أحمد شاب طموح ومتفوق في دراسته، أكمل البكلاريوس وحصل على مرتبة الشرف الأولى ، حيث يعيش مع أسرته جنباً إلى جنب في جو تغمره السعادة وتسوده المحبة وتجمعه الألفة ، ذهب ذات يوم للنوم وتراوده أحلام اليقظة بمستقبل باهر وشريط سنوات دراسته يمر على ذاكرته وينسج في مخيلته مديحا وإطراء أساتذته وزملائه .
وهو يتنقل بملفاته من مكتب إلى مكتب ومن شركة إلى شركة، كان الجواب واحد لا يوجد مكان شاغر ، اصطدم أحمد بواقع مرير وهو يشاهد توظيف من هم دون مستواه وأشخاص قد غادروا مقاعد الدراسة ومن لايحمل أدنى مؤهل دراسي وهو يجلسون على مقاعد الوظيفة .
فعاد إلى بيته حزينا وقد تكالبت عليه الهموم وحاول والده تهدئته وأخبر والده بأنه سيذهب معه للعمل في البحر فوافق والده بعد إلحاح شديد وأصبح يبحر من سواحل اليمن وصولا إلى سواحل الصومال، أملا أن يجمع طائلة فيحقق أحلامه التي تحطمت عند مكاتب المسئولين ويبني مستقبلا ينسيه البحث عن الوظيفة .
كان أول يوم لأحمد في البحر يوما شاق قد أصيب بدوار البحر فقد كان يوما كوميديا بالنسبة لزملائه الصيادين نصحه والده بعدوله عن قراره ولكنه أصر يوما بعد يوم حتى أتقن المهنة وأصبح ماهرا متقنا لها .
أصبح أحمد يبحر من ساحل إلى آخر حيثما وجد الرزق حتى جاء موسم الذهاب إلى الصومال للاصطياد واستأذن أحمد من والده للذهاب إلى الصومال ولكن الوالد رفض وأخبره بأن الذهاب إلى الصومال مغامرة فألح أحمد عليه حتى وافق .
أبحر مركب أحمد ورفاقه نحو الصومال لأول مرة ومرة تلو مرة حتى جمع أحمد مبالغ طائلة من رحلاته فبنى بيتا بدلا عن بيتهم القديم .
وأخبر أحمد أمه أنه يريد أن يكمل نصف دينه وأن تخبر والده فهو خجول ، بينما هم مجتمعون على طاولة الغذاء قال والد أحمد يا بني من تريدنا أن نخطبها لك ؟ فضحك إخوته بينما طأطأ أحمد رأسه خجلاً فقالت الأم ومن يريد غيرها صديقة الطفولة أترى إنه كان يقسم ما نعطيه معها وكم شكاوي الجيران من أجلها فقال والده له أصحيح هذا؟ فأشار برأسه بالقبول .
وركب أحد البحر في رحلته الأخيرة قبل زواجه وأثناء توجههم إلى الصومال بأسطول حربي كبير لم يروا مثله فتوقف المركب حتى يمر الأسطول فإذ بطائرتين هليكوبتر تتجه نحوهم بينما هي تقترب منهم تنطلق الرصاصات تخويفا على جانبي المركب فيما تحدث لهم شخص بلغة عربية ركيكة بأن يستلقوا على الأرض وتم التحقيق معهم وتصويرهم وأمروهم بأن لايتحركوا حتى يغيب الأسطول.
اختلف من في المركب ويرى البعض أن ينطلقوا ومن بينهم أحمد بينما الآخر يريد العودة وأقنع أحمد بقية زملائه بالتوجه إلى الصومال فقال لهم: فهذا حادث عرضي قد يحدث .
مضت عشرة أيام على غيابهم وامتلأ مركبهم بسمك التونة ( الثمد ) واتصل بوالده ليستقبله مع أخوته الصغار في ميناء الصيد ، وخلال عودته اعترض طريقهم مركب القراصنة وأطلقوا عليهم الرصاص فاخترق إحدى الرصاص صدر أحمد الهزيل لينزف بالدماء بينما أصيب رفيقه .
حاول صيادو المركب مسابقة الزمن لإنقاذ زملائهم بعد أن أطلقت عليم مجموعة من القراصنة النار وهم في طريقهم لميناء المكلا، وهنا توقفت روح زميلهم أحمد بعد محاولات لإنقاذه بعد صراع طويل لوقف نزيف شريان الدم على مقربة من الميناء .
انطلق والد أحمد مع إخوته لاستقباله وبسبب كثرة النقاط الأمنية تأخروا عن وصولهم وأخبره أبناؤه ذلك هو المركب وبينما هم يقتربون من المرسى سمعوا صياح الصيادين فأسرعوا إلى رصيف الميناء فقام أحد زملاء ابنه باحتضانه وهو يبكي وإذا بقية زملاء أحمد يحملونه وقد فارق الحياة فسقط على قدميه وسالت دموعه .
عاد أحمد جثة هامدة إلى قريته لتزف إلى مثواها الأخير واستقبلتها أمه المكلومه وحسرات إخوته ومات أحمد ولم يحقق أمنيته الأخيرة ومعها مات حلمه بالوظيفة ومات معه كل شي جميل.