نحن نكذب بصوت عال عندما نكذب على أنفسنا مقال لـ وجدي صبيح

395

 

اذا لم يكن بمقدور احدنا في ظروف معينة ان يعلن الحقيقة كلها فلا بأس ان يقدم بعضها لكن المهم الا يغالط ضميره ليزيف الحقيقة او يتستر عليها اذ انه في هذه الحالة لن يرتكب جرم “الشيطان الاخرس” و انما سيقع فيما هو اسوأ، حيث يصبح شيطانا فصيحا، اذ لن يكتفي بالسكوت على الحق و انما سيتورط في الترويج للباطل الذي نسج حباله اليوم على الارجاء والنواح .

 

الشيطان الأخرس وتلاميذته من بني جلدتنا لا يروق للكثير منهم ان تستل قلمك وتبوح بكلماتك وتطلق العنان لفطرتك وتقول رايك فيما يجري حولك من احداث وقضايا يتهمك البعض بما لا يجوز   ويتهمك اخرون بانك احمق تعرض نفسك للخطر في هذا الزمن الذي تراق فيه الدماء كشربة ماء باردة أنا لست ذكيا بما فيه الكفاية للكذب والخداع والمحاباة ولست غبيا ايضا بما فيه الكفاية حتى انضم الى قافلة الشياطيين الخرس فلن يوقف مداد قلمي قول او فعل او مجاملة فساكتب وواغني واطير ولكني لن اطلق الرصاص ابدا .

 

الحقيقة هي الدواء المر الذي يجب ان يتجرعه الجميع بصبرا وثبات سمعا وقولا لانه وفي الاخير لا شئ سيوقف سيل الباطل غيرها ، وقول الحقيقة دائما يصاحبه اذى تتنوع اصنافه والوانه ولهذا السبب لا يستطيع الكثيرون ابتلاعها او حتى شم رائحتها فهم يريدون الأشياء الحلوة وخصوصا السم الحلو من الأكاذيب والتنازلات وان جثوا على اقدامهم وتشققت شفاههم وجاعت بطونهم .

 

كم هي المنكرات ذات الصفة الرسمية التي نراها عبر الشوارع واينما حطت اعيوننا أزقة مغمورة بالوحل والاوساخ شوارع مشوهة تعج بالمارة تفتقر الى ابسط الحقوق والالتزامات لا تحضى باي احترام من قبل المواطن نفسه اولا والجهات الرسمية ثانيا ، خدمات عامة تقدم على مراتب ومنازل وفقا لفصيلة الدم وطبيعة النسب ، اموال تهدر فيما لا يفيد وبونا فاحش في الاجور والمرتبات دون مبرر حقيقي ، انتهاك لحرمات المنازل والبيوت بصور مختلفة وحتى المساجد ايضا وسرقة محتوياتها والعبث بالمصاحف والكتب الدينية ، انتشار أعظم فاحشتين اللواط والزنا ، وتفشي أم الخبائث الخمر والمخدرات  والحبوب والمسكرات ، وظلم الأبناء والعمال والزوجات ، وأكل حقوق الخدم والأجراء ، والأيتام والفقراء ، تساهل في إنكار المنكر ، وتباطؤ في التواصي بالمعروف ، وتكاسل في النصيحة ، حتى هلك معظم الناس اليوم ، ووقعوا فيما لا تحمد عقباه ..حقيقة امر من المر قيلت وتقال فكثير من الآباء لم تعد لديهم قدرة للتأثير على أبنائهم وبناتهم ، ففقدوا زمام الأمور ، وتركوا الحبل على الغارب ، تنصلوا من أوامر شرعهم ودينهم، فحدثت الجرائم ، وارتكبت العظائم ، فلا للسكوت على ذلك المنكر ، هنا نقطة على سطر يليها الاعتراف بما يجب الاعتراف به من خراب العقول والالباب وتنصلها عن قول الحقيقة في وجه الابناء والبنات .

 

هناك حقائق بالارقام وفضائح متوارثة تتنقل بين ادراج المسؤولين في مدينتنا فالارقام لا تكذب ولكن الكذابون يكتبون ارقاما ، قد يطل علينا بين الفينة والاخرى احد مسؤولينا او حتى احد مشايخنا وعلمائنا ومثقفينا يطل علينا بكل وقاحة يحاول ينتزع حقائق الباطل التي تشابها في حجمها جبال مدينتنا الكبيرة بكلمات وجمل اقل ما يقال عنها انها اقبح من القبح فاسوأ الأكاذيب هي الأكاذيب التي نقولها لأنفسنا ونسمعها ممن تعشمنا فيهم الصلاح والخير فإذا كنت تكذب ثم تقول الحقيقة ، سينظر الي الحق على انه كذبا فلا تكذبون  نحن نعيش في إنكار ما نقوم به ، حتى ما نفكر به نفعل ذلك لأننا خائفون نخشى اننا لن نجد الحب ، وعندما نجده نخشى أن نفقده نخشى أنه إذا لم يكن لدينا حب سنكون تعساء .

LEAVE A REPLY