عاصفة الحزم وإعادة الأمل وجهتان لعملة واحدة في ذكرى اليوم الوطني للمملكة الـ ( 85 ) مقال لـ عبدالعزيز محمد بامحسون

367

 

 

 

في الثالث والعشرون من سبتمبر ( أيلول ) لهذا العام ، يكون قد تصرم  على تأسيس الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية 85 عاماً ، إذ تأسست وتوحدت في مثل هذا التاريخ الأغر من العام 1932م على يد موحدها المغفور له بإذن الله تعالى جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن  بن فيصل بن تركي بن عبدالله آل سعود ” طيب الله ثراه ” الذي صدر مرسوم ملكي بتوحيد كل أجزاء الدولة السعودية تحت اسم المملكة العربية السعودية ، وأن يصبح لقب الملك عبدالعزيز ” ملك المملكة العربية السعودية ” ، واختارت في عهده شعار الدولة الحالي ( سيفان متقاطعان بينهما نخلة ) ، أما العلم لونه أخضر مستطيل الشكل تتوسطه شهادة التوحيد ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) باللون الأبيض وتحتها سيف باللون الأبيض .

 

واليوم الوطني للمملكة من الأيام المجيدة المضيئة وفي تاريخ الأمم والشعوب التي تضيء بالفخار وتعبق المجد ، وتتألق بالعزة والكرامة . وفي أول الميزان من كل عام نتذكر سيرة بطل عظيم جمع الشتات ، ووحد الشمل ، وبنى صرحاً شامخاً على أساس من الإيمان والتوحيد ، أنه القائدالمظفر جلالة  المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ” رحمه الله وطيب ثراه ”  ..

 

 إنها ذكرى وتاريخ تجسد أصالة الماضي وعصرية الحاضر فاليوم الوطني الذي يهل بساحته ذكراه العطرة والذي توحدت فيه هذه البلاد فهي مناسبة كريمة أثيرة وضاءة مشرقة لما لها من عمق وجذور ، واليوم الوطني فرصة لقراءة جيدة واستعراض لذلك الإنجاز والتاريخ الضخم المتنوع الحافل بالأمجادوالمعاني السامية والقيم المثلى فهو يذكي في نفوسنا الاعتزاز بما حققته المملكة من صفحات ناصعة مشرقة ثمرة جهاد بطولي مديد ، فقد أسس الملك عبدالعزيز ــ رحمه الله ــ هذه الدولة وحقق بما وهبه الله فضائل ومكارم أدواراً تاريخية عظيمة تستحق الوقوف والإشادة بها حيث كرس التلاحم وعززمعاني الأخوة والوحدة والقوة .

 

 ولقد كان الملك عبدالعزيز يقول ويردد : ” إننا نحمد الله على جمع الشمل وعلى جعل الحكم في هذه الديار بكتاب الله وسنة رسوله ” وكان يقول : ” يجب علينا أن نكون عند حسن الظن بنا فلا نتفرق ونتحاقد ، لأن ذلك من أسباب هلاكنا ” ، وكان رحمه الله مشهوراً بالتدين والورع ، ونصرة الضعيف ، والأخذ بيده ، وغير ذلك من القيم الأخلاقية السامية ، والمثل العربية الإسلامية الأصيلة .

 

 إن حياة الملك عبدالعزيز وفي سيرته وفي أخلاقه وفي عبقريته وفي سجاياه وفي فتوحاته وحروبه مورداً ثراً لا ينضب معين ، ولو دفق كل باحث ومحقق فسيجد في سيرته وانتصاراته العسكرية والأخلاقية مورداً صافياً ، ومنهلاً عذباً .ٍ ولهذا كان لشخصية الملك عبدالعزيز من القوة والفعالية في النفوس ما أشاع ووطد الأمن ، وثبت الإخلاص لجلالته ، وتغلب فيه على كثير من الصعاب لتحقيق هذا الكيان الكبير الراسخ والذي هو مثل حقيقي للوحدة الوطنية  .

 

وكان رحمه الله وحيد زمانه فيما اتصف به من مقومات شخصية فذة، ويمكن إيجاز صفاته ومناقبه فيما يلي:

كان مؤمناً عميق الإيمان، يعتمد على الله تعالى في كل أمر من أموره، ولا يسأل سواه فيما يتطلع إليه.

كان يملك خبرة واسعة بشؤون دينه، فقد حفظ القرآن الكريم وكثيراً من الأحاديث النبوية الشريفة، وألم إلماماً واسعاً بالأحكام الشرعية ووضعها

موضع التطبيق فيما أولاه الله من السلطان، وظل طوال حياته يجتمع كل ليلة مع العلماء والفقهاء حيث تُقرأ كتب العلوم الدينية ويدور الحديث حولها بينه وبين جلسائه.

كان حكيماً يُعمل عقله في كل حركة من حركاته، ولكل خطوة عنده حساب دقيق، يقلب الأمور على وجوهها ثم يختار الطريق الذي يراه أفضل الطرق، ويكون اختياره في الأغلب هو الاختيار الصحيح.

كان شجاعاً إلى درجة كبيرة، فلا يتردد في خوض المعارك إذا اضطر لها مهما كانت قوة خصمه وعدده وعدته.

كان قائداً عسكرياً موهوباً يجيد رسم الخطط الحربية وتنفيذها، وكثيراً ما استعاد وقائع معركة جرت وتحقق له الانتصار فيها ليبين أخطاء خصمه وما كان يجب أن يفعل لينتصر عليه.

كان خبيراً بالمجتمعات البدوية والحضرية في شبه الجزيرة العربية، وعلى خبرة واسعة بالقبائل وأنسابها بحيث يعرف قبيلة مخاطبه من أول جملة ينطق بها، ومن موقع هذه الخبرة كان يتعامل مع الناس حسب المجتمع الذي ينتسبون إليه بدوياً كان أم حضرياً.

كان شديد التمسك بأحكام الدين، فلا يتهاون إزاءها ولا يهادن، و فيما عدا ذلك كان رقيق القلب مرهف الإحساس.

كان اهتمامه يشمل الجميع، والناس أمامه سواسية حتى يبلغ الحق مستقره .

 

 ٍوحقيقة إن الملك عبدالعزيز ” رحمه الله ” أرسى خلالها قواعد البنيان على هدى كتاب الله الكريم وسنة رسوله الأمين ” صلى الله عليه وسلم “سائرا في ذلك على نهج أسلافه من آل سعود لتنشأ في ذلك اليوم دولة فتية تزهو بتطبيق شرع الإسلام وتصدح بتعاليمه السمحة وقيمه الإنسانية في كل أصقاع الدنيا ناشرة السلام والخير والدعوة المباركة باحثة عن العلم والتطور سائرة بخطى حثيثة نحو غد أفضل لها ولجميع المجتمعات البشرية وشهد توحيد هذه البلاد ملحمة جهادية تمكن فيها الملك عبدالعزيز ” رحمه الله ” من جمع قلوب وعقول أبناء وطنه على هدف واعد نبيل جعلهم يسابقون ظروف الزمان والمكان ويسعون لإرساء قواعد وأسس راسخة لهذا البنيان الشامخ على هدى من كتاب الله الكريم وسنة رسوله الأمين صلى الله‌ عليه وسلم فتحقق للملك عبدالعزيز هدفه النبيل الذى استمر في العمل من أجله سنين عمره سائراً في ذلك على نهج أسلافه من آل سعود الميامين .

 

ويستذكر أبناء المملكة هذه الذكرى المشرقة باعتزاز وتقدير للملك عبد العزيز ” طيب الله ثراه “على ما حقق لهذه البلاد المترامية الأطراف ولمواطنيها من خير كثير نتج عنه وحدة أصيلة حققت الأمن والأمان بفضل من الله سبحانه وتعالى ثم بفضل جهاده وعمله الدؤوب فكانت أمناً وأماناً وبناءً ورخاء.ً ولا تعنى هذه الذكرى المتميزة مجرد مناسبة وطنية عابرة فحسب وإنما وقفة تأمل واعجاب في قدرة هذا الكيان الشامخ على البناء وتخطي العوائق والصعاب والتغلب على كل التحديات بفضل وتوفيق من الله أولا ثم بالإيمان القوى والوعى التام بوحدة الهدف وصدق التوجه في ظل تحكيم شرع الله والعدل في انفاذ أحكامه لتشمل كل مناحي الحياة .

 

 ويبقى طريق المجد التي تحسب للملك الراحل عبدالعزيز علامة فارقة في تاريخ المملكة ، ففي الخامس من شوال عام 1319هـ الموافق 15 يناير 1902م فتح الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود مدينة الرياض، ومنها بدأت مسيرة الكفاح والجهاد لاستعادة ملك الآباء والأجداد من خلال ملحمة بطولية لم يشهد التاريخ الحديث لها مثيلاً ، أكثر من ثلاثين عاماً أمضاها الملك المؤسس في جهاد الأبطال ومعه رجاله المخلصون لتوطيد أركان دولته وجمع شتات أبنائها تحت رأية التوحيد ليضع بعد ذلك حجر الأساس الذي قامت عليه المملكة العربية السعودية كدولة ترتكز في كل توجهاتها على كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وتساهم بدورها مع بقية دول العالم في ترسيخ مبادئ السلام والأمن من أجل خير الإنسانية جمعاء.

 

كانت المملكة العربية السعودية من أوائل الدول العربية التي شاركت في تأسيس جامعة الدول العربية عام 1945م، ووقف الملك عبدالعزيز إلى جانب الدول العربية في كفاحها للتحرر من الاستعمار والنفوذ الأجنبي، ووضع كل ثقله إلى جانب القضية الفلسطينية وفي عهد جلالته شهدت المملكة الكثير من المنعطفات السياسية والاقتصادية والثقافية والتطورات الملحوظة في البنية التحتية التي كانت لها أثراً طيباً على شعب المملكة ، حتى انتقل إلى رحمة الله راضياً مرضياً وذلك في الثاني من ربيع الأول عام 1373هـ الموافق 9 نوفمبر 1953م  بعد جهاد طويل كان له بالغ الأثر في التاريخ الإسلامي والعربي، وبعد أن أقام دولته الإسلامية العصرية التي تأخذ بكل نافع ومفيد من إنجازات العصر ضمن حدود شريعة الله واستهدافاً لخدمة دين الله وخدمة المسلمين في كل مكان .

 

وبعد وفاته حمل أبناؤه الرأية من بعده يعملون لهذه الأمة في إرساء قواعد المجد والتقدم والرقي، حيث كان الملك سعود ” رحمه الله ” أول السائرين على ذلك المنهج والعاملين في إطاره حتى برزت ملامح التقدم واكتملت هياكل عدد من المؤسسات والأجهزة الأساسية في الدولة .وجاء من بعده رائد التضامن الإسلامي الملك فيصل “رحمه الله” فتتابعت المنجزات الخيرة وتوالت العطاءات وبدأت المملكة في عهده تنفيذ الخطط الخمسية الطموحة للتنمية .

 

وتدفقت ينابيع الخير عطاءً وافراً بتسلم الملك خالد رحمه الله الامانة فتواصل البناء والنماء خدمة للوطن والمواطن بخاصة والإسلام والمسلمين بعامة واتصلت خطط التنمية ببعضها لتحقق المزيد من الرخاء والاستقرار  وازداد البناء الكبير عزا ورفعة وساد عهد جديد من الخير والعطاء والنماء والإنجاز بعد مبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود “رحمه الله” ملكاً على البلاد .

 

وتميزت الإنجازات في عهده رحمه الله بالشمولية والتكامل لتشكل ملحمة عظيمة لبناء وطن وقيادة أمة جسدت ما اتصف به الملك فهد بن عبدالعزيز “رحمه الله” من صفات متميزة من أبرزها تمسكه بكتاب الله وسنة رسوله وتفانيه في خدمة وطنه ومواطنيه وأمته الإسلامية والمجتمع الإنساني بأجمعه في كل شأن ، وفى كل بقعة داخل الوطن وخارجه ، إضافة إلى حرصه الدائم على سن الأنظمة وبناء دولة المؤسسات والمعلوماتية في شتى المجالات مع توسع في التطبيقات ، قابلته أوامر ملكية سامية تتضمن حلولاً تنموية فعالة لمواجهة هذا التوسع .

 

وتميز الأبن الخامس للمؤسس ، الملك الراحل عبدالله بأن امتد عطاءاته واهتماماته ليشمل الأمة الإسلامية في كل الأصقاع ، فكانت مساعداتهللمحتاجين عن طريق برنامج الغذاء العالمي فقدم العون للمنكوبين والمتضررين من الكوارث الطبيعية والأمراض في كل قارات العالم ، وكانت مشاعره ــ رحمه الله ــ فياضة بحب السلام والتعارف والتواصل بين شعوب الأرض ، حتى أطلق عليه الناس لقب ( ملك الإنسانية ) لما لمسوه من عفويته وطيبه كرستها أفعاله وسجاياه خلال سنوات حكمه ، فالإنسانية التي تجلت في الملك الراحل عبدالله لامست قلوب وهموم الملايين وكانت جلية تترجمها أفعال وأعمال جليلة سجلها التاريخ بأحرف من نور .

 

وبُعيد وفاة الملك عبدالله ؛ تمّ مبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ” حفظه الله .. وأطال في عمره ”  في الثالث من ربيع الثاني 1436هــ الموافق الثالث والعشرون من يناير 2015م ملكاً للمملكة العربية السعودية . حيث يعد الملك سلمان ركن من أركان الدولة السعودية منذ عهد المؤسس والده الملك عبدالعزيز ” طيب الله ثراه ” وحتى عهد سلفه أخيه الراحل الملك عبدالله ، كما عرف بأمير الوفاء نظراً لوفائه لإخوانه الملوك والأمراء وهو دليل على وفائه لهذه الدولة ، ويحسب للملك سلمان اطلاعه بعلم الأنساب والتاريخ في جزيرة العرب ، فهو يعتبر من المراجع التاريخية الهامة لعدد من الباحثين عن تدوين السير في شبه الجزيرة العربية . إن ما شهدته بلادنا من عاصفة انقلابية التي عصفت بها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وفي شتى مناحي الحياة من قبل الانقلابيون الحوثيين والقوات الموالية للرئيس المخلوع صالح بمساعدة وتحفيز من قوى داخلية وخارجية، بهدف تفتيت اليمن وضرب أمنه واستقراره. ورفض الانقلابيين الحوثيين المطلق كافة الجهود السلمية والمساعي المتواصلة واصرارهم على مواصلة أعمالهم العدوانية لإخضاع بقية المناطق وخاصة في الجنوب إلى سيطرتهم، مما جعل البلد تمر في أحلك الظروف العصيبة في تاريخها نتيجة العدوان الآثم الذي لا تقره المبادئ الإسلامية ولا الأعراف والمواثيق الدولية والذي تنفذه الميليشيات الحوثية المدعومة من قوى داخلية باعت ضميرها ولم تعد تكترث إلا بمصالحها الذاتية ، والمدعومة أيضاً من قوى إقليمية هدفها بسط هيمنتها على هذه البلاد وجعلها قاعدة لنفوذها في المنطقة مما لم يعد معه التهديد مقتصراً على أمن اليمن بل أصبح التهديد لأمن المنطقة بأكملها وطال التهديد الأمن والسلم الدوليين .

 

وعلى ضوء ذلك تقدم الرئيس عبد ربه منصور هادي برسالة بتاريخ 24 مارس 2015م ، إلى قادة دول مجلس التعاون الخليجي، موضحا فيها التدهور الشديد وبالغ الخطورة للأوضاع الأمنية في الجمهورية اليمنية جراء الأعمال العدوانية المستمرة والاعتداءات المتواصلة على سيادة اليمن ، وناشدهم للوقوف إلى جانب الشعب اليمني لحماية اليمن، وطلب منهم ، تقديم المساندة الفورية بكافة الوسائل والتدابير اللازمة بما في ذلك التدخل العسكري لحماية اليمن وشعبه من العدوان الحوثي المستمر وردع الهجوم المتوقع حدوثه في أي ساعة على مدينة عدن وبقية مناطق الجنوب ، ومساعدة اليمن في مواجهة القاعدة وداعش ، وذلك استناداً إلى مبدأ الدفاع عن النفس المنصوص عليه في المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة، وميثاق جامعة الدول العربية ومعاهدة الدفاع العربي المشترك .

 

حينئذٍ انطلقت عملية عسكرية تجاه اليمن في تمام الساعة الثانية من صباح يوم الخميس الخامس من جماد الثاني 1436هــ  الموافق السادس والعشرون من مارس 2015م ، وذلك عندما قامت القوات الجوية الملكية السعودية بقصف جوي كثيف على مواقع المليشيات الحوثية والقوات الموالية للرئيس المخلوع صالح بمشاركة عشر دول عربية وإسلامية تحت مسمى ( قوات دول التحالف العربي ) بقيادة المملكة العربية السعودية ومليكها ” ملك الحزم ” الملك سلمان بن عبدالعزيز ، وسميت بـ ( عاصفة الحزم ) وقد جاء تسمية هذه العملية العسكرية بهذا الاسم نسبة إلى مقولة شهيرة للمؤسس الراحل الملك عبدالعزيز ( الحزم أبو العزم أبو الظفرات والترك أبو الفرك أبو الحسرات )  ، وأعلنت السعودية بأن الأجواء اليمنية منطقة محظورة التي سيطرت واحكمت سيطرتها بقوة وتكنولوجيا طائراتها العسكرية على أجواء اليمن ، وحذرت من الاقتراب من الموانئ اليمنية ، وحذرت السعودية وعلى لسان وزير دفاعها الأمير محمد بن سلمان قبل شن عمليات عاصفة الحزم من عواقب التحرك نحو عدن ، وإيقاف تقدم الحوثيين الذين بدأوا هجوماً واسعاً على المحافظات الجنوبية ، وأصبحوا على وشك الاستيلاء على مدينة عدن ، التي هدفت إلى تدمير مخازن الأسلحة الثقيلة والصواريخ البالستية التي كانت تمتلكها الميليشيات الحوثية ، وإزالة التهديدات التي كانت تشكل خطراً على الأمن السعودي ، وصعب أن تتخيل بأن صندوق تبرعات بما يحتويه من طحين وحليب وأدوية قد يتحول إلى ذخيرة وقنابل لإطالة أمد الحرب وسفك المزيد من الدماء ، التي تفرض الإنسانية مواصلة دعم اليمنيين حتى النهاية من خلال مسارين متوازيين يجمعان الحزم بالأمل ، حتى أعلنت دول التحالف العربي عن توقف عملية عاصفة الحزم بتاريخ 21/4/2015مٍ ، لتبدأ على أثرها عملية ” إعادة الأمل ” ،

 

والتحرك نحو استئناف العملية السياسية والعمليات الإغاثية ، وذلك بعد توقف عملية ” عاصفة الحزم ” التي استمرت ما يقارب من الشهر ، التي هدفت إلى إمداد الشعب اليمني بالمساعدات الإنسانية بالإضافة إلى استمرار العمليات العسكرية لتحرير اليمن من العدوان الحوثي ، من قبل المؤسسات والهيئات والمنظمات الإنسانية والدولية ودول التحالف العربي لإنقاذ اليمن أرضاً وشعباً من الوقوع في الجهل والفقر والظلم والمرض والتخلف من براثن عصابة من العملاء والخونة والفاسدين المأجورين الذين امتصوا لسنوات خيرات البلاد ومقدراتها لملء جيوبهم وتعزيز سلطاتهم القبلية والحزبية ومراكز نفوذهم ، فيما يواجه معظم الشعب خط مستوى الفقر ، وخطر الموت جوعاً ، في الوقت ذاته تقوم المليشيات الانقلابية على الاستيلاء على عدد من المساعدات الإنسانية والإغاثية المخصصة لأبناء الشعب اليمني ومؤسسات الدولة المختلفة لتمويل معاركهم ببيعها لمن يستطيع دفع ثمنها .

 

وما أن تمّ الإعلان عن بدء عملية ” إعادة الأمل ” في 21/4/2015م أعلنت وزارة الدفاع السعودية إزالة جميع التهديدات التي تشكل تهديداً لأمن السعودية والدول المجاورة ، بعد أن تمّ تدمير الأسلحة الثقيلة والصواريخ البالستية والقوة الجوية التي كانت بحوزة مليشيا الحوثي والقوات الموالية لصالح .

 

 وحقيقة إن ما قدمته دول التحالف العربي وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية ودولة الأمارات العربية المتحدة لبلادنا وخصوصاً المحافظات المحررة التي تضررت من الحرب الظالمة التي فرضت عليها من قبل الغزو الحوثي العفاشي وتنظيم القاعدة ؛ في بناء وترميم وصيانة الكثير من المؤسسات التربوية والتعليمية والأكاديمية ، والصحية ورفدها بالأدوية والمستلزمات العلاجية والطبية ، ودعم كوادر هذه المؤسسات وتأهيلهم التأهيل الأمثل ، وتوفير الطاقة الكهربائية وحفر الآبار الارتوازية وغيرها من المشاريع الأخرى في المجالات المختلفة ، ورغم ذلك واصلت “إعادة الأمل ” العمليات العسكرية ضد الحوثيين في مختلف محافظات ومديريات ومناطق اليمن المحررة ، والمحافظات التي لا زالت فيها المعارك على أشدها كمأرب وتعز والجوف وغيرها وأيضا ، ولازالت تواصل عطائها في مجال الإغاثة والأعمال الإنسانية المدعومة بشكل خاص من قبل مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية والهلال الأحمر الاماراتي ، علاوة إلى الدعم المادي والمعنوي واللوجستي لقواتنا البرية والجوية والبحرية لجيشنا الوطني والمقاومة الشعبية والمقاومة الجنوبية والنخبة الحضرمية ، وتدريب وتأهيل الشباب في المجال العسكري والأمني داخل الوطن وخارجه من قبل دول التحالف العربي .

 

ودعت الحاجة الماسة إلى إيجاد مراكز إيواء إنسانية داخل الأراضي اليمنية لمساعدة المناطق الأكثر تضرراً ، أو ممن نزحوا إلى خارج البلاد هرباً وخوفاً من هول الحرب الظالمة الذي يجري تمويلها بشكل مباشر من دول التحالف العربي والمنظمات والهيئات الإنسانية الدولية . ولعل التاريخ سيذكر عاصفة الحزم وإعادة الأمل التي أنقذتا بلادنا في وقت مفصلي من تاريخ الأمة ومنعت انهيار الدولة في اليمن وفي ملحمة عروبته خالصة تكاتفت قوات التحالف العربي التي قامت به مع الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في الذود والدفاع عن الوطن وشرعيته واستعادة الدولة ومؤسساتها من مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية ، ووقف تمدد النفوذ الإيراني في المنطقة وشكلت تحولاً حقيقياً في تاريخنا المعاصر ، وهذا سوف لن ينسى شعبنا اليمني الأبي هذه الهبة الأخوية لقادة التحالف العربي بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان ، وقادة الأمارات العربية المتحدة بقيادة رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد بن سلطان آل نهيان ، والشيخ محمد بن راشد نائب رئيس الدولة ، وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد القائد الأعلى للقوات المسلحة ، وباقي قيادات دول التحالف العربي ، والمساعدات التي قدمت لبلادنا سواء كانت عسكرية أو إغاثية والتي عززت من وجود الشرعية على الأرض واستعادة ما يقارب من 80% من الأراضي اليمنية وإعادة بناء مؤسسات الدولة بعد أن دمرتها المليشيات الانقلابية ، وحققت الشرعية بإسناد من قوات التحالف العربي الانتصارات الكبرى على الساحة اليمنية ،

 

وأصبحت قاب قوسين أو أدنى من تحول استراتيجي يفرض الإرادة الوطنية ، ويلزم المليشيات على قبول المرجعيات الأساسية للحل في اليمن المتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ، ومخرجات الحوار الوطني ، وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216.

 

 وختاماً .. لا بد من حافز يتجاوز مسألة تحقيق السلام، فاليمنيون مازالوا يأملون في استيعابهم في مجلس التعاون، وتعزيز الاستثمارات الخليجية في بلادهم.. ماذا سيحدث لو مُنحت الحكومة الشرعية عضوية المجلس الآن حتى قبل انتهاء الحرب، وأعلنت المؤسسات الحكومية والشركات الخليجية عن مشروعات مليارية تساهم في إعادة بناء اليمن واستيعاب جميع أبنائه؟ حينها لن يبقى أي أحد مع الانقلابيين في صنعاء، وسيسارع كل من يحمل السلاح إلى توجيهه إلى العدو الحقيقي الذي حرمهم الحاضر والمستقبل.. فلماذا نتركهم أيضاً دون أمل؟!. 

 

 

LEAVE A REPLY