المكلا(المندب نيوز) متابعات
خرج حمزة في الأول من تشرين الأول/أكتوبر إلى شوارع بغداد للمطالة بحياة كريمة، لكنه عاد بفجوة في ظهره وكسر في عموده الفقري، وساق مشلولة.
ويقول الشاب البالغ من العمر 16 عاماً بصوت بالكاد يمكن سماعه “هذه تضحية من أجل العراق، ولو أستطيع أن أمشي، أعود الآن إلى التظاهرات”.
وأسفرت عملية قمع الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي انطلقت في بغداد ومدن جنوبية عدة في الأول من تشرين الأول/أكتوبر عن إصابة ثلاثة آلاف شخص على الأقل بإعاقات دائمة، بحسب إحصاءات منظمة “تجمع المعوقين في العراق” غير الحكومية.
ويضيف ذلك عبئا على كاهل بلد تشير الأمم المتحدة إلى أنه بين الدول التي فيها أكبر معدلات الإعاقة في العالم.
وتعتبر موجة الاحتجاجات الجارية في العراق ضد فساد الطبقة السياسية الأكبر والأكثر دموية في البلاد منذ عقود، وتستخدم فيها قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي والمطاطي والقنابل الصوتية.
ووجهت منظمات حقوقية انتقادات للقوات الأمنية العراقية لإطلاقها قنابل الغاز المسيل للدموع من مسافة قريبة، ما أدى إلى وفيات وإصابات “مروعة”، إذ تخترق تلك القنابل الجماجم والصدور.
في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر، أصيب نحو 20 متظاهراً بينهم حمزة، بالرصاص الحي في بغداد.
اخترقت الرصاصة معدة حمزة، وخرجت من ظهره مخلفة فجوة كبيرة، فيما أصابت رصاصتان أخريان ساقيه، ويقول والده أبو ليث إن حمزة وصل إلى مستشفى قريب وكان دمه سال بغزارة وقلبه يكاد يتوقف.
كان ميتا
ويروي الوالد الذي وصل إلى المستشفى بعدما اتصلت به القوات الأمنية من هاتف حمزة، أن الأطباء استخدموا جهاز الصدمات الكهربائية وأربع وحدات دم وأدخلوا حمزة إلى غرفة العمليات ويقول “كان ميتاً، الأطباء أعادوه إلى الحياة”.
وكشفت الأشعة المقطعية والتقارير الطبية التي أظهرتها عائلة حمزة، عن كسور متعددة في أسفل العمود الفقري، ما أدى إلى حدوث شلل في الساق اليمنى.
ويشير الوالد إلى أن حمزة عاد الآن إلى المنزل حيث يعيش على جرعات ثابتة من المخدر ومسكنات الألم، و”في بعض الأحيان يصرخ من الألم ليلاً”.
وللعراق تاريخ طويل من النزاعات الدامية، من حرب مع إيران بين عامي 1980 و1988، مروراً بالغزو الأميركي للبلاد في 2003 والإطاحة بنظام صدام حسين، ومعارك طائفية، وصولاً إلى المعارك ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
كان لكل نزاع ضحاياه، وبين الضحايا في كل مرة “الجرحى” وهم الآلاف من الذين أصيبوا بإعاقة دائمة.
وبحسب تعداد لـ”تجمع المعوقين في العراق”، يبلغ عدد المعوقين في البلاد أكثر من ثلاثة ملايين شخص، وهو ما يتقارب مع إحصاءات أخرى لمنظمات دولية وحقوقية، وتشير وزارة التخطيط العراقية إلى وجود أكثر من مليوني معوق في 13 محافظة من أصل 18.
ويقول رئيس التجمع موفق الخفاجي لفرانس برس “هناك تزايد مستمر لحالات العوق (…) نخرج من أزمة وندخل في أخرى”.
وفي ظل غياب الأرقام الرسمية، يشير الخفاجي إلى أن فريقه يضطر إلى الاتصال بالمستشفيات والتواصل مع العائلات في بغداد والمدن الجنوبية، لتحديد عدد الأشخاص الذين تعرضوا لتشوهات أو عمليات بتر في الشهر الماضي.
ويعتبر أن رقم ثلاثة آلاف شخص، ليس إلا إحصاء تقديرياً، إذ إن الرقم قد يكون أعلى بكثير.