ابن الشيخ ماذا في جٌعْبَتِه هذه المرة ؟؟ مقال لـــ الأستاذ : فرج عوض طاحس

334

 

المبعوث الأممي إلى اليمن ابن الشيخ يعود إلى اليمن  ثانية في ظل أنباء عن احتدام المعارك في الجبهات بشدة ، بين المتمردين وقوات الشرعية ، حاملاً معه خطة أممية معدلة لإيقاف الحرب في اليمن والشروع في العملية السياسية الموقفة ، وقد التقى في إطار هذه الجهود بالرئيس في عدن ، وكذلك بالطرف الآخر المتمردين في صنعاء ، لعرض عليهم هذه الخطة المعدلة ، لكن من خلال التسريبات ، التي نشرتها بعض المواقع الإعلامية ، لا توجد هناك تغييرات جوهرية فيها ، بل أبرز ما تحمله هو الإصرار الدولي على شرعنه  الانقلاب من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية يشترك فيها المتمردون مع السلطات الشرعية ، في ظل غياب الإرادة الدولية الحقيقية الضاغطة على الانقلابين لتنفيذ القرار الدولي ٢٢١٦ ، بل هناك اعتقاد قوي لدى الأوساط الشعبية والمتابعين لمجريات الحرب في اليمن.

 إنه كلما ادرك المبعوث الأممي والمنظمة الدولية والأمريكيون ، أن مجريات الأحداث على أرض المعركة لا تسير لصالح الانقلابين ، يأتون مهرولين لإنقاذهم ، الكل غير مبالي بالأوضاع الإنسانية المأسوية التي وصلت إليها حالة البلاد والعباد، التي تنذر بكارثة إنسانية حقيقية ، فاحتمالات نجاح جهود المبعوث الدولي ، ضعيفة جدا ومن المحتمل أن تنتهي مثل سابقاتها، فكلا الطرفين متمسكان باشتراطاتهما ، السلطة الشرعية متمسكة بالمرجعيات الثلاث ، القرارات الدولية ، المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ، مخرجات الحوار الوطني ، والإنقلابيون مصرون على اشتراطاتهم ، التي تتمحور في ايقاف غارات التحالف الجوية ،رفع الحصار البري والبحري المفروض عليهم ، فتح مطار صنعاء أمام الملاحة الجوية ، ليس من أجل ايقاف الحرب بشكل نهائي ، وانهاء معاناة شعب انهكته هذه الحرب اللعينة التي تقترب من عامها الثالث ، وإنما من أجل إعادة ترتيب صفوفهم ، لجولة قادمة من المواجهة ، وذلك من خلال الاستفادة من فترة الهدنة ،.

 

هذه الحرب التي أتت على الأخضر واليابس ، على الرغم من انكساراتهم والهزائم التي يتجرعونها في الجبهات ، حسب ما تتناقله وسائل الإعلام ، لكن حقيقة الأمور ودقائقها لا يدركها إلاّ القائمون عليها ، لكن الغريب جدا ويدفعنا إلى توجيه أكثر من سؤال ،لماذا جبهات الحرب التي يتولى القتال فيها الجنوبيون تحقق انتصارات سريعة ومذهلة ،بينما الجبهات الأخرى تتأرجح بين تقدم بطئ وتراجع ؟ في الوقت الذي تتفوق الشرعية المدعومة من التحالف عدداً وعدة في كل الجبهات ،مما يٌطِيلٌ أمد الحرب ومعها تزيد معاناة المواطنين ، ويجعل موضوع الحسم العسكري أمرا مستبعدا في الظرف الحالي ، لصالح الشرعية ، ً ويجعلنا نميل إلى الاعتقاد ، أنّ هناك من يعمل متعمدا على إطالة أمد الحرب وتأخير الحسم العسكري في صفوف الشرعية ، لحسابات خاصة سياسية ، ومن أجل استنزاف قوات التحالف العربي ، ولاسيما السعودية التي تتولى قيادته ، حتى تتم الاستجابة لمطالب المتمردين ، وهي شرعنه انقلابهم واشراكهم في أية تسويات قادمة محتملة ،من دون تنفيذ القرار الدولي ، الذي ينص صراحة على الانسحاب من المدن المحتلة من قبل ميليشياتهم وتسليم السلاح الثقيل المنهوب من المعسكرات ، وفي حالة شرعنه انقلابهم واشراكهم في أية سلطة قادمة ، مع احتفاظهم بسلاحهم ، سيمثلون قوة معطلة ، وستظل حالة التوتر واحتمالات نشوء دورة جديدة من العنف والإحتراب قائماً . 

 
لكن الغريب جدا ، هو التجاهل الأممي لقضية الجنوب في كل المبادرات ، واعتبارها قضية حقوق ومظالم ، وليست قضية شعب يطالب بحق تقرير المصير ، هذا الحق الذي تقره وتعترف به كل المواثيق والشرائع الدولية ، وهو حق مشروع بعد فشل وحدة اندماجية بين نظامين ، وتحولها إلى مآسي وحروب وهيمنة وتهميش للشريك الجنوبي ، الذي ضحى بدولة وأرض بما فيها من ثروات ، ليجد نفسه مطرودا من أرضه محروما من ثرواته ، ملاحقا بتهم باطلة ، استبيحت دماؤهم بفتاوي جائرة ، في ١٩٩٤ ، بحجة أنهم انفصاليون ملحدون،و في ٢٠١٥ م ، بحجة أنهم دواعش تكفيريون ، ولازال الدم الجنوبي ينزف حتى اليوم والليلة ، بسبب الاغتيالات والأعمال الانتحارية والسيارات المفخخة والعبوات الناسفة ، ولأنعرف ماذا تحمل الأيام والليالي القادمة من مفاجآت للجنوبيين ، في ظل التجاهل الإقليمي والدولي لقضيتهم ، الذي يعترف الكل بعدالتها وأهمية حلها حلا عادلا ، يستجيب لتطلعات وتضحيات هذا الشعب . 

 
ولعلّ التجاهل الإقليمي والدولي ، سببه حالة الانقسام ، التي تعيشها المكونات السياسية الجنوبية ، وغياب الحامل السياسي الموحد ، فغيابه حتى اليوم يخدم أجندات أعداء القضية الجنوبية ، وتلك القوى التي تسير في فلكهم ، وتعمل جاهدة في خدمتهم ليلا ونهارا . ولذلك يجب دعم كل الجهود التي تبذل لوحدة الصف الجنوبي ، وعزل تلك القوى التي تعمل على استمرار هذا التمزق والتشرذم من اجل مصالح ذاتية ، أو رغبة في الزعامة والنفوذ . 
الأستاذ / فرج عوض طاحس
سيؤن / حضرموت 
الخميس ٢ فبراير٢٠١٧٧ م

LEAVE A REPLY