الامارات (المندب نيوز )وكالات
يتحدث الكاتب إيهاب خليفة، صاحب كتاب “حروب مواقع التواصل الاجتماعي” ورئيس وحدة متابعة التطورات التكنولوجية بمركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة بأبو ظبي، لفرانس 24 عن نظرية المؤامرة التي انتشرت عقب ثورات الربيع العربي، وحروب مواقع التواصل الاجتماعي التي فقدت خلالها الدول سيادتها مقابل شركات كبرى.
تتحدث في كتابك الأخير عن “حروب مواقع التواصل الاجتماعي”. ما طبيعة هذه الحروب ولماذا هذه النظرة السوداوية لوسائل التواصل الاجتماعي التي يتجاوز عدد مستخدميها ملياري مستخدم؟
هنالك ظاهرة تشكلت بالفعل اسمها حروب مواقع التواصل الاجتماعي، فمثل ما عندنا حروب عصابات وحروب نظامية بالجيوش، وإلكترونية متعلقة بالقرصنة الإلكترونية، هنالك هذه الحرب الجديدة حيث قامت بعض الدول بإنشاء كتائب إلكترونية سواء كان ذلك بصورة نظامية رسمية أو غير رسمية. فمثلا إيران لديها كتائب الباسيجي الإلكترونية التي يدعمها النظام، ودورها التعبير عن صورته وتعكس مواقفه اتجاه بعض القضايا، وتبرر مواقفه بصورة رئيسية كما يمكن استخدامها لتشويه صورة أحد الرموز السياسية، أو إثارة بعض الشائعات حول ملف ما.
نفس الشيء قام به نظام الرئيس السوري بشار الأسد، والذي أنشأ كتائب إلكترونية لمواجهة الحرب الدائرة ومختلف التيارات المشاركة فيها. وهناك أيضا كتائب الإخوان المسلمين، وكتائب تنظيم “الدولة الإسلامية” التي ساعدته بدرجة كبيرة في نشر أفكاره وتجنيد الجهاديين عبر مختلف بلدان العالم.
هذه الحروب هي أقرب إلى حروب الرأي العام، فيها كتائب إلكترونية منظمة تديرها دول أو جماعات إرهابية تعتمد على برامج كمبيوتر عملاقة تكلفتها باهظة، وتلجأ إلى إنشاء حسابات إلكترونية مزيفة وعمل هاشتاغات بها كي تتحول بعدها إلى “ترند” إثر التفاعل الكبير معها على وسائل التواصل الاجتماعي، ما سيجلب حتى اهتمام وسائل الإعلام التقليدية إليها.
هل تصدق نظرية المؤامرة الغربية عبر وسائل التواصل الاجتماعي لإسقاط أنظمة عربية؟
نظرية المؤامرة والتساؤلات التي أحيطت بها ظهرت في 2011 عقب ثورات الربيع العربي. وروجت لها أنظمة عربية لمواجهة الضغط الاجتماعي الذي تحول إلى حروب في العديد من هذه الدول، ولا يزال يروج لهذه الأفكار حتى في الوقت الحالي.
هذه النظرية خاطئة، لأن من جهة هذه الأنظمة العربية كانت مؤهلة لحدوث ثورات كبرى بالنظر إلى الوضع السياسي والاجتماعي والأمني الذي كانت تعرفه. ومن جهة أخرى، وسائل التواصل الاجتماعي ظهرت قبل هذه الثورات، ففيس بوك كان موجودا في 2006، وتويتر كذلك في 2007، وقبلهما كانت موجودة بعض الوسائل الأخرى حتى ولو أنها لم تعرف نفس النجاح والانتشار في العالم.
والتساؤل الذي يطرح نفسه عند الحديث على نظرية المؤامرة هو ماذا فعلت هذه الدول العربية لتقاوم ذلك؟ هل قامت باختراع أدوات مقاومة؟ هل خلقت وسائل تواصل اجتماعي عربية بديلة كما فعلت الصين مثلا عندما قررت التحكم في الأفكار التي يتبادلها مواطنوها فيها بينهم خاصة فيما يتعلق بحقوق الإنسان إثر رفض محرك غوغل طلبها بتقديم بيانات المستخدمين الصينيين؟
هل نفهم من هذا المنطلق أن بعض الدول فقدت سيادتها أمام عمالقة الإنترنت مثل غوغل وميكروسوفت، إلى درجة أنها صارت تطلب منها معلومات عن حسابات مواطنيها؟
بالفعل، الدول فقدت سيادتها أمام عمالقة الإنترنت والسوشيال ميديا كغوغل وفيس بوك وتويتر، فمن يمتلك بيانات الأشخاص – ومنهم الإرهابيون والجهاديون – على الإنترنت؟ ليست الدول بل هذه الشركات.
كان لوسائل التواصل الاجتماعي دور كبير خلال الانتخابات الأمريكية الأخيرة. هل صارت هذه الوسائل أداة تأثير انتخابية أمام تراجع وسائل الإعلام التقليدية؟
بالفعل، لعبت مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة تويتر دورا رئيسيا في هذه الانتخابات، بصورة تمكننا من القول إن كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي فقدا السيطرة الإعلامية على متابعيهما.
وتراجع خلالها دور الإعلام التقليدي كالصحافة الورقية والتلفزيون حيث أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي أدوات اتصال مباشرة بين المرشحين وبين الجمهور، وتبارى الفريقان في الوصول إلى ملايين المتابعين على تويتر من خلال تغريدات وتعليقات بصورة جعلت المحتوى الذي نشر على وسائل التواصل منذ بداية الانتخابات الأمريكية يحتاج إلى 874 عاما لقراءته وفقا لتقرير شركة SocialFlow.
ولكن هذا الدور الذي لعبته مواقع التواصل حمل معه كافة أنماط التأثير، سواء كانت إيجابية أو سلبية، حيث كان يزداد التفاعل الإيجابي مع أحد المرشحين من قبل المتابعين بعد تصريح معين. كما كان التفاعل السلبي مع مرشح آخر بسبب تصريح آخر، بصورة جعلت مواقع التواصل أداة حقيقة تضغط على المرشحين وعلى تصريحاتهما الإعلامية بل وبرنامجهما الانتخابي. ومثال على ذلك حينما صرح ترامب بمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة، حيث جاءت ملايين التغريدات من كافة المتابعين، وبغض النظر عن اتجاه التعليقات نحو ترامب، إلا أنها شكلت أداة رئيسية في الضغط على ترامب للتراجع عن تصريحاته المستفزة.