المكلا (المندب نيوز) سامر سويد
بعد حرب 2015م الانقلابية على شرعية الرئيس “عبدربه منصور هادي” في اليمن، وبعد تحرير المحافظات الجنوبية من قبضت الانقلابيين وميليشياتها، تعاملت الشرعية، و دول التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية، ودولة الامارات العربية المتحدة، مع شركائها في الحرب ضد الانقلاب في المناطق المحررة وكان هناك تنسيق مع قيادات المقاومة الجنوبية في مختلف المحافظات المحررة .
وكشفت تلك الحرب حقيقة المشروع التي تحمله “المقاومة الجنوبية” التي خرجت من رحم الحراك الجنوبي السلمي والثورة الجنوبية التحررية، التي انطلقت في العام 1997م، للمطالبة بحقوق، وبالتالي رفعت سقف مطالبها الى استعادة دولة (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) في عام 2007م، حيث كان يروج عنها بأنها مشروع مدعوم من (ايران)، لكن حرب 2015م كشفت للعالم ودول الخليج تحديداً حقيقة ذلك المشروع الوطني، وان شعب وقيادات الثورة الجنوبية، هو نسيج ينسجم تماماً مع فكر وتطلعات دول التحالف العربي والاقليم، برفضهم للعنف والارهاب والتمدد الايراني في المنطقة، والتي اتضح بأن جماعة (الحوثي) و (صالح)، هم من يقودون هذا التمدد في اليمن .
وبعد ان كانت القيادات الجنوبية شريكا اساسيا في الحرب ضد التمدد الايراني في اليمن، قررت الشرعية مع دول التحالف العربي اشراك تلك القيادات في السلطة الشرعية في المناطق المحررة، وتم تعيين اغلبها وعلى رأسها: مدير لأمن عدن “شلال شائع”، ومحافظ للعاصمة عدن “عيدروس الزبيدي”، ومحافظ لمحافظة لحج “ناصر الخبجي”، محافظ محافظة حضرموت “احمد سعيد بن بريك”، وقائداً للمنطقة الثانية “فرج سالمين البحسني”، و محافظ محافظة شبوة “احمد حامد لملس”، وغيرهم الكثيرين .. وقدمت تلك القيادات المنخرطة في الثورة الجنوبية الكثير من الانجازات الامنية والمدنية في المحافظات المحررة، والعمل على استكمال ملفات تطبيع الحياة المدنية بعد الحرب، واعادة بناء الاجهزة الامنية والجيش .
حينها عمل حزب الاصلاح (الاخوان المسلمين)، جاهداً على السيطرة على مكتب الرئيس “هادي” والتحكم بقراراته، وتكفل بهذه المهمة كلاً من نائب الرئيس “علي محسن الاحمر”، ومدير مكتب الرئيس “عبدالله العليمي”، والناطق الرسمي باسم الحكومة الشرعية “راجح بادي” .. مواصلين الحاحهم على الرئيس بإقالة جميع القيادات المنتمية للمقاومة الجنوبية وفصائل الثورة الجنوبية .. ونجح تنظيم الاخوان المسلمين، بإقناع الرئيس هادي بإعفاء بعض من تلك القيادات من مناصبها في المناطق الجنوبية المحررة، مما ادى الى انزعاج لدى دول التحالف من تلك القرارات .
وبعد الاقالة قررت قيادات المقاومة والثورة الجنوبية على تشكيل “مجلس انتقالي جنوبي”، بعد ان شعرت بل تأكدت تلك القيادات من مكر حكومة الشرعية اليمنية، التي استغلت شعبيتهم وحاضنتهم في المناطق المحررة، وتحصل المجلس الانتقالي الجنوبي على مباركة من قبل دول التحالف العربي ودول اخرى كبرى، بعد ان بعث لهم تطمينات ورؤيته العملية وانه سيكون شريكاً بمكافحة الارهاب والتطرف والتمدد الايراني في المنطقة وشريكاً اساسيا في تأمين الممرات الدولية والاقليمية والحفاظ عليها .
وبعد ان حصلت دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، ودولة الامارات العربية المتحدة، على معلومات استخباراتية تحتوي على تورط قيادات بارزة في (حكومة الشرعية)، وتنتمي لتنظيم الاخوان المسلمين، بانها قد قادت عمليات ارهابية استهدفت من خلالها قوات التحالف العربي وقيادات من المقاومة الجنوبية بعدد من المناطق المحررة جنوب اليمن، والعمل على عرقلت اي تقدم عسكري في المناطق التي تقع تحت سيطرت الانقلابيين وبدعم من دولة قطر .. اصدرت عدد من الدول مقاطعتها لدولة (قطر)، واعفائها من المشاركة ضمن دول التحالف العربي، وادراج حزب (الاخوان المسلمين) ضمن قائمة الارهاب، هنا دول التحالف العربي ايقنت بأن الفئة التي اثبتت حسن نواياها برفض التمدد الايراني المجوسي في المنطقة هم قيادات المقاومة والثورة الجنوبية .
هنا قررت دول التحالف العربي والدول الكبرى توجيه اختبار بسيط للرئيس “هادي” وحكومته برئاسة الدكتور “احمد عبيد بن دغر”، ومطالبتها بعقد جلسات البرلمان في العاصمة عدن، بغرض معرفة حجم قدرات الحكومة الشرعية على ارض الواقع (عملياً)، هنا انكشفت الشرعية امام الجميع بأنها لا تمتلك القدرة على اقامة اي خطوات عملية، وانها (مشلولة)، واكتفت بالبقاء في العاصمة السعودية الرياض، ولم تستطع عقد جلسات البرلمان اليمني بسبب عدم استكمال النصاب القانوني .
هنا المجلس الانتقالي لعب دورا سياسيا هام جداً، وقرر ان يخطي خطوة تنقله الى مربع اخر، تزامنا مع فشل الحكومة بعقد جلسات البرلمان كون ان اعضاء البرلمان المؤيدين لشرعية الرئيس “هادي”، قليل جداً ولم يكملوا النصاب القانوني لعقد جلسات البرلمان، استغل هذه الفرصة بإقامة زيارات ومشاورات الى ومع عدد من الدول العربية والاوربية، والتي وصفها رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي “عيدروس قاسم الزبيدي”، بالزيارات الناجحة عبر لقاء خاص بتته قناة (الغد المشرق)، واعلن “الزبيدي” عن تأسيس (الجمعية الوطنية الجنوبية) من 303 عضو من جميع المحافظات الجنوبية، في الفعالية الجماهيرية بمناسبة الذكرى الـ54 من ثورة الـ14 من اكتوبر التي اقيمت في شارع مدرم بعدن، والتي حضرها اغلب قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي .
اصبحت قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي اليوم تمتلك القوة والشجاعة والجرأة عقب ان اتضح للعالم بأن حكومة الشرعية واهية ولا تسجل اي حضور ميداني سواء كان داخلياً او خارجياً؛ وبدلالة حديث رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي “الزبيدي” في لقائه على قناة (الغد المشرق) عندما قال “بأن وجود وزراء الشرعية لا يقدم ولا يأخر كونهم يعملوا بشكل ارتجالي وعشوائي”؛ اي ان العالم اصبح يدرك حجم هذه الحكومة ميدانياً واصبح متمسكاً بقيادة المجلس الانتقالي الذي اثبت لهم حسن نواياه وحجم قوته ميدانيا بفترة بسيطة جداً، بدلالة عندما قال في نفس اللقاء: “نحن في المجلس الانتقالي لدينا منهجية مع دول الاقليم ومجلس الامن ولدينا خطوط عريضة للتواصل مع كل الدول ولمسنا تجاوب” واضاف “علاقاتنا بالسعودية والامارات علاقات مصيرية ومشتركة ومستمرة فنحن جزء من الحل في اليمن وسنقف بجانب التحالف في حربها ضد التمدد الايراني والى جانب المجتمع الدولي بمكافحة الارهاب وحماية المياه الاقليمية”؛ هذا ما يثبت لنا ان المجلس الانتقالي الجنوبي يمتلك الضوء الاخضر من دول التحالف ودول كبرى يقضي بتشكيل الجمعية الوطنية الجنوبية المكونة من 303 عضو .
وهنا نستطيع بان نقول ان الجمعية الوطنية الجنوبية هي التي ستحل مكان البرلمان المتهاوي والمنقسم بين الشرعية والانقلابيين، وهنا سيتكمن الانتقالي من الحكم واستلام السلطة والقيادة في المناطق المحررة خلال المرحلة القادمة .