إهانة أوباما

486

اميركا (المندب نيوز) سبوتيك 

 

سلسلة الإهانات التي التعرض لها الرئيس الأمريكي، والوفد المرافق له، خلال قمة “مجموعة العشرين” وعلى هامشها سرقت الأضواء في التغطية الإعلامية الأمريكية والعالمية لأعمال القمة، ورأى فيها كثيرون تراجعاً للهيبة الولايات المتحدة الأمريكية.

في آخر مشاركة له في قمة “مجموعة العشرين” حمل الرئيس الأمريكي باراك أوباما في جعبته خطباً رنانة كان يأمل أن يلقيها على الحاضرين، وفي اللقاءات الثنائية مع بعض رؤساء الدول المشاركة في القمة، غير أنه تلقى، والوفد الموافق له، مجموعة من الإهانات منذ لحظة وصوله إلى الصين لم تكن بالحسبان.

أوباما اضطر لاستخدام سلم الطوارئ في مؤخرة طائرته الرئاسية، لأن السلطات الصينية لم تقدم له سلماً خاصاً في مطار خوانجو، ولم يفرش له السجاد الأحمر أسوة بالزعماء الآخرين الذين شاركوا في القمة، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل لم يسمح أمن المطار لمستشارة أوباما لشؤون الأمن القومي سوزان رايس بالمرور، ومنع الصحفيين المرافقين لأوباما من تجاوز منطقة حددت لهم، وصراخ ضابط أمني في وجوههم على مسمع من الرئيس أوباما: “هذه بلادي.. هذا مطاري”.

لم يكن الرئيس أوباما يأمل أن تكون خاتمة مشاركاته في “مجموعة العشرين” على هذا النحو، وربما يتحمل هو شخصياً جزءاً من تراجع هيبته كرئيس لدولة كبرى، لعدم إدراكه أوباما أن العالم قد سئم من أسلوبه في محاولة أعطاء دروس أخلاقية تفتقر لها السياسات الأمريكية، فضلاً عن استخدامه في كثير من الأحيان للغة متعالية في تعليقاته الإعلامية، حول نشاطات سياسية تتعلق بعلاقات مع رؤساء دول، أو محاولة توظيف حركات مسرحية معينة لها إيحاءات مستفزة، المثال على ذلك محاولته التربيت على كتف نظيره الكوبي راؤول كاسترو، ما اضطر كاسترو إلى منعه وتعريضه لموقف لا يحسد عليه.

بيّْد أن السبب الجوهري في تراجع هيبة أوباما يكمن في توجهاته السياسية والاشتقاقات التي بنيت عليها، إذ أطلق العنان في خطاباته لوعود تعهد فيها برسم سياسات أمريكية جديدة ومختلفة، لكن حصاد ثماني سنوات من وجوده في البيت الأبيض جاء مخيباً لمن بنوا آمالاً على أقواله، وليس من قبيل المبالغة أن إدارته فقدت مصداقيتها واحترامها أمام العالم، لإصرارها على المضي في نهج الإدارات الأمريكية السابقة، في السباحة ضد تيار الخارطة الجيوسياسية الدولية، التي لم تعد فيها الولايات المتحدة الأمريكية تمتلك عصا غليظة تهدد بها العالم.
بافتراض أن الإهانة التي تلقاها أوباما في الصين كانت متعمدة فهي تأتي على خلفية الاعتراض على السياسات الأمريكية حيال الصين ودول الجوار، منها نشر منظومة درع صاروخية على أراضي كوريا الجنوبية، ومؤازرة واشنطن لدول جنوب شرق آسيا في صراعها مع بكين حول الجزر في بحر الصين الجنوبي، والتدخل السافر في العلاقات البينية بين دول المنطقة، بالإضافة إلى فرض المزيد من الرسوم على ورادات الصلب الصينية إلى الأسواق الصينية، والعديد من الأسباب الأخرى التي تندرج في إطار عمل إدارة أوباما على توتير العلاقات مع الصين واستفزازها.

المسألة إذاً ليست بروتوكولية بحت، ولا تتعلق كلياً بالرئيس أوباما شخصياً، بل هي تعبير عن أن الصين ضاقت ذرعاً بالسياسات الأمريكية، وأن بكين ربما أرادت أن تلقن الرئيس الأمريكي درساً لم يتعلمه خلال ثماني سنوات من توليه سدة الرئاسة، مفاده العالم يريد أفعالاً لا أقوالاً، وأن الولايات المتحدة يجب عليها أن تتعامل بندية مع الدول الأخرى، حتى لا تتلقى المزيد من الإهانات، مرموزاً لها بإهانة رئيسها، وعلى هذه المسطرة يمكن قياس الإهانات الأخرى التي تلقاها أوباما.

LEAVE A REPLY