البارحة فجعت الديس الشرقية بارتقاء أرواح ستة من شبانها وجرح ستة آخرين، في جبهة من جبهات “الشرعية اليمنية” في صعدة، فاللهم اعصم قلوبنا وقلوب أهليهم بالصبر الجميل، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
لكن المرء يحار ، بحجم الألم، ماذا يقول إزاء ما يحدث!.
أن توجه “الشرعية” شبان حضرموت ومناطق الجنوب الأخرى لتحرير صعدة في حين تراوح ألوية عسكرية وقبائل عديدة هي أولى بتلك المعركة، في أماكنها تستنزف وتسترزق، ولا شيء يحدث باتجاه الحسم، لأن لا معركة حقيقية في قرارة أنفسهم ومصالحهم تقتضي إعادة شرعية لا شرعية لها لديهم إلا بمقدار ما تضمن لهم بقاء حضرموت وعدن ومناطق الجنوب الأخرى باعتبارها أرض نفوذ ونهب غير ممنون.
والأدهى أن شباب حضرموت ومناطق الجنوب الأخرى يتم الزج بهم في معارك خارج أرضهم ليحاربوا بالنيابة عمن يجب عليهم القتال هناك فيما هم مسترخون وكامنون عسكريا في وادي حضرموت كأن لا حرب في بلادهم، أو يمارس بعضهم نفوذا ماليا في منفذ الوديعة الحدودي بين حضرموت والسعودية!.
هناك من يضفي على المعركة بعدا طائفيا مذهبيا، فيستغل العاطفة الدينية، حتى لكأن الحرب فعلا بين علي ومعاوية، أو بين سنة وشيعة، يقف في أحد طرفيها السني عبدربه وإلى جانبه السني الآخر بن دغر في مواجهة الشيعي علي عفاش وإلى جانبه الشيعي الآخر عبدالملك الحوثي في الطرف الآخر . وعلينا أن نصدق أنها حرب دينية مقدسة!.
غدا أو بعد غد أو ذات يوم سيلتقي الفرقاء على طاولة سياسية (يتم ترحيلها من وقت لآخر)، وسيصلي أتباعهم معا، ويأخذ أتباعهم بعضهم بعضا بالأحضان السياسية، ثم سيبدون اهتماما إعلاميا مؤقتا بملف ضحايا (الصراعات) التي سيعتذر كل طرف منهم عن تسنينها او تشييعها. وكل ذلك وفق إملاءات خارجية إقليمية ودولية لم تعد خافية على أحد.
مازالت بحضرموت وعدن وشبوة وأبين ولحج والمهرة وسقطرى حاجة إلى تثبيت أوضاع ما بعد الخلاص من الهيمنة العسكرية المباشرة، ومازال نصف حضرموت في حالة لا توصيف لها مضبوطا سوى أنها أشبه بلي الذراع عسكريا وسياسيا. لكن للشرعية أن تكون تثبت شرعيتها في صعدة وصنعاء ومأرب والحديدة وذمار وإب وتعز والبيضاء وريمة وحجة والمحويت … ليس ضدا على إرادة أولئك في أرضهم، أو أن تتخذ إرادة المقاومة الجنوبية رأس حربة في جبهة خارج أرضها، لأن مدى شرعيتها يقاس بشرعيتها هناك وبما تنجزه عسكريا وسياسيا بممثليها هي، هناك، لا بما ينجزه حلفاؤها المؤقتون سواء دول الخليج أم الجنوبيون، أو بتجيير التضحيات والدماء وتوظيفها سياسيا على أنها تعميد جديد لنظام معلق في هواء مخرجات حوار على ورق ممزق!
أبيات مما كتبه أخي أنور الحوثري متفجعا:
فواجع جم في الدنيا وصارت تقبل التكديس
بلاني الله اتجرّع مع صعدة مرارة كاس
نحارب بالإنابة عنّهم بمجاهل التدليس
وهُم معهم ملايين البشر بس ناموا الحُرّاس
وإبن الديس بالفطرة يقدّس موقفه تقديس
يهب في اوّل الهبّة ولايرجع شديد الباس
ولكن ايش دخْل الديس في صعدة وذا التسييس
وقوّات التحالف استعدّت بالذهب والماس
عشَم قلبي في الدنيا كما قالو عشم ابليس
ولاشي في جهنم كوز بارد لو ضنيني حاس
سألتك ياإلهي تقبل الشهداء عيال الديس
وصبّر قلب أُمِّ اللي انقتل لي قلبها يمتاس