استقالة الحريري تخلط أوراق لبنان (تقرير)

374
Lebanon's Prime Minister Saad al-Hariri hands over his resignation letter to Lebanon's President Michel Aoun at the Baabda Palace, in Baabda Lebanon October 29, 2019. Dalati Nohra/Handout via REUTERS ATTENTION EDITORS - THIS IMAGE WAS PROVIDED BY A THIRD PARTY NO RESALES. NO ARCHIVES TPX IMAGES OF THE DAY

تقرير (المندب نيوز) البيان

قد لا تكون الساعات التي مضت على إعلان الرئيس سعد الحريري استقالة حكومته، كافية لاستيعاب حجم الصدمة السياسية، ورصْد نتائجها، والانعكاسات التي يمكن أن تُحدثها، والكشف عن ملابساتها الحقيقية.

بعد قرابة أسبوعين على الاعتصامات الشعبية، استجاب الحريري لمطلب المعتصمين الأول المتمثّل في استقالته من رئاسة الحكومة وبالتالي استقالة حكومته دون أن يقترن قراره باتفاق على تشكيلة جديدة للحكومة المقبلة، لتدخل البلاد في نفق مجهول، في ظل إجماع سياسي على دخول البلاد في أزمة حكومية طويلة الأمد، وارتفاع منسوب المخاوف من دخول لبنان عملياً في أزمة سياسية، في انتظار ما سيقوم به رئيس اللبناني في مقبل الأيام.

فجّر الحريري كرة النار في وجه شركائه في التسوية الرئاسية، من خلال استقالته من دون الاتفاق معهم على المرحلة المقبلة، طاوياً صفحة التسوية إلى غير رجعة، ودافعاً نحو قواعد جديدة بإسقاطه اللاءات التي رفعها الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله.

ووفق معلومات حصلت عليها «البيان»، فإنّ قرار الاستقالة جاء على خلفية عدم استجابة الأطراف لطلبه تشكيل حكومة حيادية وتطعيمها بتكنوقراط، مع فصل النيابة عن الوزارة، فيما كان الحريري يؤيّد الخيار السياسي لا الأمني لمعالجة فتح الطرق، الأمر الذي كان موضع خلاف مع مرجعيّات أخرى، لاسيّما في ظل ارتفاع مستوى الضغط الاقتصادي والمالي في البلاد.

ويرى مراقبون أنّ لبنان مرشّح للدخول في مرحلة تجاذبات سياسية بالغة التعقيد، ستعرّض العهد لضغوط كبيرة قد لا يتحمّلها بعد استقالة الحريري، وما يعنيه ذلك من رفض لسياسة الرئيس عون الذي ما برح يدافع عن إيران ويبرّر احتفاظ حزب الله بسلاحه.

وفيما لم يعد هنالك من شك في أن التسوية الرئاسية التي أوصلت الرئيس عون لقصر بعبدا والرئيس الحريري إلى السراي الحكومي، تعرّضت لصعقة أسقطت مقولة إنّ التسوية تهتزّ ولا تقع، وأنّ ما تمكّنت من ترميمه أيادي السياسيين من ندوب عميقة في جسد التسوية، بفعل خلافاتهم المستفحلة مراراً وفي أكثر من موقعة منذ العام 2016، عجزت عن إصلاحه محاولاتهم المتكرّرة في مواجهة الثورة الشعبية العارمة التي انتفضت في وجههم منذ 17 أكتوبر الجاري، رافضة كل تسوياتهم المتقاطعة عند مركزية تأمين مصالحهم على حساب الوطن والمواطن.

دوافع استقالة

وأتت استقالة الحريري في ضوء الاقتراحات التي طرحت حول الثمن الذي كان يتوجّب دفعه إرضاءً لجموع المحتشدين في الشارع، وبالتالي إنهاء الأزمة. ووفق المعلومات، فإنّ أيّاً من هذه الاقتراحات لم يجد قبول القوى السياسيّة، بدءاً من طرح تغيير الحكومة، وهو الأمر الذي تصدّر مطالب المحتجّين، ورُفض من جل المكوّنات السياسية منعاً لوقوع البلد في الفراغ المحظور، وبالتالي صُرِف النظر عنه.

وبحسب تأكيد مصادر موثوقة لـ«البيان»، فإنّ رئيس الجمهورية كان مع فكرة التعديل، تِبعاً لِما أعلنه حول ضرورة إعادة النظر في الواقع الحكومي، إلّا أنّ الفكرة التي تمّ تداولها، والتي انطوت على إخراج بعض الأسماء التي وُصِفت بـ«المُستفِزّة»، كانت محل رفض قاطع لها من قبل رئيس الجمهورية، وحتى رفض مجرّد سماعها أو البحث فيها، كونها تناولت بالدرجة الأولى وزير الخارجية جبران باسيل.

ومع سقوط طرح تغيير الحكومة، وكذلك التعديل أو التبديل، بدا أنّ قرار السلطة، في موازاة ما يجري في الشارع، هو التفعيل، بمعنى المقاربة الفاعلة والسريعة لمجموعة من البنود التي تعتبرها إصلاحية ومُلحّة، ووضعها موضع التنفيذ السريع، وبعضها خلال فترة قصيرة جداً، على شاكلة «قانون استعادة الأموال المنهوبة» والتهرّب الضريبي، وصولاً إلى قانون العفو العام الذي راهنت السلطة على أن يأتي طرحه في هذا الوقت، ومن ثم إقراره، منفِّساً لجانب كبير من الشارع المُحتقِن ضدها، إلّا أنّ كلّ ذلك توقّف على عبوره الهيئة العامة لمجلس النواب، بالتوازي مع إقرار موازنة العام 2020.

LEAVE A REPLY