المدرسة الابتدائية بغيل باوزير .. في يوم ذكراها

398

 

غيل باوزير (المندب نيوز) كتب : فؤاد عبدالغفار

 

سبعون عاما مضت على صرخة ميلاد مدرسة كانوا ينعتونها  بالابتدائية, ثم أطلق عليها فيما بعد مدرسة الرابع عشر من مايو, ثم مدرسة الفقيد الملاحي اليوم .. سبعون عاما على تاريخ تأسيسها عام 1947م, و هي تضم فلذات أكباد مدينة غيل أبي وزير , تضمهم إليها صغارا  – من أولى إلى رابعة –  بكل حنان الأم وعطفها, دون ملل أو كلل,  قائلة لهم:

 

أنا المدرســةُ اجعلني **  كأمٍ لا تمل عني

 

وأَلـقــــاكَ بإخـــوانٍ**يُـدانـونَـكَ في السِّــــنِّ

 

وآبـــاءٍ أحبُّــــــوكَ**ومـا أَنت لهـــم بابـــــنِ

 

كلهم مروا من هنا, من المدرسة الابتدائية, فهي الأم الولادة التي أنجبت كل الأبناء, وأرضعتهم علما ونورا.. فكم خطت أقدامنا الصغيرة في ممراتها.. وسكبنا على ساحاتها من براءات الطفولة ما سكبنا.. وتشاقينا على أشجارها.. كم بحثنا عن كنوزٍ وسبحنا.. وعرفنا الله فيها, حين أسبغنا الوضوء من كوافينا, وقمنا للصلاة.. وعرفنا أن للملح ثمن.. وأن الريشة لا يضاهيها ثمن.. سبعون عاما وهي تهمس في أذن كل واحد منا:

 

هيا نمشي للدروس*في الصباح في الصباح

 

هيا نمشي للدروس*ومن الله النجـــاح

 

منذ الصباح الباكر, قبل طلوع الفجر, وقبل أن يصيح ديكي بدري –  ننهض مبتهلين إلى الله:

 

يا الهي يا الهي * يا مجيبَ الدعواتِ

 

اجعل اليومَ سعيدًا*وكثيرَ البركاتِ

 

وأعنِّي في دروسي* وأداءِ الواجباتِ

 

وأنرْ قلبي وعقلي* بالعلومِ النافعاتِ

 

واجعلِ التوفيقَ حظّي* ونصيبي في الحياةِ

 

ثم تدب الحركة فيها صباحا, من دورية إلى طابور إلى دوام كامل الدسم و فسحتين..

 

سبعون عاما  هي عمر المدرسة التي تشبثت بالذاكرة, ولم يغادرها الصدى:

 

أشرقت شمس الضحى*في السماء الصافية

 

وهي تعطي من صحا * صـحـةً وعـافيـــة

 

فحين كنا نرددها مع المعلم في الصف الأول, نظن أن الشمس التي تشرق على المدينة كل يوم, تخرج من هذه المدرسة.. من ثنايا جدرانها البيضاء. ومن خلال أغصانها الوارفة بالخضرة و الظلال.. كما ترتبط ذاكرتنا الطفولية  وذلك العمر البريء بالمدرسة, من خلال المطر الذي كنا ننشده ملحنا, و نمارسه واقعا وحقيقة:

 

نحن إذا جاء المطر

 

نجري و نلعب بالزهر

 

بين الحدائق والشجر

 

 ثم ننظف ثوبنا

 

 ليكون ثوباً معتبر

 

 لقد كانت ذات يوم مهبط الرسالة, ومولد الحرف, ومبتدأ العبارة.. في حجرها قال لي المعلم: اقرأ.. فتعثر الحرف على لساني, وبين أناملي تاه القلم..

 

واليوم.. كبرنا وشخنا.. وهرمنا. لكن المدرسة الابتدائية لم تغادر الذاكرة, وأيقنا اليوم أن الشمس التي أشرقت على المدينة ذات  يوم, خرجت من هذه المدرسة.. من ثنايا جدرانها البيضاء, و مقاعدها الخشبية الخضراء..  ومن خلال أشجارها و أغصانها الوارفة بالخضرة و الظلال..

 

 

 

LEAVE A REPLY