بلجيكية في عدن من أجل ربورتاج أطروحتها عن حرب اليمن

214

 

عدن (المندب نيوز) متابعة :سعيد الجريري

 

كاتيا بُهدان (23 عاماً) طالبة الصحافة في أنثويرب البلجيكية صحفية مستقلة تشتغل على القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية في الشرق الأوسط والعالم العربي، من وجهة نظر غير منحازة، واضحة، صادقة، تقبل التحدي، اختارت الحرب في اليمن موضوعاً لبحث تخرجها، في ظرف استثنائي، وقبلت تحدي أن تسافر – كشرط لا بد من استيفائه لإنجاز بحثها – إلى منطقة حرب وأزمة إنسانية، يزداد الوضع فيها تعقيداً، على حد قولها. وقد احتفى بها الإعلام البلجيكي والهولندي بعد عودتها.

 

في أواخر يناير 2018 كانت في عدن، بعد انتظار خمسة أشهر للحصول على تأشيرة. وبالضبط عندما وصلت كاتيا بوهدان إلى هناك، اندلع القتال في عدن، حول القصر الرئاسي (حيث لا وجود للرئيس فهو مقيم في المملكة العربية السعودية، ويوجد رئيس الحكومة). كانت المواجهات بين المجلس الانتقالي الجنوبي – اسم جميل للانفصاليين كما تعلق كاتيا – وقوات تابعة للحكومة. المجلس الانتقالي يتبنى استقلال جنوب اليمن الذي كان النضال من أجله سلمياً، ولكنه حتى وقت قريب كان يقاتل جنباً إلى جنب مع الحكومة، ضد المتمردين الحوثيين. وقد بسط المجلس هيمنته على أجزاء كبيرة من المدينة.

 

وتضيف كاتيا: لقد تم تدويل الحرب في اليمن الآن. فالمتمردون الحوثيون (شيعة) وتدعمهم إيران. والحكومة (سنية) وتدعمها الإمارات والسعودية التي تتلقى تسليحها من الولايات المتحدة. فاليمن منطقة حرب بين إيران والمملكة العربية السعودية.

 

مشروع التخرج طموح، وغريب جداً ما ستقوله كاتيا عن اليمن وعن أكبر كارثة إنسانية تحدث هناك. لأن ليس هناك الحكومة والمتمردون بعناوينهما المختلفة فقط، بل هناك أيضاً الناس العاديون الذين يعيشون في ظلهما. وهؤلاء هم الخاسرون في هذه الحرب.

 

كاتيا جازفت بحياتها من أجل إنجاز بحثها، لأنها مؤمنة برسالة الصحافة والإعلام، ودورها في إنهاء المآسي الإنسانية وإحلال السلام. عندما صادف وجودها في عدن اندلاع المواجهات في 28 يناير 2018 كانت حقيبتها جاهزة في أي لحظة اضطرارية للمغادرة، وقد اتخذت كل الاجراءات لضمان سلامتها، رغم عدم علمها بما يمكن ان يحدث في أي لحظة، لكنها كانت رابطة الجأش، وقد رأت بعينيها آثار الحرب وما يؤدي إليه العنف. خاصة أن هناك الكثير من الناس الحلوين والمنفتحين – الذين قابلتهم واستمعت إليهم – يتوقون الى العيش بسلام في مستقبل أفضل، ولكن ملامحه لم تبدُ بعد، على حد وصفها.

 

لقد كان من محفزاتها للذهاب إلى عدن الجنوبية أنها وجدت أن (اليمن) لم يحظَ باهتمام كافٍ من وسائل الإعلام، لكشف الفظائع التي تحدث، والتي يدينها الجميع.

نحن لا نسمع بما فيه الكفاية عن الوضع – تقول كاتيا – لأنه لا يوجد ما يكفي من الصحفيين هناك. وإن تكن االمنظمات غير الحكومية تبذل قصارى جهدها، إلا أنها لا توجد في أي مكان. ولهذا السبب من المهم تسليط مزيد من الضوء.

 

لا تخفي كاتيا خشيتها من أن ينمو جيل تخطفه أعمال العنف. فهناك مجندون من الشبان الصغار الذين ينضمون إلى القوات العسكرية (أو المليشيات) لأسباب اقتصادية، إذ لا توجد وظائف وكل شيء غالٍ ومكلف، والذهاب إلى المدرسة يكلف كثيراً من المال. لقد سألت جندياً في السادسة عشرة من عمره عن سبب انضمامه فأجاب: من أجل البقاء على قيد الحياة.

 

الصراع في اليمن معقد بشكل لا يصدق – كما تقول – وتشارك في تعقيده عدة أطراف محلية ودولية بتصعيد أعمال العنف، وفي يقينها أنه اذا لم تهتم وسائل الاعلام بهذا النزاع، بمهنية عالية، فإنه لن يُحل أبداً.

 

أحبت كاتيا عدن، وعاينت هناك واستمعت والتقطت في أثناء وجودها صوراً جعلت بعضها موضوعاً لتغريدات عن لحظات معينة في عدن، ثم بعد مغادرتها، وتعكس تلك اللقطات والتغريدات – وكذا لقاءاتها التلفزية والإذاعية والصحفية، بعد عودتها من عدن، عن مخاطرتها بالسفر إلى منطقة حرب – مزاجاً خاصاً لدى الصحفي الأوروبي ولاسيما الشاب، تكسر حاجز القلق أحياناً، وتفتش في زحام العنف عن هنيهة مغايرة، تنزع إلى معانقة الحياة في المكان والزمان والإنسان في آن معاً.

LEAVE A REPLY