المكلا (المندب نيوز) خاص
وضعٍ مأساوي، عاشته محافظة حضرموت قبل ثلاثة أعوام في مديريات ومدن الساحل، منذ سيطرت تلك الرايات السود التي دمرت كل شيءٍ جميل في المنطقة.
“القاعدة” تزعم آنذاك بأنها حققت انتصارا على القوى التي كانت تسيطر على ساحل حضرموت واحكام السيطرة عليه، ولكن الحقيقة غير ذلك -كما قال سياسيون-، بل كان مخطط لأجندة خارجية هدفها تنفيذ سيناريو محافظة أبين كنموذج في ساحل حضرموت من أجل الزج بالمحافظة في مستنقع الانفلات الأمني، ونجحت تلك المؤامرة التي خططت لها تلك الأجندة التي تتمنى الشر للمحافظة، وتمت عملية الاستلام والتسليم في غضون ساعات بين طرفين أحداهما الإرهاب والآخر القوات الشمالية، في حادثة لا أحد كان أن يتوقعها أبدا.
الإرهاب، والساحل:
المشهد لم يختلف عن محافظة أبين، بل كان الواقع مشابها تماما له في ساحل حضرموت، إذ بالمرافق الحكومية والمنظومة الأمنية والعسكرية وأمن المحافظة تديره عناصر إرهابية تردي اللثام الأسود وترفرف مخيمةً بالسواد في سماء المدينة، ذاك اللون الذي لا يعرف لغة السلم، بل كان نظام إرهابياً يعرف لغة السلاح والبندقية، وأسلوب الغدر الذي طال كثير من الكوادر العسكرية والأمنية ورجال الدين والشباب، من خلال عملية التصفيات ومفخخات الموت التي كانت تنفذها تلك العناصر بحق أبناء حضرموت.
أذاعت الرعب والخوف، وسلبت الأمن والاستقرار من قُلوب المواطنين، هكذا عاثت تلك العناصر الإرهابية في مُدن الساحل وجعلت من نفسها الآمرة والناهية، عطلت عمل الدوائر الحكومية، وجمدت النشاط الاقتصادي للمحافظة، دمرت المطار الدولي “الريان” وتسبب في انهيار المنظومة الامنية بالمحافظة، وشددت خناق حصارها على الأهالي، حتى المرضى أغلقت في وجوههم طرق السفر الى الخارج للعلاج بسببهم.
إضافة إلى الأزمة الاقتصادية وانعدام المشتقات النفطية، وافتتاح الأسواق السوداء للمشتقات النفطية، التي تجرع الأهالي الأسعار الخيالية من أجل شراء المشتقات النفطية، فذاك الوضع المأساوي تعجز اللسان عن وصفه الذي كما لم تعيشه المحافظة من قبل إلا بعد أن سيطرت عناصر القاعدة على الساحل.
“روايات مأساوية”:
“مُحمد” شابٌ في مقبل عمره، لديه أسره صغيرة، يحكي لـ “المندب نيوز” قصته التي مرّ بها تجربته في الساحل، تزوج بعد أشهر من دخول القاعدة، يقول إنه حُرِم من قيام ليلة “العمر” زفافه كبقية أقربائه الذين تزوجوا قبل عام القاعدة، ولم يستطع الفرح، وكان له أقرباء من خارج المحافظة لم يأتوا نتيجة الرعب الذي يعيشه ساحل حضرموت، فيما لم يتمكن أيضاً من الخروج مع زوجته في منتزهات او على شاطئ البحر بالأيام الأولى من زواجه لتأخر تسليم عقد الزواج نظراً لما تمر به البلاد من توقف الخدمات القانونية، خوفاً من تلفيق التهم به وتجنباً منه لأي أذى قد يلحق به او بعائلته من قبل القاعدة.
“هاني” أحد أبناء وادي حضرموت، عاش في الساحل لفترة نظراً لعمله الخاص، وهو الآخر الذي يقول لـ”المندب نيوز” ان القاعدة تسببت في خوف أسرة قريب له، بعد ان كان ينوي مغادرة المكلا برفقتهم، وكانت القاعدة قد منعت الخروج من المكلا في ذلك اليوم، وهم مغادرين من الطريق الخلفي لمدينة المكلا، ولكن عناصر القاعدة المتمركزين في تلك المناطق اطلقوا عليهم وابلاً من الرصاص، وبفضل الله تفادوهم وغادروا من المكلا، إلى الوادي دون الحاق أي اضرار بشرية، ولكن السيارة تعرضت لبضع خدوش إثر اطلاق الرصاص.
“سميرة” طالبة جامعية، تقول لـ”المندب نيوز” انها عانت من القاعدة التي عرقلت سير العملية التعليمية، في أولى مستويات دراستها، حيث تم توقيف الدراسة فترة حكم التنظيم، وكذا فرضوا قوانين ضمنها فصل الطلاب عن الطالبات مما عرقل الدراسة، إضافة الى امتناع الدكاترة من خارج المحافظة عن القدوم الى المكلا، وكذا فرض خناق على عملها الذي يلزمها الاختلاط ومزاولة تدريباتها المهنية ضمن دراستها.
“عبدالرحمن” أب لأسرة، يحكي قصته لـ”المندب نيوز” قائلاً كان اكبر شي اساءني في تلك الفترة السوداء هو تشويه هؤلاء لتعاليم ديننا الاسلامي الحنيف ارادوا بسلوكياتهم الخاطئة ان يجعلوا من الدين الحنيف كمصدر خوف وقلق وعدم امان للمجتمع بدلا ان يكون كما هو دين طمأنينة وامن وامان وسلام روحي، تكون في بيتك او برفقة اصدقاء لك او اقارب فيأتيك احدهم بكل صلف ووجه مكفهر ضاربا باب بيتك ويقول لك لماذا لم تذهب للمسجد لتصلي، “الراصد” يقول انكم لم تذهبوا لتصلوا وقت اقامة الصلاة .
وتابع بالقول انك تحاول تقنعه بان بعضنا يصلي جماعة في المحل الذي انت فيه وبعضنا ذهب الى المسجد …لايصدق، ويكرر عليك قوله ان الراصد قال ان لا احد منكم خرج للصلاة لقد جعلوا من انفسهم اوصياء على الناس ..!!
واضاف بالقول، في احد المرات دخلوا علينا دون استئذان من اهل الدار ضربوا الباب وكسروا الكيلون دخل اثنان منهم واحد اخذ يتنقل من زاوية في الغرفة الى زاوية اخري مستنشقا مكانا ثم اخر ولم يكن هناك شي يستدعي من ان يتصرف بهكذا سلوك الا سوء الظن والقصد، وفجأة يأمر كل من في الغرفة بان يسلموا هواتفهم لهم بكل فجاجة ودون احترام او اعتبار لكبار في السن، هذه التصرفات كلها خارجة عن قيم وتعاليم وسلوكيات ديننا الحنيف، ينظرون اليك بسوء ظن ونية فانت امامهم متهم اولا حتى تثبت براءتك لاحقا.
وختم حديثه قائلاً لقد جعلوا من أنفسهم اوصياء على ضمائر البشر بعيدا عن اخلاق الدين وعن الذوق والعرف العام.
النخبة، إشراق جديد:
ولادة وتأسيس النخبة الحضرمية حدث تاريخي لم يكن يتوقعه أهالي حضرموت، التي ضمت مختلف شباب أهالي حضرموت ساحلا وواديا.
حيث تأهلت القوات بمساندة ودعم الأشقاء في التحالف العربي وبالأخص دولة الإمارات العربية المتحدة، التي كانت على عناية كبيرة واشراف مباشر على تدريب القوات وتجهزيها، حتى بدأ عمليات تحرير ساحل حضرموت، بقيادة المحافظ السابق لحضرموت اللواء ركن أحمد سعيد بن بريك، والمحافظ الحالي قائد المنطقة العسكرية الثانية اللواء الركن / فرج سالمين البحسني، قائد المنطقة العسكرية الثانية.
في ليلة “24إبريل/نيسان” 2016م الظلماء دخلت النخبة الحضرمية مسنودة بالقوات الإماراتية بإشراف بالتحالف العربي في هجوم عنيف على تنظيم القاعدة وفي تلك المعركة التي استنزفت الكثير، استمرت لساعات والتي شارك فيها جواً طيران التحالف العربي عبر ضرب المواقع العسكرية وأماكن تجمعات التنظيم لتسفر عن خسائر فادحة في صفوفهم، وفي البر تمكن الجنود من الدخول الى المكلا وأحكموا سيطرتهم على مدينة المكلا في أقل من “28ساعة” فيما قام التنظيم بالانسحاب من أماكن سيطرته عبر غرب المكلا، ولاحقت قوات النخبة الحضرمية في دخولها عناصر تنظيم القاعدة عقب الفرار من الهجوم المباغت، وقتها كانت تلك لحظة التحرير التي شهدتها مدينة المكلا بعد عام كامل من سيطرة القاعدة على المنطقة.
وحققت النخبة الحضرمية وقوات التحالف العربي انتصارا عظيما على العناصر الإرهابية التي كانت تسيطر على ساحل حضرموت، وتمت مقارعة تلك العناصر والتي كانت تحكم سيطرتها على الساحل، واشرقت شموس النصر على وعادة الابتسامة على وجوها الأهالي فرحا بهذا الحدث الوطني التاريخي الكبير، الذي يعتبر بالنسبة لهم انقاذ ساحل حضرموت من مستنقع الإرهاب إلى بيئة يسودها الأمن والاستقرار.
وأتى ذلك الانتصار بعد أن قدمت حضرموت شباب من خيرة أبنائها، وكذلك دولة الإمارات، فداء من أجل إعادة الابتسامة وتطبيع الحياة وتأمين واستقرار المنطقة.
الإمارات، التحرير:
ساهمت الإمارات العربية “الشقيقة” في تحرير الساحل حضرموت من قبضة العناصر الإرهابية كركيزة اساسية، وذلك منذُ لحظة التأسيس والاعداد والدعم حتى التعزيز والتمكين.
لم يقتصر دور الإمارات على الدعم فقط، بل شاركت بأبنائها ودفعت بهم بالانخراط في صفوف النخبة الحضرمية وأصبح الدم الإماراتي مختلطا بالدم الحضرمي ، وشريك مساهم في عملية التحرير.
الدور الإماراتي في حضرموت لا يختلف عن الدور الذي قدموه عيال زايد في العاصمة عدن وبقية المحافظات، بدأً من عملية تحرير العاصمة من قبضة الانقلابيين، وهذا حدث تاريخي عظيم سطرته الإمارات في التاريخ .
ثلاثة أعوام :
عقب الانتصار الذي حققته النخبة الحضرمية على العناصر الإرهابية ، ها هو اليوم تعيش مديريات ساحل حضرموت ثلاثة أعوام على مرور هذا الانتصار، والذي يعتبر يوم تاريخي حققته النخبة الحضرمية من أجل تطبيع الحياة واستباب الأمن واستقراره.
ومنذ يوم التحرير وإلى اليوم وبعد مرور ثلاثة أعوام يعيش أهالي حضرموت في ظل حياة آمنة خالية من العناصر الإجرامية التي سفكت الكثير من الأرواح البريئة ومن خيرة شباب وكوادر حضرموت العسكرية والسياسية والدينية وآخرين.
حضرموت مستقبلاً:
عقب تحرير ساحل حضرموت ومرور أعوام على استقرار، دأبت السلطة المحلية بتنفيذ مشاريع تنموية وازدهاريه التي كانت نقطة ميلاد جديد وتحول لمحافظة حضرموت لما تمتلكه من ثروات يؤهلها ان تكون في الريادة ويؤهلها للازدهار والتطور، حيث يأمل الحضارمة ان تصل حدود النخبة الى مناطق وادي حضرموت لاستنساخ تجربة الساحل وجعلها منطقة آمنة تعيش في أمان وأن تظل محافظتهم في تطور مستمر يجعلها تصبح المحافظة الأولى التي تنطلق لتأمين مستقبلها.