المكلا (المندب نيوز) خاص 

 

تلقى المندب نيوز وثيقة موجهة من السيد عبدالرحمن علي بن محمد الجفري رئيس الهيئة الوطنية الجنوبية المؤقتة للتحرير والاستقلال(الهيئة)إلى قاده دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية

 

ولأهميتها نعيد نشرها كاملة

 

أصحاب الجلالة والسمو

قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية

حفظهم الله ورعاهم

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

 

*إن قمتكم* الموقرة الـ(37) تُعقد في ظرف دقيق أنتم أهل للتعامل معه، وفي مرحلة حرجة يمر بها أهلكم وأخوانكم وابناؤكم في الجنوب العربي واليمن الشقيق.

 

*إننا نثق* أنكم الأكثر إدراكاً لما عاناه ويعانيه شعب الجنوب العربي منذ اجتياح أراضيه عام1994م بواسطة قوات نظام صنعاء آنذاك. وقد قدّم شعبنا آلاف الشهداء والجرحى والأسرى في سبيل تحقيق أمانيه في استقلاله وبناء دولة الجنوب العربي الفيدرالية الجديدة على كامل أرضه بحدودها المعروفة دولياً، وجاءت الحرب الأخيرة في مارس 2015م ليثبت شعب الجنوب العربي تصميمه وإصراره على الدفاع عن أرضه، وحقق الانتصار الحاسم الوحيد بفضل الله ثم بفضل دعم دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية؛ مما يؤكد عدالة قضيته وتصميمه وإصراره على نيل استقلاله وبناء دولته التي يهدف إلى أن تكون على تناغم معكم كأشقاء له في المنطقة وأن يكون الجنوب العربي مصدر أمن واستقرار له وللمنطقة ويساهم مع أشقائه في مجلس التعاون لدول الخليج العربية في تأمين المنطقة من التدخلات الطارئة على منطقتنا والمرفوضة من شعبنا في الجنوب العربي وكل شعوب المنطقة والعالم العربي والإسلامي.

 

*إن شعبنا* في الجنوب العربي، المصمم على إنفاذ إرادته وتحقيق أهداف قضيته العادلة، له آمال وثقة كبيرة في أن يقف معه أشقاؤه في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بقيادتكم، وفي دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية.

 

*ونرفق لكم* – يا أصحاب الجلالة والسمو – (مرتكزات قضية الجنوب العربي ودولته) المأمولة، التي تشكل ملخصاً لقضية الجنوب العربي والأسس العادلة التي تقوم عليها والتي تثبت حقه في استقلاله وبناء دولته، طبقاً لكل الحقائق التي تجاوزتها ما سُميت بالوحدة اليمنية واتفاقيتها، التي أقر مؤتمر حوار صنعاء بفشلها، وبما يتفق مع ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي المعاصر وكل الحقائق التاريخية والقائمة.

 

حفظكم الله ووفقكم وسدد على طريق الخير خطاكم.

 

أخوكم

عبدالرحمن علي بن محمد الجفري

رئيس الهيئة الوطنية الجنوبية المؤقتة للتحرير والاستقلال(الهيئة)

رئيس حزب رابطة الجنوب العربي الحر(الرابطة)

6 ربيع أول 1438هج

5 ديسمبر 2016م

 

بتاريخ:05/12/2016م

وثيقة مرتكزات قضية الجنوب العربي ودولته

مدخل:

سبق وأن طرحنا في مراحل سابقة رؤى واضحة، وأكثر تفصيلا، حول القضية الجنوبية وأهدافها، من التحرير والاستقلال وبناء دولة الجنوب العربي الفيدرالية الجديدة، ومنها:

  1. “مشروع استقلال الجنوب العربي – خارطة طريق” في 22 اغسطس 2013م، الذي شمل 11 موضوعاً منها مشروع دستور لجمهورية الجنوب العربي، والآليات لتحقيق الاستقلال والسياسيات لدولة الجنوب العربي، وقدّم حزب رابطة الجنوب العربي الحر هذا المشروع إلى اللجنة التحضيرية للمؤتمر الجنوبي الجامع، لتصويب أي خطأ وتقويم أي اعوجاج وإكمال أي نقص.
  2. مذكرة من 24 مكون جنوبي لرئاسة مجلس الأمن الدولي في 26 أكتوبر 2014م.
  3. ورقة من القضية الجنوبية مؤرخة في 31 مايو 2015، تم تقديمها مع كلمة تفصيلية لعبد الرحمن علي الجفري، أمام مؤتمر حول القضية الجنوبية استضافته كتلة “أوروبا الحرية والديموقراطية المباشرة EFDD”، في 22 و23 يونيو 2015م.
  4. وثيقة القضية الجنوبية، وملخصها، (القضية الجنوبية)، الموقع عليها في 8 ابريل 2016م.
  5. مذكرات لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في مناسبات مختلفة.

          فإننا إذ نطرح اليوم “وثيقة مرتكزات قضية الجنوب العربي ودولته”، التي تتضمن المرتكزات الرئيسية، فإن ما يتعلق بسند قضيتنا، تاريخياً وقانونياً وواقعياً، والآليات قد سبق طرحها في الوثائق السابقة.

          إن أهم المهام التي يجب علينا إعطاءها الأولوية المتزامنة، في هذه المرحلة القصيرة، هي:

أولاً: الإبقاء والتمسك المعلن من خلال كل أشكال الفعاليات، بأهداف قضية الجنوب العربي في التحرير والاستقلال وبناء دولة الجنوب العربي الفيدرالية الجديدة وتثبيت هويته، فلا استقلال مأمون في ظل هوية أخرى قد تقودنا في أي منعطف إلى فخ وحدة مرفوضة، كما سبق أن قادتنا.

ثانياً: تعاون الجميع لتأمين الجنوب العربي من الإرهاب، المصنوع لتعطيل تحقيق أهداف الجنوب العربي، ومن أية اختلالات أمنية، واستكمال تحرير البؤر المحتلة في الجنوب.

ثالثاً: إعادة الجاهزية للخدمات الأساسية، كهرباء وماء وصرف صحي وصحة وتعليم، وتأمين القضاء واحتياجاته لأداء مهامه، فهو الأساس لإعلاء القانون والعدل، والوفاء لأسر الشهداء وعلاج الجرحى، ومعاشات الناس وتوفير المواد التموينية.

رابعاً: بناء المؤسسات والأجهزة وتفعيلها في كافة مناطق الجنوب العربي.

خامساً: منع إثارة أي فتن جنوبية – جنوبية من أي نوع، فيجب أن يتسع الجنوب العربي لكل أبنائه.

          تلك الأولويات التي لا بد منها والتي يجب على كل جنوبي القيام بكل ما يستطيع حيث يستطيع لإنجازها، وهو واجب على السلطات القائمة ومن مهامها، وواجب كل جنوبي أن يكون عوناً في ذلك.

المرتكزات

[1]

          أبرزت مذكرة النقاط المتفق عليها، مع بريطانيا، بشأن استقلال الجنوب العربي بأن “ينال الجنوب العربي[1] الاستقلال في 30 نوفمبر 1967م”. وتقام دولة مستقلة ذات سيادة تعرف باسم “جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية”. ولأول مرة في التاريخ يُنسب الجنوب العربي ككيان سياسي للهوية اليمنية، بينما كل قرارات الأمم المتحدة منذ 1963م، تنسبه للجنوب العربي من باب المندب إلى حدود سلطنة عمان، وجرى في الأول من ديسمبر 1970م تغيير اسم الدولة ليصبح جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية. وانضمت الجمهورية الجديدة – جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية – إلى المجتمع الدولي. وتم الاعتراف بها من كثير من دول العالم وفي الصدارة الدول العربية والدول الصناعية. وأقامت جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية علاقات دبلوماسية وقنصلية وتجارية وغيرها مع كثير من الدول في العالم. وانخرطت في العديد من المنظمات الدولية – العالمية والإقليمية – وفي مقدمتها منظمة الأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة وكذلك جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي.

          بانهيار المنظومة الاشتراكية التي صاحبها متغيرات دولية جوهرية، تم في 30 نوفمبر 1989م اتفاق “عدن” بشأن إتمام وحدة بين دولتي جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (الجنوب العربي) وبين الجمهورية العربية اليمنية في 30 نوفمبر 1990م، إلا أنه تم التعجيل بإعلان الوحدة في 22 مايو 1990م، ودون الرجوع إلى الشعبين في كل من الدولتين لإستفتائهما قبل الانطلاق إلى دولة الوحدة. والأغرب من ذلك أنه بعد عام كامل من إعلان الجمهورية اليمنية وتنظيم الفترة الانتقالية أُجري استفتاء على دستور الوحدة  خلال يومي 15 و16 مايو 1991م مع ورقة مرفقة به تشير إلى أن الاستفتاء على الدستور هو استفتاء على الوحدة. وهو أمر غريب أن يتم استفتاء على أمر بعد إقراره وإنفاذه. وقد قاطعنا، في حينه، هذا الاستفتاء.

          ومن الحقائق التي أصبحت اليوم في ذمة التاريخ.. إبرام اتفاق الوحدة بين جمهوريتي اليمن الديمقراطية الشعبية والعربية اليمنية.. سلمياً. [واعتبرت هذه الحقيقة منسجمة وفكرة إنقاذ أبناء الدولتين من ويلات الحروب التي خاضاها في 1972م و1979م، لتنفيذ الوحدة التي كان كل نظام يريدها طبقاً لتوجهه الأيدلوجي في مرحلة الحرب الباردة]. وبذلك، مع انتهاء الحرب الباردة، جرى التعبير عن نبذ الحرب كوسيلة لتحقيق الوحدة  بين هاتين الدولتين مما دفع بالدول والمنظمات الدولية أن تبارك هذه الخطوة السلمية آنذاك.

          أجهضت الخلافات الحادة التي برزت بين أحزاب السلطة في صنعاء آمال الشعب في الجنوب في الأمن والاستقرار والتنمية. فوجد نفسه أمام صورة غير مألوفة وغير مسبوقة وذلك بانتقال الفوضى واستشراء الفساد وغياب الأمن والنظام والقانون والاصطدام بالمركزية الشديدة. والإجهاز المنظم على المؤسسات المدنية والعسكرية الجنوبية. وتعطلت بعمد الأجهزة التنفيذية في الجنوب ودخلت البلاد في نفق مظلم أثّر سلباً على الحياة اليومية للمواطنين.

          وبالرغم من التوقيع على وثيقة العهد والاتفاق في الأردن، بحضور عربي ودولي تقدمه العاهل الأردني الراحل الملك الحسين رحمه الله، في فبراير 1994م، لجأ النظام في صنعاء إلى الاحتكام إلى القوة بغرض حل الأزمة وتسوية وحسم الخلاف لصالحه. فكان خطاب رأس النظام السابق علي عبدالله صالح في 27 أبريل 1994م بمثابة خطاب إعلان حرب. فشنُّت الحرب الشاملة التي شنّها النظام على كامل التراب الجنوبي وبكل أنواع الأسلحة الثقيلة، وشمل الطيران والصواريخ والمدفعية. وصدرت الفتاوى من صنعاء باسم الدين تبيح قتل المدنيين بما في ذلك النساء والشيوخ والأطفال وبثتها وسائل إعلامهم… إلخ. وتم الاجتياح الكامل للأرض الجنوبية صاحبها عملية نهب وسلب لم يشهد لها العالم المتحضر مثيلاً في القرن العشرين. وبذلك تم اجهاض الأساس السلمي الذي قامت عليه تلك الوحدة والهدف الذي قامت من أجله، وفي ضوء ذلك:

          – جرى انتهاك صارخ لمبادئ وقواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق       الانسان.

          – أنهت الحرب وحدة البلدين وإعلان الجمهورية اليمنية، بعد تنظيم الفترة الانتقالية، خاصة وأن الأعمال القتالية العدوانية وجهت ضد شعب الجنوب العربي، الطرف الآخر في الوحدة        الذي أذابت الاتقاقية دولته – جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية –  من أجل قيام دولة     واحدة – الجمهورية اليمنية.

          وبذلك تكون الحرب قد أنهت، على أرض الواقع، الوحدة بين البلدين والشعبين، وحولت الجنوب إلى أرض محتلة. وتؤكد ذلك كافة الاجراءات وممارسات السلطة اليمنية بعد الاجتياح.

          إن الحرب الثانية التي شنتها مليشيات الحوثي – أنصار الله – وقوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح، ذاتها التي شنت نفس الحرب عام 1994م وذلك بغرض تكريس فرض الوحدة، المرفوضة من شعب الجنوب العربي، بالقوة. واعترف بذلك الرئيس السابق علي عبدالله صالح في لقاء تليفزيوني مؤخراً. وهي حرب عدوانية تشن بتأييد ودعم من إيران.

          اليوم، نؤكد من جديد أن المطالب الوطنية لشعب الجنوب العربي قد انتقلت إلى مرحلة جديدة بعد أن شنت قوات الجيش اليمني، التي يسيطر عليها علي عبد الله صالح، ومليشيات الحوثي – أنصار الله – حربها الثانية الشاملة على الجنوب بمختلف الأسلحة الثقيلة والخفيفة منذ فبراير 2015م ولم يكن لدى شعبنا، وقواه السياسية والحراكية وكافة شرائحه، من خيار سوى المقاومة المسلحة دفاعا عن النفس .. أدى هذا الاجتياح إلى قتل وجرح أعداد كبيرة للغاية لم نستطع حصرها بعد، لاستمرارها في بعض البؤر في الجنوب العربي. ولقد أحدث هذا الاجتياح دماراً هائلا لكل شيء في الجنوب، وتشرّد على إثره أكثر من نصف السكان، وتعرّض السكان في كثير من المدن لحصار خانق وحرمان قاتل ومستمر من أبسط الضروريات مثل الكهرباء والماء والغذاء والدواء والوقود والأمان.

          إننا لا نرى في الأفق أي أمن واستقرار في ظل الاحتلال اليمني للجنوب العربي، فشعبنا قاوم هذا الاحتلال بالطرق السلمية بصدور عارية منذ انتهاء حرب 1994م، وتصاعد حراكه السلمي العظيم في 7/7/2007م وقدّم الشهداء نتيجة قمع الاحتلال اليمني ومواجهته لحراك شعبنا الجنوبي العربي السلمي. ومنذ اللحظة الأولى للغزو اليمني الثاني، والمقاومة الجنوبية الشريفة تقاتل هذا الغزو الذي يحرق ويدمر مدن الجنوب وقراه، وقدّمت، ولازالت تقدّم، الآلاف من الشهداء والجرحى والأسرى.. ولولا وقوف ودعم التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، ودور استثنائي للإمارات العربية المتحدة وباقي دول التحالف، لكانت المأساة أعظم وأخطر والإبادة أشمل.

          ويؤكد شعبنا في الجنوب العربي، اليوم، تصميمه على ممارسة حقه المشروع في التحرير والاستقلال وإقامة دولة الجنوب العربي الفيدرالية كاملة السيادة على أرضه.. كما أثبتت الأحداث استحالة استمرار الوحدة بين الجنوب العربي واليمن. ويستحيل بعد  كل تلك الأفعال الشيطانية، وفي الصدارة الحرق والقتل والتدمير، أن يقبل شعبنا التعايش مع قاتل ابنائه ونسائه وشيوخه واطفاله و مدمري مدنه. وأن أي فرض على شعبنا سيكون العائق الرئيسي أمام أي أمن واستقرار وتنمية في المنطقة. وبناء دولتين – اليمنية والجنوبية العربية – هو السبيل لإتاحة الفرصة ليشعر الجنوبيون بتحقيق إرادتهم.. فتهدأ النفوس وتبنى جسور المصالح المشتركة محل جدران الكراهية والصراعات.

[2]

          عانى، ولايزال يعاني، شعبنا في الجنوب العربي من انهيار كامل لحياته المعيشية اليومية وأمنه واستقراره جراء الاحتلال اليمني وممارسات السلطات اليمنية التي لم تتوقف منذ ان شنت  حرب  صيف 1994م.

          ولمواجهة الممارسات البشعة واللاإنسانية لسلطات الاحتلال اليمني تجاه شعب الجنوب العربي كان لا بد أن تتوحد مواقف الغالبية العظمى من القوى الوطنية العربية الجنوبية الحية لتحقيق هدف واحد هو: التحرير والاستقلال وإقامة دولة جنوبية عربية فيدرالية كاملة السيادة، وبناء جنوب جديد يقوم على التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية لتحقيق أمن واستقرار وتنمية وإقامة علاقات سوية وشراكة مع دول الإقليم وعلاقات مع العالم تقوم على تبادل المصالح.

          إن الدولة في الجنوب العربي لن تكون سوى دولة مدنية حديثة، دولة نظام وقانون تقوم على مبدأ الفصل بين السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية واستقلال القضاء وتمكين المرأة وافساح المجال للشباب واستقلال الخدمة المدنية بإنشاء هيئة مستقلة للخدمة المدنية وإلغاء الإعلام الرسمي والاهتمام بالتعليم العام والفني والمهني والحرية الاقتصادية واقتصاد السوق الاجتماعي وتكافؤ الفرص ومنع الاحتكار والاهتمام بالبحث العلمي في مختلف التخصصات، وحماية البيئة.

          واليوم نحن في حقيقة  الأمر أمام واقع غير مسبوق حيث نرى أن غالبية الطيف السياسي والاجتماعي والاقتصادي… إلخ، في الجنوب العربي، مع دولة جنوبية فيدرالية متماسكة تبني وتعمر وتصلح، وتعز ابناءها، وتجمع وتوحد، وتساوي بين الجميع. دولة وطنية تقيم صرحاً للعدل، تنشر الأمن، تعمم الرخاء والعلم، تسعى بمجتمعها إلى الغنى والنماء، دولة مبنية  على التوازن والنظام والقانون، تصون كرامة الإنسان وحقوقه وحريته ونماءه، وتمكن المرأة، وتمنع التهميش والإقصاء، وتهدف ازدهار الوطن، وتحترم إرادة الناس وعقولهم، مؤمنة بالديمقراطية التعددية والشورى بآليات العصر وأدواته وبالتداول السلمي للسلطة، تحافظ على الكليات الخمس أو المقاصد الشرعية الخمسة (الدين، والنفس، والعرض، والمال إلا بحقه، والعقل).

          وفي دولة الجنوب العربي لا مكان لإقصاء أي مواطن من مواطنيها، ولا تهميش أي منطقة من مناطق الأرض الجنوبية العربية سواء في شرقها أو غربها، ولا مكان للإرهاب بكل أشكاله، بل بتجفيف منابعه واجتثاثه، لإرتكاز دولته على أسس واضحة هي:

  1. العدالة في توزيع الثروات والخدمات على ابناء الشعب وإحقاق الحقوق ومنع الظلم.
  2. الديمقراطية أي مشاركة الشعب الفعالة والمتوازنة في الحكم واتخاذ القرارات والتبادل السلمي للسلطة.
  3. التنمية: إحداث تنمية حقيقية شاملة ومستدامة ترفع مستويات معيشة المواطن ودخله وتخلق فرصا للعمل، وتهتم بالتنمية البشرية التي تؤدي إلى ارتفاع ملموس في مستويات الكفاءة والتأهيل والقدرات والمهارات… إلخ.
  4. الوسطية والاعتدال التي عرف بهما شعبنا على مدى التاريخ والتي تنبذ التطرف والإرهاب بكل أشكاله.

          إن الجنوب العربي بدولته الفيدرالية التي هي ضرورة مجتمعية سوف يؤدي إلى بروز نموذج للدولة التي تحافظ على المجتمع ومصالحه خاصة وأن نظام الدولة المركبة (الفيدرالية) هو النظام الأنسب من حيث أنه يراعي الخصوصيات لمناطق الجنوب العربي ويحقق أعلى قدر من التآلف والمانع لأي غبن أو تهميش ويضمن أعلى درجات الأمن والاستقرار والتنمية.. ومن ثم بقاء الدولة متماسكة. وتسمى دولة الجنوب الجديد (جمهورية الجنوب العربية المتحدة) أو (جمهورية الجنوب العربي المتحدة). وتتكون من ست ولايات. وتكون العاصمة في موقع في ولاية عدن وتسمى “عدن الجديدة”.

          يحتم  بناء دولة الجنوب العربي التأكيد على حق شعب الجنوب العربي في التحرير والاستقلال، وإقامة دولته الجنوبية الفيدرالية الديمقراطية وإعادة النظر في آليات تنفيذ المعالجات السابقة للحقوق الخاصة ووضع آليات لمعالجة قضايا الحقوق العامة والخاصة بالجنوب كدولة من منطلق إحقاق الحق بآليات لا تستحدث ظلمآ جديدآ. والعمل الجاد للتوافق على مشروع الدستور للدولة الجديدة الذي يحدد نظام الدولة ونظام الحكم ونظام التشريع ونظام الانتخابات والسلطة القضائية المستقلة، واستقلال الإعلام والخدمة المدنية عن السلطة التنفيذية كما يحدد نظام الحكم في الولايات والتقسيم الفيدرالي للجنوب العربي. ونضع هنا أهم الصلاحيات التي تتمتع بها كل الولايات:

     انتخاب مجالس محلية في كل ولاية وانتخاب حكام الولايات وصلاحيات تشريعية لإصدار الأنظمة المحلية التي تتعلق بالحكم في الولايات (عدا تلك المتعلقة بالدفاع والخارجية والسلطة القضائية الفيدرالية والجنسية           والسياسة المالية والنقدية للدولة والجمارك والاستخبارات والأحزاب وانتخاب مجلسي النواب والشورى) والسياسات العامة للثروات الطبيعية (النفط والغاز والمعادن وغيرها). فالوحدات المحلية تمنح صلاحيات كاملة عدا الأمور السيادية التي تظل من اختصاص السلطات الفيدرالية كالقوات المسلحة والأمن القومي والسياسة الخارجية وأي أمر آخر ورد في الدستور على سبيل الحصر للسلطة الفيدرالية، ورغم أن السياسة العامة للثروات الطبيعية من صلاحيات السلطة الفيدرالية، إلا أنها ملك لكل ولاية في أراضيها مع ضريبة يحددها الدستور أو القانون، يتم توريدها لخزينة الدولة الفيدرالية لتسيير أمورها وتنمية الولايات الأقل ثروة بصورة متوازية مع الولايات الأكثر ثروة فيزول أي غبن أو تفاوت معيشي معيب.

          ومن الأمور الهامة لدولة الجنوب العربي الأخذ باقتصاد السوق مع تطبيق أسس العدالة الاجتماعية أو ما اصطُلح على تسميته حديثاً باقتصاد السوق الاجتماعي Social Market Economy   لكونه الأنسب والأصلح. والتأكيد على استقلالية القضاء وان لا تكون السلطة القضائية تحت إدارة السلطة التنفيذية. والاهتمام بصفة خاصة بالتعليم وبالبيئة والمياه باعتبار الأخيرة تشكل أهم الأزمات المستقبلية. وتبني التوجه الديني السمح المعتدل البعيد عن الغلو.. وتشجيع ودعم المؤسسات التعليمية والتوجيهية الدينية القائمة على هذا النهج السمح الصافي. وتنبذ التطرف والعنف والإرهاب مع التأكيد على أن التطرف باسم الدين هو وافد وطارئ وليست له أي جذور عميقة  في تاريخ جنوبنا العربي، بل أن الاعتدال في المفاهيم، وأن السماحة والقدرة على التعامل والتعايش مع الغير، والابتعاد عن التنافس السياسي باسم الدين، هي السمات الأبرز التي تحلى بها علماؤنا عبر التاريخ وهي السمات لطبيعة شعبنا في الجنوب العربي. وبها مع علم، وورع وتواضع، فتح ابناء آسيا وبالذات جنوب شرقها، وسيرلانكا ومناطق في الهند وشرق افريقيا وغيرها، قلوبهم وعقولهم لهذا النهج السمح المعتدل.

          تنظم دولة الجنوب العربي عملية إنشاء وتطوير القوات المسلحة والأمن والشرطة من أجل حماية شعب الجنوب العربي ودولته الفيدرالية وسلامة أراضيه وأمنه وصيانة الدستور والنظام الوطني الديمقراطي التعددي. وتحظر الدولة على الأفراد والجماعات والتنظيمات والأحزاب السياسية وغيرها إنشاء قوات أو تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية لأي غرض كان وتحت أي مسمى.

          ولتجنيب الجنوب العربي أية اضطرابات اجتماعية أو سياسية فإنه من الضروري  إجراء  إصلاحات اجتماعية كتنمية قدرات المرأة ومهاراتها القيادية وتمكينها من دورها الهام وشراكتها الأساسية في التنمية الشاملة على أن يكون للمرأة المؤهلة ما لا يقل عن 30%  كحد أدنى في جميع الأطر والمناصب القيادية.. كذلك تنمية المناطق الريفية ووضع وتنفيذ حل شامل لكل الثأرات القبلية. وكذا معالجة مشكلة الفقر والبطالة والجريمة وانتشار المخدرات وحبوب الهلوسة التي تشكل خطراً على حاضر ومستقبل الجنوب العربي ودراسة عوامل وأسباب الهجرة من الريف إلى المدينة ووضع المعالجات، وتدني الخدمات الصحية والبيئية وتفشي الأمراض الخطيرة والنقص في الكهرباء ومياه الشرب والرعاية لذوي الاحتياجات الخاصة وحقوق الطفل.

          ومن ضمن القضايا ذات الأولوية في إطار دولة الجنوب العربي قضية الوئام الوطني الذي لا بد وأن يتم  بالتوازي مع تمام الاستقلال وتكوين الدولة لمعالجة آثار الصراعات السابقة ووضع المعالجات والضوابط التي تمنع أي انتقامات أو أي تكرار لصراعات وعلاج الجراح والآثار بواسطة الدولة الجنوبية ومن خلال قانون “العدالة الانتقالية”.

[3]

          وفي ظل الظروف المعقدة  وخطورة الأوضاع الجارية.. ولحاجة بلادنا – الجنوب العربي – الملحة للأمن والاستقرار والتنمية.. فإن المطلوب ما يلي: 

  1. وضع مشاريع الدستور والقوانين والأنظمة  لتستوعب المتطلبات للبناء المؤسسي السليم. (ولدينا مشروع دستور مقترح يمكن أن يكون مادة أولية للنقاش وا لتصويب)
  2. البدء في خطوات التوافق على نظام الدولة ونظام الحكم وما يتعلق بهما من سلطات وهياكل وآليات بما فيها قطاع الإعلام. ومن ثم يتم الاستفتاء على الدستور في المرحلة الانتقالية  بعد حوار مجتمعي حوله ووضعه في صيغته النهائية.
  3. يتم بالتزامن مع ذلك قيام فريق من القضاة والمحامين بوضع مشروع قانون السلطة القضائية.
  4. يتم الشروع في وضع تفاصيل الاصلاح الاجتماعي.. ومن ثم البدء فيه فوراً عند قيام دولة الجنوب العربي.
  5. يتم بالتوازي وضع مشروع التفاصيل الدقيقة للاستراتيجية الاقتصادية والإدارية والمالية والنقدية، يضعها المتخصصون في هذه المجالات، وستكون لمساهمة مراكز البحث والدراسة، كل في مجاله، الدور الهام في هذا الأمر.
  6. يتم تشكيل الآليات والهياكل اللازمة لوضع تفاصيل البناء التعليمي، مدخلات وأدوات وآليات ومخرجات، تتواءم مع التوجهات للدولة واحتياجاتها.
  7. في خط مواز وضع تفاصيل الضوابط والآليات التنفيذية لتأمين عملية تحقيق الهدف. (بما في ذلك الآليات التنفيذية لفصل كل المؤسسات من عملة وسجل مدني ومؤسسات سيادية وغير ذلك مما يتعلق بالدولة).

[4]

          وحيث أن العالم اليوم يموج بصراعات واختلافات تؤثر على مسيرة السلام العالمي، ولا شك أن استقرار العالم وتحقيق السلام هو مبتغى الجنس البشري بشكل عام.. كما أنه مبتغى تسعى إلى تحقيقه كافة المنظمات والهيئات الدولية.. ناهيك عن أن السياسات العليا لأية دولة تسعى ايضاً إلى تحقيق سلام يؤدي إلى خلق مناخات تساعد على برامج للتنمية تؤدي في النهاية إلى تنمية بشرية تحقق انتعاش الإنسان ورفع دخله وارتقاء بمستويات تعليمه وتأهيله وتنمية قدراته ورعاية أفضل لحالته الصحية وللأجيال القادمة.

     وانطلاقا من ذلك وسعيا لإبراز دور الجنوب العربي على الساحتين، الإقليمية والعالمية، فاعلاً ومتجاوبا مع نداءات السلام التي تتسق مع مكنون الحضارة في بلادنا.. فإن السياسة الخارجية يفترض أن ترتكز أساسا على التناغم والتكامل مع دول شبه الجزيرة العربية والدول العربية الرئيسة، وعلى السعي والتعاون مع كافة الدول والمنظمات والهيئات الدولية والأطراف الساعية إلى السلام العادل والشامل في أي نقطة من العالم بشأن القضايا العالمية المعاصرة؛ وايضا ترتكز سياستنا، بالدرجة الأولى، إزاء الصراعات الناشئة بين الكيانات والدول، على تحقيق فكرة السلام العادل لأطرافها والشامل بمقتضياته ايضا. وبالتالي أن يكون موقفنا، من كافة القضايا الملتهبة على الساحة السياسية والتي يقع جزء منها في منطقتنا الإقليمية أو أجزاء أخرى من العالم، منطلقا من مبدأ السلام القائم على عدل والقائم على مساواة.. كما أن مواقفنا الخارجية ترتكز على تحقيق سلام وليس تسويات. والفارق جوهري  بين السلام والتسويات، فإن السلام تصيغه عوامل العدل.. والتسويات تصنعها قوة متغيرات الواقع ودائما ما تكون لطرف على حساب طرف آخر. وبالتالي تكون المعادلة التي تحكم برنامج دولة الجنوب العربي السياسي الخارجي هي سلام عادل وليست تسويات، وإن بدت في الأفق أنها الأقرب منالآ. ومن هنا، ستكون رؤيتنا تجاه القضايا العربية والإقليمية والدولية استناداً إلى هذه القاعدة:  (قاعدة السلام لا التسويات). ويبدو في الصدارة من هذه القضايا، كمثل، النزاع العربي – الاسرائيلي .. وموقفنا من هذه القضية مع السعي نحو السلام العادل وليس اتفاقات تعتمد على تسويات.. حيث أن التسويات دائماً ما تغلب مصلحة طرف على طرف.. وتغلب الأقوى.. وفي كل الأحوال سنكون مع موقف أمتنا.

          ومن هنا، فان العمل السلمي  التفاوضي هو نتاج آليتنا في الجنوب العربي للتعامل مع أي صراع أو خلاف مع الآخر. ويندرج هذا المفهوم على قضايانا الدولية والعربية والمحلية، ولا ينتقص ذلك من حقنا في الدفاع عن النفس ضد كل عدوان.

          وترتكز سياستنا تجاه العالم الخارجي في دوائره المحيطة ببلادنا والدوائر الاكثر اتساعا في استلهام معاني السلام بمعنى أن موقفنا ينبع من حق كل دولة أو شعب في تقرير المصير وفي امتلاك سياسة القرار وبما لا يتعارض مع مبادئ وقواعد حقوق الانسان، وبما يتفق مع الشرعية الدولية السائدة.. وبناءً عليه، فإن علينا أن ننتهج كافة الأنشطة السياسية التي من شأنها تحقيق الاستقرار في المنطقة أولا وفي العالم ثانيا.

          كما أن سياستنا هي نبذ الحروب ونبذ استخدام السلاح في معالجة الاختلافات السياسية؛ وايضا نسعى إلى التعاون مع كافة القوى والتيارات الشرعية الساعية والرامية، حقا، إلى تحقيق السلام والعدل والإخاء. وكما أننا نسعى للمشاركة في كافة الندوات واللقاءات والمنتديات والتجمعات التي من شأنها مناقشة الأزمات والصراعات الدولية خاصة ذات التأثير في الشأن الجنوبي العربي من قريب أو بعيد وبما يحقق أمن واستقرار المنطقة ويحقق أمن واستقرار العالم وبما يعلي من شأن بلادنا في الأوساط الإقليمية والدولية وبما يؤدي إلى أن يحتل الجنوب العربي مكانته الهامة بين سائر الدول. وانتهاج الوسطية ونبذ الارهاب بكافة أشكاله وصوره ويمتد نبذ الارهاب إلى الارهاب الفكري الذي تمارسه بعض القوى والتيارات بهدف تجميد الساحة السياسية وإبطاء حركة النمو الديمقراطية للمجتمعات. وندعو في هذا الاتجاه إلى التحاور مع كافة الثقافات والحضارات والديانات المختلفة حتى يكون التعامل مع الآخر فاعلاً لصالح البشرية. وفي هذا المنوال نود أن نعطي النموذج خلال السنوات القليلة القادمة في الانفتاح على الآخر وقبول الآخر والتعايش معه بما يحفظ لكل جانب حقوقه المشروعة، وتراثه ومعتقداته وبما يؤدي إلى خلق مجتمعات هادئة ومستقرة وساعية إلى التنمية وندعو إلى نبذ التطرف والتعصب حيث أن كليهما نتيجة طبيعية للفهم غير السوي للتراث الحضاري الإنساني والتعاليم السماوية.

          ونحن نستهدف من كل تلك السياسات إعطاء العالم نموذجا سمحا للمشاركة السياسية للتيارات المعتدلة من الأحزاب والقوى السياسية التي نشأت أو تنشأ، ويغلب عليها الطابع الديني فليس هناك من وجهة نظرنا أي تعارض أو تصادم بين تطبيق المفاهيم السمحة  للإسلام ومفهوم الدولة المدنية العصرية حيث أن المجتمع الدولي – ومجتمعنا العربي والإسلامي جزء منه – وفقاً لمستجدات العصر ومن استقراء التجارب السياسية الماضية استقرت الأمور على أن شكل الدولة والمواطنة هما الأساس للتعامل بين الكيانات وللتعامل بين الأفراد.. وهو أمر نقرّه ونسعى إلى تأكيده.. وبالتالي فإن مواقفنا المستقبلية من كافة القضايا البادية والتي في رحم المستقبل ستحددها هذه المرتكزات.. وسنعلن مواقفنا تجاه كل قضية على حده كلما دعت الضرورة لذلك.

عبدالرحمن علي بن محمد الجفري

رئيس الهيئة الوطنية الجنوبية المؤقتة للتحرير والاستقلال(الهيئة)

رئيس حزب رابطة الجنوب العربي الحر (الرابطة)

[1] لم تشهد بلاد العربية الجنوبية قبل الإسلام وبعده ميلاد كيان ولا وجود لكيان حمل اسم اليمن.. إلا أن العالم عرف وتعامل مع هذه التسمية – اليمن – في التاريخ الحديث منذ عهد الإمام يحى حميد الدين في النصف الأول من القرن العشرين وذلك بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وانسحاب تركيا.. اطلق اسم المملكة المتوكلية اليمنية فقط على ما عُرف فيما بعد بالجمهورية العربية اليمنية، ولم يكن الجنوب العربي جزءاً من تلك الدولة التي حملت اسم اليمن كدولة لأول مرة في التاريخ.

 

rr

LEAVE A REPLY