ترانيم محارب ” في المنتصف ” مقال لـ عيظة بن ماضي

230
الكاتب : عيظه بن ماضي

 

 

مرت تلك الاحداث مسرعة امامي فلم ادرك منها شيء ، استجمعت قواي ونهضت من تلك الزاوية مسحت وجهي بما تبقى لدي من الماء حملت بندقيتي فتلفتت الي ارجاء تلك الغرفة لعلي اجد شيء فلم اجد سواء تلك القصاصة من الورق في احدى زوايا الغرفة وقد كتب فيها وبخط متهالك الي اخوتي إن لم اعد فادعوا لي والى  أبي وأمي انني في طريقي إليكم فقد اشتقت لكم  لم تكن تلك القصاصة معنونه ويبدو انها غير مكتملة ، وضعتها في جيبي وغادرت الغرفة .

أين كنت ولماذا تأخرت ، كانت تلك اول الكلمات من احد الرفاق وهو يعاتبني على التأخير مردفا ، اسرع فقد غادر الجميع ولم يبقى سواء القليل ، لم اتفوه  بكلمة بل مشيت بخطاء متسارعة وانا اتسأل  الئ  اين الي اين وما الذي يجري .

ركبت في تلك العربة التي لا يفوح منها سواء رائحة البارود الممزوج بالدم ولم اسمع سواء بعض الانين رغم انها ممتلئة بما يتجاوز العشرة من الرجال بعتادهم ، سارت بنا العربة على الطريق وماهي الا لحظات لتتوقف نظرت حينها الي الامام فوجدت رتلا من المركبات المصطفة في طابور طويل يسوده  السكون سواء من هدير تلك المحركات للمركبات المختلفة .

كنت ممسك ببندقيتي واتأمل قرب تلك المركبات القادمة خلفنا وبينما انا على هذا الحال قاطعني الرفيق على يساري  الي اين نحن نتجه ولما هذه  العجلة فنحن متعبون من توالي ليالي القتال الماضية ، نظرت إليه بابتسامة  انا مثلك لا اعلم الي اين نحن نتجه ، جاوبني في دهشة الست انت من فريق الاتصال ، نعم انا من فريق الاتصال ولكن هذا الاتصال اتى خارج وقت مناوبتي .

عاد الصمت يسود الحاضرين الذين كانوا منبسطين الي حديثنا لعلهم يعلمون عن شيء او يفهمون ، لازلنا متوقفين ووصل  من كانوا في طريقهم إلينا ليصطفوا خلفنا في ذاك الطابور الطويل ، عاد الصمت ليسود المكان سواء من ذاك الهدير المزعج للآليات المختلفة .

كان مر على توقفنا في تلك المنطقة ما يقارب الساعتين دونما حراك ، عاد بي التفكير ليحملني بعيدا بعد الافق الشاسع ، وفيئة قاطع ذاك التفكير صوت بعض الاعيرة النارية القادمة من مقدمة الموكب ولكنها غير مقلقة بذاك الحد كونها متقطعة وخفيفة في نفس الوقت ، استمر ذاك الحال لفترة قاربت الربع ساعة تقريبا لتكف بعدها وماهي الا نصف ساعة بداء الموكب بالتحرك وكان الجميع يتساءل ما الذي حدث  ياتراء  استمر الموكب بالتحرك على مهل فلم نكن نشعر بتلك المركبات وهي بالكاد تتحرك رويدا رويدا.

استمر الموكب بالتحرك في هدوء  على حالته البطيئة واستبشرنا خير بذاك التحرك بعد ساعات الانتظار الممل ، وماهي الا لحظات وينقطع ذألك الهدوء  بتلك الانفجارات الثلاثة المزعجة التي اهتزت لها الارض والمركبات بمن فيها ، توقف الموكب وبدء  سماع صوت اشتباكات متقطعة في مقدمة الموكب وعلى الحال صدرت الاوامر لنا بعدم مغادره  المركبات ، مهما حدث إلا بأوامر قيادية وفي تلك الاثناء تعالت الاصوات المتسألة عن هذه الاحداث .

هدأت اصوات الاشتباكات ولازال الجميع يتسأل عن ما حدث ويحدث ، كنا نتبادل الحديث بيننا البين عن ما هذا وما يحدث ومن يجيب عن كل هذا  قاطعني احد الرفاق الجالس امامي وهو يقول الست انت فلان نعم انا فلان رد قائلا اسمع من ينادي باسمك على جهاز النداء ، ماهي الا لحظات حتى اقترب منا احد الضباط وهو ينادي هذا اتصال لك وجاوبت على عجل للمنادي على الجهاز والذي اخبرني بلزوم تقدمي حالا الي المقدمة للأهمية .

ترجلت من المركبة ومضيت مسرعا نحو المقدمة وانا اتسأل ما الذي حدث ويحدث  ما ان انتصفت الموكب الا واسمع احدهم ينادي باسمي التفته اليه فاذ هو احد رفاقي في مجال الاتصالات والذي اشار لي بيده لاقترب منه ، اقتربت مسرعا وانا في ذهول ماذا هناك ماذا يحدث ، قاطعني رفيقي وهو يقول خذ هذا الجهاز  تسمرت مكاني ما هذا وما الذي حدث لهم ! لم يجبني على اي استفسار فقد كان ينظر الي ويمد لي بيده  ذاك الجهاز المختلط بتلك الدماء والشظايا الممزقة ، كيف لي ان اعيد تشغيله فهو قد اتلف تماما تلفتت حولي لعلي اجد سؤال عن ما الذي حصل وكيف واين من كانوا برفقة ذاك الجهاز نعم اين من كانوا برفقته فهوا نفس الجهاز الذي غادر الغرفة في تلك الساعة ومع ولائك الرفاق  اين هم وما الذي حدث .

لم تمر سواء لحظات الا واشعر بتلك الايد التي تربت على كتفي واسمع كلمات هزت كياني حينها .. حاول ان تصلح الجهاز وترحم على رفاقك ، انقطع ذلك الصوت ولم استطع الالتفات بل بقيت متسمر وعيناي لم تفارق ذاك الجهاز بين يداي ، ما الذي حدث واين رفاقي ونحن لازلنا في منتصف الطريق .

بدأت في العمل على الجهاز وطلبت بعض الرفاق بالاسم لمساعدتي في هذه المهمة ، مضينا في الاصلاح وهناك الف سؤال وسؤال اين وماذا وكيف ، وفي تلك الاثناء اقترب منا احد الضباط فباشرته بالسؤال الي اين نحن ذاهبون  فكان جوابة دونما تردد ، الي المطار نعم الي المطار واردف قائلا نحن لازلنا في المنتصف و لا نستطيع التقدم ان لم تصلحوا هذا الجهاز ، قال تلك الكلمات وغادر ونحن لازلنا عاكفين على اصلاح الجهاز .

نلتقي في ترانيم محارب ” طريق المطار “

LEAVE A REPLY