ملف خاص: الإخوان “جذر الإرهاب”، من المحيط إلى الخليج حتى السقوط في جنوب اليمن

1128

المكلا (المندب نيوز) خاص – غرفة التحرير

انكشفت حقيقة تنظيم الإخوان الذي تغلغل في الشعوب العربية بحجج قائمة على الكذب والنفاق والإدعاء بأنه ضحية لعقود من الاضطهاد، وأنه يحمل الحلول لمشاكل العرب، ففور وصولهم إلى هرم سلطة الحكم في بعض الدول نكلوا بالشعوب وضاعفوا المشاكل العربية وأصبحوا يثيرون الحروب ويشعلون الخلافات، شيئاً فشيئاً حتى فروا حاملين خيباتهم مخلفين خلفهم إرثاً ثقيلاً من الإرهاب يسعى لزعزعة الأمن والاستقرار.

لم يكتفي التنظيم بالدول التي وصل إلى الحكم فيها، بل امتدت مخططاته الإرهابية إلى الدول التي لم يحكموا فيها عبر أذرعهم، وسعوا جاهدين لتوسيع دائرة التنظيم وعقدوا التحالفات مع دول لها مصالح مشتركة، وفي الوقت ذاته وقفت دول أخرى ضد هذا التنظيم وتوعدت بالضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفس بالمساس بأمن الدول.

البداية:

كانت البداية من جمهورية مصر، التي حكمها تنظيم الإخوان لمدة عام واحد فقط، من ثم سقط بالثورة الشعبية الكبرى، ليأتي بعدها رد التنظيم على الإطاحة بسلسلة عمليات إرهابية في أنحاء مختلفة من البلاد، راح ضحيتها عشرات الأبرياء المدنيين وكذا آخرين من رجال الشرطة والجيش.

صنفت الحكومة المصرية في 26 ديسمبر 2013م، جماعة الإخوان كجماعة إرهابية، ولأول مرة منذ تأسيس الإخوان على يد حسن البنا عام 1928، وذلك بعد ساعات من التفجير الانتحاري الذي استهدف مديرية امن الدقهلية مخلفاً العديد من الضحايا.

مابعد ذلك ظهرت فجأة حركة مسلحة جديدة أطلقت على نفسها “حسم” وتبنت عددا من العمليات الإرهابية، إذ تأكد لاحقا صلتها بجماعة الإخوان المدعومة قطرياً.

هرب أعضاء الإخوان لاحقاً بسبب الملاحقات الأمنية لتورطهم في أعمال العنف والإرهاب، إلى دول عربية وإقليمية مجاورة، إذ آوت قطر وتركيا عشرات الفارين، بمن فيهم مدانين بارتكاب عمليات إرهابية، رفضتا أنقرة والدوحة تسليمها إلى القاهرة.

عربياً:

كانت دولة الإمارات من أوائل الدول التي تنبهت لخطر تنظيم الإخوان، حيث ألقت السلطات في بداية عام 2013م القبض على خلية تابعة للإخوان شكلت تنظيما سريا، ودربت “إسلاميين محليين” على كيفية الاطاحة بحكومات عربية.

وكانت الخلية التي” تضم أكثر من عشرة أشخاص “تتمتع” بهيكلة تنظيمية ومنهجية عمل منظمة“، وكانت تجند أبناء الجالية المصرية في الإمارات للانضمام إلى صفوف التنظيم.

وفي سبتمبر 2012م، اعترف إسلاميون احتجزوا في الإمارات بتشكيل قوة مسلحة بهدف الاستيلاء على السلطة، وإقامة دولة إسلامية.

فالإمارات مثل بعض دول الخليج الأخرى تتوخى الحذر من الإخوان التي صنفتها كجماعة إرهابية، بعدما ثبتت دلائل تآمرها لتفويض حكومات في المنطقة ونشر الفوضى والعنف وزعزعة الأمن والاستقرار وخلق النزاعات لتمكين قياداتهم في الحكم.

وفي ليبيا فشلت جماعة الإخوان سياسيا ما بعد الرئيس القذافي، إذ قاموا بتشكيل ميليشيات مسلحة بمساعدة دول إقليلمة لتبسط سيطرتها على العاصمة طرابلس، بمؤسستها المالية والنفطية.

ويختصر وضع طرابلس اليوم ما آلت إليه الأمور في ليبيا، حيث يحاول الإخوان إنهاء أي مشروع وطني لوضع حد للأزمة المستمرة في البلاد، معتمدين في ذلك على تلقيهم الأموال والأسلحة من دولتي قطر وتركيا.

تونس هي الأخرى التي وصلت إليها حركة النهضة الإخوانية للحكم عقب ثورة عام 2011م، وحضرت قطر في المشهد السياسي التونسي بقوة، قبل أن تواجه الحركة المتحالفة معها احتجاجات شعبية كبيرة ضد سياساتها.

وكشفت تقارير استخباراتية مطلع عام 2014م بأن جهات مسلحة تقف قطر خلفها لاغتيال الزعيم النقابي التونسي شكري بلعيد، مؤكدةً مصادر أمنية في تقارير تناقلتها وسائل إعلامية تونسية، وقتئذ، أن قرار اغتيال بلعيد تم اتخاذه بعد أن أعلن عن امتلاكه لمعلومات وحقائق خطيرة عن دخول أطراف مشبوهة للتراب التونسي والجزائري عبر سيارات قطرية رباعية الدفع مجهزة بمعدات متطورة، من النوع الذي منحته الدوحة للحكومة التونسية.

ولا يزال القضاء التونسي يحقق بشأن معلومات تفيد بإمتلاك حزب حركة النهضة لجهاز سري موازِ تلاعب في وثائق ترتبط بإغتيال السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي.

في نفس العام 2014م تحديداً شهر مارس صنفت السعودية تنظيم الإخوان إرهابيا، وتقول الخارجية السعودية إن جماعة الإخوان “أصل الإرهاب، ولا تمثل الإسلام وتضر باستقرار المجتمعات”، مؤكدةً المملكة بأن الجماعة “تحرف تفسيرات النصوص، وابتدعت فكرة الحاكمية، كما أنها تعاونت مع نظام الخميني المتطرف في إيران، وتأثرت الثورة التي اختطفها الخميني عام 1979 بأدبيات الإخوان المسلمين”.

وقالت السعودية أن جماعات إرهابية نشأتها الإخوان وهي داعش، والنصرة، والقاعدة.

فيما تضررت المملكة السعودية من عمليات إرهابية تقف خلفها قيادات إخوانية سعودية، الأمر الذي دفعها إلى بذل جهود كبيرة وحثيثة في محاربة ومكافحة الفكر المتطرف، وأصدر إلى جانب مصر والإمارات والبحرين قوائم الإرهاب التي درجت عليها أسماء مجموعة كبيرة من الشخصيات المدانة بأعمال عنف وقتل ودعم وتمويل للإرهاب وكذا التنظيمات التي تقوم بذات العمل.

الإخوان، واليمن:

بدأ الأمر في اليمن بشكل مختلف منذ ثورات الربيع العربي 2011م، التي أظهرت جلياً العلاقة الوطيدة بين جماعة الإخوان ودولة قطر بشكل عام، حيث قدمت لهم الدعم بشكل متواصل ومستمر من تلك الفترة، وعملت على تمويل قناتين إحداهما تنطلق من تركيا تتبع توكل كرمان داعمة لسياسة قطر، مع أنها ذا شعبية ضعيفة ما جعل هناك بحثاً عن بدائل في أكثر من محافظة لها موطئ قدم للإخوان، آخرها نشأة قناة أخرى تنطلق من المهرة.

وتكشف مصادر بأن هناك محاولات للبحث عن بدائل للتيار الذي تقوده الإخوانية الهاربة داخل الأراضي التركية توكل كرمان ذات الشعبية الضعيفة بالشارع اليمني، من قبل قطر للحصول على أكثر فرص لبقاء تواجدهم في اليمن والذي أصبح مهدداً بفضل التحالف العربي والقوات الجنوبية التي تحارب تلك الجماعة.

وبالعودة لعام 90م، كان للإخوان دور كبير ضمن حرب صيف 94م التي شنها الإحتلال اليمني على الجنوب العربي الذي رفض الوحدة اليمنية التي يصفها الجنوبيين “بالمشؤومة”.

أصدر شيوخ الإخوان آنذاك برئاسة عبد المجيد الزنداني فتاوى ضد الجنوبيين تحلل دماؤهم، ناهيك عن فتاوى تكفيرية بحق أبناء الجنوب المطالبين بعودة دولتهم بعد الوحدة التي اعتبروها وحدة مكر وخداع ونهب فقط، وليس وحدة نوايا وصفا قلوب كما يعتبرها الجنوبيين.

وينحدر الزنداني من محافظة إب بوسط اليمن، هو ورئيس علماء اليمن ورئيس مجلس شورى حزب الإصلاح الإخواني، وأحد كبار مؤسسي التنظيم الإرهابي، ومؤسس جامعة الأيمان، أحد أهم المراكز الدينية المتهمة بتفريخ المتطرفين والعناصر الإرهابية، فيما تم إدراجه عام 2004م ضمن قوائم الداعمين للإرهاب من قبل الخزانة الأمريكية، ومنذُ ذلك التاريخ، كان أحد أبرز المطلوبين الذين رفض النظام اليمني السابق تسليمهم لواشنطن باعتباره مواطنا يمنيا يجب أن يحاكم بموجب القانون اليمني.

فمنذ فتوى الزنداني التحريضية لإجتياح جنوب اليمن في 1994م، حينها دخل الإرهاب التركي في اليمن طورا جديدا بعد سنوات من التمويل الخفي لحزب الإصلاح عسكريا وماديا، إذ يمتلك الزنداني سجلا أسودا في استغلال الدين لتحقيق الأجندة الإخوانية والتي تسببت في تقويض الدولة اليمنية وتسليم صنعاء لمليشيا الحوثي المدعومة إيرانيا.

فيما لا يزال الكثير من اليمنيين يتذكرون دعوات “بشارته” المتطرفة والتي أطلقها من أحد ساحات التظاهر في العاصمة صنعاء فيما يسمى الربيع العربي 2011م وتسوق لتحول تاريخي يعيد زمن النبوة، ومع أن عام 2020 أوشك أن يطوي أيامه، إلا أن الزنداني كان قد أطلق قبل 9 سنوات تصريحات صحفية، تزعم أن هذا العام سيشهد قيام حضارة عالمية جديدة.

وحينما آلت العلاقة القطرية الإخوانية، إلى تغلغل الإخوان في هرم سلطة الحكم، لتصبح طموحها سقوط الجنوب وتسليم الشمال للحوثي كاملاً بعد التحالفات التي حدثت بين الإخوان “حزب الإصلاح” والمليشيات الحوثية، فعلى الصعيد العسكري فإن قطر قدمت مساعدات للحوثين والإخوان بشكل صريح وواضح بعد كشف خيانتها للتحالف العربي، في شكل صواريخ حرارية، وأسلحة متعددة، خلاف للتدريبات التي تنفذها لعناصر الإخوان والحوثي.

انقسام:

ضعفت العلاقة القطرية التركية الإخوانية مؤخراً، بعد تدخل التحالف العربي ومحاربته للمليشيات الحوثية وكشفه المخططات الإرهابية للجماعة ومحاربتها ومكافحة العناصر التي تسعى لزعزعة الأمن والاستقرار، ناهيك عن إفشال معظم المخططات الإخوانية التي تهدف إلى الحصول على موطئ قدم يمكنهم من مواصلة أعمالهم الإرهابية على الصعيد المحلي والدولي.

فيما كشفت معلومات عن أشكال للدعم القطري للميلشيات الحوثية وحزب التجمع اليمني “الإصلاح”، والذي يشهد انقسام داخلي في الموقف حيث يوجد تيار مرتبط بقطر وتركيا ولديهم تمويل واضح مناوئ للحكومة اليمنية وقوات التحالف، ويسعى للتقارب مع الحوثيين وإيران، وهناك البعض الآخر داعم للشرعية ويؤيد الانقلاب الحوثي ولكنه يتبرأ من أفعال الإخوان ومرفوض من قبل قوات التحالف.

مواقف:

مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت كنموذج في محافظات الجنوب، وصل سمّ الإخوان إليها والتي حكمها تنظيم القاعدة في 2015م، وسيطر عليها دون مقاومة وبتسليم سلس من قبل القوات المتواجدة التي كانت تمارس دراما حماية المكلا بالرغم الترسانة العسكرية الكبيرة ألا إنها تمت الوشاية بها وقامت بعملية التسليم بصورة فاضحة إلى عناصر التنظيم وقاموا بالانسحاب بشكل هزيل ودون أدنى مقاومة، ليكشف بعد ذلك عن الدور الإخوان الكبير الذي تعاون معه النظام السابق نظام الرئيس الراحل علي عبد الله صالح.

تحطم حلم الإخوان لجعل حضرموت ولاية باسم القاعدة، لمواصلة حكمهم على بقية المحافظات ولتصبح المكلا مركزا لعملياتهم، ذلك منذ لحظة إنشاء قوات النخبة الحضرمية التابعة للمنطقة العسكرية الثانية بدعم وتأهيل وتأسيس من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة، التي اقتحمت المكلا صبيحة 24 إبريل 2016م، في معركة فصلية حاسمة يشهد لها الأهالي لخسارة تنظيم الاخوان وانسحابهم بشكل مختلف عن سيطرتهم.

استمرت الإمارات في مكافحة الإرهاب ومحاربة الجماعات الإرهابية، في المحافظات الجنوبية كالعاصمة عدن وأبين وشبوة وحضرموت، وحققت نجاحات كبيرة قلصت دور الإرهاب وشلّت حركته في تلك المناطق، بينما ينشط في المناطق الأخرى التي تسيطر عليه القوات الموالية للإخوان كونها مناطق خصبة لتنفيذ عملياتهم دون محاربة.

 لجأ الإخوان إلى تنفيذ عمليات اغتيال للكوادر العسكرية والمدنية عبر شبكة عناصر لها مخفيين ينفذون تلك العمليات على متن دراجة نارية، وكثرت تلك العمليات في مناطق مختلفة منها وادي حضرموت وشبوة وأبين والضالع، لمحاولة تشتيت التحالف العربي وكذا لفق الاتهامات بأن من يقوم بتلك العمليات هي دول التحالف في محاولة لتشويه دور الدول المحاربة للإرهاب، وذلك بعد فشل التنظيم في المواجهة المباشرة وخلط الأوراق لاسيما بعد تغلغله في هرم السلطة للنظام الحاكم الحالي.

فمنذُ خروج الحكومة القطرية من التحالف العربي باليمن، فإن الاتجاه القائم يعمل على دعم الموقف الإيراني وميليشياتها الحوثية والإخوانية المنتشرة بعدد من المحافظات اليمنية كمأرب، والجوف، وتعز، وغيرها من المحافظات.

فشل:

لم تكتفي المحافظات الجنوبية بدور محاربة الإرهاب ومكافحته، بل تكاتفت المعارضة ضد الإخوان حيث يعبر المواطنين في عشرات التظاهرات عن رفضهم لتحركات الإخوان وتنديدهم للأعمال الارهابية التي ينفذوها بحق المواطنين، مؤكدين عن منع حركتهم تماماً وحظرهم بشكل تام في الأراضي الجنوبية واليمنية، مع محاكمة قياداته على العمليات الارهابية والمخططات التي تزعزع أمن واستقرار المنطقة العربية.

LEAVE A REPLY