الحضارمة وحضرموت والعمل السياسي “الحلقة3” مقال لـ أ.عمر حمدون

625

 

 ..ويمكن استثناء مكونين سياسين حضرميين , ولكن لم يكن لهما ذاك الاثر في ترسيخ الهوية الحضرمية وان اقتصر نشاطهما على حضرموت , واعني بهما الحزب الوطني في المكلا والذي يعتبر اول حزب سياسي نشأ عام 1947م واقتصر نشاطه السياسي والاجتماعي على مساحة الدولة القعيطية فقط ومن مبادئه الولاء للعرش القعيطي – لاحظ حتى الولاء لم يكن لحضرموت بقدر ماكان للعرش – وقد انتهى هذا الحزب بعد حادثة القصر ديسمبر عام 1950م , والمكون الاخر هو حزب الرابطة الحضرمية الذي تأسس ايضا عام 1947م على يد مجموعة من الشباب الحضرمي بعد ان شعروا ان الحزب الوطني ماهوا الاّ صنيعة القصر السلطاني _ كما قالوا _ وشمل هذا الحزب  بعضويته كل ابناء حضرموت الساحل والداخل , وقد انتهى هذا الحزب ايضا مثلما انتهى الحزب الوطني , وانظمت بعض شخصياته الى حزب رابطة ابناء الجنوب العربي …

 

وفي هذا السياق الاستثنائي ايضا لايمكن ان نمر دون الاشارة الى جهود السياسي الحضرمي الشيخ عمر سالم باعباد ومكونه السياسي ” المؤتمر الشعبي بحضرموت ” هذا الشيخ السياسي الذي صاغ اول دستور لدولة حضرمية قادمة تسمى جمهورية حضرموت المتحدة وذلك عام 1965 م لم يتنازل عن هويته الحضرمية مقابل اية هوية أخرى وقد  كانت مساحة حضرموت في معتقده وفي برنامجه وفكره  السياسي  هي ذاتها مساحة دولة اتحاد الجنوب العربي , إضافة الى حضرموت الكثيرية والقعيطية والواحدية وسلطنة المهرة ، ويأتي مشروع استقلال حضرموت والجنوب لديه كمشروع وطني في اطاره القومي العربي ، بمعنى ان تتأسس دولة عربية حضرمية تمتد من حدود عمان شرقا حتى باب المندب غربا شأنها كشأن أي قطر عربي رحل عنه المستعمر .. وقد اكد على مشروعه هذا في ذلك الدستور المقترح من قبله والمنشور في عام 1965م , الا ان هذا المشروع الحضرمي الرائد انتهى ايضا ولم يكمله احد من بعده لافرد ولاتنظيم حضرمي الهوية والانتماء .

 

ان ماتمت الاشارة اليه هنا بإختصار شديد عن بعض ” انشطة “العمل السياسي الحضرمي قد اتى بعد ان استشعر الحضارمة منذ البدايات الاولى لسنوات القرن العشرين خطورة وضعهم كوطن آيل للاندثار والازالة من ذاكرة التاريخ , وكشعب يتردى في مهاوي الردى ويوشك على ان يدفن في مدافن الامم والشعوب وتنبهوا ايضا الى ضرورة امتلاك “حمية ” وطنية حضرمية تقودهم الى ” انتشال الامة الحضرمية ” من حالة التردي والاندثار بما يؤدي بالتالي الى الحفاظ على ذاتهم  كشعب حضرمي له هويته الخاصة وكوطن حضرمي  يحتضنه و….والاّ فان الحضارمة سيدفنون في “مدافن الامم والشعوب ”  كما قالوا ..ويمكن التدليل على هذا الاستشعار المبكر بالعودة الى قرارات المؤتمر الثاني للإصلاح الحضرمي المنعقد في سنغافورة في عام 1928م …

 

حيث نقرأ في قرارات بيان ذلك المؤتمر مايلي : ” لأن لم نقم بانتشال الامة من الدرك الذي تتردى فيه فإننا سندفن بلا ريب في مدافن الامم والشعوب اذا استمرأنا المضي في هذه الطريق المؤدية الى ذلك ولاتستغربوا مانقول فان عمر الامم يقاس بالمئات والالاف من الاعوام واذا مانفثنا انفسنا في هذا القرن فعندئذ سوف نندم حيث لاينفع الندم ربما نعيش طويلا مشتتين كأفراد بعد زوالنا كشعب ذي وطن لاقدر الله فتلك حياة يأباها العزيز ويأباها الحر ولايقبلها الا الضعيف الذي مات فيه الشعور ” – راجع نص البيان في تاريخ حضرموت السياسي للبكري ج 1 – ان هذا الاستشعار المبكر الذي ادركه الحضارمة عام 1928م قد حمل دون شك استشرافا لمستقبل حضرموت وطنا وشعبا ….ولكن بدلا من ان يقود ذلك الاستشعار الى استنهاض الهمم الحضرمية , فتشمر عن سواعدها لتحمي شعبها من التشتت كشعب ووطنها من الاندثار والزوال كوطن …بدلا من ذلك وجدنا الحضارمة فيما بعد ذلك المؤتمر قد سلكوا في عملهم السياسي والوطني دروبا اخرى لم تقد الا الى المصير الذي كان يتخوّف منه أولئك الحضارمة الاوائل في مؤتمرهم المنعقد بسنغافورة عام 1928م …. …….

يتبع الحلقة 4

LEAVE A REPLY