المكلا (المندب نيوز) الحياة

 

بعد رحلة استمرت نحو 16 شهراً تنقل خلالها بين 4 دول عربية وأفريقية، منها 5 أشهر أمضاها في الصحراء الليبية بصحبة مهربين للبشر، انتهى المطاف أخيراً باليمني خالد شعنون (40 عاماً) في مدينة نابولي الإيطالية ضمن موجة هجرة سرية هي الأكبر تشهدها أوروبا منذ سنوات.

 

وشعنون واحد من آلاف اليمنيين الذين قصدوا أوروبا وأميركا خلال السنوات الأخيرة هرباً من الحرب والفقر أو بحثاً عن الحرية. وخلافاً لمواطنه أنور عقاب (29 عاماً) الذي وصل نهاية 2014 الى إيطاليا بتأشيرة قانونية لينتقل بعدها الى السويد التي منحته في في 2016 أوراق لجوء، خاض شعنون مغامرة محفوفة بالأخطار قبل أن يستقر به المطاف في معسكر للمهاجرين وطالبي اللجوء في مدينة نابولي.

 

وروى شعنون في حديث مع «الحياة» عبر الانترنت، قصة لحظات عصيبة وفاجعة شهدها خلال رحلته التي انطلقت في آب (اغسطس) 2015 من ميناء المخا اليمني الى مدينة بربرة الصومالية، ثم براً الى إثيوبيا والسودان وليبيا. وذكر أنه شهد مقتل مدير منظمة إنسانية في مقديشو عمل معها مصوراً لمدة وجيزة ثم عاد واضطر لأن يبيع كاميراته في السودان ليدفع للمهربين تكاليف انتقاله الى ليبيا ثم الى إيطاليا وقدرها 2800 دولار.

 

وتشكل الحروب والمجاعة والاضطهاد السياسي والديني أسباباً رئيسة للهجرات اليمنية عبر التاريخ. وتسببت الحرب الأهلية التي تشهدها البلاد على خلفية الانقلاب المسلح في مقتل أكثر من 10 آلاف مدني ونزوح نحو 2.5 مليون شخص داخلياً ولجوء حوالى 300 الف الى دول مجاورة وأجنبية فيما يبقى تمزيق النسيج اﻻجتماعي وتفريق شمل الأسر أسوأ نتائج الحرب.

 

عند وصولها الى الصومال ربيع 2015، لم تتوقع أسرة حواء الهندي أن يكون ثمن هروبها من القتال الدائر في عدن هو تفرق شمل الأسرة. فخلال حفلة زواج عقدت في هرجيسا تعرفت البنت الصغرى لأسرة الهندي الى رجل إثيوبي طلب يدها لتكون زوجة رابعة له. وافقت الفتاة تاركة طفلها من زواج سابق لشقيقتها الكبرى حواء. وعقب تحرير عدن منتصف 2015، عادت والدة حواء الى اليمن بينما توجهت هي مع ابنتها سوسن (20 سنة) وطفل شقيقتها الى مصر بهدف الوصول الى أوروبا وفق ما روت حواء في اتصال مع «الحياة» عبر سكايب.

 

ومع تردي الأوضاع الأمنية وعودة الاستبداد الى دول الربيع العربي، صارت الهجرة هاجساً للشباب العربي الذي يسلك مختلف الطرق للحصول على لجوء أو فرصة عمل في دولة أجنبية. ويقول الموظف في هيئة الطيران اليمني في صنعاء، عصام صلاح (38 عاماً): «لو كانت اﻷيام تباع وتشترى لباع العربي كل سنينه ليحصل على يوم أوروبي واحد»، مشيراً الى أن «بعض المسلمين يضحون بحياتهم من أجل جنة مشتهاة بينما يجد الأوروبي جنته على الأرض». وعما إذا كان يفكر في الهجرة بدوره يقول صلاح: «لا، لأنني متعلق بوطني وأهلي».

 

في المقابل، يرى أنور العقاب أن الحصول على المال في اليمن سهل خصوصاً مع تفشي الفساد وغياب معايير المنافسة، مؤكداً في حديث مع «الحياة» عبر سكايب أن هجرته الى السويد هي بحث عن الحياة والحرية وليس عن المال.

 

ويعمـــل العقاب، الذي تخرج في جامعة صنعاء وتخصص في الهندسة، في مطعـــم في مدينة غوتنبرغ على الساحــل الغـــربي للســويد ويتلقى دروساً في اللغتين السويدية والإنكليزية.

 

وتشير التقديرات الى وجود نحو 7 ملايين يمني مهاجر في مختلف بلدان العالم، وحتى نهاية القرن العشرين ظلت بريطانيا والولايات المتحدة وجهة أثيرة لليمنيين قبل أن تصبح الدول الاسكندنافية مقصداً مفضلاً خصوصاً للشباب الذيي شاركوا في الاحتجاجات الشعبية التي أجبرت في 2011 الرئيس علي عبدالله صالح على التنحي عن الحكم. ويذكر شعنون الذي كان ناشطاً في «ثورة 11 فبراير» أنه تعرض لمضايقات وتهديدات بعد اجتياح ميليشيا الحوثيين وصالح صنعاء وسيطرتها على مؤسسات الدولة، متهماً عناصر في الميليشيا بتخوينه وممارسة العنصرية ضده بسبب سحنته وانتمائه الى فئة المولدين.

 

واليمنيون بمعظمهم الذين يهاجرون الى أوروبا تهريباً هم في الغالب فقراء. وتعد ليبيا ومصر والسودان محطات رئيسة لشبكات تهريب البشر عبر المتوسط. ويذكر شعنون أن المهربين يقودون المركب الى قرب السواحل الاقليمية الإيطالية ثم يوكلون القيادة الى مهاجر يتم مسبقاً تعليمه لهذا الغرض مقابل إعفائه من دفع نفقات تهريبه، فيما يدبر المهرب الحقيقي راجعاً الى ليبيا حتى لا يقبض عليه.

 

وكان شعنون اليمني الوحيد ضمن قارب يحمل 600 شخص من المغرب وباكستان ومصر واريتريا والسودان. وإضافة الى ليبيا، تعد تركيا محطة أخرى ليمنيين يقصدون أوروبا تهريباً. ووفق خفر السواحل اليوناني بلغ عدد اليمنيين الذين وصلوا الى الجزر اليونانية خلال 2015 نحو 150 شخصاً.

 

 

 

LEAVE A REPLY