صنعاء (المندب نيوز)الخليج أونلاين
في فبراير/شباط عام 2016، اتهمت الحكومة اليمنية، بشكل رسمي، مليشيا حزب الله اللبناني بدعم وتدريب مليشيا الحوثي، الذراع الإيرانية في اليمن، التي أدخلت البلاد في أتون حرب هي الأوسع في تاريخها بفعل الانقلاب المسلح على السلطة الشرعية بالتحالف مع الرئيس المخلوع علي صالح.
وأكدت الحكومة اليمنية امتلاكها العديد من الوثائق والأدلة المادية التي توضح انخراط أفراد ينتمون إلى حزب الله في الحرب التي تشنها مليشيا الحوثي وصالح على الشعب اليمني.
وبالتزامن مع اتهامات المتحدث الرسمي باسم الحكومة اليمنية، راجح بادي، لحزب الله، بثت قناة “الإخبارية” السعودية فيديوهات مسرّبة لأحد خبراء حزب الله وهو يحاضر مجموعة من المليشيا على العمل العسكري والأمني.
– الإعلام الحربي
وفي مايو/أيار الحالي، نقلت وكالة الأنباء السعودية عن مصادر في التحالف العربي أن مليشيا الحوثي-صالح تستعين بخبراء من حزب الله اللبناني لإعداد لقطات مصورة تظهر استهداف سيارات تابعة للتحالف، من خلال الخدع التصويرية المستخدمة في صناعة الأفلام وبرامج “الفوتوشوب”، عبر ما يُعرف بالإعلام الحربي، في محاولة لإيهام المواطن اليمني بتحقيق الانقلابيين إنجازات عسكرية، في حين أنها تخسر كل يوم على الأرض.
و”الإعلام الحربي”، تسمية إيرانية للإعلام العسكري، ظهر في بؤر الصراع التي تقودها إيران في العراق وسوريا ولبنان واليمن، تستعرض من خلاله صوراً وفيديوهات لعملياتها العسكرية بطريقة حماسية وتعبوية تفتقد حقائق الواقع الميداني والعسكري.
ومع دعم إيران وحزب الله للحوثيين والخطابات التلفزيونية للأمين العام للحزب حسن نصر الله، الداعمة للحوثيين في نطاق ما يزعمون أنه دعم لمحور المقاومة والممانعة، والفعاليات التي يقيمها الحوثيون تمجيداً لحزب الله، واعترافهم بواحدية الفكر الخميني الذي يقوم على ولاية الفقيه- لم يعد السؤال: هل يدعم حزب الله الحوثيين؟ بل كيف يدعم حزب الله الحوثيين؟ وهل يمر كل ما تقدمه إيران للحوثيين عبر حزب الله؟
– قيادات الملف اليمني
القيادي في حزب الله ناصر أخضر، ووفقاً لتأكيدات مصدر يمني، هو المسؤول الأول عن الملف اليمني وهو إحدى حلقات الوصل مع إيران أيضاً، حيث إن مسؤولي إدارة الملف اليمني في طهران يتشاركون المعلومات والقرارات مع “أخضر” وسفارة طهران في صنعاء وشخصيات استشارية يمنية تقدم دراسات ومقترحات للجانب الإيراني.
ووفقاً للمصدر، فإن هذه المنظومة تصدر قرارات دعم المنظمات ومرتبات المشايخ القبليين والدينيين والناشطين والوسائل الإعلامية وحتى السياسة الإعلامية، وتحديثها وفقاً لمستجدات الميدان، بالإضافة إلى تخطيط الفعاليات الشعبية والجماهيرية على مستوى الداخل اليمني.
“أخضر”، المعروف بـ”أبو مصطفى”، يشغل منصب الأمين العام لاتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية وهي منظمة إيرانية تدير كل الوسائل الشيعية إيرانياً وعربياً، كما أنه يدير بصفة مباشرة قناة “الساحات” التي تمولها طهران وتُبث من لبنان إلى جوار قناة “المسيرة”، الناطقة باسم مليشيا الحوثي.
– متابعة دقيقة
ويلعب “أخضر” دوراً مهماً في العمل السياسي للحوثيين وهو ما أظهرته جولة مفاوضات بييل السويسرية التي رعتها الأمم المتحدة في ديسمبر/كانون الأول عام 2015، حيث نشر موقع “يمن مونيتور” صوراً تُظهر القيادي في حزب الله خارج غرف المفاوضات ويتحدث مع قيادات إعلامية حوثية، في مشهد يكشف مستوى المتابعة والحرص في توجيه المليشيا وقياداتها.
ويرتبط “أخضر” بشخصيات يمنية موالية للحوثيين، أبرزها الشيخ سلطان السامعي، عضو البرلمان اليمني عن الحزب الاشتراكي، الذي بدأ ارتباطه بحزب الله وإيران مع البرلماني أحمد سيف حاشد، من خلال جبهة إنقاذ الثورة التي مثلت الخط الأول لضرب ثورة فبراير/شباط ومكوناتها، حيث مثلوا غطاءً سياسياً ومدنياً لمليشيا الحوثي.
وأنشأت إيران عقب ثورة فبراير/شباط، 19 حزباً سياسياً يمنياً وأكثر من 30 منظمة حقوقية ومدنية، ومنظومة من وسائل الإعلام التلفزيونية والإذاعية والصحفية والإلكترونية كانت الصوت الناعم لانقلاب الحوثيين وتمددهم والتغطية على انتهاكاتهم وجرائمهم.
ولعب “أخضر” وحزب الله الدور الأساسي في ترتيب عمل هذه الأحزاب والمنظمات وتدريب طواقم الوسائل الإعلامية، وكذلك عقد اجتماعات مع ناشطين وسياسيين يمنيين في بيروت.
كما أصبحت لبنان مقراً دائماً للماكينة الإعلامية للمليشيا الحوثية التي تبث من بيروت، وتتلقى تدريبات في مركز الاتحاد للتدريب الإعلامي، التابع لما يسمى باتحاد الاذاعات والتلفزيونات الإسلامية.
– غطاء كشفي
يبدأ البناء الفكري والعسكري من استقطاب شباب يمنيين في مخيمات لشباب الصحوة الإسلامية على مدار السنوات الماضية، وهي مخيمات كشفية تتضمن تدريبات عسكرية وأمنية تقام بالضاحية الجنوبية، وفقاً لمصدر يمني.
المصدر أوضح أن التدريب الأمني لا يقتصر على لبنان؛ فهناك العراق تُسيَّر إليه مجموعات، وهناك دورات متقدمة في إيران طائرة إلى العراق ومنها إلى إيران، حيث تتولى مؤسسات التنسيق والتسفير بين اليمن والعراق ولبنان وإيران، فهناك أفواج تسير على شكل مجموعات يتراوح عددها بين 20 و30 فرداً، ومعظم هذه المؤسسات تقوم على أساس ديني بمرجعية شيعية.
ويوفر حزب الله محطة العبور إلى إيران من خلال تسهيل الدخول إلى لبنان وسوريا، حيث يقول صحفي يمني سافر ضمن مجموعة من السياسيين والبرلمانيين والناشطين إلى إيران، لـ”الخليج أونلاين”، إن السفر عبر لبنان وسوريا إلى إيران يتم دون ختم تأشيرة على الجواز؛ كي لا يتم لفت انتباه الأجهزة الأمنية باليمن في أثناء العودة.
وأصبحت زيارات لبنان على قائمة الشبهة والتدقيق بالنسبة للأمن اليمني؛ بسبب الدعم الذي يقدمه حزب الله للحوثيين؛ ففي منتصف مايو/أيار الحالي احتجز الأمن السياسي في عدن جوازات ثمانية صحفيين بعد عودتهم من بيروت، قبل أن يتضح أن وجودهم هناك كان في ورشة تدريبية لمنظمة ألمانية.
– تحركات يحيى صالح
كما أن لبنان رفع التأشيرة عن اليمنيين؛ لتسهيل الدخول إليها بعد الحرب، وهي خطوة يشتبه فيها المراقبون، حيث إن بيروت والضاحية تحولتا إلى مكان تجمُّع أيضاً للسياسيين والناشطين الموالين للحوثي وصالح، على غرار يحيى، نجل شقيق المخلوع صالح، الذي يعرّف بنفسه بالعروبي المقاوم، وله أنشطة ترتبط بهذا المحور منذ سنوات.
وتحدث مصدر صحفي لـ”الخليج أونلاين”، عن بعض تحركاته في لبنان بالقول: “يحيى صالح، بالإضافة إلى دوره التنسيقي بين صالح وإيران وحزب الله وإدارته لاستثمارات يملكها المخلوع في لبنان، يقوم بإدارة خلية مكونة من مجموعة من الناشطين والسياسيين والإعلاميين اليمنيين”.
وأوضح أن هذه الخلية تؤسس لمجموعة وسائل إعلامية بالتعاون مع حزب الله (قنوات فضائية وإذاعات ومواقع إلكترونية)، منها لما بعد الحرب، ومنها من بدأ فعلياً وفق سياسة تحريرية تقدم نفسها بطريقة محايدة؛ مثل موقع “العربي” الذي يُبث من بيروت.
– إرسال الأموال
وبما أن حزب الله يلعب دوراً لمصلحة إيران ليس في اليمن فقط، فقد تم الحرص على التنسيق بين الموالين لإيران من اليمن والعراق والبحرين وتوحيد جهودهم، سواء من خلال تسكينهم في العمارات نفسها أو جدولتهم في الظهور على القنوات الفضائية الشيعية.
وأضاف المصدر: “عند خروج مظاهرات في باكستان ضد استهداف الحوثيين لمكة بصاروخ على سبيل المثال، تم توجيه شخصيات يمنية بالتواصل مع قيادات باكستانية؛ لتوضيح أنها مزاعم وتهدئة الشارع الباكستاني، حيث قاد هذه الجهود يحيى غدار، الأمين العام لما يعرف بالتجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة”.
كما أن الأموال التي تصل إلى اليمن من إيران تمر عبر حزب الله، وفقاً لما أكده المصدر، حيث يقوم الحزب بتحويل المبالغ عبر شركات صرافة يمنية ولبنانية وليس عبر البنوك بأسماء إعلاميين وناشطين موجودين في بيروت؛ بل إن المصدر أشار إلى أن بعض المبالغ تخضع لاجتزاء كما يحدث مع دعم الوسائل الإعلامية.
– خط ثقيل
الباحث اليمني المتخصص في الشؤون الإيرانية عدنان هاشم، قال لـ”الخليج أونلاين”: “تعتمد إيران على حزب الله كحلقة وصل ومساندة للحوثيين في الحرب الدائرة باليمن، لعدة أسباب؛ أبرزها نظرة الحوثيين اليمنيين لحزب الله كمقاوم وضمن محور الممانعة، كما أن الحزب يحتضن قيادات الجماعة الموجودة خارج البلاد، إلى جانب وسائل إعلامها في لبنان”.
وتابع: “يمتلك الحوثيون وحزب الله قواسم عربية مشتركة عدا الإيرانيين، لكن ذلك لا يعني أن إيران لا تملك خطاً ثقيلاً من التواصل مع الحوثيين بشكل دائم، لكن معظم التفاصيل تخوض فيها الجماعة مع حزب الله اللبناني ذراع إيران الأخرى”.