كلمة رئيس الوزراء خلال لقائة بعض سفراء الدول العربية والأجنبية المعتمدين لدى مملكة البحرين

283

 

البحرين(المندب نيوز)خاص

صباح الخير أولاً.. وأنا سعيد باللقاء معكم في هذا اليوم الطيب في مملكة البحرين، نحن هنا في البحرين تربطنا علاقة طيبة مع البحرين مملكة وشعباً، علاقة تمتد جذورها إلى الماضي البعيد وهي أيضاً تمتد إلى باقي المناطق في الوطن العربي، وهي علاقة تجد تعبيرها في الأزمة الراهنة في اليمن، فلولا هذه العلاقة التاريخية وهذه الجذور القديمة لما كنا معاً في خندق واحد في مواجهة الأوضاع التي طرأت بعد الانقلاب على السلطة الشرعية في البلاد، ولا أريد بصراحة أن أذهب إلى الماضي أريد أن أخوض مباشرة في أمر مهم.

هل لهذه الحرب أسباب في اليمن؟ أنا أقول: نعم لها سبب ولها أسباب وسبب رئيسي، وهو باختصار انقلاب على السلطة الشرعية، تقدم المليشيات الحوثية من صعدة مروراً بمحافظات أخرى حتى الوصول إلى صنعاء وتعز وعدن، ولو أن هذه المليشيات لم تتقدم هل كان ممكن أن تكون هناك حرب في اليمن! هذا سبب رئيسي للحرب، طبعاً هناك أسباب أخرى أقل أهمية، وإذا انتفى هذا السبب تنتفي الحرب.

كثير من زملائنا وأصدقائنا في أوروبا وأمريكا يقولون: أوقفوا هذه الحرب، ونقول لهم: نحن نريد وقف الحرب اليوم بل الساعة فقط أن تعود الأمور إلى نصابها، أما أن تطلبوا منا وقف الحرب وفي نفس الوقت تشجعون الحوثيين على الاستمرار في السيطرة على العاصمة والاستيلاء على السلاح فهذا أمر لا نستطيع أن نفهمه.

نحن نريد السلام ولكننا نريده سلاماً عادلاً وشاملاً ودائماً في اليمن، ولا يمكن أن يكون هناك سلام شامل ودائم وعادل في اليمن ما لم يكن هناك ردعاً للمعتدي.

كنت في أوروبا قبل شهرين وزرت سويسرا وألمانيا وقابلت كثيراً من المسئولين هناك وقلت لهم باختصار شديد: لا تشجعوا فكرة الانقلابات في الوطن العربي، إذا سمحتم للحوثيين الذين انقلبوا على الشرعية المنتخبة في صناديق الاقتراع فستقبلونها في مكان آخر، وإذا قبلنا بهذه الثقافة فإنها ستسود في العالم كله وقد تخلص العالم من هذه الأفكار، لم تعد فكرة الانقلابات وتشجيع الانقلابات ومساعدة المليشيات على الاستيلاء على السلطة بالعنف أمراً مقبولاً، وإذا كان المجتمع الدولي لا يقبل الانقلابات في آسيا أو في إفريقيا أو في أمريكا اللاتينية فلا يجوز له أن يقبلها في الوطن العربي وإلا فسيكون ذلك كيلاً بمكيالين، وأظننا جميعاً نرفض مثل هذا السلوك.

الحوثيون اعتدوا على الشرعية واعتدوا على العاصمة واحتلوها ودمروا في طريقهم كثيراً من المدن حتى وصلوا إلى عدن ودمروها أيضاً، ولا زالوا حتى هذه اللحظة يدمرون تعز، وإذا سألت نفسك لماذا يدمرون هذه المدن فلن تجد غير إجابة واحدة وهي الاستيلاء على السلطة بالعنف وهذه قاعدة لا يقبلها المجتمع الدولي، وأرجو ألا يقبلها في اليمن وأرجو ألا يقبلها في أي مكان في العالم.

لذلك تنفيذ قرار مجلس الأمن 2216 هو ضرورة من أجل الحفاظ على أمن اليمن وأمن الخليج وأمن العالم الذي اليمن تتحكم على واحد من أهم منافذه البحرية، هم قبلوا بقرار 2216 فلماذا يتلكأون في تنفيذها، هم يتشجعون بالحرس الجمهوري لعلي عبد الله صالح وهو الحرس الذي ساعدهم على الانتقال سريعاً من صعدة إلى عدن.

هم استمروا يحاربون الدولة 10 سنوات في صعدة لكنهم لم يتمكنوا من الوصول إلى أي محافظة أخرى، لكن علي عبد الله صالح لأنه أُخرج من السلطة في أحداث بداية الربيع العربي في اليمن، أراد أن ينتقم فتحالف معهم وهو الآخر وقع ووافق رسمياً على 2216، من باب أولى أذكركم أنه وافق أيضاً هو والحوثيين على مخرجات الحوار الوطني، ويفترض عدم السماح لهم بالانقلاب عليها.

الحوثيون يقولون ليس لدينا علاقة بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية لكن صالح موقع عليها، موقع أمام العالم كله، وقرار مجلس الأمن ومخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية هي قواعد الحل السياسي في اليمن وبدونها يصبح الحديث عن السلام في اليمن حديثاً ناقصاً وصعباً، لأنه على الأقل 80% أو 85% من الشعب اليمني لن يقبلوه، من يقاتلون الآن إلى جانب الشرعية جزء كبير منهم من المناطق العليا التي فيها علي عبد الله صالح والحوثي، صحيح لا زال لديهم القدرة على حشد الشباب وخاصة صغار السن في الجبهات بحكم العقيدة، لكن معظم من يقاتلهم هم أيضاً من المناطق التي يسيطرون عليها.

الوحدة بالنسبة لليمنيين قضية رئيسية وإذا كانوا متفقين منها على بقاء اليمن موحداً فتلك خطوة أولى نحو السلام، ونحن حسمنا أمر الوحدة في مخرجات الحوار الوطني في دولة اتحادية وبالتالي نحن لسنا بحاجة إلى صياغات جديدة أو حتى إلى حوار جديد حول شكل الوحدة ومضمونها، لم يتأخر أحد عن التوقيع على مخرجات الحوار الوطني وعلى الدولة الاتحادية، والقول اليوم أنها من صنيعة عبد ربه منصور أو من صنيعة قوى سياسية لا يتفقون معها قول ناقص أيضاً.

نحن نريد السلام تعبنا من الحرب تعبت بلدنا، وقُتل الكثير ودُمر الكثير ونحن نعيش مأساة حقيقية، لكن لا يمكن للعنف أن يؤسس نظم سياسية وأيضاً نفس الشيء لا يمكن أن نؤسس نظاماً سياسياً في اليمن، الأغلبية الساحقة من اليمنيين يرفضون الأسلوب.

هناك إشكاليات كبرى في اليمن، هناك تدخل خارجي في اليمن، وفي هذا الأمر أنا أكون صريحاً معكم منذ عام 2000 وإيران تدرب الآلاف من شباب اليمن لمواجهة النظام السياسي في البلاد، دربتهم وسلحتهم وزودتهم بالمال والسلاح، وإيران نحن بعيدين جغرافياً منها فلماذا تدس أنفها في اليمن، لكي تثير الاضطراب في الجزيرة العربية وفي الخليج العربي والمملكة العربية السعودية على وجه التحديد وتثير المشاكل في باقي دول الخليج، نوع من الهيمنة نوع من الرغبة في السيطرة مرة أخرى على المنطقة، طموح قديم وجديد في نفس الوقت، هذه مناطق يعيش فيها العرب منذ آلاف السنين ليس بإمكان أحد أن يغير هذه الحقيقة، وليس بإمكان أحد يفرض هيمنته وسيطرته على الشعوب العربية حتى لو تسلح بأحد الأسلحة الفتاكة في العالم هذه شعوب لها تاريخها ولها كرامتها ولها حقها في الحياة، هل تعتقدون اليمن تصنع صواريخ باليستية تنطلق من صنعاء لتصل إلى الطائف ومكة هل تتصورون أن هذه الأسلحة تصنع في اليمن، هي صواريخ إيرانية وذلك أخطر ما في الأمر، وهناك نوع آخر من الصواريخ الحرارية وهناك نوع آخر من الصواريخ المضادة للدبابات لا علاقة لليمن بها بل وأثبتنا بأنها صُنعت في إيران أو استوردت عبر إيران، وأنا أرجو ألا يقف المجتمع الدولي متفرجاً على هذه الحالة التي تمارس في اليمن.

أيضاً هذ السلوك الإيراني لابد له من ردع، لأن المنطقة تحتاج إلى استقرار والاستقرار والأمن هو كل لا يتجزأ، ليس بإمكان أحد أن يصنع الاستقرار والأمن لنفسه فإن طلبنا الأمن والاستقرار في المنطقة فالمطلوب هو للجميع، ولنتوقف جميعاً عن التدخل في شئون البلدان الداخلية، ونحن نخاطب سفراء الدول في مملكة البحرين نقول لكم ساعدونا على تحقيق السلام في البلاد ونحن نريده سلاماً عادلاً وعاجلاً، ولهذا نحن ندعم ولد الشيخ، وأيدنا كل قرارات الأمم المتحدة، وأيدنا أيضاً خطة ولد الشيخ الأخيرة حول ميناء الحديدة، وعلي عبد الله صالح والحوثيين رفضوها.

تذكروا أنهم رفضوا مخرجات الكويت، كانت خطة مرحلية لتحقيق السلام، قالوا لنا في مجلس الأمن إما أن توقعوا أو سنترككم معرقلين للسلام رغم أننا متأكدين أن هذه الخطة ليست كاملة وليست شاملة ولكننا وقعنا عليها، قلنا فلتكن خطوة نحو السلام فرفضوها، ولم يتحرك ذلك الوقت المجتمع الدولي ضد الحوثيين وعلي عبد الله صالح وهو لا يرغمهم الآن على قبول خطة الحديدة.

الحوثيون وحليفهم بالطبع علي عبد الله صالح لا يرفضون السلام فقط لكنهم يمارسون السلطة والعنف بشكل متطرف، يمنعون عن الناس مرتباتهم ولا يقدمون أي مساعدة لمواجهة الكوليرا التي تنتشر في المحافظات التي يسيطرون عليها في نفس الوقت الذي يستولون على الإيرادات لتوجيهها إلى المجهود الحربي، اعتقلوا واختطفوا أكثر من 3 ألف إنسان في اليمن، بينهم أساتذة جامعات وإعلاميين ومثقفين وأدباء وشعراء فقط لأنهم يقولون: لا.

العنف مشكلة في اليمن، ونحن نريد منكم ومن المجتمع الدولي أن تُقال كلمة عدل في هذا الشأن، قالوا لنا: وأنتم عندكم أيضاً مساجين، قلنا لهم ونقول لكم: نحن مستعدين نطلق جميع المساجين 100% على أن يطلقوا جميع المساجين هناك 100% ،  لا نريد أن يبقى في السجن أحد عندنا أو عندهم.

ونحن في باب المندب الآن، أنا زرت باب المندب قبل أيام والمخا وهناك حلفاؤنا موجودون والجيش الوطني والمقاومة، هذه منطقة حساسة لأمن العالم وأنتم تعرفون أن الحوثيين يتعرضون لأمن المنطقة وهذا المضيق في خطر، ضربوا أكثر من مرة البواخر المارة فيه، ولذلك كان لابد من تأمين المنطقة، يقومون أحياناً بأعمال مجنونة هناك، لكن كـ باب مندب كمنفذ من المنافذ البحرية هذا مُسيطر عليه، وهكذا نحن نساعد في أمن العالم.

يشكون من إغلاق مطار صنعاء لكن ليس لديهم مانع من أن يضربوا كل مطارات اليمن الأخرى، وأيضاً هم في نفس الوقت يقومون بتهريب باستخدام ميناء الحديدة ومطار صنعاء لتهريب الأسلحة والذخائر والمعدات، وأظن هذه مشكلة.

يحاصرون تعز حتى الآن سنتين ونصف، نحن نفتح مرور المساعدات الإنسانية ومرور الأغذية من هذه الموانئ وهم يقيمون على المناطق الحدودية الأخرى التي يسيطرون عليها ضرائب وجمارك ومناطق تفتيش جديدة، يطرحون أحياناً موضوع المرتبات يقولون: لماذا المرتبات لا تصل إلى جميع الناس وقد نُقل البنك المركزي؟ نحن فقط نقلنا عمليات البنك المركزي ولم ننقل البنك المركزي ولم نمس احتياطيه ولم نمس احتياطيه من العملة الصعبة أو من العملة الأجنبية، هذه الإمكانيات ظلت بأيديهم.

معلوماتنا تقول أنهم استهلكوا هذا الاحتياطي النقدي من العملات الصعبة والذي قُدّر بنحو 5,2 مليار دولار أميركي، واستولوا على مبالغ هائلة من العملات المحلية، لكنهم لا يدفعون مرتبات المدنيين في المناطق التي يحتلونها، نحن نقول لهم التالي: من يريد الإيرادات في اليمن كلها عليه أن يتحمل مسئولية الناس كلهم من مرتبات وصحة وتعليم وخدمات كاملة، في هذا الشأن ليس لدينا رغبة في السيطرة على الإيرادات إلا بالقدر الذي يمنعهم من استخدامها للحرب، للأسف الشديد هم لا يقيمون وزناً للمدنيين وهم في حالة توتر مع المدنيين لأنهم يذهبون بالفلوس للعسكريين والجبهات وهي إشكالية أخرى.

نحن أعطيناكم صورة عن أهم القضايا التي تفتح الآن أو تثار في اليمن، وبقي أن نقول لكم: لم يكن العرب ليأتوا ليقاتلوا في اليمن اعتباطاً لولا أنهم شعروا بأن هناك خطراً حقيقياً على أمنهم ولم يكن لمجلس الأمن أن يؤيد التحالف العربي لولا أنه يشعر أيضاً بأن هناك خطراً على الأمن العالمي، ونحن لا نقاتل في اليمن إلا لأننا نشعر بأن إرادتنا الوطنية قد سُلبت وأن شعبنا يعاني من هذه المليشيات ومن انقلاب علي عبد الله صالح..

شكراً لحسن إنصاتكم والعفو منك إذا أطلت..

LEAVE A REPLY