المكلا (المندب نيوز) العرب اللندنية
تداولت تقارير إخبارية محلية أنباء عن دخول نحو 25 قياديا وخبيرا من الحوثيين إلى الأراضي السورية عبر العراق، متخصصين في تشغيل الطائرات المسيّرة واستخدام الصواريخ، لتعزيز قدرات الميليشيات الموالية لإيران في المنطقة، رغم أن الرئيس السوري بشار الأسد بقي بعيدا عن محاولات التصعيد مع إسرائيل.
وأفادت مصادر خاصة لشبكة “دير الزور 24”، بأن القياديين دخلوا من خلال معبر السكك الحدودي الذي تسيطر عليه الميليشيات المدعومة من إيران، وذلك بمرافقة سيارات تابعة لهذه الميليشيات لتأمينهم.
وأشارت إلى أن العناصر الحوثية تم نقلهم فور وصولهم إلى منطقة “المربع الأمني للموارد البشرية” في مدينة البوكمال شرق دير الزور، وكان في استقبالهم قائد ميليشيا الحرس الثوري الإيراني في المدينة “الحاج عسكر”.
وغابت التصريحات والبيانات بخصوص هذه التحركات من أي جهة رسمية كانت، غير أن التهديدات التي أطلقها الحوثيون بشن هجمات برية على إسرائيل، إلى جانب تصعيد الضربات الإسرائيلية في لبنان وسوريا والأراضي الفلسطينية، عززت فرضيات وجود محتمل لهذه الجماعة في سوريا، مع إمكانية أن تشن هجماتها على إسرائيل من هناك.
وقبل أيام ذكر موقع “عين الفرات”، أن 4 من قادة جماعة الحوثي المدعومة إيرانيًا وصلوا إلى مدينة البوكمال بريف دير الزور قادمين من الأراضي العراقية عبر معبر السكك، وذلك في 2 أغسطس الماضي، مشيراً إلى أن القياديين دخلوا الأراضي السورية برفقة سيارات عسكرية تابعة لفصيل “سيد الشهداء” العراقي، المشرف على إدارة المعبر.
وقال الموقع إن “القياديين الحوثيين الأربعة متخصصون في صواريخ أرض – أرض والطائرات المسيرة، وصلوا إلى أحد مقرات الحرس الثوري الإيراني قرب منطقة الأعلاف على أطراف مدينة البوكمال، وعقدوا اجتماعاً مع القائد العام للفصائل الإيرانية في قطاع البوكمال الحاج عسكر، ونائبه الحاج سجاد، بحضور قياديين إيرانيين ولبنانيين. وأشار إلى أن الاجتماع تم وسط تدابير أمنية وعسكرية فرضتها الميليشيات الإيرانية في محيط المنطقة المحيطة بالاجتماع، مع نشر حواجز مؤقتة وتسيير دوريات.
ولفت إلى أنه بعد انتهاء الاجتماع، توجهت قيادات الحوثي نحو العاصمة دمشق برفقة عناصر “سيد الشهداء”، مرتدين زي قوات النظام السوري لعدم لفت الأنظار، فيما رفعت سيارات الدفع الرباعي التي كانوا يستقلونها أعلام الجيش النظامي، وسلكوا طريق البوكمال – الميادين، ثم طريق الميادين – دير الزور البري، ومنها باتجاه طريق دير الزور- تدمر وصولاً إلى دمشق.
وعزز موقع آي”24 الإسرائيلي، إمكانية صحة هذه الأخبار، حيث نشر في 12 سبتمبر الجاري “محادثة مسربة لمسؤول سوري”، ذكر فيها “أنه في الأيام الأخيرة وصل ناشطون حوثيون من العراق إلى جنوب سوريا لفتح جبهة إطلاق نار جديدة باستخدام مسيرات ضد إسرائيل حيث سيتمركزون في هضبة الجولان القريبة من الحدود الإسرائيلية”.
وفي سبتمبر الماضي، أفادت وكالة “نوفوستي” الروسية بأن جماعة الحوثي اليمنية بدأت في نقل قواتها العسكرية إلى سوريا عبر الأردن، استعداداً لشن هجمات ضد إسرائيل. ونقلت الوكالة عن مصادر أمنية قولها إن جماعة الحوثي نشرت قوات بحجم لواء، دخلت الأراضي السورية عبر الأردن في مجموعات صغيرة.
وذكرت أن قوات الحوثي المنتشرة في سوريا هي “الأكثر تجهيزاً من الناحية الفنية، والأفضل استعداداً للقيام بعمليات هجومية ضد إسرائيل”، مشيرة إلى أنه “يتم تدريب هذه القوات على تشغيل المركبات المدرعة وتحضيرها للعمل بالمدفعية والطائرات المسيرة”.
لكن وكالة الأنباء الروسية “سبوتنيك” نقلت عن عابد الثور الخبير العسكري (مقرب من الحوثيين) نفيه ذلك، قائلا إن “سوريا والقوات فيها ليست بحاجة إلى دعم من القوات اليمنية، لأن لديها من القوات ما يكفي”.
كما ذكر مقال في صحيفة هآرتس الاسرائيلية، أن الأردن لم يكن ليسمح بانتقال لقوات أجنبية، سواء للحوثيين أو غيرهم، عبر أراضيه إلى سوريا، وبالذات في معبر حدودي رسمي. وسوريا نفسها طردت قبل سنة تقريبا “الدبلوماسيين” الحوثيين الذين كانوا في السفارة اليمنية في دمشق بعد أن بلور نظام الأسد التفاهمات حول ذلك مع حكومة اليمن المعترف بها مقابل تحسين العلاقات مع سوريا.
وأضاف المقال أن “سوريا تدين الهجمات ضدها، لكنها تعتبرها مشكلة لإيران وليس لها. هناك شك كبير إذا كانت سوريا ستغير إستراتيجيتها وتوافق على استخدامها كساحة أخرى في مواجهة إسرائيل إذا اندلعت حرب واسعة مع حزب الله، حتى لو جرت هذه الحرب تدخل إيران بشكل مباشر”.
وفي الوقت الذي نفت فيه هذه المصادر أخبار عن دخول مقاتلين حوثيين إلى سوريا عن طريق الأردن، أُخذت التقارير التي تتحدث عن وصول قادة حوثيين عن طريق العراق على محمل الجد. ويرى محللون أن هيمنة الميليشيات الإيرانية على مناطق عديدة في سوريا والسيطرة على ما يجري فيها، يجعل من غير المستبعد أن تنقل عناصر حوثية من العراق حتى دون موافقة السلطات السورية.
ويمتد وجود الميليشيات الإيرانية في سوريا، وكذلك قادة في الحرس الثوري، من الحدود السورية – العراقية في أقصى الشرق، بالقرب من مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وصولًا إلى الجنوب السوري على الحدود مع الجولان المحتل.
وتتعدد آليات الوجود الإيراني في سوريا، سواء عبر ضباط تطلق عليهم إيران اسم “مستشارين”، وهم المسؤولون عن تسيير مصالح إيران في البلاد، وآليات تدريب الميليشيات الوكيلة لإيران في المنطقة، أو عن طريق ميليشيات مشكّلة من عناصر ينحدرون من جنسيات وبلدان مختلفة، ويجمعها الولاء الديني.
وساهمت تصريحات زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي بتوسيع العمليات البرية ضد إسرائيل والدول الغربية الداعمة لها، في ترجيح هذه الخطوة، حيث أشار إلى أن جماعته “ستفاجئ إسرائيل والولايات المتحدة قريباً بعملياتها البرية، كما فاجأتهما بعملياتها في البحر الأحمر”.
ومنذ نوفمبر الماضي، تواصل جماعة الحوثي، هجماتها بالصواريخ والطائرات المسيّرة ضد سفن الشحن التجارية في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن. وأدت هجمات الجماعة المصنفة عالميًا بقوائم الإرهاب، إلى زيادة تكاليف التأمين البحري، ودفعت العديد من شركات الشحن الدولية إلى تفضيل الممر الأطول بكثير حول الطرف الجنوبي للقارة الأفريقية.
ولردع الحوثيين، وحماية حركة الملاحة البحرية، شكلت الولايات المتحدة، في ديسمبر 2023، تحالفًا متعدد الجنسيات، في حين تنفذ القوات الأميركية، بين الحين والآخر ضربات ضد أهداف عسكرية تابعة للحوثيين. وبلغ عدد الغارات الأميركية والبريطانية ضدّ الحوثيين على الأرض، منذ 12 يناير الماضي، نحو 560 غارة، أدَّت في مجملها، حتى الآن، إلى مقتل 58 عنصراً، وجرح 86 آخرين، وفق ما اعترفت به الجماعة.