عودة ابن الشيخ إلى المنطقة، هل هي صدفة أو صحوة ضمير للأمم المتحدة والمجتمع الدولي لمعاناة شعب وبلد اسمه اليمن؟؟

356

 

الأستاذ: فرج طاحس
الأستاذ: فرج طاحس

ابن الشيخ يعود إلى المنطقة  ومسؤول كبير في الخارجية الأمريكية يطالب بهدنة بين الانقلابين  وقوات الشرعية لمدة  اثنتين  وسبعين ساعة، هذه العودة وتصريحات  المسؤول  الأمريكي ليست صدفة  أو أنّ هناك جدية  من قبل الطرفين  لوضع نهاية لآلام الحرب التي يكتوي  بنيرانها ملايين اليمنيين، أو نتجه لصحوة ضمير للمجتمع الدولي والأمم المتحدة ، فجأة  استيقظ على انقاض معاناة شعب  وبلد اسمه اليمن، بل في الحقيقة التي لا تريد أن تعترف بها  الأمم المتحدة ولا أمريكا، هي التطورات العسكرية  في الجبهات  التي تسير ليست في صالح الانقلابين على ما يبدو، وهذا هو ما ازعج الإدارة الأمريكية والأمم المتحدة، لأنهما لا تريدان  للحرب أنْ تنتهي عمليا، كما لا تريدان أنْ يتم القضاء على الانقلابين نهائيا، لأنّ ذلك  يتناقض  تماما مع مخططاتهما  في المنطقة  العربية والإسلامية  التي تٌبقِي  المنطقة مشتعلة وتعيش في حالة عدم استقرار دائم ، والابقاء على الحوثيين  بالذات   كأحد أذرع النظام الإيراني  في المنطقة   إلى جانب الكيان الصهيوني وحزب الله .

 ماهي الأفكار الجديدة  والعملية التي أتى بها هذه المرة ابن الشيخ ، أو التي تمخض عنها لقاء جدة بين الأطراف الفاعلة في الأزمة اليمنية ، أو خطة كيري  الذي تقدم بها إلى هذا اللقاء ،للأسف الشديد  لا شيء جديد يثير الانتباه ، كلها تتركز في البحث عن وسيلة لشرعنة الانقلاب واشراك الانقلابين  في سلطة توافقية  يكونون  طرفا فاعلا فيها ، دون أن يمارس  المجتمع  الدولي والأمم المتحدة عبر مبعوثها  ضغوطات فعلية على الانقلابين تجبرهم  لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، ولاسيما القرار ٢٢١٦ الذي ينص على الانسحاب  من  المدن وتسليم السلاح.

بعد فشل كل لقاءات  السلام  مع  الانقلابين ، وكان آخرها  لقاء الكويت ، يبدو للجميع أن  لا حل سياسي لهذه الحرب  في الأفق ، بسبب تصلب مواقف الانقلابين والدعم الإيراني اللامحدود لهم ، حتى تظل الحرب قائمة ومشتعلة ، خدمة لمشروعهم التوسعي في المنطقة  ، وكذلك بسبب تخاذل الموقف الأمريكي  والأممي وعدم ممارستهم  ضغوطات فعلية على الانقلابين ، لإلزامهم بتنفيذ القرار الدولي  ، إذاً كل هذه التعقيدات لهذه الحرب ، تدفعنا إلى الاستنتاج  بأنه لا حل آخر أمام الشرعية  إلا طريق واحد  ، وهو الحسم  العسكري ، وهذا الطريق أيضا هو الآخر تصاحبه تعقيدات  وحسابات محلية  وإقليمية ودولية تجعل منه  هدفا بعيد المنال في الوقت الحاضر ، على الرغم من الهزائم والانكسارات التي تٌمنَى  بها  قوات الانقلابين في العديد من الجبهات.

محلياً تتمثل هذه الحسابات في تخوف بعض القوى السياسية ومعها قوى عسكرية وقبلية متنفذة محيطة ومؤيدة للشرعية، نهبت الجنوب وثرواته، بعد حرب ١٩٩٤ م، من أن تؤدي اية   تسويات سياسية قادمة تدعمها قوى التحالف إلى انفصال الجنوب، وبذلك فقدانهم للمصالح الاقتصادية الكبيرة التي غنموها من الجنوب.

أما دوليا تتمثل في  الرغبة الأمريكية  والأوروبية إلى الإبقاء على الحوثيين كقوة سياسية وعسكرية  شيعية موالية لإيران كزعيمة للإسلام الشيعي  الذي لا ترى فيها أمريكا  والغرب أي تهديد لمصالحها  ولأمن إسرائيل ، في مقابل التوجس والخوف الذي تبديه تجاه الإسلام السني الذي تمثله السعودية وغيرها من دول المنطقة ، وهذا يفسر لنا عدم حماس أمريكا والغرب للحسم العسكري ومحاولة عرقلته ، فكلما اشتدت المعارك  وضٌيِّق الخناق على الانقلابين ، يأتي لنا ابن الشيخ بآراء وافكار لا تقدم ولا تٌؤخِّر بدعم أمريكي وأممي  ، دون التفاتة لمعاناة المواطن المسكين .

 إقليميا هناك رغبة حقيقية وقوية  للحسم العسكري لهذه الحرب  من قبل قوى التحالف  لوضع نهاية لهذا الملف الذي شكل عبئا اقتصاديا وأمنيا على دول الخليج ، ولاسيما على  السعودية ودولة الإمارات  ، كذلك ومن أجل التخلص من الخطر والتهديد الذي يمثله النفوذ الإيراني  وحلفاؤهم الحوثيون على أمن المملكة  ودول الجوار ، لكن هذه الرغبة القوية في الحسم   العسكري لدى قوى التحالف ،  يقابله تعثر    وبطء في الجبهات يعرف  أسبابها العسكريون وحدهم  ، لكن السؤال الذي يتردد كثيرا ، لماذا المقاومة الجنوبية بإمكانياتها المتواضعة خلال أسابيع  تمكنت من  طرد الغزاة من الجنوب ؟ ، بينما المقاومة  والجيش الوطني في الشمال  شهورا لم يستطيعوا  حتى من  تحرير مدينة تعز وفك الحصار عنها الذي تفرضه المليشيات الانقلابية .   !

LEAVE A REPLY