الحضارمة وحضرموت والعمل السياسي “الحلقة4” مقال لـ أ.عمر حمدون

489

لقد كتبت فيما سبق قوله بهذا الخصوص ان ذلك الإستشعار الذي ادركه الحضارمة عام 1928من خلال قرارات مؤتمر سنغافوره الثاني للإصلاح الحضرمي قد حمل دون شك استشرافا لمستقبل حضرموت وطنا وشعبا ،ولكن بدلا من ان يقود ذلك اﻹستشعار الى استنهاض الهمم الحضرمية فتشمّر عن سواعدها لتحمي شعبها من التشتت والضياع كشعب ، ووطنها من اﻹندثار والزوال كوطن ….بدلا من ذلك وجدنا الحضارمة فيما بعد ذلك التاريخ قد سلكوا دروبا اخرى في ممارستهم للعمل السياسي والوطني ، دروبا لم تقدْ الّا الى المصير الذي كان يتخوّف منه أولئك الحضارمة الأوائل في مؤتمرهم المنعقد بسنغافورة ، حيث وجدنا النخب السياسية  الحضرمية ومتعلميهم ومثقفيهم ، وحتى بعض العامة منذ أواخر الأربعينيات وما بعدها ,  وجدناهم قد توزعوا وانظموا الى العديد من الأحزاب والتنظيمات السياسية في عدن خصوصا , وأصبحوا كقادة وكأعضاء فاعلين في تلك الأحزاب والتنظيمات ، وشي طبيعي ان تلك الاحزاب لم يكن من ْ بينها من كان يعمل وفقَ مشروع سياسي وطني حضرمي , يعمل على ترسيخ الهوية الوطنية الحضرمية كهوية وطنية جامعة لشعب عربي يقطنُ بلادا ً عربية لها عمقها التاريخي كمسمى وكحضارة تسمى حضرموت .

 

وعلى الرغم من وجود شخصيات وقامات حضرمية مؤثرة وفاعلة في الجانب المالي الاقتصادي  والاجتماعي والعلمي في عدن وفي حضرموت وفي مواطن الاغتراب الحضرمي ايضا ، وتتفاعل تلك الشخصيات  ايجابيا مع ما يجري في وطنها حضرموت من احداث وقضايا عامة ، الّا انها لم تسعَ لتأطير عملها واهتمامها الوطني في مكونات او تنظيمات سياسية حضرمية – واقول سياسية وليست خيرية – في الداخل الحضرمي و ان تعذّر في الداخل , ففي الخارج إمكانيات متوفرة  ، يمكن لتلك المكونات ان تترجم على الأرض الحد الأدنى ممّا خرج به مؤتمر سنغافورة ( 1928م) وقبله مؤتمر الشحر (1927م) من قرارات -مثلا-  تتبنى وتجعل من الحضرمة هدفا استراتيجيا يقود الحضارمة الى إنشاء كيان دولة  وطنية حضرمية واحدة , بهوية وطنية حضرمية بعد إنهاء السيطرة البريطانية على الجنوب والغاء معاهدات الحماية والإستشارة البريطانية ، خصوصا في ظل مرحلة تاريخية برزت وترسخت فيها هويات وطنية متعددة لشعوب عربية في بقاع مختلفة على امتداد خريطة العالم العربي…. – كما اشرت الى ذلك سابقا – وهي هويات قد لاترقى الى مستوى أصالة وعمق الهوية الحضرمية ، إضافة الى ذلك هناك مجاميع كبيرة من الأعيان والشخصيات الحضرمية ذات التأثير والفاعلية في جانب المال والاقتصاد والعمل الاجتماعي سوى بداخل حضرموت أو بخارجها ، تلك المجاميع  لو عملت على التكتل في أطر سياسية وطنية حضرمية ، وعملت من اجل حضرموت ككيان وهوية – وكان في مقدورها –  لربما قلبت موازين القوى ، وغيّرت احداثيات الخريطة الجيوسياسية في جنوب الجزيرة العربية ، ولربما رأينا واقعا حضرميا مغايرا ومختلفا تماما عما وصلت اليه أوضاع حضرموت العامة أرضا وشعبا من مستوى متدهور في كل شئ خلال الخمسين أو الستين عاما الماضية .

يتبع الحلقة 5

LEAVE A REPLY