المكلا ( المندب نيوز ) متابعة خاصة
تسبب تصريح أدلى به محافظ البنك المركزي اليمني، حافظ معياد، في إثارة أزمة على مواقع التواصل الاجتماعي حول إيرادات المحافظات المحررة، وخاصة الواقعة تحت سيطرة حزب الإصلاح الإخواني، وسط تقارير عن أن الحزب ظل طيلة أربع سنوات يستثمر عائدات النفط والغاز في مأرب للحساب الخاص.
ولوح معياد في تصريح إعلامي نشره على صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي، الجمعة، بالاستقالة من منصبه إذا لم تتم “جباية إيرادات فرعي البنك في مأرب والمهرة وتوريدها إلى البنك المركزي بعدن”.
وقالت مصادر مطلعة لـ”العرب” إن تهديدات محافظ البنك المركزي اليمني المعين من قبل الحكومة بالاستقالة من منصبه جاءت نتيجة حملة إعلامية تعرض لها، ومحاولات لعرقلة اتفاق مبدئي تم بينه وبين محافظ مأرب سلطان العرادة أواخر مايو الماضي لربط فرع البنك المركزي في مأرب بالبنك الرئيسي في عدن.
وقالت المصادر إن مراكز قوى مؤثرة ساهمت في عملية إجهاض الاتفاق، بهدف الاستفادة من إيرادات النفط والغاز والموارد الأخرى في محافظة مأرب واستخدامها بعيدا عن رقابة وإشراف البنك المركزي اليمني.
وأشارت إلى أن فتح ملف هذه العائدات وبشكل رسمي سيفتح ملف الفساد الواسع الذي يتخفى وراءه رموز حزب الإصلاح، وهو ما يفسر حملة التشكيك التي طالت المحافظ من الإخوان ومن الحوثيين.
واعتبر معياد أن قبوله بالمهمة الموكلة إليه “كان لإنقاذ الاقتصاد اليمني والحيلولة دون انهيار العملة الوطنية في وقت كانت كل المؤشرات تنبئ بوقوع كارثة وشيكة لا تحمد عقباها”، مؤكدا أنه اشترط لقبول هذه المهمة “أن يكون العمل واضحا وشفافا”.
ونجحت حملة إعلامية واسعة أطلقها ناشطون وإعلاميون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية في إتمام الاتفاق الذي وقعه محافظ البنك المركزي اليمني ومحافظ محافظة مأرب وتشكيل لجنة فنية لربط إيرادات محافظة مأرب بالبنك المركزي.
وعلق الخبير القانوني عبدالكريم سلام على أزمة إيرادات مأرب في تغريدة على تويتر قال فيها “الأصل أن يربط فرع البنك اليمني المركزي في مأرب بمركزه باعتباره الخزينة العامة للدولة ينفذ السياسة المالية ويدير السياسة النقدية في آن واحد، وأي نقاش يبتعد عن هذا التوجه يبقى مجرد صراخ حزبي مضاد لمنطق اشتغال الدولة”.
وسلطت تصريحات محافظ البنك المركزي اليمني الضوء على ما اعتبره مراقبون مظهرا بارزا من مظاهر الفساد المالي في عدد من المحافظات المحررة واستئثار حزب الإصلاح في تلك المحافظات بموارد هائلة كانت تذهب إلى قنوات مالية غير معروفة، في ظل اتهامات باستثمار تلك الأموال لأغراض حزبية وخاصة.
وكشفت هذه الأزمة حجم الدور التخريبي الذي يلعبه حزب الإصلاح داخل مؤسسات الشرعية، حيث يتخفى وراء هذه المؤسسات لتقوية نفوذه المالي والسياسي والعسكري، فيما يقيم علاقات داخلية وخارجية تضعف الحكومة وتعيقها عن تحقيق أي تقدم خاصة على المستوى العسكري الميداني.
وكتب الصحافي والناشط السياسي اليمني محمد سعيد الشرعبي في تغريدة على تويتر في إشارة إلى إخوان حزب الإصلاح “بعد وعودهم الجديدة بالالتزام باتفاق الربط، هل ستسلم عصابة المافيا المليارات المنهوبة من إيرادات مأرب والمهرة والوديعة خلال السنوات الخمس الماضية؟”.
وأضاف “هذه أموال الشعب، وتوريدها إلى البنك سيعزز من استقرار العملة الوطنية، ويوفر سيولة كبرى لحل الآلاف من المشكلات المالية”.
وركزت تعليقات وردود أفعال وسائل إعلام وناشطي حزب الإصلاح، التي حاولت التبرير لرفض ربط إيرادات مأرب التي يهيمن عليها الحزب بالبنك المركزي في عدن، على عدم سيطرة الحكومة اليمنية على العاصمة المحررة في الوقت الذي يتواجد فيه رئيس وأعضاء الحكومة في العاصمة المؤقتة عدن.
ولفت خبير بالقضايا المالية إلى أن معظم موازنة الحكومة الشرعية منذ أربع سنوات تقريبا تأتي من خلال الموارد المالية لمحافظتي عدن وحضرموت على وجه التحديد، في الوقت الذي كانت تصرف إيرادات محافظات أخرى بطرق غير رسمية ولا تتسم بالشفافية المالية.
وكشف السياسي اليمني فهد طالب الشرفي في تغريدة على تويتر عن تحويل أموال من البنك المركزي اليمني في عدن إلى محافظة مأرب خلال السنوات الماضية بالرغم مما وصفه بـ”تمرد فرع مأرب على الحكومة”.
وقال الشرفي “هناك مبالغ كبيرة صرفت لمأرب من البنك المركزي في عدن خلال السنوات الماضية ولدي معلومات مؤكدة عنها”.
وجاء تعيين حافظ معياد، وهو قيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام ورئيس سابق لأحد أكبر البنوك الحكومية في اليمن، كمحاولة لإنقاذ العملة اليمنية التي تعرضت لموجة غير مسبوقة من الانهيار نتيجة عدة عوامل في مقدمتها سوء إدارة الملف المالي والاقتصادي وانقسام المؤسسات النقدية بين صنعاء وعدن والمضاربة بالعملات.
وقد نجح معياد، وفقا لمراقبين، في وقف الانهيار المالي والنقدي عبر سلسلة من الإجراءات الاقتصادية والنقدية.
واعتبر خبراء اقتصاديون أن معركة معياد الأخيرة لتوحيد القنوات المالية وتحويل كافة إيرادات الدولة إلى البنك المركزي في عدن تأتي في سياق هذه الإجراءات، بالرغم من تبعات هذا القرار الذي توقع مراقبون أن تتصاعد تأثيراته خلال الفترة القادمة على شكل حملات إعلامية موجهة من قبل نافذين ومراكز قوى وأحزاب تضررت من هذا الإجراء.