الكل يقفز من سفينة “المشروع” إلا قطر

798

 

قطر(المندب نيوز)وكالات

أكبر خطأ ترتكبه قطر أنها تحاول أن تنقذ “المشروع” الذي لعبت فيه دور “الكاشير” أي الممول بدلاً من أن تنقذ نفسها، فالمشروع الآن إلى زوال وقطر تعتقد أنها هي المستهدفة من دول التحالف الرباعي في إجراءاته التي اتخذها، والحقيقة التي أراد التحالف الرباعي أن تفهمها قطر أنهم ضد المشروع لا ضدها هي، وفي حال خروجها من المشروع وتبرئها منه تنتهي المشكلة مع قطر.

 

حين منح اللاعبون الكبار قطر مساحة لتلعب دورها في مشروع إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط الجديد، وإسقاط الأنظمة العربية، لم يكونوا يمنحونها سوى دور ثانوي أي كومبارس، دور الممول فقط لا غير، وكاد المشروع أن ينجح إذ سقطت أنظمة عربية كبيرة وسقطت دول كبيرة وكان المخطط يسير وفق ما رسم له، فظنت قطر أنها هي واللاعبون الكبار على ذات المستوى في أهمية الأدوار، ولولا الانتفاضة العربية المعاكسة، التي بدأت في البحرين عام 2011، ومن ثم في مصر في 30 يونيو 2013، وثم في عاصفة الحزم 2015 في اليمن، ومن ثم جاءت الضربة القاصمة “للمشروع” بالتحالف الرباعي ضد الممول أي ضد قطر، لكان المشروع مستمراً، إنما كشف التحالف الرباعي المشروع برمته وكشفوا دور قطر فيه، فظنت قطر أنها هي المستهدفة بحد ذاتها، وأن أفضل طريقة للدفاع عن نفسها أن تتعلق بالمشروع وتبقى وفية له.

 

منذ بداية هذا الشهر، أي شهر يوليو (تموز)، والتحالف الرباعي دخل مرحلة استراتيجية جديدة تجاوز فيها قطر بمراحل، التحالف الرباعي اليوم في مرحلة هجوم على “المشروع” الأصلي لا على اللاعبين الثانويين فيه، التحالف الرباعي أجبر اللاعبين الأساسيين فيه “الولايات المتحدة الأمريكية وإيران وتركيا” من جهة واللاعبين الجدد كروسيا والاتحاد الأوروبي، إلى إعادة ترتيب الأوراق من جديد، نتيجة فشل الوساطات وتمسكه بمطالبه المشروعة، وكذلك نتيجة التحركات الإقليمية المستقلة التي يبديها التحالف الرباعي بعيداً عن الوصاية الغربية.

 

تأكدت دول التحالف أن سياسة “النأي بالنفس” عن الصراعات الداخلية في الدول العربية، وسياسة “عدم التدخل” في شؤون الدول العربية الأخرى سياسة تركت الباب مفتوحاً لكل القوى أن تتدخل عداها هي، بل ويمتد تدخل تلك القوى الأجنبية إلى عقر دارها، وأدركت أن سقوط أنظمة بعض الدول العربية ترك فراغاً سمح للجميع أن يقفز للداخل، وسمح لنار المشروع التقسيمي أن تصل لأبواب التحالف الرباعي فقررت الانتفاضة، وقررت أن تفرض نفسها في ترتيبات تلك الدول بما تملكه من أوراق عديدة، فيها قادرة على خلط أوراق اللعب الأجنبية “إيران وتركيا وأمريكا وروسيا بل وحتى فرنسا وإيطاليا إن كنا نتحدث عن ليبيا تحديداً!!”.

 

منذ بداية يوليو شهدت المنطقة حراكاً سعودياً إماراتياً مصرياً غير معهود وغير مسبوق أعاد ترتيب الأوراق في كل من العراق وليبيا وغزة، إذ فوجئ الجميع بالحياة تدب في أوصال التحالف الرباعي، وبدلاً من الانكفاء على الداخل تحرك لفرض أجندته ومصالحه في مناطق فضل النأي عن صراعاتها لزمن، ليسحب البساط من النفوذ القطري هناك فيسحب من المشروع أهم أداوته.

 

شهد 20 يوليو اجتماع رئيس الأركان السعودية الفريق أول ركن عبدالرحمن صالح مع رئاسة الأركان العراقية ومعهم قائد القوات الأمريكية في العراق جوزيف فوتيل، بحجة إعادة فتح الحدود العراقية السعودية، وكذلك شهد اتفاق فتح الحدود الأردنية السورية والأردنية العراقية برعاية أمريكية، تلك الاتفاقيات قطعت أوصال الطريق الإيراني في الداخل العراقي والسوري من جهة وجعلت للوجود السعودي مكاناً في الداخل العراقي من جهة أخرى، هذه ضربة للمشروع لا لقطر بل لإيران اللاعب الثاني في مشروع الشرق الأوسط الجديد.

 

على صعيد آخر شهد هذا الشهر أيضاً اجتماع حماس ومصر برعاية إماراتية لإعادة فتح معبر رفح على أن يكون للإمارات دور في الداخل الغزاوي، وشهد أيضاً اجتماعاً لخليفة حفتر مع فايز سراج طرفي الخلاف الليبي في أبوظبي لطي صفحة الخلافات بعد الانتصارات التي حققها حفتر بدعم الغطاء الجوي المصري، والاجتماع القادم سيتم بينهما هذا الأسبوع برعاية فرنسية في باريس، نحن إذاً أمام مشهد جديد يتشكل ولاعبين جدد يسحبون البساط فيه من قطر أي من المشروع بمعنى آخر.

 

نحن أمام مشهد يتم فيه استبدال الجماعات التي مولتهم قطر بآخرين حلفاء للتحالف الرباعي، وقطر تتلقى الضربات لأن التحالف الرباعي غير معني بقطر بحد ذاتها بقدر عنايته بوقف المشروع وإعادة رسم المنطقة إنما بمبادرة شعوبها لا من خلال خرائط وضعت في أقبية الاستخبارات وألقيت على شعوبنا العربية من “بارشوتها”!.

 

حتى إيران أدركت حجم وخطورة هذه المتغيرات وبدأت تعيد تموضع نفسها في الداخل العراقي لأن القادم سيكون على حسابها، فبدأت بتقديم وجوه عراقية جديدة وطالبت عملاءها بتغيير قبعاتهم لأنها تعرف أن الاتجاه أصبح معاكساً، وأن الكبار تغيرت تكتيكاتهم، فإن كانت إيران تخدم استراتيجيتهم سابقاً، فإنها أصبحت عبئاً عليهم الآن، وهذا ما لم تدركه قطر، قطر أصبحت اليوم عبئاً على اللاعبين وفاتورة الاحتفاظ بها سترتفع، هذا ما أدركه التحالف الرباعي فأبقوا على المقاطعة وذهبوا إلى الأساس ولب المشكلة ذهبوا لوقف المشروع، وبدلاً من أن تفكر قطر بإنقاذ نفسها تفكر بإنقاذ المشروع!.

LEAVE A REPLY