الحضارمة وحضرموت والعمل السياسي “الحلقة1” مقال لـ أ.عمر حمدون

431

 

 يصدق بعض الحضارمة فيما يطرحونه من مسببات لنكبات ومصائب وطنهم حضرموت حين يوجهون اصابع الاتهام اولا الى الذات الحضرمية نفسها قبل غيرها من ذوات لآخرين .

يقول احد هؤلاء الحضارمة في مداخلة له في احد المؤتمرات التي شهدتها مدينة المكلا منتصف عام 2011 مع تحفظنا على تقسيمه : ” …تبقى مشكلة حضرموت الاساسية في المطالبين بحقوقها , وليست في المانحين لحقوقها .

ان ما اصاب حضرموت من مصائب طوال ال45عاما تقريبا للأسف هو بسببنا نحن ابنائها حيث انقسمنا الى فسطاتين , فسطاط للأسف سكت عن الحق وهو الغالبية من مثقفين ومفكرين واساتذة وشيوخ وتجار وعامة ونقول لهم كفى, وفسطاط يمثل ثلة صغيرة غالبيته من الجاهلين ساعد في احتلالنا وظلمنا وذلنا وكان عونا ومعينا مؤيدا ومشرع لكل ما جرى بنا .

هذه هي الحقيقة التي يجب علينا جميعا ان نعترف بها ونتصارح فيها …الخ ” صالح باسويد – ورقة عمل مقدمة الى الحلقة النقاشية ( حضرموت الرؤية والمسار ) المكلا12-13/6/ 2011م .

ومن باب المصارحة التي دعى اليها هذا الحضرمي في مداخلته تلك اكتب هذا الموضوع …. ليس لمهاجمة الذات وجلدها بقدر ماهي محاولة متواضعة لمعرفة جزء من حقيقة اسباب مصائبنا ….وهي الاسباب المتعلقة بالذات , لعلنا بعدها نكف عن تحميل الاخر وحده مسئولية كل المآسي التي مرت بها حضرموت وشعبها هذا من ناحية ومن زاوية اخرى لعلنا نتعاطى مع موضوع حضرموت الوطن المغيب بطريقة غير الطريقة التي يفضلها البعض اليوم للوصول الى هذا الوطن ” المفقود ” …

ولان الحديث عن النكبة والمصيبة الحضرمية حديث ذو شجون وهموم وبالضرورة سيجرجرنا الى التطرق الى البدايات الاولى لمسببات النكبة في الداخل الحضرمي فإنني اجد نفسي مضطرا لمقاومة هذا الانجرار, من خلال التأكيد على ان ما غدى معروفا ومعلوما في مسيرة حضرموت السياسية الحديثة والمعاصرة ليس من الحكمة اعادته وتكراره الا في الحدود التي تجعل من احداث وشواهد الحاضر صدى لأحداث الماضي …..الامر الذي يؤكد صدق المقولة التي تحمّل الحضارمة انفسهم اولا اسباب نكباتهم ومصائبهم .

بالأمس البعيد لم يشتت هوية الحضارمة وجود ” دولتين ” او سلطتين كانتا في حضرموت تحت الحماية البريطانية , بقدر ما شتت هوية الحضارمة ومسخها بل ومحاها لحساب هوية اخرى هو فقدانهم لروح وطنية حضرمية ..واكرر فقدانهم لروح وطنية حضرمية متجذرة في الذات الحضرمية كتجذر جبال حضرموت على الارض الحضرمية ….روح وطنية حضرمية عميقة في ذات الحضرمي كعمق وجود حضرموت في التاريخ الانساني ……….روح وطنية حية ومتقدة تجدها عند جميع فئات الشعب الحضرمي في الداخل كما في الساحل وبلاد الاغتراب , في الحضر كما في البادية …عند النخب المثقفة ورجال المال والاعمال كما هي عند عامة الناس في مستوى واحد .

روح وطنية حضرمية لها خطوطها الحمراء التي لابد ان يتوقف عندها مطأطي الرأس كل حضرمي اراد او اريد له ان يتنازل عن هويته الحضرمية ويقبل بهوية اخرى لاتساوي شيئا في ميزان الاصالة والتاريخ كما هي اصالة وعراقة حضرموت ……روح وطنية حضرمية تجعل من سابع المستحيلات ان يوجد فرد حضرمي او مجموعة حضرمية بداخل او بخارج حضرموت يدعو / تدعو الى ألحاق حضرموت بكيان دولة اخرى ….او بيمن الامام المتوكلي من آل حميد الدين , كتلك الجماعة الي عناها واشار اليها المؤرخ صلاح البكري بقوله : – ” الغريب ان معظم دعاة حضرموت الكبرى يتمنون من اعماق قلوبهم ان تكون حضرموت خاضعة لحكومة اليمن , والاغرب من هذا ان بعض هؤلاء يعلمون كل العلم ان اليمن لاتزال تعيش في ظلام العصور الوسطى ..هم يعلمون ان العدل في اليمن مفقود والامن مسلوب والحرية مكبلة باغلال من حديد .

هم يعلمون ان اليمن متأخرة في كل شي بالنسبة لحضرموت وان اليمنيين اموات والحضارم احياء ومع هذا يريدون ان تخضع حضرموت لليمن وان يحكم الاموات الاحياء فهل يريدون ان يرجعوا الحضارم الى الوراء مئات السنين ؟!!. ” كتاب في جنوب الجزيرة.. ….لله درك ايها المؤرخ البكري !!وكأنك تتحدث عن واقع اليوم وليس عن واقع مايزيد عن 70 عاما مضت………….اقول نعم هكذا كان حال بعض مثقفي حضرموت ونخبها المتعلمة في تلك الايام الخوالي حين هبت على بلاد حضرموت عواصف النظريات والافكار الصفراء والرمادية والحمراء فتلقفتها النخب الحضرمية ….لم تكن حضرموت – ارضا وشعبا – عند هؤلاء ” المثقفين ” هي المنطلق وهي المنتهى لتلك الافكار والرؤى , بقدر ما كانت حضرموت للأسف مجرد حقيبة مسافر يتجه بها حيثما اتجه أولئك المسافرون في اوهام التنظير الفكري والسياسي ….وكأنهم كانوا يعانون من عقدة نقص كونهم حضارم حتى طالب البعض منهم بألحاق ارضه ووطنه حضرموت بمملكة امام اليمن المتوكلية , كما اشار الى ذلك المؤرخ  البكري في كتابه ” في جنوب الجزيرةالعربية ” .

 

يتبع الحلقة 2

LEAVE A REPLY