الشرق الأوسط: اليمنيون في مناطق سيطرة الانقلابيين ينفقون على الموظفين

545

المكلا (المندب نيوز) الشرق الأوسط

«هي ليست رشوة، ما نحصل عليه هو مقابل خدمة نقدمها للمراجعين لإنجاز معاملاتهم بسرعة». هكذا يبرر محمود، وهو اسم مستعار لأحد عناصر الشرطة في صنعاء، الحصول على مبالغ مالية نظير تقديم الخدمات للسكان؛ لأن راتبه مقطوع منذ 7 سنوات.

ويؤكد محمود أن الجميع سواء أكانوا من منتسبي الشرطة أم من الموظفين في الجهات الخدمية، يعيشون على ما يحصلون عليه من مبالغ مالية بشكل يومي من المراجعين.

الرجل الذي يعمل في الخدمة منذ 18 عاماً، ويبلغ من العمر 44 عاماً، يقول إنه وكثيراً من زملائه «وبعد قطع رواتبهم منذ نهاية عام 2016، يعتمدون على المبالغ التي يقدمها المترددون على منشأة الشرطة للحصول على خدمات، مثل تعميد مذكرة أو الحصول على طلب استدعاء، أو حل خلاف مع آخرين، أو الحصول على وثائق شخصية، أو شهادة ميلاد لأطفالهم، ويجزم بأنهم لا يتعمدون عرقلة المعاملات ولكن الإسراع بإنجازها».

ويضيف: «من دون هذا كيف لنا أن نعيش وننفق على أسرنا، لأنه وحتى قبل اجتياح الحوثيين صنعاء كانت الرواتب لا تكفينا». ويقول إنه ولهذا يعرضون خدماتهم للمراجعين الذين بدورهم يدفعون مبالغ بسيطة «ولا نفرض عليهم مبلغاً معيناً». ويجزم أن هناك أشخاصاً يدفعون أكثر من آخرين لأنهم ميسورون.

استئثار بالمبالغ الضخمة

ويؤكد محمود أن المشرفين الحوثيين في الأحياء وعناصرهم المعينين في أقسام الشرطة والمكاتب الأمنية يستحوذون على المبالغ الكبيرة؛ لأنهم يتدخلون بدلاً من الشرطة والنيابات والمحاكم في فض النزاعات بين السكان، على ملكيات الأراضي، وفي النزاعات التجارية وحتى حوادث السير.

هذا الأمر يؤكده عباس، وهو موظف حكومي في صنعاء، ويقول إن الموظفين في الشرطة والنيابات والمحاكم وكل الجهات الخدمية تقريبا، «يحصلون في الأسبوع الواحد على أكثر من رواتبهم الشهرية، إما كرشاوى أو مكافآت مقابل تسهيل وإنجاز المعاملات للناس، باستثناء المدرسين الذين يعملون دون أجر».

ويرى أن ذلك كان السبب وراء قيادة المعلمين للاحتجاجات المطالبة بصرف الرواتب وتخاذل بقية الموظفين.

لكن خلافاً لهذا القول، تؤكد مصادر في «اتحاد عمال اليمن»، أن عشرات الآلاف من الموظفين سواء كانوا مدنيين وعسكريين يعيشون أوضاعاً مأساوية بسبب استمرار قطع رواتبهم، وأن من يحصلون على مبالغ مالية من السكان مجموعة من العاملين في قطاع الشرطة، أو قطاع الإسكان وبعض الجهات المرتبطة بالجبايات مثل مكاتب التجارة والمقاييس والجودة والضرائب والزكاة.

ووفق هذه المصادر فإن قطاعاً عريضاً من العسكريين رفضوا العمل مع الحوثيين، كما تم إبعاد من يعملون في الجانب الإداري من أعمالهم في الداخلية أو في وزارة الدفاع والجهات التابعة لها، وهؤلاء لا يحصلون على أي رواتب.

وبينت هذه المصادر أن عشرات الآلاف من الموظفين في مناطق سيطرة الحوثيين تركوا أعمالهم، وغادروا للعمل في مهن أخرى، سواء في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، أو إلى الخارج، وأن عدداً قليلاً من الموظفين يوجدون حالياً في الجهات الحكومية باستثناء الجهات الإيرادية التي يسيطر على قيادتها الحوثيون؛ لأن هؤلاء يحصلون على رواتب شهرية ومكافآت، كما يمنحون سلطات أخذ جبايات من المحالّ التجارية أو من وسائل النقل.

رواتب ومكافآت حصرية

المصادر ذكرت لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين يخصصون رواتب شهرية ومكافآت وحوافز لقياداتهم وأعضاء مجلس الحكم وأعضاء الحكومة غير المعترف بها، وأعضاء ما يسمى مجلسي النواب والشورى، وكذلك العناصر الأمنية والعسكرية، كما يصرفون الرواتب الأساسية لمن يعمل معهم في قطاع الأمن والجيش، وهي رواتب ضئيلة لا تزيد على 100 دولار في الشهر، ولهذا تركوا للعاملين في هذه القطاعات البحث عن مصادر دخل من السكان عند تقديم أي خدمة من الخدمات.

ووفق هذه المصادر، فإن الكثير من قادة الحوثيين يتولون الفصل في النزاعات على ملكية الأراضي والمنازل، ويجنون من وراء ذلك مبالغ طائلة، كما هي الحال مع القيادي الحوثي المعروف عبد الله الرزامي الذي يدير مكتباً خاصاً للفصل في النزاعات في مناطق جنوب صنعاء بأكملها، ابتداءً من منطقة «العشاش» مروراً بمنطقة حدة وبيت زبطان، حيث تتمركز القوات الموالية له وامتداداً إلى منطقة بيت بوس وهي أرقى أحياء العاصمة اليمنية.

ويؤكد سكان في صنعاء أن الحوثيين قاموا بتأجير محطات توليد الكهرباء الحكومية والشبكة العامة لتجار من أتباعهم باتوا يبيعون الخدمة بأضعاف السعر الرسمي، فبدلاً من 18 ريالاً للكيلو واط، تباع حالياً بثلاثمائة ريال يمني (الدولار نحو 530 ريالاً).

كما يلزم المستهلكون بدفع الفواتير كل أسبوعين، وتحصل وزارة الكهرباء في حكومة الانقلاب على نسبة من المبالغ التي يحصل عليه ملاك مولدات الكهرباء، ووفق المصادر، أعادت الجماعة أخيراً تشغيل بعض محطات الكهرباء العامة، ولكنها رفعت تعرفة الاستهلاك أيضاً إلى مستويات مقاربة لأسعار الكهرباء التجارية.

LEAVE A REPLY