نازحو اليمن إلى قفار الصحراء..

570

العبر (المندب نيوز) خاص :

تُعدُّ قضية النازحين في اليمن الأكثر تعقيداً،  والأكثر قتامه وسوادا , فالقصف العشوائي والممنهج الذي تشنّهُ الميليشيات الانقلابية على المدن والأحياء السكنية , يتسبب في نزوح الكثير من اليمنيين إلى مناطق عدة. 

إلى هُنا في صحراء العَبر على أطراف الربع الخالي، في هذه البقعة الجغرافية البعيدة من أي ملامح حضارية أو مدنية , نَزحَ العشرات من اليمنيين القادمين من مختلف المحافظات اليمنية ، في مخيمات مزدحمة بنساء وأطفال وكهول , مُفتقرةٍ إلى الحد الأدنى من وسائل العيش. 

هؤلاء “المُهجّرون” المنسيُون الساقطون من حسابات أرباب الحرب وطاولات التفاوض , هُم الضحايا الحقيقيون للحرب الهوجاء التي تشُنها ميليشيات الحوثي وقوات الرئيس السابق علي صالح على أي أثر للحياة في المناطق التي يسيطرون عليها , أو بالأصح التي يقتحمونها بقوة السلاح، لا ذنب لهؤلاء سوى وقوع مدنهم وقراهم البسيطة على مرمى نيران المدافع في حرب عبثية لا ناقة لهم فيها ولا جمل.

مخيم مركز الملك سلمان : 

مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية أنشأ مخيماً لإيواء النازحين في هذا الموقع , إذ يستوعب المخيم ما يقدر بنحو (3000) نازح , بمعدل (700) أسرة ، المخيم يحوي في الوقت الحالي نحو (9) أسر ما يقدر بنحو (90) نازح من أطفال ونساء وشيوخ ورجال , جلّهم من المحافظات الشمالية التي تشهد حالة من الاحتقان.

 مع صعوبة العيش في تلك البقعة الجغرافية القاحلة ، يعاني الكثير من الأطفال والنساء والشيوخ صعوبة التعايش مع البرد القارس.

وفي جولة ميدانية استطلع «المندب نيوز» آراء النازحين ورصدت معاناتهم المتجسدة في شُحِّ المأكل وتوفير الجانب الصحي وغيرها من الحاجات المعيشية.

قال جلال محمد وهو أحد النازحين من صنعاء: «نزحنا إلى هذه المنطقة منذُّ أكثر من سبعة أشهر، بسبب ما فعله الحوثيون وقوات صالح من اقتحام لبيوتنا ومساجدنا وما أحدثوه من دمار وخراب».

وأضافَ: «بعد تفاقم الحرب خرجنا بأقل الوسائل، لا نملك إلا إمكانات وأدوات بسيطة من ماء وكهرباء وخيام وفرش وصوف وشيء يقينا هذا البرد القارس , تمَّ توفيره لنا عبر مركز الملك سلمان للإغاثة , الذي يتكفّل بهذا المخيم منذ أكثر 9 أشهر».

وأوضحَ: «أنَّ العيش هنا أمر في غاية الصعوبة، خصوصاً مع فقدان الدخل المادي، حيث لا نملك رواتب أو مصادر دخل، هنا نجد صعوبة وتوفير الغذاء والدواء والأمور الصحية، إذ تبعد منّا الأسواق والمستشفيات مسافات لا بأس بها».

 

انتهاكات صارخة :

وفي رصد الانتهاكات الحاصلة في بعض المحافظات التي تشهد حالة الحرب قال أحد مشايخ وأعيان محافظة الجوف لـ «المندب نيوز»: «المشهد في محافظة الجوف سيّئ للغاية، إذ دُمرت الكثير من منازل السكان، ناهيك عن الخسائر الكبيرة التي لحِقت بشبان صغار راحوا ضحايا تلك الحرب الظالمة، حتى المساجد لم تسلم من التدمير والقصف المدفعي».

 

وأشارَ إلى صعوبة النزوح مع الحرب موضحاً أنَّ «الذين نزحوا من محافظتنا هم من القبائل المعروفة مثل قبيلة دهم الكبرى وذوي حسين وآل همدان وغيرها»، لافتاً إلى اضطرار رجال القبائل لإخراج أسرهم إلى أماكن أكثر أمان.

معاناة متكررة:

 وقال محمد علي (13 سنة) لـ «المندب نيوز»: «نزحنا من بيتنا إلى الصحراء ونعيش في خيام لا تقينا برودة ليلها ولا حر شمسها، تركنا بيتنا ومدرستي بعد أنْ دخلَ الحوثيون إلى مُدننا وشوارعنا ونهبوا محتوياتها وملئوا أرجاءها بالموت، والدي استشهد في الجبهة ولم نر له جثةً ولا قبراً نبكيه فيه , تماماً مثل الكثيرين من شباب القرية».

تدخلات إغاثية :

وبعد تفاقم الأوضاع المعيشية في المخيمات، تصل العديد من المنظمات والمؤسسة الإغاثية والإنسانية بين الحين والآخر لدعم النازحين والمخيمات لتخفف الأعباء , إذ استطاعت تلك المنظمات بتدخلها الإغاثي العاجل رسم جملة من الابتسامات لدى الأطفال والأسر النازحة لعلها تساهم في تدفئة تلك الأجواء القارسة وتعطيهم أملاً للبقاء.

وأكدَ مدير مخيم مركز الملك سلمان معاوية ياسين لـ «المندب نيوز»: «أنه ورغم معاناة النازحون هنا، إلا أنَّ مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية سهل الكثير من الاحتياجات المعيشية للنازحين، حيث تم توفير مولدات كهربائية وخيام مكيفة ومياه وغيرها من الخدمات، الأمر الذي خفف الكثير من معاناة الأسر خصوصاً في هذه الصحراء القاحلة ومع دخول موسم الشتاء».

LEAVE A REPLY