجلور لإجراء الفحوصات المختبرية اللازمة، قبل الخوض في جلسات العلاج المكثف، الوالد والأم وأبنتهم المريضة، نزلوا في المستشفى أواخر أبريل الماضي، قضوا بعدها شهور في عملية استنزاف مالي مستمر، دون إحراز أي تقدم في الحالة المرضية للفتاة التي بدأت تشكو من الآلام في إحدى أذنيها، بعد أن تم إخضاعها لخزعة في الرئة، بمفعول مضاعف.

 

 تجاهل الأطباء لمعاناة المريضة، وعدم الالتفات لصراخها المتواصل، أدى إلى اتساع نوبات الآلام المبرحة لتشمل الأذن الثانية، وفي ظل إصرار المستشفى على استكمال الجرعات العلاجية، تدهورت صحتها فأضطر والديها إلى نقلها إلى مستشفى فورتيس، وفيه، لم يختلف التعاطي مع الحالة عن سابقتها، ظلت الفتاة حقل تجارب لتحليلات أطباء يتقنون لعبة إضاعة الوقت، وتنظيف جيوب المرضى واستهلاك كل ما بحوزتهم، وبدلا من أن تعالج من مرض الفشل الكلوي والسل، خرجت  من كلا المستشفيين فاقدة للسمع كلياً.

يكشف أحد أقرباء المريضة أنهم تعرضوا لعميلة نصب واحتيال في المستشفيين لاسيما مستشفى فورتيس، بتدبير من سماسرة يمنيين يقيمون في الهند، يتاجرون بأروح المرضى مقابل الحصول على نسبة تتراوح ما بين 30-40%، من القيمة الإجمالية للعلاج، وهذا يعني أنه كلما زادت التكاليف من فحوصات وعمليات وجلسات طبية، تضاعفت أرباحهم.

 

وأضاف أن السماسرة نسجوا علاقات مع أسوأ المستشفيات في الخدمات والرعاية الطبية وحتى المعاملة الإنسانية، لإداركهم بأن إدارة هذه المستشفيات لا يهمها غير جني الأموال، حتى بطريقة غير مشروعة.

 

وأوضح أنه إذا كانت تكاليف العلاج تصل إلى عشرة الاف دولار، فأن نصيب السمسار منها أربعة الاف دولار على الأقل، وتابع: المشكلة إن المريض عندما يدخل هذه المستشفيات بدلاً من أن يعالج يغادرها إما مصاب بمرض اخر، أو أنه لا تجرى له العمليات المطلوبة بناء على التوصيف الطبي السليم، وذكر بأن مريض يمني خضع لعملية في العمود الفقري في مستشفى فورتيس، وبعدما انفق مبلغ تجاوز عشرة الاف دولار، أكد له الأطباء في المستشفى بأنه بات معافى، وبإمكانه أن يمارس حياته بشكل طبيعي، فعاد إلى صنعاء، وعندما اشتدت به الالام في ظهره، راجع مستشفى محلي، وثبت بالكشوفات إنه لم تجرى له أي عملية في العمود الفقري، يرى قريب المريضة، أنه “تعرض لما تعرضنا له نحن بالضبط على يد سمسارة بلا ضمير ولا أخلاق، ومنعدمي الإنسانية”.

وفي تطور لافت التقطت الصحافة الهندية أول خيوط الفضيحة الطبية والتجاوزات التي أدت إلى إصابة قريبتهم الشابة بضرر جسماني ونفسي وخسائر مادية فادحة،  جريدتا city و THE HIND الورقية، أفردتا صفحات في أعدادها للتجربة المريرة التي عاشتها الأسرة اليمنية طوال رحلتها العلاجية الفاشلة في مستشفيين في مدينة بانجلور.

 

 الملحقية الصحية التابعة للسفارة اليمنية في الهند، بدورها، أعلنت حالة الطوارئ، ورتبت لقاءات مع والد المريضة، بغية تجميع ملف القضية، والإحاطة بحيثياتها، لإثارتها أمام القضاء المحلي، وطلب التعويض المناسب، سيما بعد أن تبين من التقارير الطبية أن المريضة تعرضت لسلسلة أخطاء طبية كانت وراء فقداناها لسمعها، إضافة إلى عدم تحسن الوضع الصحي لكليتيها.

 

هي مرحلة يرى فيها أبناء الجالية اليمنية في الهند، أنها توحي بعزم الملحقية الصحية وعلى رأسها الدكتور رفعت سالم باصريح، أستاذ أمراض القلب والأوعية الدموية، الدفاع عن حقوق المرضى، وعدم التغاضي عن التجاوزات التي تؤدي بحياتهم أو تعرضهم للإصابة بعاهات مستديمة، إلى جانب رفض محاولات إغلاق ملفات قضاياهم، في ظل اتساع ظاهرة السمسمرة في الأونة الأخيرة، والضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه الاستهتار بالمريض، أين من كان.

 

موقف الملحقية الصحية، ممثلة بالأستاذ الدكتور باصريح، وتدخله السريع، حظي بإشادة أسرة المريضة، مؤكدة أنه منذ الوهلة الأولى تبنى قضيتها، وبدأ باتخاذ الخطوات الدبلوماسية والإجراءات القانونية التي تدين كلا المستشفيين، وتجعلهما عبرة لمن لا يعتبر، مطالبين ممثلي القنصليات بأن يتحملوا مسئولياتهم، ويتكفلوا بحماية حقوق المريض.

 

جبهة أخرى؛ فتحها والد المريضة بتقدمه بشكوى إلى الشرطة الهندية، تضمنت عرض أوراق الملف الطبي التي عمدها في جهات طبية مستقلة، تثبت تورط مستشفى ابولو ومستشفى فورتيس في تدهور الحالة الصحية لأبنته، وعلى الفور باشرت الأجهزة الأمنية في مدنية بانجلور التحقيق في القضية وعرضها على لجنة طبية مختصة لإعلان النتيجة، حيث تؤكد المؤشرات بأنها في صالح الأسرة التي خسرت ما لا يقل عن 18000 دولار في الهند، قبل أن تقرر نقل أبنتهم على وجه السرعة إلى مصر، لعلاج مشكلة أذنيها ومرض الفشل الكلوي معاً.

 

 12